صابرين: أبنائي يتهمونني بالجنون
قبل 12 عاماً تألقت في شخصية «كوكب الشرق» أم كلثوم، وهذا العام عادت لتقديم الشخصيات التاريخية من جديد، عندما لعبت دور «زينب الغزالي» في مسلسل «الجماعة»، لتثبت مرة أخرى تألقها وتميّزها.
الفنانة صابرين تتحدث عن كيفية تحضيرها لهذا الدور، وتكشف سر نجاحها في تقديم الشخصيات التاريخية، ولماذا يتهمها أبناؤها بالجنون أحياناً، كما تتطرق في حوارنا معها الى علاقتها بعبلة كامل بعد أن قدمت دورها في «أفراح إبليس»، وسبب غيابها عن السينما، وحجابها الذي أثار الجدل.
- كيف جاء ترشيحك لدور «زينب الغزالي» القيادية في جماعة الإخوان من خلال مسلسلك «الجماعة 2»، وما هي عوامل الجذب التي حسمت موافقتك على هذا الدور؟
رشّحني للعمل كلٌ من المؤلف وحيد حامد والمخرج شريف البنداري، وبعد أن تعاقدت عليه جلست مع المؤلف وشرح لي أبعاد شخصية «زينب الغزالي»، وكشف تفاصيل المسلسل بجزءيه الأول والثاني، وبعد أن قرأت السيناريو أُعجبت بالدور كثيراً، خاصة أن وحيد حامد لخّص مجموعة كبيرة من الكتب في هذا المسلسل، وبمجرد علمي بأنه هو من كتب السيناريو تيقنت من أن الدور قوي، وشعرت بالتحدي حيال الشخصية، فبعد مضي أكثر من خمسة عشر عاماً على تجسيدي شخصية «كوكب الشرق» أم كلثوم، شعرت بالتحدي في تقديم سيرة ذاتية لشخصية مختلفة تماماً عنها.
- وكيف استعددت للدور؟
لخّص المؤلف وحيد حامد 2500 كتاب عن جماعة الإخوان في هذا السيناريو، كذلك حياة «زينب الغزالي»، وبالتالي تفهّمنا أحداث المسلسل بكل سهولة ويسر، واستعددت للمسلسل من خلال متابعتي للفيديوات التي تتحدث عنها على موقع «يوتيوب»، وكنت أراقب طريقتها في الكلام، ومخارج الحروف لديها، وحركاتها، لأتمكن من تجسيد الدور، كما أنني لم أقدّم سيرتها الذاتية أو حياتها الشخصية، بل كنت أمثّل دورها ضمن قيادات جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي عند تحضيري للدور كنت أحدّد أبعاد كل مشهد، وإلى أين يريد الكاتب الوصول، وماذا يوجد بين السطور، وقد سهَّل وحيد حامد عليَّ كل هذه الأمور، واستطاع أن يدخلني إلى الشخصية بمجرد أن قرأت سيناريو المسلسل.
- وكيف طبّقت ماكياج الشخصية وشكلها؟
الماكيير محمد عبدالحميد ومحمد عشوب بذلا مجهوداً كبيراً معي في ذلك، وحضّرنا لشكل الشخصية في مدة بلغت ثلاثة أشهر ونصف الشهر، وكنا نُجري اختباراً لـ»الماسك» بشكل شبه يومي، حتى نجحنا في الوصول الى الشكل المطلوب، فكلما نظرتُ في المرآة ووجدت أن شكلي قد تغير، كنت أدرك أنني تعمقت في الشخصية فأبدأ التصوير على الفور.
- الشخصية محور جدل وتساؤل باعتبارها قيادية في جماعة الإخوان، فهل تخوفت من تجسيد هذا الدور؟
أبداً، لأن المؤلف وحيد حامد تناول الشخصية بنوع من الحياد، لها ما لها وعليها ما عليها، وهي تريد أن تصبح قائدة وزعيمة، وتصوّرت أنها كانت ترغب في أن تصبح المرشد العام، كما أنها شخصية قوية جداً، والمؤلف نجح في إظهارها بهذه القوة.
- وماذا لاحظت على الشخصية بعد متابعتك لها وتعمقك فيها؟
هي بالفعل شخصية قوية جداً، وتعرف ماذا تريد أن تقول، وتناضل لإثبات وجهة نظرها؛ سواء كانت صائبة أو خاطئة، وهي مؤمنة بوجهة نظرها في إحياء جماعة الإخوان، وأن يكون لهم القيادة والخلافة الإسلامية ومبادئ الإخوان كافة، وتسعى دائماً لتحقيقها، كما أنها شخصية عصامية لا تحب الانقياد، وسياسة السمع والطاعة.
- «زينب الغزالي» كانت عضواً في جمعية هدى شعراوي المفكرة التنويرية، ففي رأيك هل فشل التنويريون في مصر في توصيل رسالتهم؟
أعتقد أن التنويريين لم يفشلوا، لأن أفكارهم ما زالت منتشرة، والتنوير لا يعني الحديث عن حرية المرأة فقط، لكن هناك نماذج لبعض الأفكار التنويرية لا تزال موجودة وتقف في وجه المتطرفين.
الفكر التنويري نجح لأن العالم في تقدم مستمر، وهذا دليل قاطع على أن التنوير لن يتوقف، وفي مصر لا تزال بعض الأعراف والتقاليد تحكم المجتمع، ولكنها ليست دينية.
- وما سر نجاحك في تجسيد الشخصيات التاريخية؟ وهل هناك شخصية معينة ترغبين في تقديم سيرة حياتها؟
هناك أسرار كثيرة، منها الاجتهاد والدراسة والتحدي وعشق الفكرة، فأنا أجسد آخر مشاهدي في المسلسل وكأنني أُمثّل أول مشهد، وأشعر بالخوف نفسه، كما أنني أول من يحاسب نفسه على الأداء، وما من شخصية معينة أرغب في تقديم سيرة حياتها، وكل ما يهمّني هو السيناريو الجيد وطريقة الكتابة فقط.
- حدّثينا عن ردود الفعل التي تلقيتها على المسلسل، والذين حرصوا على تهنئتك؟
أول من طمأنني وهنّأني على الدور هو وحيد حامد، ذلك بعد أن رأى المشاهد في المونتاج والحلقات الثلاث الأولى من المسلسل، فأنا لا أحب رؤية نفسي في «المونيتور» أثناء التصوير، وأرفض مشاهدة دوري قبل عرضه، لكن فور عرض الحلقات الأولى من المسلسل، فوجئت بردود فعل المحيطين بي، حتى وإن لم يتصلوا بي، سواء من الصحافة أو الإعلاميين؛ مثل عمرو أديب، أو الناقد طارق الشناوي، وكل هذه الآراء أسعدتني، كما كنت حريصة على عدم التحدّث عن الدور إلا بعد عرضه حتى أتأكد من ردود الفعل عليه أولاً.
- تؤدّين الأدوار بإتقان، فما السر وراء ذلك؟
هو اجتهاد وتوفيق من الله أولاً، وحظ، سواء في هذا المسلسل أو مسلسلات «أفراح القبة» و«أم كلثوم» و«شيخ العرب همام»، وغيرها من الأعمال، وبطبعي أحب تقديم الفن الجاد، وكلما كان العمل متعِباً، أشعر بأن النتيجة ستكون عظيمة، ومهما كنت مرهقة أنسى تعبي أمام الكاميرا لتبرز موهبتي التي أكرمني بها الله.
- ماذا عن كواليس الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة»، والتعاون مع باقي الأبطال؟
صمتت قليلاً ثم ردّت ممازحةً: «المسلسل كان كله رجّالة»... كنت أدخل غرفتي وأقول لنفسي ألا توجد سيدة أتحدّث إليها، فالمسلسل طغى عليه عنصر الرجال، لدرجة أصبحت أشعر معها أنني «مسترجلة» لكثرة تعاملي معهم، هذا على عكس مسلسل «أفراح القبة» الذي شاركت فيه العام الماضي، والذي تميز بكثرة النساء فيه، فكنا نجلس معاً ونتحدّث، لكن طبيعة كواليس مسلسل «الجماعة» جعلتنا نركز على العمل فقط، لأن كل فنان كان ينعزل في غرفته ويستعد للمشاهد التي تعتمد في معظمها على اللغة العربية، ومزج العامية بالفصحى أيضاً.
- هل تتأثرين بالشخصية التي تجسدينها وتغلب طباعها عليك حتى بعد خروجك من الاستوديو؟
أبداً، فمبجرد انتهائي من التصوير وتبديل ملابسي أعود الى طبيعتي، لكن من الممكن أن أتعمق في الشخصية أثناء جلوسي في المنزل، فأحفظ بعض المشاهد، وأردّد بعض الجُمل، ولهذا السبب يتهمني أبنائي بالجنون عندما أراجع الدور والسيناريو أمامهم.
- وماذا عن الجزء الثاني من مسلسل «أفراح إبليس»؟
صوّرنا جزءاً بسيطاً منه، وأجسد فيه شخصية «كمالات» التي كانت تقدمها الفنانة عبلة كامل في الجزء الأول من المسلسل، وقد استأنفنا التصوير عقب إجازة عيد الفطر المبارك، وأنا أحببت الشخصية كثيراً، وأتمنى أن يكون الدور مفاجأة لجمهوري، خصوصاً أنني بدأت تصويره بمباركة زميلتي وصديقتي الفنانة القديرة عبلة كامل، وأرغب في أن يرى المشاهد وجهي الآخر في هذا المسلسل.
- هل تواصلتِ مع عبلة كامل قبل تصوير الدور؟
بالطبع، وسألتها عن سبب اعتذارها عن تقديم الدور في الجزء الثاني، فأخبرتني أنها كانت قد انتهت للتو من الأجزاء الخمسة من المسلسل الصعيدي «سلسال الدم»، وترغب في تقديم دور جديد ومختلف عن الصعيدي. وفي العادة، أتواصل مع أي زميلة كان معروضاً عليها هذا الدور قبلي، حتى وإن كانت مرشحة له فقط.
- أنتِ تصغرين الفنانة عبلة كامل في السن، فهل أثّر فارق العمر بينكما في شخصية «كمالات»، وكيف تغلبت على ذلك؟
سيلاحظ الجمهور التغيير الذي طرأ على الشخصية بعد عرض المسلسل، وأتمنى أن أكون قد أتقنت أداءها، لذا أترك الحكم للجمهور.
- مسلسل «أفراح إبليس» يمثل عودة الى أدوارك الصعيدية بعد غياب دام سبع سنوات...
منذ عرض مسلسل «شيخ العرب همّام» وأنا مشتاقة للون الصعيدي، وبعد مضي عام على هذا العمل قدمت مسلسل «وادي الملوك»، وكنت قبلها قد صوّرت مسلسل «العمدة هانم» وجسّدت فيه دور امرأة ريفية، وأنا بطبعي لا أحب التكرار، وأفضّل التجديد والتنوع، كما أرغب في الابتعاد عن الساحة الفنية لفترة ثم أعود اليها، وهذا ما جعلني أرفض تقديم الدور الصعيدي كل هذه الفترة.
- بالنسبة الى السينما، لماذا أنت مقلّة في أعمالك السينمائية باستثناء فيلم «لف ودوران» مع أحمد حلمي العام الماضي؟
في العمل السينمائي أشعر وكأنني ذاهبة للّعب مع أصدقائي، بمعنى أنه حين أجد دوراً جديداً ومختلفاً عن الأدوار المركبة التي جسدتها في الدراما، أوافق عليه فوراً، فأنا أميل الى الأدوار الثقيلة والمعقدة، والتي أجدها في الدراما التلفزيونية أكثر من السينما.
- كنت قد اتخذت من قبل قرار الاعتزال وارتداء الحجاب، فهل تقبلين بدور تظهرين فيه بدون حجاب؟
عندما فكرت في الاعتزال وارتداء الحجاب، كان ذلك لتوطيد علاقتي بربّي، وبالفعل ظهرت في بعض المشاهد بدون حجاب، وكل ما أريد قوله حول هذا الأمر الذي يُثار كثيراً، هو أنني محتشمة ولست محجبة.
- كيف تمضين يومك بعيداً من التصوير؟
أمضي يومي مع أولادي، ووالدي ووالدتي اللذين يعيشان معي، وأطهو لهم الطعام بنفسي.
- كيف تبدئين يومك في التصوير منذ خروجك من المنزل وحتى دخولك الاستوديو؟
بمجرد خروجي من المنزل أحتضن الورق، وأراجع المشاهد في سيارتي أثناء توجّهي الى الاستوديو، كما أطّلع على المشاهد التي تسبقها والتي تليها. وبعد دخولي الاستوديو أركز على الدور فقط، لأنني أحفظ مشاهدي جيداً قبل الظهور أمام الكاميرا، فالمشهد القصير الذي لا يتعدى الدقيقتين، أستغرق وقتاً كبيراً في التحضير له، فأركّز على تعابير الوجه وردود الفعل أيضاً كي أتمكن من إتقان الدور، وأصعب ما أواجهه في التحضير هو المعنى المختزن بين السطور، ولطالما واجهت هذا التحدي في السيناريو الذي كتبه وحيد حامد في الجزء الثاني من مسلسل «الجماعة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024