المهندس حسين بحري: جائزة مكة للتميّز حمّلت «الوداد» مسؤولية كبيرة
احتواء الأيتام ورعايتهم قضية إنسانية واجتماعية مهمة حتى ينخرطوا في المجتمع بشكل حضاري، ويصبحوا أناساً فاعلين في بناء الوطن، بعد تعليمهم وتثقيفهم وتوعيتهم، فكيف الحال إذا كان هؤلاء الأطفال من فاقدي الرعاية الوالدية! عندها تصبح القضية شائكة، والتربية شاقة، لأن الشبهات ستصم حياتهم... لذلك كرّست بعض الجمعيات الإنسانية وقتها للاهتمام بهم، ورعايتهم على أكمل وجه. «لها» ارتأت تسليط الضوء على هذه القضية، فزارت «جمعية الوداد الخيرية» لرعاية الأيتام فاقدي الرعاية الوالدية، والتي حصلت على جائزة مكة للتميّز من الأمير خالد الفيصل، والتقت برئيس مجلس إدارتها المهندس حسين بحري.
- جمعية «الوداد الخيرية» تُعد أول جمعية لرعاية الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية في المملكة العربية السعودية، ما هي رؤيتها؟
رؤية جمعية «الوداد الخيرية» هي أن تكون الرائدة في معالجة قضايا الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية.
- ما الرسالة التي تطمح إليها تلك الجمعية؟
رسالتنا تهدف الى معالجة قضايا الأطفال الأيتام من فاقدي الرعاية الوالدية لمن هم دون السنتين، وذلك يعتمد على إسناد حضانتهم الى أسر مناسبة بشرط الإرضاع، وتقديم الرعاية لهم من خلال آليات ووسائل حديثة ومتميزة بأسلوب شرعي، ليكونوا أفراداً صالحين في مجتمعاتهم.
- أين تجدون هؤلاء الأطفال ليتم احتضانهم؟
يجدهم الناس في الأماكن العامة، فيتم الاتصال بالشرطة لتحضر وتعاين الحالة وتثبتها، ومن ثم تنقل الطفل بسيارة الإسعاف إلى المستشفى لتقديم الرعاية الأولية له، وبدورها تتصل إدارة المستشفى بالشؤون الاجتماعية، ومن ثم تتحول المهمة إلينا فنتسلّم الطفل من المستشفى بعد أن يكون قد تلقّى الرعاية الصحية الأولية مع المستندات الرسمية اللازمة.
- من يتولى إرضاع الطفل في تلك الفترة؟
«جمعية الوداد» تكون مسؤولة عنه منذ لحظة تسلّمه من المستشفى، حيث يتم احتضانه موقتاً في دار إيواء مجهزة لهذا الغرض، وتهتم برعايته الأم البديلة والمساعدة والممرضة والخادمة، ويعيش الطفل في أجواء أسرية طبيعية، إلى أن يتم تسليمه الى أسرته الحاضنة بعد إتمام عملية الإرضاع.
- كيف تتم إجراءات تقييم الأسر الحاضنة؟
تبدأ الإجراءات بتلقي الطلب شخصياً، أو من طريق الموقع الالكتروني، واستكمال الإجراءات الأساسية الأولية لقبول الطلب، ومن ثم يُجرى البحث الميداني، تليه الفحوص الطبية والخلو من السموم، ومن بعدها التقييم النفسي والاجتماعي، والذي يعقبه تأليف لجنة من مجلس الإدارة ومختصين من الوزارة لمقابلة الزوج والزوجة والأبناء لتقييم الحاجة والاستعداد والتوجيه بقبول الطلب أو رفضه.
- ماذا يهمّكم في تقييم الاحتضان؟
تهمّنا مصلحة اليتيم أولاً، حتى لو كانت الأسرة متقدمة منذ أكثر من سنة، لأن جلّ اهتمام «جمعية الوداد» ينصبُّ على الأسرة المتكاملة الشروط، وتحقيق كل المعايير الرقمية في المجالات التعليمية والخُلقية والمالية والنفسية والأمنية والاجتماعية والصحية والخلو من السموم.
- كم هو عدد الأطفال الذين تم تسليمهم الى العائلات الحاضنة؟ وما هو معيار نجاحكم؟
سلّمنا 220 طفلاً الى الأسر الحاضنة، ونجاحنا يُقاس بعدم بقاء الطفل في دار «الوداد» لفترة طويلة، وإنجازنا يُعد عظيماً كلّما كانت فترة بقائه في الدار قصيرة، لأننا نتحرّى عن الأسر الحاضنة قبل أن نجد الطفل، نظراً لامتلاكنا قوائم جاهزة بمواصفات مميزة، فاستكمال ملفات الأسرة يستغرق 6 أشهر، من تقديم الطلب، مروراً بالبحث الميداني والتأكد من خلو الأسرة من الأمراض، ونتائج اختبارات السموم، وصولاً إلى تجميع المستندات كلها.
- لماذا التأكيد على شرط الإرضاع؟
حتى يكون وجود الطفل بعد وصوله سن البلوغ وجوداً شرعياً، ولأنه في حال عزل الطفل عن الأسرة الحاضنة ستكون النتائج سلبية.
- إذا كانت الأم عاقراً، كيف يتم الإرضاع؟
ثمة طرق مختلفة لتحفيز إدرار الحليب حققت الجمعية نجاحاً فيها.
- هل هناك فتوى بذلك؟
نعم، حصلنا على فتوى من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تحت الرقم 947 وبتاريخ 9/7/1431هـ.
- بعد الاحتضان... ما هو دور «الوداد»؟
بعد الاحتضان، تتابع «الوداد» تمكين الطفل ليعيش حياة كريمة، من حيث تعليمه وتربيته بطرق متميزة، حتى تصبح له قيمة وميزة تنافسية يغطي بها عجز النسب، مع تقديم العون للأسرة ومساعدتها على تربية الطفل تربية سليمة لئلا يصبح في ما بعد قنبلة موقوتة تهدد المجتمع.
- هل من منهج توعوي يساعد الطفل على تقبُّل واقعه؟
نعم، هناك منهج تقوم «الوداد» بإعداده من طريق مكتب استشاري متخصص، ويُتوقع إنجازه نهاية العام الحالي، ويشرف على العمل أساتذة متخصصون من جامعة الملك عبدالعزيز.
- هل يتعرض الطفل إلى عامل نفسي صعب؟
إذا لم يتم إعداد الطفل إعداداً سليماً لتقبّل واقعه في صغره، فهو حتماً سيواجه صدمة كبيرة في كبره إذ يكتشف أنه فاقد الرعاية الوالدية فتتفاقم المشكلة لديه، ويصبح بحاجة الى علاج نفسي طويل. لذا نشدد على ضرورة الإيضاح والشرح لهم منذ نعومة أظفارهم وتهيئتهم التهيئة السليمة لذلك.
- تدعم «الوداد» الأسر المحتضنة مادياً؟
نسعى دائماً لاختيار الأسر القادرة مادياً، بالإضافة إلى أن الوزارة تقدّم للطفل إعانة شهرية قدرُها 2000 ريال، وحين يدخل المدرسة تصبح 3000 ريال، لتتمكّن الأسر من فتح حساب خاص للطفل، ووضع المبلغ في حسابه إلى أن يتخرج في الجامعة فيجد ما يعينه على بدء حياته العملية.
- بعد التخرج، هل تبقى الدولة مسؤولة عنه؟
تسعى «الوداد» لإعداد هذا الطفل إعداداً عالمياً، تعليمياً وتربوياً، كي يصبح رجلاً يعتمد على نفسه بعيداً من الاتكالية، يشق طريقه بنفسه، ويبحث عن آفاق جديدة للإبداع والابتكار، وألا يكون عبئاً على أحد، وهو ما يُعرف بالانتقال من الرعوية إلى التنموية.
- كم هو عدد فروع الجمعية في المملكة؟
لدينا ثمانية فروع، الفرع الرئيس في مكة، وفي جدة والمدينة المنورة والرياض والمنطقة الشرقية والقصيم وعسير وجازان.
- وفي حال كان الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، ما العمل؟
التحدي الأكبر يكون في كيفية إقناع الأسر المحتضنة بقبول أطفال لهم ظروفهم الخاصة، وخاصة الأطفال الذين يحملون فيروس الإيدز، أو فيروس الكبد الوبائي، وأطفال التوحد، وأطفال «ويليام سيندروم» والإعاقة الجسدية... كلها تحديات كبيرة تقف في طريقنا.
- من يساعد المهندس حسين في مهماته الكبيرة؟
الجميع يقف معي ومع القضية، وكل مسؤول قابلته لمست حماسةً لديه تفوق حماستي، وكل رجل أعمال أو فرد من أفراد المجتمع لقيت تجاوباً منه، وكيف لا ونحن في مجتمع تسوده الرحمة والمحبة! وما أنا إلا واجهة للجمعية العمومية ومجلس إدارة «جمعية الوداد» وفريق محترف من العاملين كلهم في خدمة اليتيم.
- حصدت «جمعية الوداد» جائزة مكة للتميّز، ما هو شعوركم؟
شعور عظيم، وتقدير كبير من الأمير خالد الفيصل واللجنة المنظِّمة، وشهادة مميزة نعتز بها كثيراً لكونها حمَّلت «الوداد» مسؤولية كبيرة بأن تكون دائماً في المقدمة وبأفضل صورة، أرادها الأمير خالد نموذجاً للجمعيات الخيرية على مستوى المملكة العربية السعودية وليس على مستوى منطقة مكة المكرّمة فقط.
- ما الدافع وراء تأسيس «جمعية الوداد»؟
هذا الجانب من العمل لم يتطرق إليه أحد، وكان هؤلاء الأطفال من فاقدي الرعاية الوالدية تحت مظلة الأيتام الذين لهم أقارب، على الرغم من أن هؤلاء الأطفال لهم خصوصيتهم ومشاكلهم المختلفة تماماً، ويجب أن ينشأ الأطفال من خلال برنامج تربوي توعوي يخصّهم، لذا من الضروري أن نبحث عن التخصص، وهذا ما اقترحته على بعض أصدقائي، وأُنشئت الجمعية بعون الله.
- لـ«جمعية الوداد» مركز أبحاث، لكن ما هو البعد الذي يتناوله؟
المشكلة معقّدة كثيراً، وكل يوم نكتشف أبعاداً عميقة لها، لذلك كانت هناك رغبة في تأسيس مركز أبحاث لدراسة المشكلة ومعرفة أسبابها وطرق التخفيف منها، والاطّلاع على تجارب الآخرين والبدء من حيث انتهوا.
- لا يزال المجتمع ينظر الى هذا الطفل نظرة دونية؟
لا بد من أن يلعب الإعلام دوره الاستراتيجي في هذا الصدد ويتبع الآية الكريمة «وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» كي ننظر الى هؤلاء الأطفال نظره إيجابيه، ونسعى إلى دمجهم في المجتمع، لأن تأهيل هؤلاء الأطفال يتطلب منّا جهداً نفسياً وصحياً ومادياً ومعنوياً حتى يصبحوا فاعلين في المجتمع.
- ما دور وسائل التواصل الاجتماعي في هذه القضية؟
لوسائل التواصل الاجتماعي دور مهم في التعريف بنا وتوعية الناس وتغيير نظرة المجتمع، فهي الوسيلة الأسرع والأكثر فاعلية في الوقت الحاضر.-
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024