«لأنكِ على قدر الطموح والتحدّي»... شعار ترفعه مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة
للرياضة أهمية قصوى في حياة المرأة، فهي تساهم في تحسين أداء أعضاء الجسم الحيوية كالجهاز التنفسي والعصبي والعضلي، وتقلّل فرص الإصابة بأمراض القلب والشرايين، وتحافظ على الوزن المناسب للفرد، كما تنشّط عملية الأيض، وتحفّز الجسم على مقاومة التعب والتوتر العصبي. ودائماً ما تتسم المرأة الرياضية بالثقة في النفس والتفاعل الإيجابي مع البيئة المحيطة بها.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، تحظى الرياضة النسوية بدعم واهتمام كبيرين من الشيخة فاطمة بنت مبارك «أم الإمارات»، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، ما أثمر عن إطلاق مؤسسات رياضية تتميز بأعلى المعايير والمواصفات العالمية، الأمر الذي أتاح للمرأة الإماراتية الرياضية فرصة التنافس وتحقيق الإنجازات في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.
وعلى صعيد الشارقة، تسير الإمارة بخطى ثابتة في ما يتعلق بملف المرأة الرياضي، وقد حققت فيه الكثير من الإنجازات. ويعود اهتمام الإمارة بهذا الملف إلى عام 1982 حين تأسيس نادي سيدات الشارقة بمبادرة من قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وقد شهد هذا النادي ميلاد كل الأندية الرياضية النسوية التي حملت لواء الرياضة النسوية في إمارة الشارقة.
ويبلغ عدد اللاعبات المسجّلات في مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة في فئات البراعم والناشئات والسيدات 450 لاعبة، يتوزعن على 32 فريقاً رياضياً في كل من مدينة الشارقة والوسطى والشرقية، يمارسن 9 ألعاب ترعاها المؤسسة، وهي: الكاراتيه، القوس والنشّاب، المبارزة، كرة السلة، ألعاب القوى، كرة الطائرة، كرة الطاولة، الفروسية (قفز الحواجز)، والرماية.
احتراف وتنافس
وفي هذا الصدد، قالت ندى عسكر النقبي مدير عام مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة: «للرياضة والنشاط البدني فوائد جمة على صحة المرأة الجسدية والنفسية، ونبذل في مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة وتنفيذاً لتوجيهات الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، جهوداً مضنية حتى تصبح الرياضة بمختلف أشكالها سلوكاً دائماً ومنتظماً تمارسه جميع النساء. وبفضل الدعم الكبير الذي تحظى به المؤسسة من الشيخة جواهر القاسمي فقد حققنا خلال الفترة الماضية نتائج مُرْضية بالنسبة إلينا على هذا الصعيد».
وأضافت النقبي: «يعكس إطلاق مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، عزم الشارقة على المضي قُدماً في طريق الاحتراف. فقد شهدت السنوات التي سبقت إطلاق المؤسسة تنظيم الشارقة لمجموعة كبيرة من الفعاليات والأنشطة الرياضية والثقافية التي هدفت في مجملها إلى تشجيع السيدات على ممارسات الرياضة كنشاط بدني، له انعكاساته الإيجابية على صحة الجسم وسلامته. وبعد سلسلة النجاحات التي تحققت في هذا الجانب، كان لا بد من النظر إلى الرياضة النسوية من زاوية الاحتراف والتنافس».
وتُعتبر دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات، التي انطلقت أولى دوراتها في العام 2012 بمبادرة من الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، من أهم المنافسات الرياضية النسوية التي تحتضنها الشارقة، وتُقام منافساتها كل عامين، وتستعد مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة حالياً لتنظيم نسختها الرابعة في العام المقبل 2018.
وقد شهدت النسخة الثالثة من الدورة التي اختُتمت في شباط/فبراير 2016 مشاركة 58 نادياً من 18 دولة، وأُقيمت فيها المنافسات على 8 ألعاب، هي: كرة السلة، كرة الطائرة في الألعاب الجماعية، كرة الطاولة، المبارزة، القوس والنشّاب، الرماية، ألعاب القوى في الألعاب الفردية، إلى جانب رياضة الفروسية «قفز الحواجز» التي تمت إضافتها.
وإلى جانب دورة الألعاب للأندية العربية للسيدات، تنظّم الشارقة في كل عام منافسات كأس الشارقة الرياضية للسيدات والتي انطلقت للمرة الأولى في العام 2014، بهدف دمج الموظفات في القطاعين الحكومي والخاص في النشاطات الرياضية، وتشجيعهن على ممارسة الرياضة من أجل اكتشاف المواهب الصاعدة والعمل على تنميتها للاستفادة منها في تكوين فرق وطنية قادرة على نيل الألقاب في البطولات الخارجية.
إبداع ناعم في الملاعب
ونجحت مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، ومن قبلها إدارة رياضة المرأة في نادي سيدات الشارقة، في رسم طريق النجاح وتحقيق الإنجازات لعدد كبير من اللاعبات والأندية، حيث وفّرت المؤسسة مناخاً مشجعاً على الإبداع، ومنحت اللاعبات جرعات تدريبية أشرف عليها مدربون وكوادر فنية مشهود لهم بالخبرة والكفاءة. وكنتيجة طبيعية لهذا الدعم، نجحت الشارقة في حصد عدد من الألقاب في مختلف المنافسات على الصعد المحلية والإقليمية والدولية.
وهناك العديد من الأمثلة لأسماء لمعت في سماء النجومية، وأكدت الدور الكبير الذي تلعبه المؤسسة في الارتقاء بالرياضة النسوية. ويمكن الاستشهاد هنا بذكر اسمين، هما: اللاعبة الأشهر في كرة السلة، والملقّبة بـ«برق السلة» الإماراتية أمل حيدر، كابتن فريق السلة في مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، والتي تقود بكل مهارة فريقها لإحراز البطولات المحلية والإقليمية، والإماراتية العنود مبروك السعدي التي سطع نجمها في لعبة «المبارزة بالسيف»، وهي إحدى الرياضيات الموهوبات في مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، والتي قدّمت لها المؤسسة كل الدعم الممكن لتحفيز قدراتها، مما أسفر عن عدد من المشاركات في البطولات المحلية والخليجية والعربية.
العنود والمبارزة الذهبية
حول تجربتها الرياضية، قالت العنود مبروك السعدي: «منذ الصغر وأنا أميل إلى رياضة المبارزة بالسيف، ومع دخولي المدرسة زاد عشقي لهذه الرياضة الممتعة والمفيدة، وبدأت البحث عن أندية رياضية لاكتساب مهارات هذه اللعبة، حتى يتسنى لي الاستمرار في ممارستها باحتراف كبير. وقد حالفني الحظ عندما وقع اختياري على فريق المبارزة في نادي سيدات الشارقة التابع لمؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، والذي انضممت إليه في عام 2012، حيث أعدت فيه اكتشاف موهبتي من جديد وفجّرت طاقاتي الكامنة في هذه اللعبة».
وأضافت السعدي: «فتح لي كلٌ من نادي سيدات الشارقة ومؤسسة الشارقة لرياضة المرأة باب النجومية على مصراعيه، حيث أُتيحت لي فرصة المشاركة في عدد من البطولات المحلية في دولة الإمارات، فضلاً عن مشاركتي في منافسات البطولة العربية في الأردن، وفي بطولة آسيا للمبارزة دون الـ23 في اليابان».
وخلال مسيرتها الرياضية الحافلة، نجحت السعدي في تحقيق عدد من الإنجازات، فحصدت على الصعيد المحلي في العام 2016 ثلاث ميداليات ذهبية في كلٍ من بطولة الاتحاد للمبارزة، بطولة كأس رئيس الدولة للمبارزة، وبطولة أبو ظبي للمبارزة، وكلها عن فئة سلاح «أيبيه» فردي عمومي. أما على صعيد الإنجازات العربية فقد نالت الميدالية الذهبية في دورة الأندية العربية للسيدات 2014 في لعبة المبارزة، فئة سلاح «أيبيه» فردي مفتوح، والفضية في البطولة الخليجية المجمعة الرابعة في الكويت 2014، فئة سلاح «أيبيه» فردي عمومي.
برق السلة الإماراتية
وعن قصتها مع رياضة كرة السلة، قالت أمل حيدر:«بدأت ممارسة كرة السلة وأنا لم أتجاوز العاشرة من عمري. وقتذاك ضمّتني مدرّسة الرياضة البدنية الى فريق كرة السلة في المدرسة، وأذكر أننا حصلنا يومها على المركز الأول في المدرسة. ومع تطور أدائي في هذه اللعبة، تقدم إليّ عدد من أندية السلة في الدولة للاستفادة من خدماتي، لكنني فضّلت حينها الانضمام إلى فريق كرة السلة في نادي سيدات الشارقة، لما يوفّره من امتيازات وخبرات للاعباته، وقد كان لمدرّبة نادي سيدات الشارقة السابقة، عواطف الحلبي، دور كبير في اختياري لهذه الوجهة».
وتمتلك أمل حيدر موهبة كبيرة في عالم كرة السلة، حيث تجيد التصويب والتهديف وإحراز النقاط والأهداف من مسافات بعيدة. وخلال مسيرتها الكروية، حققت حيدر العديد من الإنجازات التي أبرزها الفوز بلقب أفضل لاعبة في دولة الإمارات، لقب أفضل هدّافة في البطولة الخليجية 2011، لقب أفضل لاعبة في البطولة الخليجية لعام 2014، وأفضل هدّافة عربية لعام 2016، إلى جانب إحرازها ما مجموعه 60 نقطة في مباراة واحدة.
وثمّنت كلٌ من فجر عبدالله والعنود مبروك السعدي الجهود الكبيرة التي تبذلها الشارقة على صعيد الارتقاء برياضة المرأة، فأشارتا إلى أن الرعاية التي تحظى بها رياضة المرأة من جانب الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، ساهمت كثيراً في ارتفاع مستوى الوعي بأهمية ممارسة الرياضة بالنسبة الى المرأة، كما ساهمت في اكتشاف عدد كبير من اللاعبات الموهوبات في مختلف الألعاب الرياضية واللواتي سيكون لهن شأن عظيم على صعيد المنافسات المحلية والعالمية.
وبدورها، شدّدت النقبي على أن مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة ستواصل مسيرتها حتى تتحقق أهدافها كافة، ولفتت إلى سعيهم الدائم إلى تمكين الكفاءات الوطنية، وتطوير رأس المال البشري في مجال رياضة المرأة، وتنشئة جيل مؤهل من القيادات النسائية في المجال الرياضي، وذلك بالتعاون مع الهيئة الاتحادية المختصة والمؤسسات العالمية، إلى جانب العمل على تطوير الكوادر واستقطابها، إضافة إلى ترسيخ الثقافة الرياضيّة، والتوعية المجتمعية بأهميتها، وخلق بيئة صحية محفزة تساهم في تطوير رياضة المرأة.
مراحل وإنجازات عدة
مرّ ملف الرياضة النسوية في الشارقة بمراحل عدة، توّجت في تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بإصدار الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، مرسوماً أميرياً يقضي بإنشاء مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة، التي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتتميز بالشخصية الاعتبارية والأهلية الكاملة لتحقيق أهدافها، وترأس المؤسسة قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، تعاونها لجنة استشارية تشكّلت بقرار من الرئيس، وتضم في عضويتها أعضاء من ذوي الخبرة والكفاءة في مجالات عمل المؤسسة.
وقد شكّل إطلاق مؤسسة الشارقة لرياضة المرأة علامة فارقة في تاريخ الرياضة النسوية في دولة الإمارات وفي المنطقة العربية بأسرها. ومع لحظة الميلاد الأولى، وجدت المؤسسة نفسها محاطة بتحديات عدة، أبرزها كيفية النجاح في الحفاظ على المنجزات التي حققتها الشارقة على صعيد الرياضة النسوية، وصياغة استراتيجيات ورؤى تستشرف بها المستقبل وتساعدها في الحفاظ على المنجزات وتحقيق المزيد.
وبعد أقل من شهرين على تأسيسها، أطلقت المؤسسة استراتيجيتها الجديدة، التي تواكب أهدافها وتطلعاتها، وتساهم في خدمة القطاع الرياضي وتطوير رياضة المرأة في دولة الإمارات بشكل عام وإمارة الشارقة بشكل خاص، وتبرز دور المرأة الرياضية الإماراتية في المحافل الإقليمية والدولية، إضافة الى تمكينها من المنافسة في أهم البطولات الرياضية.
وركزت استراتيجية المؤسسة التي جاءت منسجمة مع توجيهات الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، على توعية المجتمع بأهمية رياضة المرأة، وتعزيز المناخ الأمثل للارتقاء بها، وتطوير مختلف الكوادر البشرية المتخصصة وتأهيلها، إضافةً إلى تطوير الأنظمة الإدارية لإرساء مناخ يتواءم مع أحدث الممارسات العالمية ذات الصلة، تحقيقاً لأداء رياضيّ متميّز.
بعدها مباشرةً، وتحديداً في آذار/مارس 2017، كشفت المؤسسة عن شعارها الجديد «لأنكِ على قدر الطموح والتحدّي»، والذي عبّر بشكل بليغ عن رسالة المؤسسة الهادفة إلى تحفيز قدرات المرأة الإماراتية وإبراز طاقاتها في مختلف المجالات، لا سيما الرياضيّة منها، ونجح الشعار في ترجمة إيمان المؤسسة الراسخ بدور المرأة المهم، سواء على الصعيد المجتمعي أو الرياضي، لكونها تتمتّع بطاقات كبيرة تخوّلها خوض معترك الحياة، وتخطّي أصعب العقبات بثبات وثقة، ما يعكس بوضوح قدرتها الفعالة والكبيرة على المنافسة والتحدّي، وتحقيق مراتب مرموقة في مختلف المنافسات الرياضية على المستويين المحلي والإقليمي.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024
شؤون الأسرة
اقتراحات تمييزية للتشويش على حق الأمهات اللبنانيات بإعطاء الجنسية لأطفالهن
شؤون الأسرة
عائلة حسام ورولا تنقل تفاصيل دقيقة عن الحياة في هولندا بكل صعوباتها وإيجابياتها
شؤون الأسرة