تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الدكتورة هويدا الحلبي: قرار تمكين المرأة صائبٌ وحكيم

الدكتورة هويدا الحلبي: قرار تمكين المرأة صائبٌ وحكيم

حين تغرس بذور عطائها، تكون على ثقة تامة بأن ما زرعته سيُزهر نجاحاً مستمراً ما دامت تسقي تلك البذور الفتية على مر الأيام والأوقات التي لم تعرف الأفول.

النجاح في «لُغتها» حتمي، طالما أن العمل الدؤوب يسير بأسلوب متطور وحضاري، من دون كلل أو ملل، ويبقى الأمل يتصدر طريقها لأنها تضع نصب عينيها النجاح الدائم.

مديرة الموارد البشرية في شركة «الإكسير للاستشارات الإدارية والحلول الاستراتيجية» الدكتورة هويدا الحلبي سابقاً، وحالياً المستشارة المتخصصة في مركز الإنجاز والتدخل السريع التابع للمجلس الاعلى الاقتصادي... التقتها «لها» لتكشف أوراقها المسطّرةّ بالنجاح تلو الآخر من خلال ما تملك من مهارات متعددة تزرعها في روح نساء المملكة العربية السعودية لتحقيق رؤية 2030 بنهج حضاري.


- ما هي الموارد البشرية وأين يكمن دورها؟
الموارد البشرية مثلها مثل الموارد المالية، مورد يضيف الى مكان العمل الذي تتواجد فيه، سواء بكمية العمل أو الإنتاج أو الربح، لكن حين أطلب من برنامج التحول الوطني أن يجد نوعية من الأشخاص ذوي الإنتاجية الربحية العالية جداً، عليّ أن أستغل جميع المواهب والقدرات والكفاءات الموجودة حتى أنمّيها لتقدم المزيد من العطاءات.

- إدارة الموارد البشرية في أي منشأة لها أهداف، ما هي الاستراتيجية الحتمية لكي تحقق مفهومها عند المرأة من خلال رؤية 2030؟
بما أن مصطلح الموارد البشرية جديد على السوقين السعودية والعربية، كوننا نتحدث عن استراتيجية لها رؤية ورسالة وأهداف محددة بحيث تتماشى مع العصر الحديث الذي نعيش فيه، رجالاً ونساءً، كالتحول الوطني أو رؤية 2030، من الضروري أن نسأل المرأة ما المطلوب منها لتحقق النجاح، وما هي الأهداف التي تريد الوصول إليها، وما الدور المميز الذي تود أن تلعبه من خلال هذه الرؤية؟ عندئذ تتكون استراتيجيتها ثم تباشر عملها لتحقق النجاح المنشود.

- من يملك مهارات أكثر: الرجل أم المرأة؟
حبا الله المرأة بمجموعة مهارات تقوم بها في وقت واحد، على عكس الرجل تماماً، بحيث لا يستطيع فعل أكثر من شيء في الوقت نفسه.

- كيف تسعى الدكتورة هويدا لتطوير الكفاءة الإنتاجية عند المرأة؟
كل شخصية مكونة من مهارة تقنية ومهارة سلوكية، والسلوك مع التقنية يحققان كفاءة عالية عند الشخص، فإن احتجنا أن تكون المرأة قيادية، نزيد قدراتها القيادية، وإن كانت ماهرة في تقنيتها بحكم دراستها الأكاديمية نُقيم مشاركة ما بين السلوك والتقنية، أي ما يُسمى بالتدريب المهاراتي «Soft skills» لرفع الكفاءة، كون السلوك الإنساني يرفع من قيمة الإنتاجية، فالخلق يحدد درجة مهارة القيادة. ومن المتعارف عليه أن إحدى مهارات القيادة هو «التحفيز»، أي أن على القائدة أن تدفع فريقها نحو النجاح وليس الفشل، ومن ثم «العمل بروح الفريق» لتنمية تلك الروح من خلال المعاملة الممتازة والجيدة مع الفريق بسلوك إنساني وحضاري قوامه الأدب والاحترام والمسؤولية مع الالتزام، والذي يُعتبر أهم سلوك. وأخيراً «معرفة الحدود والروابط» بين القائدة وفريقها، حتى يعلم الفريق أنها تتعامل مع إنسانيتها بعيداً من التكبر والغرور.

- قدّمت برامج تحفّز على إبداع المرأة...
حين كنت أعمل مع جامعة عفّت، قدمت برنامجاً بسيطاً تحت عنوان Leadership for Women «القيادة للمرأة»، وهو مخصص لمختلف المجالات الأدبية والفنية وخريجي المعاهد حيث أعددنا برنامجاً تأهيلياً من مهارات وتقنيات متوازية، مدته 10 أسابيع، في الأسابيع الثلاثة الأولى نعلّم الأصول الإدارية من محاسبة وإدارة، وكيف تدير المرأة مشروعها بنفسها لنعرف مدى قدرتها على الاستمرارية، وكيف تنظّم عملها الذي يُعد رأسمالها لكونه مصدر رزق لها، وفي الأسبوعين التاليين نعمل على سلوكيات المرأة، وكيفية تعاملها مع العملاء والجهات الرسمية، ومدى ديناميكية العمل لديها في حدود المتعارف عليه، أما في الأسابيع الخمسة الأخيرة فنضم الإدارة الى السلوك ونوضح كيفية استغلالهما لإنجاح مشروعها.

- هل يمكن تسليم المرأة مشروعاً؟
نضع بين يدي المرأة مشروعاً، ومن خلال جهات رسمية تحصل على رأسمال محدد، ومن ثم يأتي دورنا في دراسة المشروع والهيكلة التنظيمية، والعمل على مساعدتها لتأسيس تلك الشركة وإدارتها.

- هل تسعين فعلاً لإشراك المرأة في كل المجالات، أم أن هناك مجالاً هو حكر على الرجال؟
من الصعب القول إن المرأة السعودية دخلت كل المجالات، وعلى سبيل المثال لا الحصر شركات «أوبر» و«كريم» التي يعمل فيها سائقون، لا سائقات، لأن المرأة ممنوعة من قيادة السيارة في المملكة، لذا لا مجال لإشراكها هنا... أو مجال التنقيب عن النفط أو المعادن، فهو يُعتبر أشغالاً شاقة تتناسب مع طبيعة الرجل، وهنا أيضاً لا يمكن إشراك المرأة. لكن لأن مملكتنا غنية بالآثار التاريخية والدينية والصحية، فما المانع في أن تقوم المرأة بواجبها على أكمل وجه فتزور مع مجموعة سيدات الأماكن الدينية ليرصدن المعالم الأثرية والجمالية، أو يقصدن بعض المستشفيات التي تهتم بالجانب الصحي للمرأة! نحن في أمسّ الحاجة الى مرشدات سياحة، مع وجود هيئة السياحة والترفيه، وأن يكون لدينا أقسام في الجامعة تحمل اسم «إرشاد سياحي» يضم السياحة الترفيهية والدينية والصحية، لتصبح للمرأة مشاركة فاعلة.

- توسّع مفهوم إدارة الموارد البشرية يشمل أنشطة متعددة، منها التحليل وتوصيف الوظائف، ماذا تحلل الدكتورة هويدا وكيف يتم توصيف تلك الوظائف؟
في إدارة الموارد البشرية جزئية مختصة تحت مسمّى «مطابقة العمل بالشخصية»، فيكون للوظيفة وصف محدد وتوصيف لمهمات العمل وسلوكياته، وحين تتقدم امرأة لهذه الوظيفة نُخضعها لاختبار تطابق السلوك الإنساني مع تلك الوظيفة. على سبيل المثال، قيادية تقود فِرق عمل مثل برنامج «التحول الوطني»، وتقوم بورش عمل كاملة وعليها التفاهم مع وزراء ورجال أعمال ضمن هذا النطاق، فمن الواجب أن تكون سفيرة للشركة التي تعمل فيها وتحمل مواصفات حضارية متكاملة من الصبر والتحمل واللباقة في الحديث.

- هناك مجموعة من الأرامل والمطلّقات، هل لهن دور في التطوير؟
في الفترة الأخيرة، ركزت المملكة العربية السعودية على الأرامل والمطلّقات وأعطتهن فرصاً كبيرة، وما زالت تدعمهن من خلال صندوق الموارد البشرية، بالإضافة إلى التأمينات الاجتماعية، وكل ما يجب عليهن فعله، هو ألا يفقدن الأمل في الحياة العملية وعدم الاتكال إلا على أنفسهن. لذلك من خلال عملي التطوعي في عدد من الجمعيات الخيرية، أنشأت برنامجاً تدريبياً تحت عنوان «كوني نفسك» لتطوير وتنمية المهارات السلوكية لسيدات سعوديات، مما يعيد إليهن الأمل، ويفتح بصيرتهن على منافذ أخرى، ويحثّهن على الاندماج بالمجتمع بكل أريحية حتى لا يدخلن في عالم من الاكتئاب والتقوقع على الذات.

- من أهداف الإدارة جذب الموارد البشرية واستقطابها، لكن أنتِ كيف تستقطبين المرأة؟
أعتقد أن شخصية المرأة البشرية مختلفة ولا تُستَقطب بسهولة، وحين تمتلك الإيمان بتطوير نفسها وتقتنع بما يُقدم لها، لا تتردد المرأة أبداً في الوصول إلى ما تريد.

- «مديري سيدة»... على أي أساس يتم التعامل مع هذا المصطلح؟
المدير رجلاً كان أو امرأة، يجب أن يتبع سلوكيات عملية محددة، وأنصح بقراءة مقالات أو كتب تتضمن أساليب التعامل، مثل «كيف أدير مديري» فهي مفيدة جداً.
حين تسلّمت مهماتي الوظيفية، جمعت أعضاء فريقي وأطلعتهم على مواصفات شخصيتي، والتقنية المطلوبة مني، وكشفت لهم عن التزاماتي، والطريق الصحيح لأحقق أهدافي، والطريقة المُثلى للتعامل معهم، إضافة الى التوقعات والمهمات المطلوبة مني ومنهم، فذاك الوضوح وتلك الشفافية، مع التواصل من أهم المواصفات العملية في الوظيفة، وبمقدار ما تجتمع الشروط السابقة، يحقق العمل النجاح، وتصبح الأمور سهلة ومريحة.

- رؤية 2030 هل ستتحقق في رأيكِ؟
بالطبع، أتمنى لها أن تتحقق لكونها رؤية واضحة المعالم أمام المجتمع السعودي، وترتكز على القوى العاملة والموارد البشرية الشابة، لأنها رؤية أحدثت نقلة نوعية في حياتنا وغيّرت مسارها، ويكفينا الاعتماد على عوائد النفط، التي جعلتنا مجتمعاً مهمّشاً لا يُعرف إلا من خلال البترول. إنها خطوة على طريق الألف ميل، ضرورية ويجب أن تتحقق.

- حدّثينا عن هويدا الحلبي الإنسانة؟
أنا أم خالد وبسمة، وأفتخر بهما كثيراً، وأشعر بمسؤولية الأمومة الصعبة، فهي أصعب عمل قمت به في حياتي، وأتمنى أن أكون قد نجحت فيه، وما أنا إلاّ إنسانة بسيطة الى أبعد الحدود.

- هذا النجاح من يقف وراءه؟
تقف وراء نجاحي أم عظيمة ومربية فاضلة هي السيدة سيسيل رشدي المديرة العامة في مدارس «دار الحنان» في جدّة سابقاً، ومن ثم أختي ليلى التي كانت الدافع في ما وصلت اليه اليوم.

- ماذا تعلّمت من والدتكِ؟
تعلّمت منها درساً مهماً جداً في حياتي: أن أصمد وأصمت وأصبر.-

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080