حيل بسيطة تجنّب الأم الصراخ على أبنائها
تمرّ معظم الأمّهات بلحظات تصرخ فيها على أبنائها، فليس هناك أم معصومة عن التوتر والعصبية، والأبناء أحيانًا يُخرجون آباءهم عن طورهم.
فلنتخيل المشهد، أثناء تحضير الأم العشاء، يأتي سامي ورامي إليها وهما يتشاجران لتحكم بينهما، وهي مشغولة، فيما ابنتها الصغيرة تبكي لأنها تريد كوب ماء.
أمام فوضى الشجار والبكاء والصراخ تفقد الأم صبرها وتبدأ هي أيضًا بالصراخ، فمن الصعب جدًا أن تحافظ على هدوئها وسط كل هذه الفوضى.
ولكن هناك نصائح يمكن الأم اتباعها إذا وجدت نفسها غير قادرة على ضبط أعصابها.
التنفس بعمق والتحدث بصوت خفيض
أخذ نفس عميق هو أول ما يجدر بالأم القيام به لتنفيس الاحتقان الذي تشعر به، فهي وسط فوضى الصراخ قد تشعر بأنها شبيهة بطنجرة الضغط القابلة للانفجار في أي لحظة.
لذا عندما يأتي إليها أطفالها في حالة من الغضب والصراخ، عليها أن تأخذ نفسًا عميقًا وتظهر لهم أنها تفعل ذلك، أي يسمعون شهيقها وزفيرها، فهذا أولاً سوف يساعدها بالفعل على تهدئة أعصابها، وتخفيف توترها، وتوتر أبنائها الذين سيفاجأون برد فعل والدتهم، ثم تتحدث إليهم بهدوء لفهم ما يحدث بينهم، فهي عندما تصرخ في وجوههم سوف تزيد الحال سوءًا ويزداد الصراخ، بينما حين تتحدث إليهم بصوت خفيض سوف يضطرون جميعًا لخفض أصواتهم والتهدئة ليسمعوها، وبالتالي تهدأ فوضى الصراخ، ويسود جو من النقاش الهادئ، ويتعلّم الأبناء أن ليس بالصراخ والبكاء تُحلّ المشاكل.
حضن الطفل
عندما تشعر الأم بأن طفلها يدفعها إلى التوتر إلى أقصى الحدود، وبأنها لم تعد تحتمل صراخه وقد ترغب في الصراخ مثله، أو الهروب منه، يمكنها الجلوس على الأرض بمستوى طفلها وسؤاله عما إذا كان يرغب في أن تحضنه... ستُفاجأ أنه بعد خمس دقائق سوف يتحوّل إلى طفل هادئ، جلّ ما يرغب فيه هو ملء خزّانه العاطفي، ويتوقف عن محاولات لفت انتباه والدته عبر الصراخ ونوبات البكاء، وبعدها يمكن الأم العودة إلى ما كانت تقوم به بعدما استعاد طفلها شعوره بالطمأنينة والحب اللذين تكنّهما له.
الخروج من الغرفة
غالبًا أثناء لحظات الانفعال والغضب نميل جميعًا إلى رد فعل مماثل من دون أن نفكّر فعلاً في ما إذا كان هذا خيارنا الوحيد، فتحت وطأة الغضب يُشلّ تفكيرنا، وغالبًا ما نندم لاحقًا، وهذا بالفعل ما يحصل مع الكثير من الأمهات، فأثناء نوبة بكاء أو صراخ أطفالها، قد تصفع أحدهم على يده أو توجّه له ملاحظة مهينة، وبعدها تندم على ما قامت به، لذا ينصح الاختصاصيون الأم بأن تخرج من الغرفة إذا كانت مطمئنة لخلوّها من أي شيء قد يسبب أذى لطفلها أو أطفالها.
فالانسحاب إلى غرفة أخرى يسمح للأم بالتفكير في السيطرة على الموقف المتشنج. فغالبًا عندما تصرخ الأم، فإنما تفعل ذلك لأنها تجد نفسها في مواجهة مخاوفها في ألا تكون أمًا جيدة لأبنائها، فتشعر بالضياع وتشكك في تربيتها وفي فكرة أن رد فعلها غير ملائم. فيما الخروج من مكان الشجار يسمح لها بالتفكير وبإيجاد الحل وباختيار الطريقة التي ستدير بها الموقف.
الغناء
هو من الحلول الطريفة التي يُنصح بها. فعندما تشعر الأم بأن منسوب التوتر ازداد لديها، وأنها وصلت إلى أقصى حدود الانفعال، عليها البدء بالغناء، ففي العموم يُفاجأ الأبناء من رد فعل والدتهم، وفي الوقت نفسه يسمح الغناء للأم بالترويح عن نفسها فلا تعود تصرخ على أبنائها.
لعبة المرآة
عندما يبدأ الطفل بركل الأرض بقدمه، لأنه يريد الحلوى فورًا، ويعيد تصرفه مرّات ومرّات وهو يصرخ ويضرب برجليه الأرض، متمنيًا أن تخضع والدته لرغبته لأنه يعرف كيف يجعلها متوترة، وفي المقابل قد ترغب الأم أحيانًا بالصراخ في وجهه «توقّف عن الصراخ... أشعر برأسي سينفجر»، ولكن لن تجدي هذه العبارة نفعًا، ويستمر في تذمره وبكائه لأن والدته أكدّت له من خلال قولها أن ما يفعله صائبًا وسوف يحصل على مراده بهذه الطريقة.
هناك طريقة طريفة ينصح بها الاختصاصيون وبعض الأمهات اللواتي جرّبنها، وهي لعبة المرآة، أي أن تكون الأم مرآة طفلها ولكن بشكل هادئ، «أنت تريد حلوى فورًا»، «أنت تريد حقًا حلوى ويزعجك أن الماما تقول لك لا»، «أنت لا تملك أن تفعل أي شيء، وإن كان العشاء قريبًا فأنت تريد الحلوى على الفور»، «الحلوى جيدة جدًا، وأنت تريد واحدة»... فهذه العبارات التي تعكس رغباته كما لو أنه يقف أمام مرآته تجعله يشعر بالارتياح والاكتفاء، لأنه أدرك أن رغبته مسموعة، وبالتالي قد يعزف عن تحقيق طلبه فورًا.
لو كان في وسعه لنفّذ...
كثيرات من الأمهات يشعرن بأنهن يرغبن في الصراخ بأبنائهن لأنهم فوضويون. مثلاً تشعر أم بالغيظ والرغبة في الصراخ في وجه ابنها لأن الفوضى تعمّ غرفته، أو لأنه تخلّف عن درس الموسيقى، فتزداد الأمور سوءًا بينهما، فالابن يزداد تعنّتًا والأم تزداد غيظًا.
ولكن يمكن الأم أن تهدّئ من روعها بنفسها، وتقول لو كان في وسعه لقام بما هو مطلوب منه. فعمومًا، جميع الأبناء يرغبون في إسعاد أهلهم، وما على الأهل سوى وضع ثقتهم فيهم.
فقد تكون غرفة الابن أشبه بمعقل للفوضى، وهو يدرك ذلك ولكنه قد يشعر بالعجز عن إعادة ترتيبها وتنظيمها كما يجب، لذا يمكن الأم أن تعقد اتفاقًا معه، وتعرض عليه المساعدة في ترتيبها معًا، مثلاً يرتب الابن ما هو متناثر على الأرض وتقوم هي بترتيب الخزانة.
فأحيانًا يشعر الطفل أنه غير قادر على التفكير، أو أنه لا يمكنه تنفيذ العمل، فبالنسبة إليه هناك الكثير من الأعمال ولا يمكنه إنجازها دفعة واحدة بمفرده. لذا يمكن الأم مساعدته على تنظيم أفكاره، ووضع خطة عمل منظمة كي ينجز كل الأعمال المطلوبة منه، فعندما يصبح الطفل قادراً، فإنه ينفّذ ما تطلبه منه والدته.
اختبار الحدود
عندما يتجاوز الطفل الحدود في سلوكه، كأن يفتعل نوبة بكاء وصراخ في السوبرماركت لشراء لوح شوكولاته، أو يتحدّاها بضراوة بأنه سينال ما يرغب فيه وإن لم تكن موافقة، على الأم أن تتذكر أن الطفل في حاجة دائمة إلى الشعور بالأمان، وأن يعرف أن أهله قادرون على وضع سياج متين حوله لحمايته في هذا العالم الذي لا يتحكّمون فيه، وأن الحاجز أو الحدود التي يضعها الأهل تشبه حاجز الشرفة الذي يحميه ويجنّبه الوقوع في الفراغ.
وعلى الأهل أن يتذكّروا أن طفلهم يحاول دائمًا اختبار الحدود التي يضعونها ليتأكد من أنها متينة، وبالتالي فهو في أمان.
إذًا، عندما تواجه الأم نوبات غضب ابنها في الأماكن العامة بنوبة غضب معاكسة، فإن الأمر يزداد سوءًا ويكون له تأثير عكسي ويسبب للطفل شعورًا بالقلق والخوف، خصوصًا إذا كان يفكّر ويتساءل: كيف تصرخ عليّ أمي أمام الغرباء وتهينني؟ أليس من واجبها حمايتي! لذا يمكنها إبعاده عن المكان ومعاقبته، كأن تحرمه مثلاً من مشاهدة التلفزيون لمدة قصيرة.
ومن المهم جدًا أن يعرف الطفل مسبقًا عاقبة تصرفه السيئ. ولكن العقاب ليس الحل الوحيد، بل يمكن أيضًا مكافأته إذا كان سلوكه جيدًا، فمثلاً عندما تصطحبه أمه لزيارة منزل جدّه، يمكنها أن تعده بمكافأة إذا تصرف بأسلوب جيد، شرط أن تنفّذ وعدها. بمعنى آخر، على الأم الالتزام بأي قرار تتخذه، سواء كان عقاباً أو مكافأة.
من المهم جدًا أن يضع الأهل قواعد ثابتة للتربية
- على الأهل أن يضعوا حدودًا منطقية وأن يتمسّكوا بها. فالطفل يشعر بالارتباك والتوتّر عندما تسمح له أمه بالقيام بأمر ما، وتمنعه عنه في اليوم التالي.
- على الوالدين أن يتّفقا على نمط واحد في التربية ويتجنّبا السماح للطفل بأن يستغلّ أحدهما، ويحاول أن يُحدث بينهما خلافًا في الرأي حول تصرّف قام به متخطّياً الحدود.
- التأكد من أن الطفل يفهم معنى القواعد التي عليه التقيّد بها. لذا على الأم أن تشرح الهدف منها، كأن تفسّر له مثلاً لماذا عليه جمع ألعابه بعد أن ينتهي من اللعب بها.
- إعطاء تعليمات محدّدة عندما تطلب الأم من طفلها القيام بأمر ما.
- توضيح أسباب العقاب، فمثلاً إذا ضرب الطفل أحد رفاقه، عليها أن تشرح له أنه سيعاقَب لأنّه لم يلتزم بما طلبت منه. ولكن حذار أن ينال الطفل عقاباً مزدوجاً، أي أن تعاقبه أمّه ثم يأتي والده ويعاقبه.
- مدح الطفل عندما يتصرّف في شكل حسن، إذ لا يجوز أن يعلّق الأهل على تصرّفاته السيئة فقط. فالثناء على أفعاله الحسنة يكون له صدى إيجابي على المدى الطويل.
- عدم إطلاق التهديدات من دون تنفيذها. لذا على الأم أن تهدّد بالعقاب إذا أرادت فعلاً تنفيذه، وإلاّ لن يأخذ الطفل مسألة العقاب في شكل جدّي وسيتخطّى القواعد من دون خوف.
- التأكيد للطفل أن محبة والدته لا تتغيّر حتى وإن عاقبته. لذا من الضروري أن يفهم أن العقاب لا يعني أن أمه تكرهه.
- منح الطفل فرصة تقويم تصرفه أو الاستجابة لطلب الأم قبل معاقبته. مثلاً إذا كان يركل الطاولة، يمكن الأم أن تطلب منه التوجّه إلى غرفته، وإذا تجاهل الأمر يمكنها تحذيره بعاقبة عدم تنفيذ طلبها. أو مثلاً إذا رفض توضيب ألعابه، يمكنها أن تقول له بهدوء إنها سوف تعدّ إلى العشرة، وعليه خلال ذلك أن يُسرع في ترتيبها وإلا سوف تعاقبه، كما عليها ألا تسمح له بمناورتها كي تبدّل رأيها.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024