رغم الحداثة وتطورها يبقى الحنين إلى العمارة القديمة...
رحلة الى هذا المنزل تكشف عن تاريخ عريق وتسمح باستعادة ذكريات لقصص يتوق الى سماعها كما الى رؤيتها الجيل المعاصر، لكن المهندس أمين إسكندر برع في الكشف من خلال هذه العمارة الحديثة عن جزء من تاريخ موغل في القدم ليعانق هندسة ممتدة منذ زمن بعيد ولا تزال تفرض حضورها الى يومنا هذا...
صُمّمت الفيللا ضمن هندسة بيئية فبرز طراز العمارة اللبناني الذي يحرص على مراعاة الطبيعة الخلابة، وتفرّعت منها ثلاث واجهات أساسية، تربط في ما بينها ممرات من الحشائش الناعمة وحدائق غنّاء تحتضن عدداً من الجلسات المتناغمة مع سحر الطبيعة الهادئة.
جزء من المنزل تميّز بسقف منخفض حيث كان يستعمل قديماً لإيواء الحيوانات، لكن مع المهندس أمين اسكندر تحول الى غرفة معيشة اتسعت لكنبتين مخصصتين لمشاهدة التلفاز. والدخول الى هذا الجزء يكون عبر باب جانبي يتواصل مع ممر يفضي بطريقة هندسية الى المنزل الكبير المصمّم بطراز المنازل اللبنانية القديمة.
واجهات المنزل الثلاث تعلو كل منها قنطرة، وتتيح للمالكين التمتع برؤية ساحة الضيعة وما تتضمنه من عناصر تُغري بمتابعتها، كما تبرز واجهة أخرى تعلوها قنطرتان قديمتان بتصميم المندلون تشرف على البحر وبركة سباحة لتؤلف مشهداً بانورامياً رائعاً. أما الواجهة الأخيرة فتُشرف على الحديقة وما تتضمنه من جلسات مميزة، وركن خُصّص لـ «باربكيو» بهندسة فريدة من نوعها.
من الخارج، اكتسى المنزل بالحجارة المصقولة التي جُلبت من أماكن مختلفة، وتحمل الشرفات الصغيرة مواصفات المنازل اللبنانية التراثية المعروفة برحابة مساحاتها، كما تميز هذا المنزل بالأعمدة الضخمة والقناطر العالية فيخال المالكون أنفسهم وكأنهم يعيشون في قلعة حصينة.
عند المدخل الرئيس للمنزل يغطي الأرضية بلاط فرنسي قديم، ذلك للإبقاء على الروح القديمة لهذا المنزل الحديث ببنائه!
باب المنزل الرئيس ضخم في تصميمه، وأصل الحكاية أنه باب قديم استُقدم من أحد المنازل البيروتيه القديمة علّه بحضوره هنا يعيد إحياء بعضٍ من تراث عريق، كما يتغنّى المنزل بقناطر مستحدثة تحتضن مساحات واسعة تبدو كأنها مفتوحة ومتواصلة مع الحديقة الخارجية.
في الداخل تلفتنا لمسات حديثة أضفت عصرية على الأعمال عبر زجاج تم توزيعه على جوانب السلالم التي تقود الى ركن علوي يضم مكتباً قديماً مرصّعاً بالذهب ويطل بفخر على الصالونات...
قطع الأثاث في المنزل هي أيضاً قديمة بحيث اختارها المالكون من مجموعات «الأنتيك» التي تحاكي الطراز الكلاسيكي، وكانوا قد أحضروها معهم من منازل سابقة، فلهذه القطع ذكريات جميلة وتوقظ في نفوس المالكين الحنين الى دول أوروبية زاروها في السابق وجلبوا منها هذه القطع الفريدة التي انكبّ المهندس اسكندر على دراستها قبل توزيعها في أمكنتها الدافئة.
في الصالون الرئيس مدفأة مصنوعة من الحجر الأبيض تتشارك المساحة مع كنبة صفراء اللون ومقاعد فرنسية الطراز، تبث دفئها في أجواء الصالونات الأربعة حيث الألوان زاهية تتراوح بين الأصفر والبنفسجي والأبيض اللؤلؤي والزهري الحالم.
أما في غرفة الطعام فقد تم إنشاء عقد كبير جمع بين الهندسة الإنكليزية الراقية والطابع الكلاسيكي الآسر، شغلت سطحه أكسسوارات فريدة بزخارفها التي تتناغم مع ألق الجلد الذي استُخدم في تنجيد الكراسي المتحلّقة حول طاولة الطعام.
ومن الجهة الخلفية لهذا العقد، يبرز جدار حجري عُلّقت عليه قطع قديمة، وتتخلله فجوتان تتقدمهما فتحات من زجاج لتسهيل عملية التهوئة حفاظاً على أجواء صحية سليمة.
في الصالون الأبيض اللؤلؤي تستوقف الزائر طاولة يعلوها زجاج شفاف وقد استلقت على سطحها مجموعة من التحف النادرة، كما تفصل بين الصالونين البنفسجي واللؤلؤي مرآة مزركشة تعكس صوراً من ماضٍ مخملي لطالما استحضره المالكون بمجرد النظر فيها!
الإنارة في هذا المنزل انبثقت من ثريات من البرونز المعتّق لتضيء الجدران فتكشف سحر لوحات من سجاد قديم برعت في رسمها ريشات كبار الرسامين العالميين.
افترش السجاد العجمي الأرضية ليتناغم مع قطع بألوان نارية يروي بعضها حكايات أميرية، وعناصر أخرى برزت كلوحات في أمكنتها.
سلالم لولبية تقودنا صعوداً الى غرف النوم التي تشغل مساحة الطابق العلوي من المنزل، والذي تحتل أحد أركانه مدفأة تزدان بالقناطر المصمّمة من أفخر أنواع الخشب... خصوصية مطلقة ترخي بظلّها على غرف النوم التي يفترش أرضها الباركيه المصنوع من الخشب المصقول.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024