إنه العيد فليعش الطفل معنى العطاء
في الأسبوع الذي يسبق العيد، يستعد جميع الأطفال لاستقباله منتظرين بفارغ الصبر شراء ملابس العيد و»العيدية» من الأجداد والأخوال والعمّات... ولكن هل يكفي أن يعيش الطفل فرحة العيد من خلال الملابس الجديدة و «العيدية»؟ وهل يكفي أن يلبي الأهل رغبات أبنائهم الذين صاموا تشجيعًا لهم على الصوم الذي هدفه طاعة الله؟ وكيف يمكن الأهل تعزيز قيم العيد عند الأبناء؟ عن هذه الأسئلة وغيرها تجيب الاختصاصية في علم نفس الطفل فرح تميم.
بداية تقول تميم: «يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتكريس مفهوم العطاء في شخصية طفلهم، وليؤكدوا له أن العيد ليس ثيابًا جديدة فقط، وفترة لإنفاق النقود وتلقّي «العيدية» والهدايا، بل هو يوم يجدر التفكير خلاله في الآخرين وتوطيد العلاقة بالأقارب والأصدقاء، ومساعدة الفقراء ورسم البسمة على شفاه الأطفال المحرومين ولو في شكل متواضع».
كيف يمكن تعزيز قيم العيد؟
من المعلوم أن رمضان هو شهر العطاء والخير والبركة، وترويض النفس على الصبر وتقوية الإرادة الخيّرة عند الإنسان.
وبالتالي يجب تعزيز الشعور عند الطفل بأهمية العطاء من دون حساب ومساعدة الفقراء، والعيد فرصة جميلة لبلورة هذا الشعور من خلال أفكار بسيطة، نبدأها بالآتي:
تسوّق ثياب العيد
عندما يرافق الأبناء أهلهم لتسوّق ملابس العيد، من الجميل أن يقترح الأهل عليهم اختيار ملابس لأحد الأطفال الفقراء، فيختار كل ابن ملابس لطفل يريد إهداءه إياها في العيد. وهذا يعود إلى ميزانية الأهل، فإذا كانت تسمح، فهذا أمر رائع، أما إذا لم يكن في مقدورهم، فيمكن كل واحد من الأبناء اختيار قطعة من الزي، مثلاً القميص يشتريه أحمد، والسروال جميل، والحذاء هند... أو الاقتراح على أبنائهم البحث في ملابسهم القديمة التي لم تعد تناسب مقاسهم، ولا تزال في حالة جيدة لتقديمها الى الأطفال الفقراء. هكذا يحفّز الأهل شعور العطاء عند الأبناء ويجعلونهم يفكّرون في أقرانهم المحرومين ويشعرون بهم، ويتعلّمون معنى مساعدة الآخر وإدخال الفرحة إلى قلبه. وكم هو جميل أن نجعل إنسانًا سعيدًا.
السماح للطفل بمرافقة والده لتوزيع زكاة الفطر
من المعلوم أن زكاة الفطر فريضة دينية لدى المسلمين عند انتهاء شهر رمضان. وغالبًا ما توزّع هذه الزكاة على العائلات الفقيرة أو المستورة. ويكون التوزيع إما ليلة العيد أو قبل صلاة عيد الفطر الأولى.
ومن المهم أن يتعرّف الطفل إلى المعنى الإنساني لهذا الواجب الديني. لذا يمكن الوالد اصطحاب ابنه أثناء تأدية هذه الفريضة.
فبذلك يتعلّم أن العطاء هو في صلب العلاقات الإنسانية، وأن هناك الكثير من الناس ممن ليس لديهم ما يتمتعون به، فيما هو لا يعرف قيمته نظرًا إلى أنه يشكّل بالنسبة إليه أمرًا عاديًا.
مرافقة والده إلى المسجد وأداء صلاة العيد
يستيقظ معظم الأطفال باكرًا لاستقبال يوم العيد، وكلهم حماسة لارتداء ملابسهم الجديدة التي اختاروها. لذا من الجميل أن يشجع الوالد طفله على مرافقته لأداء صلاة العيد، فهذا سيكون من الذكريات التي لن ينساها، خصوصًا أن بعد انتهاء الصلاة والخطبة، ينبري جميع من في المسجد الى تهنئة بعضهم بعضًا، وإن لم يكونوا على معرفة مسبقة. هكذا يتعلم الطفل كيف أن الابتسامة والتحية والتهنئة من الأمور التي توطّد العلاقات الإنسانية والاجتماعية.
عدم السماح للأبناء بإطلاق المفرقعات
يحتفل بعض الأطفال في اليوم الأول من العيد بإطلاق المفرقعات، وهذه من الأمور السيئة جدًا، ففضلاً عن أنها تشكل خطرًا على الأطفال، قد تسبب الكثير من الإزعاج للسكان والمارّة. لذا من الضروري أن يمنع الأهل أبناءهم من إشعال المفرقعات، لهذين السببين.
ويمكن الأم أن تقترح على طفلها مثلاً الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبدل صرف النقود على المفرقعات، يمكن أن يدعو طفلاً ليس في مقدوره الذهاب إلى مدينة الملاهي، وبذلك يكون قد قام بفعل خير جميل، وأسعد طفلاً فقيراً، واستثمر النقود في شيء نافع يعود عليه بالخير ويكسب رضى الله.
التبرّع بقسم من نقود العيدية
من المعلوم أن الطفل يتلقى نقود «العيدية» من الأجداد والخالات والعمّات... وكثر من الأطفال يدّخرون هذه النقود لشراء ما يشتهونه من حلوى أو ما يرغبون فيه من ألعاب. وإذا حصل طفل على مبلغ كبير من نقود «العيدية»، يمكن الأم الاقتراح عليه تخصيص جزء منها لشراء هدية لطفل فقير أو يتيم يفتقد من يعطيه «عيدية».
تعليمه مبدأ التسامح
يمكن الأهل استغلال مناسبة العيد لتعليم الطفل مبدأ التسامح. فإذا كان الطفل قد تشاجر مع أحد أصدقائه وخاصمه، يمكن الأم أن تساعده في إعادة أواصر الصداقة بينهما. كأن تتحدث إليه عن معنى العيد وكيف أنه مناسبة ننسى فيها أحقادنا وشجاراتنا ونفتح صفحة جديدة مع من تخاصمنا معهم فنسامحهم إذا سبّبوا لنا الأذى، أو نطلب منهم السماح إذا كنا نحن من تسبب في أذيتهم.
ثم تسأله عما إذا كان قد تخاصم مع أحد أصدقائه، وتشجعه على مبادرة الاتصال به وتهنئته بالعيد، ودعوته إلى المنزل والاعتذار منه إذا كان قد أساء إليه، أو يقول له إنه سامحه إذا كان صديقه هو من أخطأ في حقه.
ويمكن الأم أن تتصل بوالدة هذا الصديق وتطلب منها القيام بالأمر نفسه مع طفلها قبل أن يحصل الاتصال بينهما.
التبرع بإحدى ألعابه
يمكن الأم أن تقترح على طفلها تقديم إحدى ألعابه القديمة والتي لم يعد يلعب بها، شرط أن تكون في حالة جيدة، كأن يحملها بنفسه ويتبرّع بها إلى أبناء بوّاب المبنى الذي يسكنون فيه، أو إلى ملجأ ويقدّمها إلى أحد الأطفال.
كما يمكن الأم أن تطلب منه أن يضيف إلى لائحة الألعاب التي يرغب فيها، لعبة يودّ تقديمها إلى طفل فقير. ومن الطبيعي أن تكون هذه اللعبة أقل قيمة أو سعرًا من الألعاب الخاصة به، ولكن مجرّد تفكيره في الأمر، هو مؤشر جيّد لأنه أصبح يفكّر في الآخرين.
مساعدته في اختيار الألعاب
يجب التنسيق مع الطفل حول كيفية اختيار الهدايا لأشقائه وأجداده، وتعليمه كيف أن من الضروري شراء الهدية المناسبة والتي تبعث السرور في نفس الشخص الذي سيقدّمها إليه.
فمن العبث اختيار هدية لن يستفيد منها، مما يجعل الطفل يفكّر، ويدرك أن ليس من الضروري تقديم هدية غالية الثمن، بل المهم قيمتها المعنوية. وقد يثير هذا الأمر فضوله ويدفعه إلى التحقق مما يرغب فيه إخوته أو جدّه أو ابن عمه، مما يوطّد علاقته بهم.
توجيه رسالة شكر
عندما يحصل طفلك على «عيدية»، اطلبي منه أن يوجّه رسالة شكر إلى الشخص الذي قدّمها له، يعبّر فيها عن سروره بالهدية، ويذكر أنه سوف يعتني بها، وأنه سيلعب بها بمشاركة أصدقائه إذا كانت الهدية لعبة فيديو أو كرة أو سوى ذلك...
من منّا لم ينشد هذه الأغنية للفنانة صفاء أبو السعود، ويردّدها معها أثناء عرضها على الشاشة الصغيرة، إذ كانت ترافقنا بدءًا من الليلة الأخيرة من رمضان وتستمر خلال أيام العيد
أهلاً أهلاً بالعيد...
مرحب مرحب بالعيد
هي هي هي هههي هي
العيد فرحة... وأجمل فرحة
تجمع شمل قريب وبعيد
سعدنا فيها بيخلّيها ذكرى جميلة لبعد العيد
غنّوا معايا غنّوا
قولوا ورايا قولوا
كتّر يا رب في أفراحنا
واطرح فيها البركة وزيد
جانا العيد أهو جانا العيد...
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024