تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

«يجوبون العالم وينقلون خبراتهم وتوصياتهم للآخرين» «الأكيلة» شغف بالطعام أم إدمان؟

محمد سيد

محمد سيد

الشيف يسري

الشيف يسري

محمد حازم

محمد حازم

آلاء محمد

آلاء محمد

محمد صلاح

محمد صلاح

د. إيهاب الخراط

د. إيهاب الخراط

الملعقة والشوكة والسكين، أدوات الأكّيل في رحلة شغفه بالطعام، التي لا تقتصر على المدينة التي يسكن فيها، أو المحافظات التي يتنقّل بينها في بلده، وإنما ترافقه في رحلة بحثه حول العالم عن أجود أنواع الطعام، وغالباً ما يتميّز الأكّيل بعدد لا بأس به من الكيلوغرامات الزائدة عن وزنه الطبيعي، فكلّما زاد وزنه وتخطّى المئة كيلوغرام كان أكّيلاً بحقّ. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يختلف الأكّيل عن الذواقة؟ وإلى أيّ مدى يسيطر شغف الطعام عليه؟ وهل الأكّيل مدمن طعام؟ «لها» تحقق.

 

من هو الأكّيل؟ ومن هو الذوّاقة؟ ومن هو «الفوود بلوغر»؟
بدايةً، يُفيدنا الشيف يسري، مقدّم برنامج «المطبخ» على فضائية «الحياة» المصرية، بأنّ: «الأكّيل هو الشخص المحبّ للطعام بشراهة، ويأكل كميات كبيرة من الطعام لا يقوى على أكلها إنسان طبيعي. ويتبارى الأكّيلة في مسابقات محليّة ودولية معيارها مدى قدرتهم على تناول الطعام وسرعتهم في ذلك، وهم يحبّون الطعام طمعاً في أكله وليس لديهم حسّ نقديّ تجاهه، وهنا ندخل في تعريف «الذوّاقة». المذيع اللامع مراد مكرم مقدم برنامج «الأكّيل» على إحدى الفضائيات المصرية يجمع صفتَي «الأكّيل» و«الذوّاقة»، فهو ينتقد مذاق الطعام ويقترح تحسين مكوّناته. والذواقة مهنة معروفة عالمياً، يحترفها دارس للطعام ومكوّناته، يستطيع أن يميّزها بمجرّد تناوله مقداراً ضئيلاً منه، وهو غالباً ما يكون عضواً في لجنة تحكيم في مسابقات الطعام، كما تستعين إدارات المطاعم بالذوّاقين وتأخذ بآرائهم في كيفيّة تطوير منتجاتهم».
«أمّا الـ«الفوود بلوغر»، يتابع الشيف يسري، «فهي أحدث «صرعات» مواقع التواصل الاجتماعي، مهنة صنعتْها تلك المواقع بهدف الدعاية غير المباشرة للمطاعم، حيث إن مدوّن الطعام شخص يعتمد في المقام الأوّل على عدد المتابعين له على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقدم وصفاً، لا انتقاداً، للطعام والمطعم الذي يقدّمه على أساس أنّه نتيجة تجربته الشخصية، لكن ذلك كله لا يخرج عن كونه عملاً مأجوراً يعتمد فيه المبلغ الذي يتقاضاه «الفوود بلوغر» من المطعم في المقام الأول على عدد المتابعين، وأسلوب وصفه التشويقي للأكلات التي يقدمها المطعم، وقدرته على تحفيز المزيد من المتابعين».

المزاج
محمد سيد، طبيب أسنان، 28 عاماً، هوَسه بالطعام والتدوين على مواقع التواصل الاجتماعي جعلاه يؤسس صفحة «سيسو بيه»، ينقل فيها خبراته عن المطاعم الجيدة، وأفضل ما تقدمه من أطباق مميزة. ويقول: «بالإضافة إلى كوني طبيباً، أعددت ماجستير في جراحة الأسنان. أعشق مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما جعلني أعمل في إحدى شركات التسويق الإلكتروني منذ عام 2011 بدوام جزئي. وفي عام 2013 التحقتُ بشركة أنشأتْ موقعاً إلكترونياً قائماً على دراسة خبرات الآخرين ونقلها، سواء في مطاعم المدارس أو الجامعات أو تلك العامة. وبناء عليه كنت ضمن الفريق الأساسي لتقييم المطاعم، ووجدنا أن الجمهور يميل إلى الاستماع لأصحاب الخبرة أكثر، فأسّسنا صفحة على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» لتجميع عشّاق الطعام، وبدأنا ننقل فيها خبراتنا في التعامل مع المطاعم وأفضل ما تقدمه. ولم يقتصر عملنا على المطاعم الكبيرة فقط، بل شمل المطاعم الصغيرة وعربات الطعام أيضاً، فحققنا نجاحاً باهراً في زمن قياسي، وهو أقل من ستة أشهر».
يتابع د. محمد سيّد: «قناعتي الشخصية أن الطعام له أهمية كبيرة في صنع مزاج الإنسان، فوجبة لذيذة تختتم بها يومك تمحي كل المنغصات التي مررت بها في ذلك اليوم. لذا، أنشأتُ أخيراً صفحتي الخاصة وسمّيتها «سيسو بيه»، وهو اسمي الشائع بين أصدقائي، وينحصر هدفي من خلالها في جعل كل من أصِل إليه يستمتع بما يأكل، ففي رأيي أن الله خلق الطعام وسخّره لنا لكي نسعد به، وبصفتي عاشقاً للطعام، أنقل خبراتي الشخصية إلى جميع متابعيَّ، الذين تخطوا الثلاثين ألفاً، على فايسبوك، وأكثر من خمسة آلاف على إنستغرام».
يؤكد د. محمد سيد أن العدد الكبير من المتابعين يحمّل صاحب الصفحة مسؤوليّة كبيرة. فإذا أحسن صنعاً ونُصحاً جذبهم إليه، وإذا أساء التقدير أو أخطأ كانت تبعات ذلك عليه أكبر. ويحكي عن تجربته في ذلك قائلاً: «كثير من المطاعم الجديدة دوّنت خبرتي فيها، فزاد الإقبال عليها لدرجة امتلائها بالزبائن بالإضافة إلى قوائم الانتظار الطويلة، وهذا ما يسعدني ويسعد المتابعين، خصوصاً المحيطين بي، وهو جزء من شغفي وحبي للحياة. وكم تكون سعادتي كبيرة حين أدلّ أحدهم إلى مطعم جيد يأكل فيه ويكون راضياً عن الطعام، وقتها تنعكس سعادته عليَّ سعادة أيضاً».
«الأكّيل الحقيقي لا يكتفي إجمالاً بطعام المحافظة التي هو فيها، بل يسعى إلى تجربة أماكن أخرى في محافظات أخرى أو حتى في بلدان أخرى، بحثاً عن الطعام المميز، فهو يسعى خلف شغفه أينما كان». بهذه الكلمات يصف سيد، الأكّيلَ من وجهة نظره، ويضيف: «بناء على تعريفي السابق للأكّيل، فأنا لا أقتنع بمطاعم القاهرة فقط، فكل محافظة في مصر تشتهر بمهارتها وتفوقها في أكلات معيّنة دون سواها من المناطق الأخرى، فمثلاً المحافظات الحدودية مثل دهب ومطروح وشمال سيناء تشتهر بالطعام البدوي، الذي لا يُقارن بأي مكان آخر، وبالفعل سافرت إلى دهب مرتين لأستمتع بالطعام هناك، في المرّة الأولى كنت بصحبة شلّة من الأصدقاء، لكنّني لم أجرب كل الأكلات والمطاعم التي تطلعت إليها، فعاودت السفر بمفردي مرة أخرى، ونظّمت جدول تنقّلاتي وزياراتي السياحية وفق المطاعم، وكانت الأولوية حينها للأكل. أما الإسكندرية فهي شهيرة بالعديد من المأكولات، منها المشاوي والأسماك، لكنّ هناك محلاً صغيراً اخترع نوعاً من الجبن يضاف إلى الطعام اسمه «ألبان سويسرا»، يأخذني الحنين إليه شوقاً، ولا مانع لديّ في أن أسافر إليه خصيصاً فأقطع مئات الكيلومترات ذهاباً وإياباً في اليوم نفسه. كذلك يسعدني التنزّه في الساحل الشمالي للتمتع بالأكل في مطاعمه، فمثلاً في منطقة برج العرب بالقرب من الإسكندرية أحب تناول الطعام البدوي، ثمّ أمرّ بالإسكندرية وأمضي اليوم بصحبة أصدقائي متنقلين بين المطاعم، وفي المساء نذهب إلى الساحل الشمالي، لنعيد الكرّة من جديد أثناء العودة، فكما أشرت سابقاً، الطعام جزء من السعادة، وهو جزء من شغفي في الحياة».

رحلة بحث
آلاء محمد، طالبة في كلية الفنون الجميلة، 22 عاماً، تجوب مصر من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق الى الغرب، بحثاً عن أفضل الأطعمة إشباعاً لشغفها كـ«أكّيلة»، وتحكي قصتها مع الطعام قائلة: «أنا عاشقة للطعام منذ طفولتي، وحين صار عمري 18 عاماً بدأ تقييمي للمأكولات يتّجه نحو الاحترافيّة، حيث رحت أرشد أمهات صديقاتي اللواتي كنَّ يقمن مشروعات إعداد طعام منزلي، وكنت أقيّم أكلاتهنّ، وبالفعل كنَّ يطوّرن الأصناف ويزيد الإقبال عليها. في المقابل، وبحكم عملي مع أبي صيفاً في شركته الهندسية، كنت أقدم النُصح للمهندسين بخصوص النساء اللواتي يعددن الطعام المنزلي، وكانت ردود فعلهم جيدة جداً نظراً لكوني محلّ ثقتهم، حيث كنت أبدأ التجربة بنفسي ثمّ أسدي النصح بعدها. كذلك كنت أساعد ربّات البيوت في التسوّق من خلال تقييمي للطعام وإرشادهنّ إلى العملاء المناسبين، علماً أنّني كنت أقوم بتلك المهمّة بمنتهى الود وبهدف مساعدة الآخرين».
تتابع آلاء: «تطوّرت مساعدتي لمن يطهون جيداً وهنّ في حاجة إلى العمل، إلى البحث عن المطاعم الصغيرة وعربات الطعام الموجودة في الشوارع، رغبةً في مساعدة هؤلاء اللواتي لا يملكن ما يكفي من أموال للتسويق لأنفسهنّ، وأخذت أجوب مصر القديمة والمناطق الشعبية، وأكتب تقييمات عن تلك المطاعم البسيطة وأسعارها الرخيصة ومهارة القائمين عليها في صناعة الطعام، إلى أن تطوّرت تقييماتي من مجرّد إرشاد المحيطين بي وأصدقائي والكتابة على حساباتي الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إرسال تلك التقييمات إلى صفحات الطعام الكبرى التي تحتوي على ملايين المتابعين».
ترى آلاء أن الصدقيّة التي تكتسبها كـ«أكّيلة»، والتي تجعل لديها آلاف المتابعين الذين يسألونها بشكل شخصي على مواقع التواصل الاجتماعي عن أفضل المطاعم، تكمن في صدقها، وأنّها لا تتقاضى أجراً مقابل تقييم المطعم، وتقول: «أبني تقييمي دائماً على زيارة المطعم ثلاث مرات، مرّة في الصباح الباكر بمجرّد أن يفتح المطعم أبوابه لأقيّم مدى خدمته في بداية اليوم، ومرّة ثانية وقت الغداء في منتصف النهار، حيث يكون في ذروة الزحام، والأخيرة في وقت متأخر من الليل، حيث يكون العمال قد أُنهكوا من التعب».
«المحور الثاني من تقييمي للطعام»، تتابع آلاء، «يتعلّق بما إذا كانت الكميّة التي تقدمها المطاعم متساوية في كل الأوقات؟ وتأتي الخدمة وأسلوب التعامل مع العملاء في المحور الرابع من التقييم. أمّا عن الصور، فأنا أستخدم كاميرا «الموبايل» بدون أي تعديل في الألوان أو الخلفيات لتكون الأطباق على طبيعتها. وعلى الرغم من أنّ هذه التقييمات تجذب زبائن كثراً للمطاعم، إلا أن المطعم السيِّئ، لا سيما لناحية التعامل مع العملاء، يتضرر كثيراً من التقييم السلبي، وقد يؤدي الأمر إلى مقاطعته، وبالتالي يتمّ إغلاقه بسبب الخسائر».
تؤكد آلاء أنّها عند تجربة أيّ مطعم جديد تفضّل أن تكون بمفردها، وعندما تتأكد من جودته تدعو أصدقاءها للتجربة في يوم لاحق. تقول: «هذا ما أفعله أيضاً عند السفر، أسافر بمفردي وأخطّط قبل السفر من أجل تجربة المطاعم، فمثلاً سافرت إلى واحة سيوة بمفردي لكي أجرّب الأكل البدوي، وقبل السفر دوّنت أسماء المطاعم التي كنت أنوي تجربتها. وهناك سألت أيضاً عن أكثر ما تشتهر به المحافظة، وكان طاجن الدجاج بزيت الزيتون. وفي طريق العودة من تلك الرحلة اكتشفت مطعماً بدوياً مغموراً، لكن أكلاته أكثر من رائعة».
تنهي آلاء حديثها مؤكدةً أنّها تطمح إلى أن تكون «فوود بلوغر» محترفة وذات شهرة عالمية، لا مجرّد أكّيلة هاوية. وتقول: «أتمنى أن أزور كل مطاعم العالم، وأكتب عنها لأكون فوود بلوغر شهيرة، وهذا ما بدأت أسعى إليه حالياً، ورسالتي للجميع أن الأكل بالكيف لا بالكمّ، والاستمتاع بالطعام لا يكون إلا بالمذاق الجيد».

 إدمان الطعام
محمد صلاح، مدير تسويق، 38 عاماً، يصنّف نفسه أكّيلاً، مدمن طعام، يهتمّ بالمذاق والجودة أكثر من اهتمامه بالتقاط الصور التذكارية في المطاعم التي يسافر خارج مصر من أجل تجربتها. ويخبرنا صلاح قائلاً: «عشقي للطعام تعدّى حدود الاستمتاع بالموجود في الحي الذي أسكن فيه أو محيط عملي، إلى رحلات استكشافية مخطط لها داخل مصر وخارجها، فقبل التحرك في أي رحلة أجهّز قائمة المطاعم والأكلات التي أبني عليها رحلتي بشكل مبدئي، وبمجرّد وصولي أبدأ في إضافة العديد من خبرات ونصائح أهل المكان من ناحية المطاعم المميزة وأضيفها إلى قائمتي، وهذا سر سعادتي في السفر. يمكنني القول إنني أكّيل أو مدمن طعام، فكلا المُسمّيين عندي واحد، كما أهتم أكثر بجودة مذاق الطعام أياً كان، خاصة أنني طاهٍ محترف، وأدرس الطهو بشكل أكاديمي حالياً».

ويتابع: «اكتشاف المطاعم غير الشهيرة جزء من شغفي، فقد كنت أبحث عنها وأجرب بناءً على خبرات أصدقائي ونصائحهم، ولم تكن النتائج دائماً مرضية بالنسبة إليّ، ومع التعمق في الأكل والاختلاط بأكّيلة أكثر كوّنت مع أصدقائي صفحة كبيرة تحتوي على ملايين المتابعين، تهتم في المقام الأول بتقييم الطعام من دافع شغفنا به، وبالطبع لا نتقاضى أموالاً من المطاعم حتى ننقد أو نمدح، والأخطر من ذلك أنني تركت عملي كمدير مبيعات وتسويق في المجال العقاري، من أجل الانضمام إلى أكاديمية فنون الطهو، ذلك لأشبع شغفي بالتعمق أكثر في الأكل، وبالفعل لعبت الأكاديمية دوراً مهماً في ارتقاء ذائقتي في الطعام».
يعترف صلاح بأنه من الممكن أن يقطع مئات الكيلومترات من أجل تناول وجبة شهية، ولا يتردد في اجتياز آلاف الأميال ليجرّب أكلات بعينها في الدول الشهيرة بها، ويقول: «وكأنني مهووس بالأكل، أو مدمن، ففي إحدى المرات قطعت 160 كيلومتراً ذهاباً واياباً حتى أفطر بصحبة أصدقائي الأكّيلة وجبة «كبدة جملي» طازجة في حي كرداسة في محافظة الجيزة، وأنا أسكن على أطراف محافظة القاهرة الجديدة، واللافت في الأمر أن للفطور موعداً محدداً، وهو في تمام السابعة صباحاً، فاستيقظت عند الخامسة والنصف فجراً، وحضّرت قِدراً من الأرز لأن «الكبدة» تقدم في المطعم مع الخبز فقط، ولي صديق يحب تناولها مع الأرز، والجميل في الأمر أنني سافرت الى تسع دول أوروبية وآسيوية من أجل الطعام، وفي كل مرة أُعدّ قائمة بالمطاعم التي سأزورها قبل حجز تذكرة السفر، حتى شهر العسل فضّلت قضاءه في تايلاند، نظراً لشهرتها بالسوشي، وهو أكلتي المفضلة التي تُشعرني بالانتعاش والسعادة. أما سنغافوره فأكثر ما لفتني فيها فن تقديم الطعام واحترام طقوسه، حيث يُمنع دخول المطعم بغير الملابس الرسمية، وتركيا أجمل أكلاتها الشاورما والمشويات، فالشاورما في مطاعمها من لحم الضأن، أما اليونان فمشهورة بـ«الدونر كباب»، وأكلت فيها أسماكاً طازجة».
ويتابع: «زرت كذلك دولة كازاخستان، والأكل الشعبي فيها رائع، وتناولت هناك لحم الحصان معتقداً أنه ضأن، لكن طعمه ولا ألذ، وفي إسبانيا أكلتهم المشهورة مكوّنة من الأرز والدجاج واللحم، وفي المجر استمتعت بتناول الشوربات الباردة، وفي زيمبابوي أكلت من أكبر قطعة لحم في العالم... لذا أعتبر السفر من أجل تذوق الطعام استمتاعاً ومغامرة وتعرفاً على ثقافة الشعوب، وأخطّط مستقبلاً لزيارة أميركا لشهرتها كأفضل دولة في تحضير اللحوم المدخّنة والاستاكوزا (سرطان البحر) العملاقة، ومن ثم إيطاليا من أجل تناول البيتزا، وأخيراً اليابان بغية الاستمتاع بالسوشي».

 وظيفة ثابتة
محمد حازم، طالب في كلية الصيدلة، 21 عاماً، أكّيل منذ نعومة أظفاره، لكن شغفه بالأكل حوّله من مجرد هاوٍ إلى محترف، حيث عمل ناقداً للطعام في إحدى الصفحات الخدمية على «فايسبوك»، ويعرّف الأكّيل بأنه الشخص الذي يعشق الطعام ويستمتع بتذوّق أجود أنواعه، وبالتالي يكون متطلعاً لاكتشاف الجديد في عالم الأكل والمطاعم في كل مكان وزمان».
ويحكي محمد عن تجربته قائلاً: «يمكنني القول إنني أكّيل، فمنذ طفولتي وأنا شغوف بتجربة المطاعم أو الأكلات الجديدة في المطاعم الشهيرة، التي كنت أشاهد إعلاناتها في التلفزيون. ونظراً لعشق أبي أيضاً للطعام، فكان يلبي رغباتي دائماً، وفي مرحلة المراهقة زاد شغفي وبدأت في رحلة البحث عن المطاعم الجديدة، وكنت أصطحب أصدقائي إليها، بل تطور الأمر إلى شغفي في الطهو أيضاً، لأن لي مزاجاً خاصاً في الأكل، لكن هذا أدى الى اكتسابي  وزناً هائلاً، ونظراً لصغر سنّي كنت أتابع دائماً مع أطباء تخسيس، وأتّبع حمية قاسية، لكن يوم الإجازة من الحمية، أجرب فيه خمسة مطاعم، وأقيّم أفضل أكلاتها أيضاً».
أما عن تجربته في العمل كناقد طعام فيقول حازم: «لا أحد ينكر إدمانه لمواقع التواصل الاجتماعي طوال الوقت، ومن هنا وجدت مسابقات طهو على إحدى الصفحات التابعة لموقع شهير، ففزت في ثلاث مسابقات من الأربع المطروحة، لكنني لم أتسلّم الجائزة لأسباب تقنية تتعلق بهم، لكن فوجئت بهم يتصلون بي ويعتذرون مؤكدين حرصهم على انضمامي إلى فريق التواصل الاجتماعي الخاص بنقد الطعام، فسعدت بذلك، ومن هنا قادني شغفي بالطعام كأكّيل إلى مهنة أحببتها ولم أتخيل يوماً أنني سأعمل فيها».

إدمان
هل الأكّيل مدمن طعام؟ هل إدمانه يدفعه إلى السفر حيث المطاعم والأكلات الجديدة؟ يجيب عن هذه الأسئلة الدكتور إيهاب الخراط، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان قائلاً: «من الممكن أن يكون الأكّيل شخصاً طبيعياً ويسافر لإرضاء شغفه بالتجربة، أو الاستمتاع بأكلات جديدة، فمن الممكن أن نجد أكّيلاً للطعام الصحي، وهو هنا ليس مدمناً، لكنه يتحول إلى مدمن طعام إذا توافرت فيه إحدى العلامات الثلاث الآتية:

 الاستمرار رغم الأضرار:
إذا أصر الأكّيل على الاستمرار في تناول الطعام غير الصحي، أو بكميات كبيرة، رغم ظهور بعض الأمراض المرتبطة بالطعام مثل الكوليسترول، مرض السكري، القلب وأمراض الشرايين، والسمنة المفرطة.

 الانشغال بالأكل:
إذا قضى الأكّيل يومه في رحلة انشغال بالتفكير في الطعام الذي سيتناوله على الفطور والغداء والعشاء، وما بينها، والاهتمام في تفاصيل الطعام، أي المطاعم سيختار؟ أي الأطباق سيأكل؟ بالإضافة إلى التوقف عن الأنشطة الأخرى في حياته لمصلحة الأكل، كأن يلغي مواعيد مقابلة الأصدقاء أو العائلة، وربما العمل أحياناً من أجل التفرغ للأكل.

 فقدان السيطرة:
من أهم العلامات التي تكشف عن مدمن الطعام، فقدان السيطرة على الوزن، والفشل في محاولات إنقاصه، سواء بممارسة الرياضة أو الالتزام بنظام غذائي صحي قليل السعرات الحرارية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079