تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

تحدّين العقبات ونظرات الآخرين: فتيات في ملاعب كرة القدم

فايزة حيدر

فايزة حيدر

منّة طارق

منّة طارق

هاجر رمضان

هاجر رمضان

محمد كمال

محمد كمال

الكابتن أمين عرابي

الكابتن أمين عرابي

دخول الفتيات عالم كرة القدم لم يكن سهلاً، فهو عالم لطالما بقي حكراً على الرجال، لكن مع إصرار الفتيات وامتلاكهن الموهبة، نجحن في اقتحام الملاعب. «لها» التقت ببعض لاعبات كرة القدم والمسؤولين عنهن، لتكشف الصعوبات التي واجهتهن، وكيف نجحن في التغلب عليها.


«حققي حلمك»
الكابتن فايزة حيدر، قائدة منتخب مصر لكرة القدم النسائية، تقول: «أنا من مواليد 12 شباط/فبراير 1984 في مدينة حلوان، وفي البداية كنت ألعب الكرة مع الصبية في شوارع الحي الذي أقطن فيه، وكانوا يوجّهون لي انتقادات كثيرة، فقد كان غريباً أن ترى بنتاً تلعب مع الصبية في الشارع، وكانت تلك المرحلة في عام 1994، فما أقوم به كان بمثابة جريمة بالنسبة الى أهلي، خاصةً أنني من أسرة صعيدية، لكن بموهبتي وإصراري تغلبت على الصعوبات، ومن ثم التحقت بأحد الفرق المحلية في حلوان، ولعبت مع الفتيان أيضاً، لأنه لم يكن هناك فريق للفتيات، وشاركت مع النادي في أول موسم لكرة القدم النسائية في مصر عام 1998، وانضممت وأنا في الـ14 من عمري إلى الفريق الأول في منتخب مصر، وفزنا ببطولة أمم إفريقيا للمرة الأولى في تاريخ الكرة النسائية في دورة 1999، لكنني لم أتمكن من السفر مع الفريق لأنني لم أكن أبلغ يومها السنّ المحددة، لكنني عدت إلى أمم إفريقيا مرة أخرى كقائدة لمنتخب مصر في موسم 2016، وانضممت إلى «نادي الطيران» في عام 2003 وحصلت معهم على العديد من الألقاب الجماعية والفردية، وعملت بعد ذلك مدربةً في أحد الفرق المحلية، ثم مدربة لنادي الطيران.
وتضيف حيدر، وهي أول مدربة معتمدة في مصر من الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم، منذ عام 2011، بعد قيامها بمشروع حمل عنوان «حققي حلمك»، وكان حدثاً كبيراً في مصر اهتمت به الصحافة الرياضية العالمية: «نفّذت مشروعاً كبيراً حصلت بعده على جوائز وتكريمات عدة، وكانت فكرته تقوم على تجميع أكثر من 100 فتاة من أطفال الشوارع وذوات الاحتياجات الخاصة وطالبات المدارس، وعلّمتهن كرة القدم، وكوّنت فريقاً بعدما اخترت الأكثر قوةً بينهن، وقمت بجولات على كل محافظات مصر من الصعيد إلى الإسكندرية، للترويج لكرة القدم النسائية وإقناع أولياء الأمور بالموافقة على ممارسة بناتهم هذه اللعبة، واليوم لديَّ أكثر من 600 فتاة يلعبن كرة القدم في مدينة حلوان وحدها».
خضعت فايزة حيدر أيضاً لدورة تدريبية في التأهيل البدني للفرق الرياضية من الاتحاد الإسباني لكرة القدم، مع فريق «أتليتكو مدريد» لكرة القدم، وهي تدرس حالياً عرضاً مغرياً من نادي برشلونة الإسباني، وتحلم بأن يحتل منتخب مصر مكانة كبيرة بين المنتخبات العالمية.

حلم الاحتراف
تحلم هاجر رمضان، 16 عاماً، لاعبة «نادي الطيران» في مركز الدفاع، بالاحتراف في نادي برشلونة الإسباني، وتقول عن بداية ممارستها لكرة القدم: «بدأت ممارسة الكرة في سن خمس سنوات، في إحدى الحدائق المجاورة لمنزلنا مع أخي وأصدقائه، بعدما أُعجبت باللعبة وطريقة ممارستها، وكنت ألعب الكرة كهواية فقط، لكن بعد بلوغي سن السابعة أُغلقت الحديقة التي كنت ألعب فيها، وفي العاشرة من عمري كنت ألعب الكرة في الشارع بصورة يومية، إلى أن اكتشفت والدتي أنني أملك موهبة كبيرة في كرة القدم، فاصطحبتني إلى أحد الأندية المحلية، ولعبت مع فريق الفتيان لمدة عام، ذلك لعدم وجود فريق خاص بالفتيات، وعندما أصبحت في سن الحادية عشرة انضممت للعب في نادي الطيران لكرة القدم، في مركز الدفاع».
هاجر الطالبة في الصف الثالث الإعدادي، لديها أمل كبير في تطور اللعبة، خاصة في ظل الإقبال المتزايد من الأسر على إلحاق بناتهن بكرة القدم وتفهم طبيعة ممارستهن لهذه اللعبة، وهي خطوة جيدة، خاصة أن الكثير من الموهوبات يتوقفن عن اللعب بعد بلوغهن سن النضج، ولهذا فإن الفترة الذهبية في حياة اللاعبة هي ما قبل الزواج، حيث تكون مشغولة بالدراسة فقط، وكثير من اللاعبات متفوقات في دراستهن، وتقول: «أحلم بأن أصبح مهندسة بترول، وآمل بتغيير الكثير من المفاهيم القديمة، التي تقول إن الفتاة التي تمارس الرياضة تكون بوجه عام أقل تفوقاً في الدراسة من الأخريات».

سر النجاح
يؤكد محمد كمال، المدير الفني لفريق «وادي دجلة» للكرة النسائية، الفائز بكأس مصر لهذا العام، والذي تشارك لاعباته بقوّة في المنتخب الوطني، إن أمام كرة القدم النسائية المصرية مشواراً طويلاً للوصول إلى العالمية، وتحتاج إلى دعم كامل من كل مؤسسات الدولة ومحبي الرياضة ورجال الأعمال بغية الإنفاق عليها، وفي الوقت نفسه لا بد من وجود إدارات حازمة في مختلف مؤسسات كرة القدم النسائية، سواء على مستوى الأندية أو المنتخب، لأن الإدارة الناجحة في أي مجال تساوي نجاحاً كبيراً، وهذا ما تحتاج إليه مصر لتشهد نهضة رياضية نسائية حقيقية، وتتمكن من الفوز بالبطولات الأفريقية وتحقيق حلم المونديال.
ويوضح محمد أن للعبة كرة القدم النسائية نظاماً معيناً، لا يمكن أي فتاة أن تنجح فيها، بل لا بد من أن تحب اللعبة بالفعل وتتحمل الكثير الصعوبات من أجلها، خاصةً أن المجتمعات العربية لا تتقبل كرة القدم النسائية بسهولة، مع تقديرنا للعادات والتقاليد في مجتمعاتنا الشرقية، التي ما زالت تمثل عائقاً أمام انتشار كرة القدم النسائية.

ضرورة الانتشار
يدعو الكابتن أمين عرابي، المدير الفني لـ«نادي الإعلاميين»- «وصيف كأس مصر»، إلى دعم الكرة النسائية المصرية، مؤكداً أن فيها إنجازات علينا دعمها مادياً ومعنوياً وإعلامياً وتهيئة المجتمع من خلال نشرها في المدارس والجامعات وكل التجمعات النسائية، لأنها تجربة جديرة بالرعاية والاهتمام، ولم تعد ممارستها عيباً كما كان يعتقد الكثيرون في السابق.
ويشير الكابتن أمين إلى ضرورة الاستفادة من الإخفاقات، مثل الهزائم غير المتوقعة بمزيد من التصميم على تذليل العقبات، لأن ما من شيء اسمه مستحيل في عالم كرة القدم، وخير مثال ما حققه منتخب مصر الرجالي أمام غانا، فبعد خسارته قبل سنوات قليلة في غانا بسداسية، عاد وفاز في كل مبارياته مع غانا، سواء في القاهرة أو في بطولة كأس الأمم الأفريقية الأخيرة في الغابون.
ويحض الكابتن أمين عرابي الأجهزة الفنية، سواء على مستوى المنتخب أو الأندية الكروية التي فيها فرق نسائية، على العمل على عودة الروح والثقة لدى اللاعبات، حتى يبذلن أقصى جهد ولا يفقدن الأمل في الفوز مهما كانت الإخفاقات.
التقينا عدداً من لاعبات نادي «وادي دجلة»، بطل الكأس والدوري المصري في الكرة النسائية، فأجمعن على أن اللعب الجماعي والبعد عن الأنانية هما سر تفوقهن وحصدهن البطولات وانضمام كثيرات منهن الى المنتخب المصري، هذا فضلاً عن الاستقرار والحزم الإداري، حيث يتم تطبيق مبدأ «الثواب والعقاب» والبعد عن المجاملات.
وتتمنى نجمة الفريق، منّة طارق، خوض تجربة الاحتراف مستقبلاً، مؤكدة أنهن لسن أقل موهبة من بعض اللاعبات الإفريقيات المحترفات في مصر، ولذلك تطالب بدعم اللاعبات المصريات أكثر، معنوياً ومادياً وإعلامياً.

الرفض الأسري
وترى لاعبات «نادي الإعلاميين»، الحاصل على المركز الثاني في بطولة كأس مصر، أن مسيرة الكرة النسائية في مصر تسير نحو الأفضل، في ظل تراجع الرفض الأسري لها، حيث بدأ الآباء والأمهات في اكتشاف مواهب بناتهم، وإرسالهن إلى الأندية المختلفة، بصرف النظر عن الشهرة، ولكن مشكلة هؤلاء الفتيات تكمن في عدم الاهتمام الإعلامي الكافي بهن، مقارنةً بكرة القدم الرجالية، التي يهتم الإعلام بأدق تفاصيلها، ولهذا لا بد من إنشاء مزيد من مدارس الكرة النسائية، ليس في القاهرة فقط، بل وفي الأقاليم أيضاً، لاكتشاف المواهب ورعايتها، حتى يكون هناك منتخب يليق باسم مصر في البطولات العالمية، لأن هناك دولاً أقل من مصر في التاريخ وعدد السكان، ولكنها حققت مراكز متقدمة في لعبة كرة القدم النسائية.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080