لعب وضحك وذكريات جميلة... إنها الرياضة العائلية
في عصرنا الحالي، يبدو مشهد العائلة مجتمعة يوم العطلة وكل واحد مشغول أمام شاشته الصغيرة مألوفًا. وإذا أرادوا الخروج للنزهة فيكون إما إلى مركز تجاري يتسوّقون فيه، أو يتناولون الطعام، ولا يزال مشهد البيت يتكرر، والكل أمام شاشته مشغول.
المحادثة في ما بينهم قليلة، وإن تحادثوا يكون محور الحديث إما عن العلامات المدرسية أو ما يقرأونه على شاشاتهم الصغيرة.
ولكن مهلاً حان الوقت للخروج وممارسة الرياضة معًا. نعم، كل أفراد العائلة من الأب إلى الطفل الصغير. فللرياضة العائلية فوائد كثيرة لا يمكن تجاهلها أو غض الطرف عنها.
ما هي الرياضة التي يمكن جميع أفراد العائلة ممارستها؟
كل شيء من المشي لمسافات طويلة في المتنزهات إلى كرة المضرب أو السلة، أو من خلال مباراة للكرة الطائرة المنظمة مع أبناء العمّات والأعمام في الاحتفال السنوي للأسرة.
كل الرياضات الجماعية جيدة وتتيح وقتًا ممتعًا لجميع أفراد العائلة الصغيرة والأسرة الكبيرة. فمن الجميل أن ينظم الأجداد احتفالاً رياضيًا أسبوعيًا أو شهريًا يدعون إليه الأبناء والأحفاد ويتوزّعون فِرقًا بحسب الرياضة التي يختارونها، ومن الطريف أن يشكل الآباء-الإخوة فريقًا ينافس فريق الأبناء-الأحفاد ويكون الجدّان حَكَمَي المباريات.
فهذه اللحظات السعيدة التي يمضيها الأحفاد أبناء الأعمام والأخوال، توطد أواصر القربى، وتعزز التواصل المادي المباشر في ما بينهم، بدل التواصل عبر عالم الافتراض الرقمي، وبالتالي يؤسسون لذكريات سعيدة مشتركة.
وكذلك الرياضات الشاطئية مثل كرة الطائرة الشاطئية وتنس الريشة و«مضارب» الشاطئ! حتى لو أنها تمارَس في بيئة غير تقليدية، فإن هذا النوع من الرياضات يشغّل عضلات الجسم ويحفز على سرعة التفكير ورد الفعل! وهذه الرياضة يمكن ممارستها عند الغروب كي لا يصاب أحد بضربة شمس.
ما هي حسنات الرياضة العائلية؟
تعزيز الروابط الأسرية
تساهم الرياضة العائلية في تعزيز العلاقات بين الآباء وأبنائهم وتوطّدها. تخيّلوا المشهد: الوالدان في الحديقة مع أبنائهما.
يخسر الوالد في سباق الركض، يغيظه ابنه... الجميع يضحكون. هذه الفترة الرياضية المضحكة سوف ترتبط بذاكرة الأبناء بصور الفرح والاسترخاء، وكذلك الآباء سوف يُخرجون الطفل الذي في داخلهم، فتكون هذه الحادثة الطريفة وغيرها من الأمور المرحة التي حصلت أثناء ممارسة الآباء الرياضة مع أبنائهم، حديث الساعة في كل مرة يجتمعون.
تعزيز ثقة الأبناء بأنفسهم
الأب هو النموذج الذي يحتذي به الابن، وهو أيضًا رمز السلطة التي لا يمكن الوصول إليها، والتي هي في الوقت نفسه مرجعه الذي يعتمد عليه، ولكنها تبقى السلطة التي لا يشارك فيها على قدم وساق، ما عدا في الإطار الرياضي إذ يستطيع الابن أن يكون مساويًا لوالده. فأثناء اللعب بكرة الطائرة أو كرة السلة، تحتشد مواهب الجميع، وبالتالي يكونون جميعًا على قدم المساواة.
فالابن ينافس أبيه على رمي الكرة في الشِباك، وإذا انقسمت العائلة فريقين، فريق الوالدين وفريق الأبناء، فإن الجميع هنا ينسون التراتبية العائلية ويلعبون بروح الند للند، فيشعر الطفل بقيمته ككائن مستقل له رأيه ودوره، وبالتالي يتعزّز لديه الشعور بالثقة مما يكون له أثره الإيجابي في تنمية شخصيته وتطوّرها.
فرصة للتثقيف والمتعة
تشكل الرياضة فرصة للآباء لتعليم أبنائهم بطريقة ممتعة، ولا سيما القيم الاجتماعية والأخلاقية مثل تعلم روح الفريق وبذل الجهد والإصرار للوصول إلى الهدف.
كما أنها تعلّم الأبناء كيفية التخطيط والتعاون في ما بينهم والابتعاد عن الأنانية أثناء اللعب... وغيرها من الأمور التربوية التي تتطلبها الرياضة.
الرياضة العائلية تساهم في تعزيز مفهوم النشاط الجسدي
يؤكد التربويون أن من الصعب أن يطلب الأهل من أبنائهم ممارسة الرياضة، إذا كانوا هم أنفسهم لا يقومون بأي نشاط رياضي. فمثلما يصعب على الأهل إلزام أبنائهم المطالعة، فيما هم لا يطالعون، كذلك الأمر بالنسبة إلى الرياضة.
فالآباء هم النموذج الصامت أحيانًا الذي يقلده الأبناء، ويتماهون به بشكل عفوي. فذهاب الوالدة إلى نادٍ رياضي للحفاظ على رشاقتها، أمر جيّد، ولكن أيضًا عليها تعزيز مفهوم الرياضة عند الأبناء وضرورة القيام بنشاط جسدي.
وهذا متاح بأبسط الوسائل. فبدل الذهاب بالسيارة إلى بيت الجدّة إذا كانوا يسكنون في الحي نفسه، يمكن الأم أن ترتدي وأبناءها ملابس رياضية مريحة وأن ينتعلوا أحذية رياضية، وتدعوهم للذهاب سيرًا على الأقدام. يمكن خلال ذلك المنافسة على المشي السريع، أو تقوم الأم بلعبة أركض وتوقف، Run – Freez.
هل يتفاعل المراهقون مع النشاطات الرياضية العائلية؟
عمومًا نعم، يحب الأبناء المراهقون أن يشاركهم أهلهم نشاطاتهم الرياضية، سواء من طريق المشاهدة أو المشاركة الفعلية.
صحيح أن المراهق يحاول الاستقلال عن أهله، خصوصًا في ما يتعلّق بنشاطاته الاجتماعية، ولكنه يجد متعة كبيرة في القيام بنشاط رياضي مع والده، فالملعب يتيح له أن يكون ندًا لوالده، خصوصًا إذا كان قائد الفريق، الذي يضع خطة اللعب.
فهو يسجل في ذاكرته صورة الأب الشريك في اللعب المرح. فكم مرة نجد أبًا وابنه المراهق يتحديان بعضهما في لعبة رياضية، مثلاً القدرة على تسديد هدف في الشباك.
قيام بعض الأمهات بحركات رياضية مع أطفالهن الصغار، هل يمكن اعتباره رياضة عائلية؟
بالتأكيد، بل يمكن القول إنها تحفّزهم على ممارسة الرياضة في المستقبل حين يشبّون، وتعوّدهم على الحركة.
فهي فضلاً عن أنها تقوي عضلات جسمهم وتمارس الرياضة بأسلوب اللعب، فإنها أيضًا توطد العلاقة بينها وبينهم، وهذا ما يفسر ضحكة الطفل الصاخبة حين تؤرجحه والدته بقدميها. إذًا هي تصيب عصفورين بحجر واحد، المحافظة على رشاقتها، ومشاركة طفلها وتعوديه على مفهوم الرياضة.
وهذه بعض الحركات الرياضية التي يمكن الأم القيام بها مع طفلها:
حركة المعدة، ومضخّة القبلات Push-up
تستلقي الأم على ظهرها وتضع طفلها على ركبيتها المثنيتين، ثم تقوم برفع الجزء العلوي من جسمها حتى تصل إلى طفلها وتطبع قبلة على خدّه. تكرّر هذه الحركة 20، 50، 100 مرة بحسب المستوى وقدرتها على التحمل.
وبذلك تشدّ معدتها. أما بالنسبة إلى «بوش-آب» القُبلات، فيمكن الأم أن تمد طفلها على ظهره، وتبدأ بحركة الـ«بوش- آب»، شرط أن تكون قدماها حتى الركبتين ممددتين على الأرض، وفي كل مرة تنخفض تطبع قبلة على جبين طفلها.
الطفل بدل حمل الأوزان Dumbbell
يمكن الأم أيضًا شدّ الوركين من طريق ممارسة تمارين الدراجة. فتأخذ وضعية الجلوس على المؤخرة وترفع رجليها وتحتضن طفلها، وتبدأ بمد رجليها وثنيهما، كما تفعل أثناء ركوب الدراجة، فهي بذلك تشد يديها لأنها متمسّكة بطفلها مما يفرض عليها المحافظة على توازنها، وبالتالي شد وركيها.
وضعية الطائر لشد عضلات الذراعين
تتمدّد الأم على ظهرها وتثني ركبتيها، وتحمل طفلها كما تحمل الأوزان ثم ترفعه وتخفضه. تكرر هذه التمارين بحسب قدرتها على التحمل. سوف يحب الطفل هذا التمرين ويضحك كثيرًا في كل مرة ترفعه والدته وتخفضه.
للتلخص من دهون الخاصرة
اتخاذ وضعية جلوس مائلة تكون فيها الرجلان مثنيتين بشكل ثمانية، تحمل طفلها بيديها ثم تنقله يمينًا ويسارًا. تكرّر هذا التمرين بحسب قدرتها على التحمل.
لشد عضلات الأرداف من الخلف
التمدد على الظهر، أما الجزء السفلي من الجسم فتكون القدمان على الأرض والفخذان مرتفعتين، تضع الأم طفلها على معدتها وتُمسك بيديه كي لا يقع ثم تبدأ برفع الجزء السفلي من جسمها وخفضه. فهذا التمرين يكفل شد المعدة والأرداف.
شد عضلات الرجلين
رياضة يحبها كل الأطفال، لا سيما الصغار جدًّا، تجلس الأم على كرسي، ثم تُجلس طفلها على قدميها وتؤرجحه، من المؤكد أن طفلها لن يتنازل عن هذه اللعبة التي تضحكه. ويمكن الأم الاختيار، فإما إجلاسه على قدم واحدة بالتداول، أو على القدمين دفعة واحدة، وتبدأ بالرفع والخفض. هذا التمرين يشد عضلات المعدة أيضًا.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024