تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

سعد مينة: شاركت في أعمال البيئة الشامية لأسباب مادية

شكران مرتجى

شكران مرتجى

سلافة معمار

سلافة معمار

دخل الوسط الفني صدفة، ونجح فيه بما اكتسبه من طفولته، حيث كانت القراءة مفروضة في مرحلة من المراحل. ولعل جلسات والده مع أصدقائه كان لها الأثر الكبير في تنمية الموهبة الفنية لديه.
هو الفنان سعد مينة، ابن الأديب الكبير حنا مينة، الذي كانت بدايته الفنية في مسلسل «نهاية رجل شجاع» لنص مقتبس عن رواية لوالده، والذي لا يزال حتى اليوم من أهم الأعمال الدرامية السورية.
التقينا سعد ليحدّثنا عن أعماله الجديدة، وعن نوعية أدواره، وعن ظهوره الفني، ومشاركاته الدرامية البيئية والمشتركة...


- كشفت صورُك في مسلسل «وردة شامية» شخصية شريرة الملامح، إضافة الى روح العمل المقتبس عن «ريا وسكينة»، ماذا يمكن ان تكشف لنا أكثر؟
أجسّد شخصية «البني»، رجل سيىء السمعة في حارته. تقوده الظروف وأطماعه للتورط بجرائم «وردة» و«شامية» اللتان لعبتا دورهما سلافة معمار وشكران مرتجى فيصبح شريكاً لهما، قبل أن يتورط عاطفياً مع إحداهما.

- تشارك في مسلسل «حكم الهوى»، ماذا عن شخصيتك في العمل؟
لا أريد التحدّث عن الشخصية قبل عرضها. أعمل عليها حالياً لكنني لست متعاطفاً معها. أعجز عن استيعاب العلاقة بين رجل مسنّ وفتاة قاصر، وأتعذب في تأدية الدور. ورغم أن هذا النوع من العلاقات موجود في مجتمعنا، وليس حالة شاذة، فإنني أعارضه بشدّة.

- تتعاون للمرة الأولى مع المخرج هشام شربتجي في عمله الجديد «مذكرات عاشقة»، لماذا اختارك لهذا الدور بالتحديد؟
كان يغلب على أعمال المخرج شربتجي سابقاً الطابع الكوميدي، ولم يكن لي دور في أعماله الأخرى، وكانت مجموعته من الممثلين معروفة حينذاك، أما اليوم فجاء ترشيح اسمي من خلال كاتبة العمل نور شيشكلي، مما فتح باباً جديداً للعمل مع هشام شربتجي.

- ماذا عن الشخصية؟ هل هي جديدة ومعقدة كمعظم أدوارك؟
أؤدي في العمل شخصية «تاجر نساء» يتميز بندالته، وهي شخصية مرفوضة، لكن العمل جميل جداً.

- انضممت سابقاً الى الأعمال المشتركة من خلال مسلسل «مدرسة الحب»، هل تفضل هذا النوع من الأعمال، وهل تعتبره بديلاً للدراما السورية؟
أرى أن الكاتبة نور شيشكلي هي أكثر من استطاع ممارسة تلك اللعبة، فهي تملك موهبة في بناء علاقات منطقية بين جنسيات عربية، وحالياً أجد أن تلك الأعمال المشتركة هي بديل للدراما السورية، والسبب تسويقي بحت.

- صرحت أنك تؤيد تلك الأعمال... لكن شرط «أن نكون أسياداً فيها»، كيف ذلك؟
بالتأكيد، أنا أؤيد أن يكون أبطال العمل سوريين. صحيح أن المنتج يدفع المال، لكن ما يظهر على الشاشة هو الممثل، ففي الماضي كانت هناك أعمال تمويلها وإنتاجها خليجيان بالكامل، ورغم ذلك كان يقال عنها إنها أعمال سورية، فـ«باب الحارة» مثلاً موّلته «إم بي سي»، لكن نقول إنه عمل سوري، والفنان السوري أينما حلّ يستطيع إثبات وجوده، لكن بشرط أن يكون الدور مناسباً له، ويبقى الورق هو البطل الرئيس في أي عمل.

- كيف واجهت النقد الذي طاول دورك في مسلسل «مدرسة الحب»؟
إذا كان هذا رأي النقاد فلا مشكلة عندي، لأنني في النهاية قدمت عملاً، وإذا لم يدافع هذا العمل عن نفسه، فلن أدافع عنه أنا. أما بالنسبة الى المشهد الأخير فقد حكى عن نفسه، والجميع تشاركوا في تصويره، ولم يكن مقتصراً عليّ وحدي، ومن رأى العمل سيئاً فليتوقف عن متابعته، أو لينتقل الى محطة أخرى.

- هل ترى أن ملامحك الجادة هي السبب في عدم إسناد المخرجين دور العاشق أو الكوميدي اليك؟
هذا صحيح، لكنني في البداية عملت في مسلسل «الجوارح»، وكانت شخصيتي مبنية على الحب، وكذلك الأمر في «حمام القيشاني»، لكن في العموم يبدو أن هناك استسهالاً في إسناد الأدوار، والدور الذي ينجح فيه الممثل يُسند إليه مراراً.

- هل جسدت دوراً مختلفاً عما سبق لك أن قدمته وشعرت بأنك أخرجت من خلاله كل طاقاتك الكامنة؟
من أكثر الأعمال التي أرهقتني نفسياً، مسلسل «أسير بانتقام» للمخرج سمير حسين، فطبيعة الشخصية كانت خاصة جداً، وهي في مجتمعنا مرفوضة تماماً، ولا يجرؤ أحد على التحدّث عنها، وهي قصة شاب صغير مغتصب، وكيف يكمل حياته في المجتمع، وفوجئت في الشارع بأن الكثير من الناس قد تابعوا العمل، وبعد مضي عشر سنوات على عرضه لا يزالون الى اليوم يذكرونني بهذا الدور، لكون هذه الظاهرة موجودة في المجتمع، لكن التحدّث عنها مرفوض، فالدور صعب ومعقّد جداً، وكان من المهم أن يتعاطف الناس معه.

- عدت بعد 25 عاماً للعمل مع المخرج نجدت أنزور في مسلسله «امرأة من رماد»، ما الذي تغير في طبيعة التعاون بينكما بعد كل هذه السنوات؟
المخرج نجدت أنزور هو أستاذي، وأول مسلسل شاركت فيه كان من إخراجه، وهو صديق أيضاً، وأستمتع كثيراً بالعمل معه.

- لكن طاول الانتقاد العمل بسبب المشاهد الجريئة التي جمعتك بالفنانة سوزان نجم الدين...
سبق لي أن تحدّثت في الأمر، هناك مشهد واحد في العمل تم انتقاده، وفي رأيي لا يمكن اعتباره مشهداً، بل مجرد لقطة، فزاوية الكاميرا هنا تعلب دورها، واليوم في الوطن العربي ككل، هناك كم هائل ممن يتابعون الدراما التركية، بكل ما تعرضه من علاقات اجتماعية ومشاهد جريئة، والناس يتابعونها بشغف، فهل تركوا كل تلك الأعمال ليتناولوا لقطة من مشهد أُخذ بزاوية معينة من الكاميرا، ولا إيحاءات فيه على الإطلاق؟

- كيف تتلقى الانتقادات؟
لا مشكلة لدي مع النقد إذا كان مفيداً لي، لكن مشكلتنا ككل أن تسعين في المئة من الانتقادات مردّها الى العلاقات الشخصية فقط، فمثلاً إذاً كانت علاقتك بالناقد جيدة، وأديت دوراً تافهاً، فهو لن يأتي على ذكره أبداً، وفي النهاية هناك أناس أستفيد من نقدهم البنّاء.

- شاركت في مسلسل «زوال»، وهو أحد الأعمال التي تتناول الأزمة السورية، هل تعتبره العمل الأهم بين كل ما قُدم عن الأزمة حتى اليوم؟
تبقى لهذا العمل خصوصيته، لكنه ليس الأهم بين الأعمال التي تناولت الأزمة، فمثلاً مسلسل «عناية مشددة» من الأعمال التي لاقت صدى جيداً.

- معظم مشاركاتك في السنوات الأخيرة كانت في أعمال البيئة الشامية، ورغم ذلك صرّحت بأنك نادم على بطولتك في مسلسل «حارة الأصيل»، فهل قبولك للدور كان لسبب مادي؟
لست من هواة أعمال البيئة الشامية، ومعظم مشاركاتي في هذا النوع من الأعمال كان لسبب مادي، لكن في النهاية هي أعمال لها محبّوها ومتابعوها، وإن لم أكن مضطراً، لا أعمل في مسلسلات البيئة الشامية، ومع ذلك لا أقدّم إلا الشخصية التي تجذبني وأقتنع بها، مثل الشخصية التي أديتها في الجزء الثاني من مسلسل «زمن البرغوث».

- شاركت في معظم الأعمال الفنتازية التي كانت أحد أسباب انتشار الدراما السورية، هل كانت تلك الأعمال موضة وانتهت؟
بشكل عام، كل الأعمال التاريخية، سواء أكانت فنتازيا أم لا، راجت في مرحلة معينة لكن سرعان ما خفت بريقها. كان العمل التاريخي، وخاصة في شهر رمضان، يعكس قيماً جميلة وينمّي الشعور الوطني والقومي، أما اليوم فقد تحوّلت الدراما في اتجاه آخر، خاصة أن الأعمال التاريخية والفنتازية تحتاج الى تكاليف إنتاجية عالية.

- تقديم عمل فنتازي اليوم، هل يمكن أن يكون مشروعاً ناجحاً؟
من الممكن أن يكون ناجحاً إذا كانت القصة جميلة، والممثلون جيدين، وبالطبع أن يؤخذ في الاعتبار الإخراج، فعندما يُعاد عرض «الجوارح» أو «الكواسر»، يُتابع من جديد.

- رغم مشوارك الفني الطويل، لكن لا تشارك بكثافة في الأعمال كباقي الفنانين الشباب، فما السبب؟
هناك أسباب عدة، لكن أهمها العلاقات، فأنا لست ممن يقيمون العلاقات الفنية، والتي باتت اليوم ضرورية لعمل أي فنان.

- أصبح بعض فناني جيلك في مصاف النجوم السوريين والعرب حتى، لماذا هم بالتحديد؟ هل لأنهم متفوقون في مجالهم، أم هي الفرصة والحظ؟
هم بالتأكيد مميزون، وأغلب الممثلين السوريين على مستوى الوطن العربي نجوم، فأعمالنا كانت تهيمن على معظم المحطات العربية، وهي اليوم تستفيد منهم ومن أسمائهم بينما يعيشون في الخارج.

- لا يستطيع أحد ذكر اسم سعد مينة بدون ذكر «مفيد الوحش» في «نهاية رجل شجاع»... لماذا لا يزال هذا العمل مطبوعاً في الذاكرة إلى اليوم؟
لأن هذه الشخصية في الأساس لم تُقدم من قبل ولم تشهد الدراما مثيلاً لها، فهي مأخوذة من رواية مهمة جداً لوالدي الكاتب حنا مينة، وهذه الشخصية تعيش عادةً في الأرياف، وحتى هذه اللحظة أعتبر أن «مفيد الوحش» أهم دور قدمته في مسيرتي الفنية.

- رغم أنك لم تدرس الفن، أديت دور «مفيد» ببراعة، علامَ اعتمدت، وكيف اكتشفت موهبتك الفنية؟
من الضروري الدراسة في المعهد المسرحي، لكن نجومنا الكبار لم يدرسوا في المعهد الذي لم يكن موجوداً أصلاً، بل كان اجتهادهم شخصياً، وفي رأيي أهم ما في الفن هو القراءة والطريقة المتّبعة في ذلك، إضافة إلى الموهبة التي يتميز بها البعض عن الآخرين.
كما أن والدي لم يتدخل يوماً في عملي، وكل ما قام به هو أن عرّفني على شركة إنتاج مسلسل «نهاية رجل شجاع»، وفوجئت كثيراً عندما أعطوني الدور، حتى أن والدي لا يطّلع على أي سيناريو يُعرض عليّ، وأؤكد أنني دخلت مجال الفن بالصدفة، ذلك بعدما رأوا بعض الشبه بيني وبين الفنان أيمن زيدان حينذاك لألعب دوره في مرحلة الشباب، وفي الحقيقة لم أستوعب الأمر عندما عرضوا عليّ الدور.

- حنا مينة اسم عريق في تاريخ الأدب العربي، ما الذي أخذته منه وأثر في حياتك؟
أكثر ما تعلمته منه هو كيفية القراءة، فالقراءة كانت أهم تقليد في منزلنا، والكتاب من أُسسه. كان أبي يفرض عليّ أن أقرأ في عمر الطفولة، ونتناقش أيضاً في ما بيننا، كما استفدت من جوّه ونقاشاته مع أصدقائه، مثل سعدالله ونوس (رحمه الله).
كانت جلساتهم تتميز بمستوى ثقافي رفيع، وكثيراً ما كانت تعلو ضحكاتهم المتهكّمة، وخاصة الأستاذ محمد الماغوط (رحمه الله)، وطريقته في الانتقاد الساخر.

- لماذا لم نعد نرى أعمالاً درامية من كتابات والدك، هل هي رغبته، وهل تؤيده في تلك الرغبة؟
كتب والدي منذ سنوات مسلسل «المصابيح الزرق» للمخرج فهد ميري، وهو شخص هادئ قدم عملاً محترماً، وتبقى لكل عمل خصوصيته، ونعود هنا الى مسألة الإنتاج التي تؤثر في نجاح العمل، فعندما قدّمنا مسلسل «نهاية رجل شجاع» كانت تكلفته عالية جداً في تلك الأيام، وساهم ذلك في نجاح العمل وانتشاره.

- سرت شائعات كثيرة عن وفاة والدك لا قدّر الله، وسوء حالته الصحية، فكيف تتعاملون مع الشائعات؟
تقبّل والدي كل تلك الشائعات برحابة صدر ومن باب محبة الناس له، لكنني أوضح أن بعض رواد «الفايسبوك» كل همهم زيادة عدد المتابعين لصفحاتهم، لذا فإنهم ينشرون أخباراً كهذه، ولو كانت الأخبار صحيحة، في إمكانهم سؤالي مباشرة عن أحوال والدي الصحية، فأنا موجود دائماً في الوسط الفني، ولا داعي لاختلاق الأكاذيب... لكن للأسف وضع والدي الصحي سيئ، فقد دخل مرحلة العجز، بعدما أصبح عمره اليوم 94 عاماً.

- طلب والدك الأديب حنا مينة نشر وصيته على صفحات الجرائد الرسمية في سورية، وكانت وصية غريبة لم تخلُ من الشعور بعدم رضاه عن عائلته وعمن حوله، ما الذي دفعه لكتابة وصية كهذه، وما كان شعورك نحوها؟
هي مجرد خواطر ارتأى كتابتها، أما بالنسبة الى أملاكه وزوجته، فالجميع يعرف أن والدتي توفيت عام 2009، وهو أمر لا يستطيع أحد التكتم عليه، وقد أعلن أنه لا يريد أن تُقام له مراسم عزاء... وفي النهاية حنا مينة ليس ملكاً شخصياً لنا، بل هو شخصية عامة له ناسه وجمهوره ومحبّوه.

- هل لديك ميول أدبية كوالدك، وهل جرّبت الكتابة يوماً ما؟
ليس لدي ميول أدبية، ولم أجرب الكتابة يوماً.

- إذا عُرض عليك أن تتحول إحدى روايات والدك إلى عمل درامي، فما الرواية التي تقترحها؟ ولماذا؟
هناك أكثر من رواية، لكنني أختار بينها رواية «حكايا بحار»...

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079