صيام الطفل الأول وفرحة رمضان
يشعر الكثير من الأطفال بالحماسة لقدوم شهر رمضان، ولا سيّما أولئك الذين يصومون للمرة الأولى. ورغم أن الكثير منهم لا يجبرهم أهلهم على الصيام نظرًا إلى صغر سنّهم، وعدم بلوغهم سن التكليف، فإن مشهد رمضان وطقوسه في المنزل، أي حين يرى أهله يصومون خلال هذا الشهر ويسمع مدحهم لشهر الصوم وأهميته، تتكوّن لديه رغبة في الصيام مثلهم وفي سن مبكرة.
كيف يمكن أن يجعل الأهل من الصيام الأول للطفل ذكرى جميلة يتذّكرها في المستقبل؟ وما هي القيم التي على الأهل ترسيخها في وجدان الأبناء لتكون سلوكًا يسيرون على هداه كل حياتهم؟
هذه بعض الإرشادات التي يمكن الأهل اتباعها.
التحفيز على الصيام
- أن يكون الأهل القدوة الحسنة، فالطفل الذي ينشأ في أسرة تصوم سيسعى لتقليد أهله، وهو بالتأكيد مختلف عن طفل ينشأ في بيئة لا تصوم. فمرحلة الطفولة هي مرحلة إعداد وتدريب وتعويد.
- على الوالدين أن يربّيا أولادهما على محبة شهر رمضان المبارك، ويرغّبانهم في صومه وذلك بذكر الأجر الذي أعدّه الله للصائمين في الجنّة وأن الصوم لله، وشرح ذلك بأسلوب لطيف وبسيط، وعرض مشوّق يتناسب مع مستوى تفكيرهم.
- التربية الروحية، أي الإيحاء للأولاد من خلال طريقة الحديث والتعامل معهم بقدرتهم على تحمل المسؤولية وإرادتهم القوية. والتفسير بأن الصوم في الإسلام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب وإنما أيضاً الابتعاد عن الأعمال والأقوال غير المقبولة، وكذلك الابتعاد عن الشهوات أثناء الصيام لتزكية النفس وتهذيبها، والإكثار من أعمال الخير. فعلى الولد أن يدرك أن شهر رمضان فرصة عظيمة وأيام فضيلة لا بد من الاستفادة منها.
- تزيين المنزل بزينة رمضانية مثل الفوانيس.
الخطوات العملية التي يمكن الأهل تطبيقها لكي يصبح الصيام عادة لدى الأبناء
- الحديث عن فضائل الصيام وأنه سبب مهم من أسباب دخول الجنّة، وأن في الجنة بابًا يسمى الريان يدخل منه الصائمون.
- التعويد المسبق على الصيام، كصيام بضعة أيام من شهر شعبان.
- صيام فترة محددة من النهار، وزيادة المدة يومًا بعد يوم تبعًا لقدرة الطفل على التحمّل.
- سؤال الطفل عما يرغب في تناوله على مائدة الإفطار.
- الطلب من الطفل مساعدة والدته في تحضير الطعام، مثلاً غسل الخضر، أو تحضير العجين، أو تزيين مائدة الإفطار.
- التحضير للسحور كما التحضير للإفطار، أي الجلوس حول مائدة السحور.
- الثناء على الطفل الصائم أمام الأقارب كالعمّ والخال والجدّ، فمن شأن ذلك أن يرفع معنوياته ويدعم رضاه الذاتي.
- مساعدة الوالدة في تحضير مائدة الإفطار.
- زيارة الأسر التي يصوم أولادها الصغار، مما يشجع الطفل على الصيام بصورة غير مباشرة.
- مكافأته من خلال إعطائه حرية اختيار الأطعمة أو الحلويات، أو الفواكه، أو العصائر.
- اصطحاب الطفل إلى الجامع لأداء صلاة العشاء والتراويح.
- جعل المراهق يشارك في الجمعيات الخيرية التي تنظّم خيم إفطار رمضانية للفقراء وأصحاب السبيل، فهذا يعزز عنده الشعور بأهمية العطاء من دون حساب ومساعدة الفقراء.
طقوس احتفالية لصيام الطفل الأول في الجزائر والمغرب.
يحتفل الجزائريون بصيام أطفالهم للمرة الأولى، بأن تُعطى لهم عند أوَّل إفطار جرعة ماء ممزوجة بماء الزهر، وبعدها تقدّم لهم حبَّة تمرٍ واحدة، ولا يتمُّ إجبار الطفل على تناول وجبة معيَّنة، بل يُترك له الاختيار.
أما المغاربة فطقوس الاحتفال بالصوم الأوَّل للأطفال تكون في يوم من أيام رمضان، ولا سيَّما في السابع والعشرين منه. وهناك احتفال خاص بالبنت، وآخر خاص بالولد.
احتفال خاص بالفتاة
خلال هذا اليوم التاريخي، تزداد الطفلة المغربيَّة دلالاً من جانب والديها اللذين يسعيان لجعل هذه الذكرى جميلة. فبعد تناول الفتاة الإفطار يبدأ الاحتفال بصيامها. فتكون البداية بالتناكف (التزيين)، وهو من الطقوس الأساسية حيث يتمُّ تزيين الطفلة بالشكل الذي تُزَيَّن به العروس ليلة زفافها.
والجميل في الأمر أن هذا التزيين امتزجَت فيه كلُّ الأكسسوارات الأمازيغيَّة واللباس الأندلسي، والإفريقي والعربي، بحيث تضع تاجاً على رأسها، وتختار عقدًا من العقيق، وتزيّن أذنيها بـ «النصاص»، وهو نوع مغربي أصيل من الأقراط، وتُرسم نقوش الحنّاء على يديها، وتجتمع حولها الأُسرة بعد إعدادها أطباقاً مغربيَّة تقليدية خاصة، تُحضَّر عادة في رمضان، وتشمل الشباكية أو المخرقة والسفوف، ليشارك في هذا الاحتفال صديقات الطفلة الصائمة وبعض نساء الحي.
احتفال الولد
أما الطفل المغربي، فله طقوس تخصُّه وتُمَيِّزه عن البنت، فعندما يبدأ الولد صيامه الأول، يعمد الأهل إلى تشجيعه والتنويه بانتصاره على شهوة البطن، وتقرّبه لله تعالى بإمساكه عن الطعام، وذلك بإهدائه الهدايا التي عادة ما تكون من اللباس المغربي: جلباب، سلهام، بلغة، جبدور، سروال فضفاض، سمس وسروال قندريسي، وأخيرًا الطربوش، وعادة ما يكون أحمرَ قانيًا.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024