الدكتورة نوف عبدالعزيز الغامدي: السعودية من بلد ريعي إلى بلد منتج
تتمتع بفكر تحليلي اقتصادي، ورؤية إبداعية ثاقبة الى الحياة بكل أشكالها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتتميز بملامح فلسفية عميقة ومحاكمة فعلية على أرض الواقع لتحقق ما تريد لوطنها ومجتمعها... وإن اختلفت في الطرح مع غيرها، إلا أنها مستعدة لمواجهة التحديات لتضع بصمة النجاح.
الدكتورة نوف عبدالعزيز الغامدي، مستشارة تطوير الأعمال والتنمية الإقليمية، والرئيس التنفيذي والمؤسس للمجموعة الاستشارية Chief Outsiders consulting، التقتها «لها»، وكان هذا الحوار.
- ما الهدف من إطلاق المكتب التنفيذي لإدارة المشاريع والاستثمارات الأجنبية؟
رغم أن المكتب التنفيذي يخطو خطواته الأولى، إنه يبنيها على قاعدة متينة تقوم على أربع ركائز: القطاع الخاص والقطاع العام والاستثمارات الأجنبية وإعادة رؤوس الأموال المهاجرة، سواء المحلية او العالمية، والتي رحلت نتيجة بعض القوانين أو البيروقراطية أو البيئة غير المناسبة، سواء اجتماعياً أو اقتصادياً.
- ما هي وظيفة المكتب؟
مواكبة رؤية 2030 ومحاكاة برامج التحول الوطني 2020 والتي تُعتبر أهم المرتكزات فيها، الشراكة بين القطاعين الخاص والعام، لذا تم إنشاء مكتب للمشاريع المصرفية، ويفتتح رصيده بـ 13 مشروعاً، معتمداً في ذلك نظام الـ BOT/PPP بتمويل يصل إلى 500 مليون دولار مع شركات أميركية وإيطاليه وصينية وكورية في مجالات عدة، منها: صيانة المعدّات، مشاريع التطوير العقاري، المدارس والمستشفيات، النقل والمواصلات، مشاريع الطاقة المتحددة وتوليد الطاقه، الخدمات اللوجستية، القطارات، المطارات، والتصنيع الدوائي.
- ما المهمات الرئيسة التي يتولاّها المكتب؟
تقوم مهمات المكتب التنفيذي على خلق الشراكة والتكامل ما بين القطاعين العام والخاص لتتحول السعودية من بلد ريعي إلى بلد منتج، والمساهمة في رفع الوعي لدى القطاع الخاص بأهمية المشاركة مع قطاعات الدولة المختلفة. وقد أُطلقت نشاطات المكتب ليكون حلقة الوصل بين المستثمر الوطني والدولة وبشراكة فاعلة مع المستثمر الأجنبي لتوليد شراكات تدعم وتواكب توجهات الوطن نحو رؤية 2030 محلياً وإقليمياً، كما سيتم التعاون مع المعهد الأميركي للشراكة ما بين القطاعين العام والخاص.
- هل من منصّات اقتصادية تنطلق من المكتب؟
يعمل المكتب كمنصة اقتصادية ينطلق منها رجال الأعمال المحليّون والاجانب والمستثمرون الدوليون المعنيون بتأسيس قاعدة لنشاطاتهم في السوق السعودية لتحقيق رؤية المملكة في دعم الاستثمارات الأجنبيه، وتشمل مساعداتنا كل المراحل، بدءاً من المراحل الاولية وصولاً الى الإدارة التشغيلية لتصبح ممارسة النشاطات في السعوديه أمراً سهلاً، ويتم ذلك بقيادة فريق عمل متخصص، يملك خبرات متعددة في مختلف المجالات ويكون على دراية بكل المستلزمات والاشتراطات التي تطلبها الدوائر الحكومية، واللازمة لتأسيس أي نشاط تجاري في السعودية وهيكلة الاستثمارات بما يتناسب مع حجم العمل التجاري.
- ما الذي يحتاج اليه المجتمع السعودي؟
المجتمع السعودي بحاجة الى تطوير كلٍ من القطاعات الخدماتية والصناعية والتعليمية والصحية، ولن يحصل انتعاش إلا بشراكة فاعلة للقطاع الخاص مع هذه القطاعات، والمكون الرئيس في الشراكة هو الخصخصة، والدولة تسعى الى خصخصة 13 قطاعاً مثل الصحة والتعليم وغيرهما.
- ما هي المعوقات التي تواجه الشركات العائلية؟
أهم العقبات التي تواجه الشركات العائلية، الضغوط المتزايدة لتقديم نماذج أعمال مبتكرة متعلقة بالعمليات التشغيلية والحوكمة، والقدرة على تحليل البيانات والتخطيط، في ظل التحول الاقتصادي الجديد... ومع نمو الشركات العائلية السعودية يزداد الأمر تعقيدًا، لاعتماد هذه الشركات على الإنتاجية والكفاءة والبعد عن التطوير والابتكار.
- من خلال المنشآت الصغيرة والمتوسطة، هل ستشهد المملكة صناعات؟
بالطبع، لأن التوجه الجديد يهدف الى دعم هذه القطاعات للدخول في المجالات التصنيعية بشكل كبير.
- كيف تقبّل المجتمع تلك النقلة النوعية؟
بدايةً، كان المجتمع فرحاً وظهر تقبّله واضحاً، لكن بعد صدور القرارات على عجل، تشكلت رؤية ضبابية وبدأت الأمور تتغير، وبرز سؤال: إلى أين نحن ذاهبون؟ وبعد صدور الميزانية، أثّر العجز إيجاباً في رؤية المواطن فأصبح أكثر تفاعلاً مع الدولة، لذلك أتوقع خلال السنة المقبلة أن ينخفض العجز بشكل كبير نتيجة السياسة المالية والأدوات التي تستخدمها الدولة وترشيد الإنفاق الحكومي، واتضاح خصخصة المشاريع ومدى تأثيرها الإيجابي في 2018 - 2019، وبالتالي تخفّ الأعباء عن كاهل المواطن.
- حين تضعين الفرضيات، كيف تتعاملين مع المخاطر؟
في العادة، أضع نصب عيني المخاطر، وأخطط لما قد لا يحدث، وبما أننا في مرحلة تسارع وتغيير، أصبحت القرارات تؤثر في التوجهات بشكل كبير وجذري في بعض الأحيان، مما يغير من المسار الاستراتيجي المؤسسي، لذلك حين نحلّل المخاطر، نضع سيناريوات متعددة لتكون لدينا خطط بديلة حتى لا نقع تحت تأثير الخطر والتهديدات والقيود ونخفّض من نسبة تلك المؤثرات الخارجية.
- كمحللة استراتيجية واقتصادية، لماذا لم تُستخدم بعد الطاقة البديلة في المملكة؟
هي موجودة لكنها لم تكن مفعّلة بالشكل الصحيح، واليوم نملك أكبر محطة للطاقة الشمسية بالأفلاج، والطاقة البديلة وطاقة الرياح وغيرها، والشعب السعودي يثق كثيراً بحكومته الرشيدة ويقف خلفها ومعها، فالأمير محمد بن سلمان قائد التغيير يتحدث دائماً بلغة الشباب، وتقف خلف التغيير فرق عمل تعمل ليل نهار بغية إحداث التحول وتنفيذ برامجه ودراسة مؤشراته ومعاييره.
- ما هي توقعاتك لعام 2017 بعد كل التحولات الاقتصادية؟
أتوقع ألا تحدث تغيرات كبيرة في عام 2017، لكن على الصعيد الاجتماعي سيكون هناك تقبّل أكبر لهذا التغيير، مع برامج مطمئِنة وحراك فاعل في محاولة للخروج من دوامة الركود، وتحريك رؤوس الأموال المجمّدة في المصارف.
- هل ستتحرك الأموال النسائية المجمّدة في المصارف؟
نأمل ذلك، لأن حجم السيولة المالية التي تملكها النساء في المملكة يبلغ 19 مليار دولار من إجمالي الثروات الشخصية المودعة في المصارف، كما تسيطر النساء على ما نسبته 20 % من رأس المال في الصناديق المشتركة السعودية، وبالتالي يمتلكن 33 % من مؤسسات الوساطة المالية، و40 % من الشركات العائلية، وإذا تحركت تلك الأموال في المشاريع الصناعية، أو من خلال المنشآت الصغيرة ستحقق نجاحاً باهراً ونقلة نوعية في الاقتصاد السعودي.
- لكن خوف المرأة يمنعها...
هذا يعود الى عدم معرفتها بقراءة القوائم المالية، لذلك تعزف عن الدخول في مشاريع صناعية أو تجارية متخصصة، لكن من خلال المكتب التنفيذي الذي سيقدم البرامج التوعوية بأهمية المشاريع الصناعية وهيكلتها من خلال القطاعين الخاص والعام، إضافة إلى إنشاء منصات اقتصادية تتحرك من خلالها رؤوس الأموال، ستتمكن المرأة من توجيه البوصلة الاستثمارية بشكل صحيح.
- ماذا تأمل الدكتورة نوف من المستقبل؟
أحلم بمجتمع يزداد فيه الوعي الثقافي، ويتمتع بالحرية الفكرية، ويصبح للمرأة دور فاعل أكثر مما هو عليه اليوم، لأن رؤية 2030 رؤية صائبة وستفتح الكثير من المجالات أمام المرأة السعودية، فأنا أحلم ببيئة أفضل لأبنائنا، وأحلم باقتصاد مبني على أساس متين لا تهتز أركانه، اقتصاد مبني بسواعد وطنية وقائم على الصناعات التحويلية، وأحلم بمنظومة تعليمية تزرع فكراً إنسانياً قوياً، لا يعتمد على التلقين والحفظ فينساها الطالب بمجرد مغادرته مقاعد الدراسة.
- كيف اجتازت د. نوف المعوقات؟
بالإرادة القوية حين وضعت الإصرار نصب عيني لتحقيق النجاح، وألغيت منظومة الإحباط، حين عملت برؤية مغايرة تجعلني أحقق ما أصبو إليه.
- هذا التفاؤل والنجاح من وراءه؟
وراءه رجل، الأب أولاً والزوج ثانياً، لأن الرجل مكون أساسي من مكونات نجاحي، ودافع كبير لتقدمي. وأي امرأة تتنكر لوجوده في نجاحها أعتبرها فاشلة.
- إلى أي حد الرجل مهم في حياة الدكتورة نوف؟
الرجل مساوٍ لي ويكمّلني، وكتبت مرة: «إن الرجل هو الأب الذي أعطاني لقب الابنة، وأعطاني حياة مليئة بالعطاء، بدونه لا حياة، وعلّمني الكثير، وأنا مدينة له بالكثير، لكونه أعطاني الأسرة بأكملها، وهو دافع حقيقي للغد».-
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024