تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

محمد حداقي: «موتور» في التصوير... وأستمتع بـ«ولدنتي» في الحياة

من تابعه بدور «أبو شملة»، ظن أنه من الساحل السوري، ومن تابع «فياض بو قعقور» تأكد من أنه من السويداء... هو الفنان محمد حداقي ابن ريف الشام، الذي أكد عشقه للهجات من خلال أدواره، وهو «الموتور» في عمله للظهور بكل صدق وإخلاص، وهو فنان صريح يحاكم نفسه ويعترف بأخطائه...
من خلال حوارنا معه، حدّثنا محمد حداقي عن الدراما السورية اليوم، وتخوفه من الاستسهال، وعتبه على شركات الإنتاج وعلى صنّاع العمل الدرامي، وعن حبّه للشعر والزجل، وعن زواجه وابنته، والبداية كانت من آخر أعماله.


- نراك أمام كاميرا المخرجة رشا شربتجي من جديد، في مسلسل «شوق»، هل ترتاح أكثر عندما يكون العمل مع المخرجة رشا لكونك تعاونت معها في أعمال كثيرة سابقة؟
أُقدّم في العمل شخصية إسلامي متشدد، ويتعرض لانعطافة قوية على مستوى النص، وهو يمثل شريحة حاضرة بقوة في واقعنا، ونحاول أن نكشف من خلال العمل خبايا هذه المجموعات ومبادئها وكيفية تشكّلها.

- من «شوق» إلى «هواجس عابرة» مع المخرج مهند قطيش، هل يعتبر من الأعمال الكوميدية الخفيفة، أم أن الفكرة جديدة وهي السبب في مشاركتك؟
لا أعتقد أن هناك أفكاراً جديدة في سورية، لكن الجديد يتمثّل في تناول الفكرة وكيفية طرحها، و«هواجس عابرة» عمل اجتماعي، تتسم شخوصه بالطرافة، لكن العمل واقعي وليس في الأداء مبالغة.

- دور جميل ومتقن في مسلسل «أيام لا تنسى» مع المخرج أيمن زيدان، هل أتعبتك شخصية «أبو سعيد»، أم أنك تحب هذا النوع من الشخصيات المركبة؟
لا أؤيد مصطلح دور مركب أو غير مركب، فليس هناك شخصية معقدة وأخرى بسيطة، ولكل شخصية عوالمها، كما نقرأ الشخوص في حياتنا، وعندما أؤدي دوراً ما، أفكر في كيفية تقديم الشخصية وإيصالها الى الناس.

- هل تعتقد أن «أيام لا تُنسى» قد ظُلم مقارنةً بما قدم العام الماضي، من ناحية العرض، والانتشار؟
كان هناك تقصير في توزيع مسلسل «أيام لا تُنسى»، والسبب أن القضية التي يناقشها يُفترض تكون كونية، لكن المشكلة في المحطات الفضائية التي تتحفظ على مشاكلنا كسوريين، وهذا شأنهم الخاص وهم أحرار في ما يعرضونه، لكن بالنسبة إلينا فلم نقصّر في الأداء المتقن والجيد.

- شاركت في المسلسل البوليسي «دومينو»... ما رأيك بهذا النوع من الأعمال؟
أتمنى أن تبدأ الدراما السورية بالتلوّن أكثر، فيتوسع الطيف الدرامي، وأن نقدّم دراما أكشن، خاصة مع وجود العناصر الواقعية التي نتعايش معها يومياً، لكن مشكلتنا في الكاتب وفي الإمكانيات، فشركات الإنتاج السورية الضخمة بخيلة، ويبدو أن لا طموح في الأفق لتوسيع هذا الانتشار الدرامي السوري، كما أنهم لا يرغبون في إنفاق الكثير من المال، فشركاتنا مقصّرة إنتاجياً، حتى على المستوى الفني، وكل شركات العالم ترسل كتاباً لتدريسهم أصول السيناريو في الخارج، وعندما يعودون يعملون لمصلحة الشركة.
وكذلك الحال بالنسبة الى الإخراج، فهذا الشيء غير متوافر في وسطنا الفني، ومنتجنا السوري ليس منتجاً فنياً حقيقياً، بل هو يقيم شركة رديفة لمجموعة شركات يملكها، فلا ينفّذ العملية الإنتاجية بجدّ، والمنتج السوري لم يقتنع بعد بأن هذه الصناعة الفنية هي صناعة رابحة، ولا يزال يعتبر التمثيل والعمل الفني أمراً سياحياً، ولذلك يتعاملون مع العمل الفني من منطلق سياحي.

- هل في رأيك ملّ الناس من أعمال الأزمة لذلك صار المنتج السوري يهرب من مشكلة التسويق في العمل الكوميدي أو البوليسي أو الشامي؟
هذا ما يحصل بالتأكيد، لا تصدّقي أن المشاهد قد يمل من فكرة العمل، بل إن طريقة المعالجة هي التي تُنفّر المشاهد. فعندما نقدم مادة درامية تافهة ومكررة فبالتأكيد لن يرغب الناس في متابعة العمل.
أنا مع تطوير الدراما، لكننا اليوم لا نتعامل مع المادة التي نقدمها بسخاء، بل بأسلوب سطحي ومجاني، ولا يمكن أن نبيع الناس شيئاً بالمجان وننتظر عليه مردوداً، وهنا الجمهور على حق، وهو يحتاج دائماً الى فكرة ريادية، ومع ذلك ما نقدمه اليوم نقدمه بإتقان وجهد حقيقي، ونستعيد قصة دعم الصناعة الفنية إنتاجياً، فللمنتج السوري حق على الممثلين والمخرجين والكتاب.
تخيلي أن كل ممثلي العالم مرتاحون في مواقع التصوير باستثناء الممثل السوري، وكممثل سوري، أبدّل ملابسي على الرصيف، إذ نفتقر الى مكان نغيّر فيه ملابسنا، وقد يأكل المخرج السوري على طاولة على الرصيف، لأن لا مكان مخصصاً لذلك، فهذا لا ينتج، لأن الصناعة تقوم على عامل ومدير، إذا لم نعمل بالكفاءة نفسها فلن نستطيع تقديم عمل مهم.

- صرحت في نهاية الموسم الماضي بأنك غير راض عن مشاركتك في مسلسل «الطواريد» في العام الفائت، لماذا؟
هذا التصريح فُهم خطأ، وأنا لم أصححه باعتبار أنني لم أقله فلن أرد عليه. لقد قلت إن دوري في «الطواريد» كان يجب أن يكون أفضل، وأنني غير راض عن أدائي وليس عن العمل. فاتني الكثير من الأمور لأسباب عدة.
كان هناك بعض السرعة، وتأخرت حتى استطعت مجاراة باقي الممثلين، ولا أعتبر العمل سيئاً، بل تجربة لطيفة وتؤسس للون آخر في الدراما. انزعجت من نفسي وليس من العمل.

- سبق لك أن صرحت أن مسلسل «الإخوة» كانت تكفيه 15 حلقة فقط، بينما نجوم العمل أثنوا عليه واعتبروه نقلة نوعية في حياتهم الفنية، كيف ذلك؟
لكل شخص خطوة نوعية في حياته. بالنسبة إليّ، مسلسل «الإخوة» ليس النقلة النوعية في حياتي الفنية، لأن ما من فكرة في العالم تحتاج الى مئة حلقة.
هذا عمل سياحي، وليس من الخطأ أن نقدم عملاً لمجرد الاستمتاع، كحضور عرض أزياء أو مشاهدة فيلم سياحي أو مسلسل تركي، لكنني قلت إن الفكرة لا تستأهل كل هذه الحلقات، والمعالجة الدرامية للعمل لم تكن بالمستوى المطلوب، ربما لأن العمل مترجم عن فكرة أرجنتينية، ولم نستطع تقديمه كبيئة عربية، فظهرت بعض العلاقات غريبة عنا كمجتمع عربي، كأن يكتشف أحد ما خيانة زوجته ويسكت، ولا مبرر لذلك، فهذه التفاصيل قد تكون موجودة سراً في مجتمعنا، لكن من غير الوارد تداولها في حياتنا اليومية.

- أنت معروف بصراحتك، هل يمكن أن تؤذيك تلك الصراحة؟
أنا لست صريحاً، ولو كنت صريحاً لما عملت في حياتي. على العكس، أضطر للمجاملة في كثير من الأحيان، حتى أعمل وأعيش.

- هل العلاقات هي السبب في دعم بعض الممثلين فنياً؟
للأسف نعم، فرغم تأكيدي أن جهد الفنان هو الأهم في فرصه الفنية، أجد الواقع يقول عكس ذلك، فالقصة مرتبطة دائماً بالعلاقات. نعرف أسماء كثيرة وُلدت من تلك العلاقات بدون مجهود فني.

- عدت لتشارك في الأعمال المشتركة، كما في مسلسل «سمرا»، هل السبب هو الظهور عربياً، أم أنك فعلاً تحب تلك الأعمال؟
أنا أحب التمثيل، ولا مشكلة لدي في نوع المادة الفنية، شرط أن أكون قادراً على الظهور بشكل مقنع وحقيقي ويقدمني بأفضل صورة للناس، وإلا فلن أقبل بالعمل إلا إذا كنت بحاجة الى المال، وغالباً ما أكون محتاجاً الى المال، حالي كحال معظم الفنانين السوريين الذين يعملون لكسب المال على حساب جودة العمل، لكن إذا أردت محاكمة نفسي على ما أقدمه، لما كنت قد شاركت في نصف الأعمال التي قدّمتها.

- لفترة أُطلق عليك لقب «عكيد باب الحارة» لنعود ونسمع أنك لن تشارك في العمل، هل الخلاف كان على الأجر؟
لم نصل الى النقاش المادي في «باب الحارة»، فقبل التطرق الى المادة، أيقنّا أن من الصعب مشاركتي في العمل لأسباب عدة، منها أنني كنت مرتبطاً بتصوير أعمال أخرى.

- الفنان مصطفى سعد الدين، لعب دور «العكيد» بدلاً منك، ما رأيك في الانتقاد الذي طاوله؟
بالنسبة إليّ، مصطفى ظُلم بهذا الدور، ولا أستطيع التحدّث في التفاصيل لأن لدي مجموعة معلومات لا أدري مدى صحتها ودقتها. الفنان وائل شرف يختلف في ما يقدمه عن مصطفى، والعكس صحيح، والفكرة ليست في أن نجعل مصطفى يقدم الشكل السابق للشخصية، فهم كانوا على الدوام يطالبون مصطفى بأن يقدم وائل وليس شخصيته.

- «أبو شملة»... في «ضيعة ضايعة»، أضحكنا وأمتعنا، ما سبب تصريحك بأنك كنت تستطيع تقديم الأفضل؟
بعد أن يُنجز الممثل عمله ويراه، يدرك أنه كان يجب أن يقوم بالعمل بشكل أفضل، فمن يراقب من الخارج يستطيع أن يرى بشكل أفضل.

- أنت من ريف الشام، ظهرت في عمل ساحلي وآخر من السويداء، وأبدعت باللهجتين، بعض الفنانين يجدون مشكلة في تغيير لهجتهم، كيف استطعت ذلك؟
أنا أحب التنويع في اللهجات، وأيٌ منا عندما يتحدث بلهجة ثانية يختلف بشخصيته وبحركاته وحتى بمشيته، وأنا مهووس باللهجات، كما أنني عشت في الساحل والسويداء ولي أصدقاء هناك، وأستمتع بتقليد اللهجات حتى لو لم أكن ممثلاً.

- «فياض بو قعقور» في مسلسل «الخربة»، هل نجح أكثر من «أبو شملة» في «ضيعة ضايعة»، وهل مساحة الدور هي السبب في نجاح الشخصية؟
أبداً، لقد بذلت في تقديم الشخصيتين الجهد نفسه وأظهرت القيمة الفنية نفسها، وكانت لي في كليهما مواطن الضعف نفسها، ولم يكن لمساحة الدور تأثير في نجاح الشخصية، بل المهم أن تكون المادة غنية.

- لم يخطر في بال الناس أن محمد حداقي يكتب شعراً وزجلاً جميلاً كالذي قرأناه، هل هي مجرد هواية؟
في عمر العشرين، أحببت أن أكون شاعراً زجلياً، لكن شعرت بأنني سأكون شاعرَ زجلٍ تافهاً أمام الشعراء الحاليين، فتراجعت عن الفكرة، وتحول الأمر الى هواية، لكنني أحب الشعر كثيراً.

- هل كتبت شعراً لزوجتك «سيدرا»، وكان هذا سبب إعجابها بك في البداية؟
لم أكتب لها شعراً، ولا أكتب شعراً للنساء بعدما أعرفهن.

- احتلفت هذا العام بذكرى زواجك الأولى من الإعلامية سيدرا الأتاسي، ما الذي تغير في محمد حداقي قبل سيدرا وبعدها؟
كنت محبطاً، وبعدما تعرفت الى سيدرا، زاد إصراري وتعلقي بالحياة، فسيدرا أعادت علاقتي بالحياة.

- قلت إن «سيدرا أكثر امرأة استطاعت أن تساعدني»، بمَ ساعدتك، وهل تساعدك فنياً؟
حاولت أن تخلّصني من حال الإحباط التي كنت أعيشها، وتخرجني من القمقم الذي كنت أحبس نفسي فيه.

- هل أصبحت سيدرا مديرة أعمالك الفنية؟
تقريباً، فسيدرا هي مديرة أعمالي ولها رأي في كل ما أقدم عليه.

- لك أيضاً ابنة جميلة من زواج سابق «سامة»، وهي الفتاة الثانية في حياتك، كيف رسمت شكل العلاقة ما بين سيدرا وسامة؟
أحبهما كثيراً، وتربطنا علاقة جميلة.

- قلت إنك «موتور» في التصوير، هل يهابك المشاركون في العمل بسبب عصبيتك وينفّذون طلباتك؟
أنا لست عصبياً، بل «موتور» وقلق دائماً مما سأفعله وأقدمه في التصوير. يحدث أحياناً أن يستفزني شيء ما، لكنني قلق في العمل.

- لديك «ولدنتك» في الحياة، هل تهوّن عليك تلك «الولدنة» صعوبات الحياة والعمل، أم أنه ما زال لديك شيء طفولي تحب الاحتفاظ به؟
لا أعرف، أستمتع فقط بتلك الحالة، فأحياناً أحب أن أركض، أو أصرخ، أو أن أقوم بما يخطر في بالي للتو... هي «ولدنة» أستمتع بها...

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078