المؤلف الموسيقي جمال أبو الحسن: أعمدة المعبد الروماني في صور ألهمتني... ولهذا السبب «صور بين الذاكرة والحلم»
إلى ذاكرة التاريخ سافر جمهور الفن الراقي من خلال عزف المؤلف الموسيقي جمال أبو الحسن الذي افتتح مهرجانات صور الدولية. على مدى يومين، قدم أبو الحسن عملاً جمع فيه بين الذاكرة والحلم وحمل عنوان «صور بين الذاكرة والحلم». ترافقت موسيقى المؤلف مع رسوم خطّها بأنامله الرشيقة التي عزفت مقطوعة «حقوق الإنسان»، بعدما وجد أن شُرعة حقوق الإنسان ما هي إلا حبر على ورق، كما لم يغب صوت الشاعر شوقي بزيع عن بعض المقطوعات الفنية التي تناولت تاريخ صور العريق الذي تشهد عليه أعمدة المدرج الروماني حيث أُقيم المهرجان، والشاشات العملاقة التي غاصت في عمق بحر المدينة التي يعد شاطئها من أهم الشواطئ اللبنانية على الإطلاق.
- لماذا أطلقت على عملك عنوان «صور بين الذاكرة والحلم»؟
أردنا أن نقدم عملاً تاريخياً ومعاصراً. الحلم هو الرؤية المستقبلية، والذاكرة لإلقاء نظرة على التاريخ. حاولت أن أقوم برحلة سريعة عبر هذه العصور، من خلال التعبير بالموسيقى والغناء والمشهديات والتنويع الأوركسترالي. فكرة مدينة صور راودتني منذ تسعة أشهر، وكان في إمكاننا أن نقدم حفلاً عادياً، ولكن بعد أن أجريت بعض الأبحاث، وجدت أن لمدينة صور تاريخاً عريقاً وأغلب الناس يجهلونه. حاولت أن أصوّر هذا الزمن بأسلوب فني وسريع. العمل ليس وثائقياً بل فني ويعبّر عن المدينة في كل نوتة موسيقية وكلمة ولوحة ومشهدية. المدينة والمدرج الروماني بأعمدته ألهماني.
- هل المكان يوثق الموسيقى التي قدمتها على المدرج الروماني؟
بالتأكيد، حتى الأحجار طُبعت فيها الموسيقى.
- من بين الذاكرة والحلم، كموسيقي ما هو الحلم الذي تسعى إليه باللون الموسيقي الذي تقدمه؟
إنه الحفل الأول الذي أقدّمه ويضم هذا الخليط، علماً أنني عرضت في مهرجانات عالمية، لكن «صور بين الذاكرة والحلم» هو العمل الذي شاركت فيه الآلات الشرقية الى جانب الغربية، واختطلت فيه الموسيقى الكلاسيكية السيمفونية مع الموسيقى الشعبية، والموسيقى التاريخية والمؤلفات التي ابتكرتها بين الـelectronics والآلات الـUltra Modern. قدمت عملاً عالمياً ولكنه بدا في الوقت نفسه سلسلاً وقريباً من الناس. ربما المقطوعة الأولى التي عزفتها كانت صعبة نوعاً ما، ولكن تبعتها موسيقى اعتاد عليها الناس.
- لم نعد نرى أخيراً هذا الكم من الموسيقيين على المسارح في المهرجانات، لماذا؟
ربما تحاول بعض المهرجانات أن تقتصد، فكلما زاد عدد الموسيقيين كان ذلك مكلفاً أكثر، ويتطلب عدداً كبيراً من البروفات والتقنيات العالية بالنسبة الى الكتابة الموسيقية والدقة بين الآلات، فالأمر ليس سهلاً، إذ في إمكانهم أن يقدموا الأغنية نفسها ولكن بعزف على البيانو أو مع عدد قليل من الآلات.
- هل نفتقر اليوم الى الثقافة الموسيقية؟
من خلال «صور بين الذاكرة والحلم» أحاول أن أثبت أن الثقافة الموسيقية لا تزال موجودة، لأنه عمل مثقِّف، والحاضرون مهما كانت ميولهم الفنية سيتلقون جرعة كبيرة من مختلف الفنون، وأعتقد أن من الضروري أن يجمع كل عمل فني الثقافة والحضارة، ولكننا أخيراً أصبحنا نرى الأكثرية يتجهون نحو الأعمال التجارية غير الهادفة والتي لا تحمل رسالة معينة.
- بالفعل بات الفن التجاري أكثر رواجاً من الفن الثقافي.
البعض يقول إن الناس لم يعودوا يستمتعون بالفن الثقافي والموسيقى الراقية، ولكن المشكلة تكمن في ما يُقدم للناس، فإذا قدمنا لهم عملاً جيداً سيستمعون إليه. الموسيقى لغة شعور وإحساس، وعلى كل إنسان أن يشعر بها ويستمتع في الوقت نفسه.
- أيضاً ترافقت الرسوم مع العزف في أعمالك، إلى أي مدى تدعم هذه الرسوم العمل الموسيقي؟
ثمة رسوم تخصّني وأخرى لبعض الفنانين اللبنانيين. الرسوم تعبّر عن العمل الفني، فنرى الموسيقى بحركة ومشهد معين يعبّر عنها، ولأنني رسّام وموسيقي، أرى الموسيقى بعيني.
- كيف وجدت تفاعل الجمهور معك خلال المهرجان؟
شعرت بتجاوب الجمهور الكبير معي، وقبل كل حفل ينتابني القلق من ردود فعل الجمهور.
- ألّفت عملاً يحمل عنوان Human Rights، لماذا حقوق الإنسان؟
عبّرت عن غضبي واستيائي من شُرعة حقوق الانسان بهذا العمل، فبعد دراستي لكل ما يتعلق بهذه الشُرعة وجدت أنها كلام على ورق. قدمت هذا العمل الموسيقي منذ سنتين في اليوم العالمي لحقوق الإنسان وبالتعاون مع الأمم المتحدة، كما عرضته في أكثر من بلد وسأقدمه في حفلات جديدة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024