تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المصمّم السعودي سراج سند: يفوح من تصاميمي عطر التراث

واثق الخطى، استطاع في مدة وجيزة أن يصل الى العالمية بتصاميمه الرائعة وخطوطه الجميلة حتى شكَّل توأمة مع كوكبة من نجوم المجتمع السعودي، واستطاع أن يبهر رجال السياسة والأعمال بتصاميمه الجميلة وذوقه الرفيع حين وضع بصمة مميزة في سماء عالم تصميم الأزياء، ولُقّب بمصمّم المشاهير.
المصمّم العالمي سراج سند شارك في احتفالات عالمية عدة لتقديم عروضه للزيّ السعودي، ونال إعجاباً كبيراً في أميركا وعدد من الدول الأوروبية... التقته «لها» للتعرف على تصاميمه الراقية وآخر ابتكاراته.


- من العلوم المالية إلى عالم تصميم الأزياء، كيف حدثت تلك النقلة النوعية؟
موهبة أو مَلَكَة الرسم اكتسبتها من والدي رحمه الله، وتعرفت على خفاياها منذ نعومة أحلامي، وكنت من أوائل المشاركين في معارض الفن التشكيلي وأنا لا أزال على مقاعد الدراسة، وحين سافرت إلى الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً إلى ولاية فلوريدا والتحقت بكلية سانت بترسبيرغ، لدراسة السكرتارية وإدارة الأعمال، كان يستهويني أن أكتب اسمي بالخط العربي على اللوح الجامعي، فأًعجب الطلاب بذلك الخط الجميل والذي يحمل هويتي وثقافتي، مما منحني شهرة كبيرة في الحرم الجامعي، وأصبح كل طالب يرغب في أن يكتب اسمه بالخط العربي ليحتفظ به كلوحة وذكرى جميلة.

- كان هناك فرع لدراسة الفنون في الجامعة؟
كانت هناك دورات لدراسة مختلف أنواع الفنون، وحين اكتشف الأساتذة موهبتي رشّحوني لدراسة فن الأزياء، من خلال دورات متتالية. فجمعت بين الفن والإدارة، مما أتاح لي مجالاً واسعاً لخدمة دراستي، وبالتالي أفادني كثيراً في إدارة أعمالي.

- حققت معادلة في الجمع بين الدراسة والخبرة التي اكتسبتها من المصمّم يحيى البشري، ماذا عنها؟
إدارتي للعمل الفني ممزوجةً بخبرة طويلة، هي التي صنعت المعادلة، ولا أخفي على أحد أنني تعلمت الكثير من المصمّم العالمي يحيى البشري، وأفخر بكوني أحد خريجي مدرسته، فالتدريب يُصقل الدراسة، وينمّي مهارات الإنسان.

- للأزياء السعودية معايير مهمة وتختلف من منطقة إلى أخرى، كيف استطعت الإلمام بهذا التراث ونقله الى تصاميمك؟
أنا ابن جدّة، وُلدت في عروس البحر الأحمر، وتفتحت طفولتي في «خميس مشيط» التي تقع في منطقة عسير جنوب غربي المملكة العربية السعودية. وتتميز بطقسها المعتدل صيفاً، وكثرة الأمطار، وقربها من المتنزهات، حتى تشبعت عيناي بجمال الطبيعة الساحر، ونهلت من ألوانها وأشكالها في كل مكان، وفي المراهقة عدت إلى عروس البحر الأحمر وأقمت في منطقة البلد، حيث عبق الماضي ورائحة الحنين التي تفوح من الروشان الذي يقطر من خشبه عطر الحياة المليئة بالألوان، فكيف لا أستوحي تصاميمي منها! هي المملكة، وهذا جمالها من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، واللؤلؤ المكنون في وسطها، فكيف لا أبتكر تصاميم يفوح منها عطر التراث، والعين شاهدة من كل حدب وصوب على الزيّ السعودي بكل أشكاله وألوانه!

- من يضع الخطوط العريضة للتصميم، وهل تتحكم في ذوق العميل؟
قبل عشر سنوات كان العميل يتقبّل آرائي بكل صدقية وأريحية، لكن بعد ثورة الانفتاح وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، أصبح لدى المتلقي وعي أكبر في اختيار ملابسه، ونوعية القماش الذي يرتديه، واللون الذي يحبّه، والتصميم الذي يناسبه... في تلك الحالة أحترم ذوق العميل وأبدي رأيي كمصمّم، فإن اقتنع أكون قد حققت فوزاً كبيراً.

- تختلف الأقمشة وتتنوع الخامات، هل هناك معايير محددة لانتقاء خاماتك؟
عالم الأزياء واسع في انتقاء خاماته وأكسسواراته، ومن يحدد موضة العام هم تجار الأقمشة الذين يختارون النوعية واللون. لكن وفق خبرتي الخاصة، نختار القطن الأجود والحرير الأفضل بما يتناسب مع طقس كل منطقة في المملكة من حيث الحرارة المرتفعة أو البرودة، وأتعامل مع شركة عالمية لاختيار أجود أنواع الأقمشة، سواء كانت قطناً أو حريراً أو مطبوعة أو محفورة.

-  بعض التصاميم تدخل خيطان القصب في صنعها، أين تُستخدم تلك الخيطان؟
خيطان القصب الذهبية أو الفضية تُستخدم في صنع «الدقلة»، وهي قطعة تُلبس فوق الثوب في المناسبات الوطنية والأفراح.

- أين توضع القيطان وكيف تختارها؟
القيطان عبارة عن خيوط ملتفّة بطريقة البريم، وأنا أستورد القيطان المصنوعة من الحرير من المغرب العربي، وأضعها على «الدقلة» لتحديد التصميم، كما نرسم عليها نقشاً جميلاً ربما على الأكمام والياقات، وعلى الصدر أحياناً، كذلك أستخدمها في صنع العباءات النسائية فتُظهر جمالها وروعتها.

- لكل شخصية أسلوبها، ما الأسس التي تراعيها في التصميم للمرأة أو الرجل؟
أراعي الشكل العام للجسم والانحناءات، وأختار لون القماش الذي يتناسب مع لون البشرة، سواء للرجل أو المرأة.

- تستمع الى رأي العروس، لكن من يضع التصميم؟
لدي قسم للنساء، وأستمع الى كل رأي وأحترمه. ربما ترفض المرأة نوعاً من أنواع الأقمشة، أو لوناً معيناً كانت قد أخفقت في اختياره مرةً في التصميم، عندها أحترم رأيها وأُجاريها في ما تريد إلى أن نتفق على التصميم الذي ترغب فيه.

- هناك نساء بدينات يرغبن في الظهور بقدّ ميّاس، كيف تتصرف إزاء هذه الحالة؟
على مصمم الأزياء أن يكون مطلعاً على علم النفس ومتخصصاً في علم الاجتماع ليستطيع التعامل مع فكر المرأة، وما يلبي رغباتها من حيث التصميم ونوعية القماش ولونه، كما عليه أن يبذل جهداً لإظهارها بقدّ ميّاس، فالجسم الممتلئ يناسبه الفستان الطويل والمتهدّل، أكثر من الفستان القصير، وهذه الأمور لم تعد تُخفى على المرأة في عصرنا الحديث.

- ما هي فلسفتك في التصميم؟
أن أضع بصمتي الخاصة.

-  كيف تتعامل مع كوكبة من نجوم الفن السعودي لترضي أذواقهم؟
كانت مشاركتي الأولى مع مهرجان الجنادرية نقطة تحول في حياتي، وانطلاقتي التي أرست معايير تصاميمي، وأصبحت لها سمة في كل محفل وطني، وكل أوبريت في مهرجان الجنادرية المصَمّم للصحراء الممتدة، وما عليّ إلا أن أصمّم لكل فنان ما يناسب لون بشرته، وشكل جسمه، ونوع الأقمشة التي سيرتديها والمتناسبة مع الأوبريت، حتى شكّلت لي تلك المشاركات قاعدة جماهيرية مع الفنانين السعوديين، وعلى رأسهم الأستاذ محمد عبده.

- ما نوع تلك القاعدة؟
تحولت علاقة العمل إلى علاقة شخصية بحتة في كل ما يرتدونه لتكون بصمتي عليه.

- نشرت ثقافة المبادرات... وكان أهمها لجمعية سند لمعالجة مرضى السرطان، ما الهدف من تلك المبادرة؟
هي رد جميل لمجتمعي ووطني وناسي. ربما لا أُقدم على التبرع، لكنني أملك المقدرة على القيام بمبادرة لتجييش الإعلام ورجال الأعمال والفنانين من أجل دعم مرضى السرطان، وتحريك مشاعرهم نحو هؤلاء، فيتوجه أحدهم الى جمعية معتمدة في الدولة ويتبرع لها، فكانت المبادرة عملية تحفيز ناجحة.

- شاركتَ في احتفال سفارة المملكة في ألمانيا في ذكرى اليوم الوطني، بعد تلقيك الدعوة لتقديم عروض للزيّ السعودي، كيف كانت المشاركة؟
الدعوة التي تلقّيتها من سفير السعودية في ألمانيا أسامة شبكشي كانت بمثابة وسام علّقته على صدري، وكنت فخوراً بما قدمته في اليوم الوطني السعودي، لأن سفاراتنا في كل بلدان العالم تسعى لإظهار تراث وثقافة المملكة العربية السعودية بين الماضي والحاضر بأزياء تحاكي هويتنا الجميلة في مختلف مناطق المملكة، حيث أرست معايير الجمال في الأزياء السعودية، وجعلت العالم الأوروبي مبهوراً بها، وقد قرأت التفاعل على وجوههم... وقبلها كانت الدعوة من السفير السعودي في الأرجنتين عصام الثقفي.

- ماذا عن مشاركاتك في المناسبات الرياضية؟
لي الكثير من المشاركات الرياضية التي أفخر بها، حيث صمّمت أزياء الأوبريت لافتتاح ملعب الجوهرة، وأخيراً أزياء الأوبريت لافتتاح نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين.

- تضع اللمسات الأخيرة لمصنعك الجديد؟
أُطوّر مصنعي رويداً رويداً، وسأفتتحه قريباً بعون الله.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079