تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

أنطاليا: لؤلؤة تركيا حيث البحر والنهر والغابات

الزميلة جولي صليبا مع ولديها في متحف انطاليا المائي

الزميلة جولي صليبا مع ولديها في متحف انطاليا المائي

الزميلة جولي صليبا مع ولديها

الزميلة جولي صليبا مع ولديها

أنطاليا هي عاصمة السياحة في تركيا، إذ يزورها ملايين السياح من كل أنحاء العالم لما تمتاز به من جمال ساحر وطبيعة خلاّبة تجمع في تناغم رائع بين التضاريس الجغرافية، والتاريخ، وحداثة الحاضر والخدمات.
تقع أنطاليا على شريط ضيق بين جبال طوروس والشواطئ الهادئة على البحر الأبيض المتوسط، وتتفرّد بجمال طبيعي قلّ نظيره في مدن أخرى.


نظراً لأهميتها السياحية، تحتوي أنطاليا على العديد من المنتجعات، والفنادق، والمرافق السياحية الخاصة والعامة التي تناسب مختلف الأذواق. وهي مهيّأة بشكل رائع لاستقبال السياح. فالمدينة وما حولها تستقبل أكثر من ثلث السياح في تركيا، ولا سيما من روسيا، وشمال أوروبا وغربها، بالإضافة الى الشرق الأوسط وجمهوريات وسط آسيا.
تتميز أنطاليا بجوّها الدافئ نسبياً خلال فصل الشتاء، ولذلك فإن الموسم السياحي يمتد طوال العام، لكنه يبلغ ذروته طبعاً خلال أشهر الصيف.

الطقس في أنطاليا
طقس أنطاليا معتدل خلال الشتاء وحار ورطب خلال الصيف. تتميز أنطاليا بسماء مشمسة معظم أيام السنة، ومياه بحرها دافئة نسبياً حتى في فصل الشتاء. قد تصل درجات الحرارة صيفاً إلى الأربعين درجة مئوية مصحوبة بنسبة رطوبة عالية.
وفي فصل الشتاء، تنخفض درجات الحرارة الى 10-15 درجة مئوية، مما يجعل أنطاليا وجهة سياحية شتوية مميزة لكل من يودّ الهروب من الشتاء القارس في شمال أوروبا وآسيا.
ولعلّ أفضل وقت لزيارة أنطاليا والاستمتاع بمناخها هو الربيع حتى بداية الصيف، أي من منتصف شهر آذار/مارس وصولاً إلى منتصف شهر حزيران/يونيو .

المدينة القديمة
تقع مدينة أنطاليا على منحدر صخري يرتفع عن الشاطئ نحو 40 متراً. واجهتها البحرية عبارة عن متنزّة ضخم يُعرف بـ«متنزه أتاتورك» Atatürk Parkı الذي يمتد على عرض مركز المدينة، وفيه الكثير من المطاعم، والمقاهي، والملاعب بحيث يستطيع السائح الاستمتاع بمشهد بانورامي رائع للشواطئ وجبال طوروس في خلفيتها، خصوصاً في ساعات الصباح الأولى أو عند الغروب.
وبناء على نصيحة الأصدقاء الذين زاروا أنطاليا قبلي، لم أفوّت على نفسي فرصة مشاهدة غروب الشمس من أعلى المنحدر الصخري والاستمتاع بجولة حول «متنزه أتاتورك».
في منتصف المدينة، تقع «كاليتشي» Kaleiçi، وهي الجزء التاريخي من المدينة الذي بُني في عهد الإمبراطورية البيزنطية. تشتهر المنطقة بأسوارها العالية ومنارتها التي تقف شاهداً على تاريخ أنطاليا.
قمت بجولة في شوارعها الضيقة وأزقتها المليئة بالمقاهي والمطاعم والمتاجر وصولاً إلى الميناء القديم Antalya Marina.
من هناك، صعدت إلى أحد القوارب في رحلة بحرية للاستمتاع بجمال المدينة وسحر جبال طوروس والشلالات. تكثر الأنشطة والفعاليات في المدينة القديمة وتنبض فيها الحياة على مدار العام، وتمتلئ الطرقات بالفنانين والرسامين، ومحلات بيع البوظة التركية والشاورما، والكثير من الأسواق الشعبية.

شواطئ أنطاليا
تعتبر شواطئ أنطاليا من أفضل الشواطئ في العالم، ومن أكثرها حصولاً على «الراية الزرقاء – Blue Flag»، أي الجائزة التي تُمنح لأفضل الشواطئ العالمية.
على يمين المدينة، تمتد شواطئ «لارا» Lara برمالها البيضاء الناعمة ومياهها الزرقاء. هنا، تتوزع غالبية المنتجعات والفنادق الضخمة، علماً أن بعضها من أجمل وأفخم المنتجعات ذات الشهرة العالمية.
إذا كنت من هواة الهدوء والاستلقاء على الشاطئ، لا شك في أن شاطئ «لارا» هو وجهتك المثالية. مكثت شخصياً في فندق محاذٍ لشاطئ «لارا»، واستمتعت يومياً بروعة المياه الدافئة ونظافة الشاطئ الرملي، بحيث كنت أسير مسافة 5 دقائق فقط للانتقال من الفندق إلى شاطئ البحر والاستلقاء تحت أشعة الشمس الذهبية.
إلى يسار مدينة أنطاليا، يمتد شاطئ «كونيالتي»  Konyaalti على طول 65 كيلومتراً وهو مليء بالمقاهي والمطاعم الشعبية. هذا الشاطئ مفتوح للجميع من دون أي رسم دخول أو برسم رمزي. بمحاذاة هذا الشاطئ، هناك العديد من الفنادق ومطاعم المأكولات البحرية التي تزدحم كثيراً خلال الموسم السياحي.
أردت شخصياً اختبار تجربة أنطالية حقيقية، فتوجهت إلى شاطئ «كونيالتي» والجزء المحاذي له من مركز المدينة، حيث الشواطئ، ومتنزه أتاتورك، والمتحف والأسواق، ومدينة الملاهي، والمطاعم، والمدينة المائية، والمتحف المائي، والمدينة المصغّرة، والعديد من أماكن الجذب السياحي الأخرى.
هناك أيضاً شاطئ «أولمبوس» Olympos Beach، الذي يعتبر من أنقى شواطئ أنطاليا وأجملها، حيث المياه الشفافة التي تتيح رؤية الحصى في قاع المياه على عمق ثمانية أمتار تقريباً. تحيط بهذا الشاطئ مناطق تاريخية عدة يمكن زيارتها.
أما شاطئ «داملاتاش» Damlatas Beach فهو شاطئ رملي يقع قرب شبه الجزيرة القديمة في أنطاليا، أمام كهف داملاتاش. يطلق على قسم من هذا الشاطئ اسم شاطئ كليوباترا. تتميز مياه هذا الشاطئ بنقائها بحيث يمكن رؤية الأسماك والكائنات البحرية بوضوح.


أروع المرافق السياحية في أنطاليا

هناك العديد من الأماكن التي تستحق الزيارة في أنطاليا، ومعظمها لا يبعد كثيراً عن مركز المدينة:

شلالات دودن Düden Şelalesi:
إنها مجموعة من الشلالات على نهر دودن، تبعد 30 إلى 45 دقيقة عن مركز المدينة. تتميز هذه الشلالات بجمالها الساحر والمتنزهات المنتشرة حولها، وهي إحدى أبرز الوجهات الجاذبة للسياح في تركيا نظراً لجمالها ولوجود أماكن رائعة لالتقاط الصور التذكارية.
يمكن الاستمتاع بمشاهدة الشلالات من خلال الركوب في السفن التي تنطلق من ميناء «كاليتشي» وتمرّ بجانب هذه الشلالات، أو من خلال السير في الممر المخصص للزوار بالقرب من الشلالات. إنها تجربة ممتعة جداً، لا سيما في فصل الصيف، حين تكون درجات الحرارة مرتفعة ومياه الشلالات منعشة.
ولكل من يودّ الاسترخاء وتناول الطعام التركي التقليدي، يمكنه حجز طاولة في أحد المطاعم المنتشرة حول الشلالات.

وادي كوبرولو Koprulu Kanyon:
يعتبر من أجمل المناطق السياحية في أنطاليا، حيث تجتمع الطبيعة الساحرة مع الآثار الرومانية الرائعة كالجسر الروماني القديم، الذي لا يزال قيد الاستخدام حتى اليوم. توجد في هذه المنطقة حيوانات برية كثيرة كالغزلان والدببة والأرانب والماعز الجبلي. ويرتاد الوادي الكثير من هواة الرياضات المائية والتخييم.

متنزه أتاتورك Atatürk Parkı :
يمتد المتنزه على طول الواجهة البحرية أعلى المنحدر الصخري ويحتوي على مساحات خضراء شاسعة وممرات جميلة، ويطل على البحر مباشرة بحيث يمكن الاستمتاع بمنظر خلاب لشواطئ المدينة وقمم جبال طوروس. يضم هذا المتنزه العديد من المطاعم والمقاهي والملاعب الرياضية، إضافة إلى مدينة ملاهٍ للأطفال ومساحات خضراء للاستراحة واللعب.

المدينة المائية في أنطاليا Aquapark Dedeman:
تبعد بضع دقائق عن مركز المدينة قرب كونيالتي. يحتوي هذا المجمع المائي على العديد من الألعاب المائية وعروض الدلافين.

متحف أنطاليا المائي Antalya Aquarium:
إنه أحد أكبر المتاحف المائية في العالم، وينافس متحفَي فالنسيا وجنوى المعروفين بكبر مساحتهما. يضم المتحف آلاف الأسماك والمخلوقات البحرية التي تم جلبها من كل أنحاء العالم لتمثل نموذجاً حياً لبحار العالم.
يقدم متحف أنطاليا المائي تجربة ثقافية وترفيهية مميزة من خلال أكثر من 40 عرضاً، وأطول نفق تحت الماء بطول 131 متراً. كما يحتوي المتحف على أحواض للأسماك ويتيح للزوار مشاهدة أسماك القرش العملاقة عن كثب.
بالإضافة الى الأحواض والعروض المائية، يحتوي متحف أنطاليا المائي على «عالم الثلج»، وهي قاعة مغلقة ومغطاة بالثلوج الطبيعية بمساحة 1500 متر مربع، فيها بيوت ثلجية تشبة تلك الموجودة في القطب المتجمد، وتنخفض فيها الحرارة الى -5 درجة مئوية، فيما الحرارة خارج المتحف تبلغ 40 درجة مئوية. يتم طبعاً منح الزوار ملابس خاصة تقيهم البرد في عالم الثلج .
يقع هذا الأكواريوم بمحاذاة حديقة أتاتورك الثقافية على الجانب الشرقي من شاطئ كونيالتي، ويمكن الوصول إليه بسهولة بالباصات العامة لعيش مغامرة لا تُنسى في عالم البحار.

متحف أنطاليا (الهرم الزجاجي) - Antalya Müzesi :
 يقع هذا المتحف في حديقة أتاتورك الثقافية وهو قريب جداً من المدينة المائية. في هذا المتحف أكثر من 30000 من المقتنيات الأثرية التي تم اكتشافها في أنطاليا وتركيا، وهو محاط بمساحات خضراء وبحيرات ومطاعم.

المدينة المصغّرة MiniCity Antalya:
تضم مجسمات مصغرة لأهم المباني والآثار الموجودة في أنطاليا، إضافة الى العديد من المطاعم والمقاهي والمحلات. تقع هذه المدينة المصغّرة عند بداية شاطئ كونيالتي وتبعد دقائق قليلة فقط عن المدينة المائية وحديقة أتاتورك الثقافية.

أوليمبوس تيليفريك Olympos Teleferik:
إنه أحد أهم المعالم الواجب زيارتها في أنطاليا. يبعد هذا الموقع قرابة الساعة عن أنطاليا ليأخذك في رحلة عمودية تصل إلى ارتفاع 2365 متراً عن سطح البحر، حيث يمكن الاستمتاع بمشاهدة أنطاليا ومحيطها من الأعلى.
لكن لا بد من أخذ الاحتياطات اللازمة لناحية الملابس، لأن درجات الحرارة تنخفض إلى 10-15 درجة مئوية تقريباً، مع رياح شديدة. تصمد الثلوج على قمة هذا الموقع حتى نهاية الربيع وبداية الصيف .

وادي الجسر:
يعدّ وادي الجسر، أو كما يسمى بالتركية «كوبريلي كانيون»، الواقع في قضاء «مناوغات» في أنطاليا جنوب تركيا، إحدى أهم مناطق جذب السياح من هواة رياضة الرافتينغ أو التجديف. بالفعل، يبدأ موسم الرافتينغ في منتصف شهر آذار/مارس، ويستمر حتى تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، مع الإشارة إلى أن وادي الجسر يمتلك أسهل مسارات الرافتينغ حول العالم.
الوادي، البالغ طوله نحو 14 كيلومتراً، يستقبل هواة الرافتينغ من جميع الأعمار، علماً أن عدد الأشخاص الذين يمارسون الرافتينغ يومياً يبلغ نحو 10 آلاف سائح محلي وأجنبي.

        
وداعاً أنطاليا
ليست هذه المرة الأولى التي أزور فيها مدينة تركية. إلا أن مدينة أنطاليا تحديداً كان لها الأثر الكبير في نفسي إذ أتاحت لي قضاء إجازة رائعة ومميزة مع عائلتي.
أمضينا ثمانية أيام كاملة مفعمة بالفرح والضحك، واختبرنا في أنطاليا العديد من النشاطات المائية والترفيهية، وتعرفنا على العديد من المعالم الثقافية والحضارية في المدينة.
ثمانية أيام كاملة عشناها في أنطاليا النابضة بالحياة، فنقلتنا إلى عالم مليء بالفرح تحت أشعة الشمس الحارقة.        

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079