مصمّم صالات الزفاف جان لوك بلي: رحلة العمرتبدأ بـ«ليلة»!
الزمان والمكان ثنائي مهم لتحقيق الوجود... على أن هذه المعادلة «تترنح» حين يتعلق الأمر بالأحلام.
فالمكان هنا يصبح مساحة لا محدودة تتسع لكل الأماني والتمنيات ويتحول الزمان الى لحظة نادرة مشحونة بالفرح والأمل.
وهكذا تنتفي الأبعاد والأحجام والأشكال والألوان، لتنصهر في وحدة مبهرة تتجسد في صالة الزفاف فترسم معالم ليلة واحدة، فريدة ولكنها ليلة العمر، ليلة تسكن الذاكرة والوجدان وتتشكل ميراثاً معنوياً للأولاد والأحفاد، وربما أبعد من ذلك بكثير.
عندما نتحدث عن صالات الأعراس، فإننا نستحضر بالتأكيد ليس فقط تلك الأجواء المشرقة بالأضواء والمزدانة بالورود على أنواعها، ولكن نتذكر أيضاً تلك الجهود التي تقف خلف هذه الاحتفالات وتحقق لها نجاحها وتزرع الرضا في قلوب المحبين وتزود كل الحاضرين بذكريات سعيدة تبقى لسنين طويلة قابلة للاستعادة.
بالطبع، يعتمد اختيار صالة الزفاف على مجموعة من العوامل الخاصة بكل احتفال وأصحابه. فإلى جانب الرغبة الشخصية ومزاج أصحاب العلاقة، تبرز أولاً جاهزية المكان في الموعد المحدد من مساحة في الهواء الطلق، أو صالة مُعدّة لاستيعاب أعداد المدعوين، مع مرأب لركن سياراتهم وأماكن مخصّصة للأطفال تسمح لهم بالمشاركة والبقاء تحت أنظار الأهل، الى جانب طبيعة الاحتفال وبرنامجه، وأكثر من ذلك تأتي مسألة التكاليف المرصودة لهذا الاحتفال حيث الدخول في التفاصيل الكثيرة بدءاً من الورود وأنواعها وأعدادها وأشكال الطاولات وأدوات المائدة وعناصر الزينة، وبالطبع الإضاءة ثم قالب الحلوى وهو عنصر رئيس في الاحتفال.
وهكذا نجد أن هذه العملية تتطلب جهوداً كبيرة وقرارات دقيقة، ومثل هذا الأمر أصبح حكراً على أهل الاختصاص للقيام به وضمان نجاحه.
فالمعرفة والخبرة ضروريتان في عملية تنظيم مناسبات الأفراح، ولكن الموهبة والبراعة أيضاً مواصفات مهمة للتأكد من إنجاز عمل مميز وفريد يتلاءم مع ذوق العروسين ومزاجهما، بدءاً من تفضيلاتهما للألوان والزينة وقالب الحلوى، وصولاً الى فستان الزفاف ومكمّلاته.
وفي هذا المجال، نجد اليوم أسماء كثيرة تعمل في تنظيم الأفراح، ولا شك في أن يكون بين هذه الأسماء من هو مميز في عمله ومجدّد في أفكاره، إذ أصبحت متطلبات هذه المهنة أكثر تعقيداً من حيث الدراية بكل موجودات السوق من مواد وأكسسوارات، وأيضاً من ميول وأساليب.
كما أصبح من المهم متابعة كل جديد في هذا المجال، ومواكبة التقنيات التي يزداد حضورها في الاحتفالات لتضفي أجواء من البهجة والفرح على المدعوين.
لذا، فإن العاملين في هذه المهنة يرتكز تأهيلهم على علاقات مع عالم الأزياء والديكور والإضاءة والزينة. ولن ننسى بالتأكيد ضرورة أن يكونوا خبراء في الأزهار ولغتها واحتياجاتها، لأن احتفالات الزفاف هي مزيج من هذه التخصصات وضوابطها، فعملية تنظيم حفلات الزفاف هي في الحقيقة من أكثر المسائل دقةً، ليس فقط لأنها تشكل منطلقاً ساراً لحياة زوجية، ولكن لأنها لليلة واحدة وربما لساعات معدودة، ينبغي أن تمر من دون منغّصات ومآخذ يمكن أن تعكّر أجواء الاحتفال وقد تنسحب الى ما بعده.
لذا، ولضمان النتائج المرجوة، من الضروري الاستعانة بذوي الاختصاص والخبرة من أجل وضع برنامج واضح ومحدد لمسار هذا الاحتفال، وضمان نجاح كل مراحله.
ولعل مثل هذا الأمر ضروري أيضاً لجهة ضمان الأمان الذي ينبغي مراعاته بكثير من التأنّي... فتأمين الإضاءة من دون مخاطر ومفاجآت يتطلب أن تكون التمديدات الكهربائية لعناصر الإضاءة بعيدة عن مسرح حركة الحضور، وخصوصاً الأطفال في حال حضورهم، كذلك فإن عناصر الزينة والزهريات وغيرها من مستلزمات الاحتفال، ينبغي أن تكون آمنة في مواقعها وثابتة لتلافي الحوادث التي قد تنجم عن سقوطها أو إتلافها. وفي مثل هذه الحالات سيكون من الضروري الالتزام بما تمليه المخططات على الأوراق، والتي سيتم وضعها من جانب المختص، وبالطبع بالتشاور مع أصحاب الاحتفال.
ويعتمد نجاح الاحتفال على الإجابات المحددة عن الأسئلة الكثيرة التي يطرحها المنظّم على أصحاب العلاقة. أسئلة عامة وخاصة تتعلق بكل ما له علاقة بالحفل. إضافة إلى ما يحتاج اليه من معلومات وافية حول طبيعة الاحتفال: أصحابه والمدعوون وأعمارهم وأعدادهم وتفضيلاتهم... وعلى أساس هذه المعلومات يضع مخططاته ويحدّد احتياجاته، وكذلك أسلوب الديكور وما يستلزمه من مواد ومكمّلات للزينة.
لذا، فإن الحوار المعمّق بينه وبين أصحاب الاحتفال يعتبر حجر الأساس لنجاح عمله. ومروحة الأسئلة هي أيضاً مؤشر مهم إذ تميز بين مختص وآخر، ومثل هذه المروحة تهدف الى استبعاد عامل الصدفة تماماً عن أجواء الاحتفال، وتضمن بالتالي نجاحه.
ويعتبر «جان لوك بلي» من أبرز العاملين في مجال سينوغرافيا الاحتفالات وتنظيمها، وتتلخص فلسفته في ابتكار ديكورات لصالات الزفاف تجسّد لحظات عابرة ولكنها فريدة في تنسيقاتها الراقية والمبهرة، فتأتي خياراته من الورود والأزهار والنباتات ملائمة للمناسبة السعيدة، من خلال صياغات فريدة تجمع بين التقليدي والرومانسي الحديث.
فهو يقترح سيناريوات غير مألوفة تحوّل الصالة مسرحاً للدهشة وفضاءً للأحلام السعيدة. وهو في كل أعماله يضع تصورات المشهد مع عناية خاصة بأدق تفاصيله من قطع الأثاث المناسبة والديكور الملائم وعناصر الزينة والإضاءة، من دون أن يهمل طقوس حُسن الضيافة والاستقبال وقواعد توزيع الضيوف على الموائد، وصولاً الى بطاقات جميلة مطبوعة بأسماء الحضور، ومصحوبة كل منها بزهرة كعنوان ترحيب بهم.
يدرك «جان لوك بلي» أن لا مكان للصدفة في «صناعة» الذكريات الجميلة، لذا فهو دائم التنقل بين المدن والأمكنة ليُجهّز الصالات ويشرف على أحداث سعيدة، فقد استطاع بخبرته وموهبته أن يؤمّن للحفلات النجاح الباهر.
وهو هنا يفتح لـ«لها» ثلاث صالات من تصميمه: الأولى في باريس، الثانية في «سان تروبيه»، والثالثة في «سان جان كاب فيرات» في الجنوب الفرنسي، والتي تعبّر تماماً عن أسلوب عمله الجميل وسحر أجوائه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024