تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

جدة: طوابير تتجاهل تحذيرات «الصحة» وتصطف عند معالج بـ«الكي»... ما القصة؟

جدة: طوابير تتجاهل تحذيرات «الصحة» وتصطف عند معالج بـ«الكي»... ما القصة؟

تجاهل آلاف السعوديين في مدينة جدة خلال الأيام الماضية، تحذيرات وزارة الصحة بعدم الانسياق خلف المعالجين الشعبيين، واتهامها إياهم بـ«استغلال حاجات المرضى للعلاج»، فاصطفوا طوابير أمام مكان يقيم فيه معالج بالكي، وصل المدينة قبل أيام، على أمل الحصول على علاج من أمراض مختلفة.

وفيما اكتسحت موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» مقاطع فيديو للمعالج الذي عرفه الناس بأنه «معالج الجلطات»، تظهر هذه المقاطع حالات قيل إنها تماثلت للشفاء بعد الكي، لكن من دون إظهار ما يثبت حالهم قبله، ما أثار شكوك مغردين، بينما ذهب البعض الآخر، ومنهم من يحمل شهادات عليا، إلى الإشادة بقدراته.

وقال المعالج في الفيديو: «أمارس الكي منذ أكثر من 25 عاماً، لكن الشهرة جاءتني بعد فيديو صوره أحد المرضى على رغم رفضي التصوير». وادعى أن أشهر الأمراض التي يعالجها: جلطة المخ والأعصاب، وعرق النساء، والربو والكحة وغيرها.

أما أصعب حال عالجها فكانت «لامرأة كبيرة في السن مصابة بالجنون لمدة 15 عاماً، وبعد الكي تماثلت للشفاء بعد ثلاثة أيام» بحسب زعمه، موضحاً أن هناك أشخاصاً قصدوه من قطر، والكويت، ودبي، والأردن، وروسيا، واليابان. وأشار إلى أنه يفعل هذا «لوجه الله».

وظهر وسم في «تويتر» حمل اسم المعالج، انتشرت عبره مقاطع مصورة لمجموعة كبيرة من الناس ينتظرون دورهم في الكي بعد أن زارهم في جدة، بينما قال أحد مصوري المقاطع والموجود حينها إن «المعالج يأخذ عن كل شخص 500 ريال، بينما هو يقول أنه يفعل هذا لوجه الله».

ودون المغرد محمد نصيف: «مجتمع يقدس الدجالين، آلاف تتدافع على مشعوذ، يدفع المريض 500 ﷼ مقابل حرق، لو أنه حرق يده في فرن البيت لكان أوفر له وربما أقل ضرراً». وقال عبدالمالك: «يزعم أنه يعالج السكتة الدماغية بالكي ومع كم فيديو خداع، صفت أمامه طوابير الجهل اليائسة».

وفي المقابل، ظهرت تغريدات تدعم المعالج وتشيد بما يفعل، وقال حمود اللحيدان معلقاً على الزحام: «جانب من الزحام عند المُعالج ... يبحثون عن شفاء حلموا به وبإذن الله يتحقق». ودون عبدالمجيد الحربي مؤكداً صحة المقاطع: «أمس أخذنا جدتي له في جدة، وبعد الكي أصبحت تحرك يدها وترفعها ولم يأخذ من أحد أموالاً»، متسائلاً: «لماذا اتهام الرجل بالنصب». وقال خالد: «الواجب دعم هذا الرجل ومكافأته ومساعدته وتنظيم عمله بدل التقليل من شأنه، وإذا كان هناك انتقاد فيوجه لوزارة الصحة التي عجزت عن مساعدة هؤلاء الناس».

وعلى رغم إنفاق الحكومة السعودية حوالى 160 بليون ريال على القطاع الصحي سنوياً، إلا أن كثيراً من المواطنين يلجأون إلى «الطرق البدائية»، لعلاج الأمراض المستعصية، وتسعى الوزارة منذ أعوام إلى إيقاف ومحاسبة المعالجين الوهميين المنتشرين في السعودية والذين يعالجون بتلك الطرق وبأدوات حادة، مثل المسمار الصلب الذي لا يتجاوز طوله 20 سنتيمتراً، وموقد غاز من أجل تسخين الأداة التي تستخدم في العلاج.

 

السجن والغرامة لمستغلي حاجات المرضى

شددت وزارة الصحة على عدم الانسياق خلف مثل هذه الادعاءات الطبية التي لا تستند إلى أساس علمي، موضحة أنها تحاول استغلال حاجات المرضى للعلاج.
وأكدت أهمية أخذ المعلومات من المصادر العلمية الموثوقة، لافتة إلى أن مهنة العلاج الشعبي تتطلب الحصول على ترخيص من الجهة المختصة وفق ضوابط ومعايير تنظم هذه المهنة.

وفي شباط (فبراير) الماضي دِين معالج شعبي في منطقة القصيم وحكم عليه بالسجن والغرامة، بعدما تسبب في أضرار بليغة لمريض يعاني من الرعاش في يده. واجتاح مقطع صوره المريض مواقع التواصل الاجتماعي، مبرزاً إصابته بتشوه وحروق جسدية بعد ذهابه إلى المعالج.

وقال المواطن خلال المقطع الذي ظهر فيه وهو يتكلم ويضع كمامة على وجهه: «كنت أعاني من رعشة في يدي اليسرى، ورأيت إعلاناً عبر برنامج «واتساب» لمعالج يعالج الجلطة وانسداد الشرايين وغيرها بالكي، وفور وصولي أحمى أسياخاً وحرق جسمي بها، بحجة أنه يعالجني من الرعشة في يدي اليسرى، ما سبب تشوه ظهري ورجلي وكتفي».
ودعا الضحية الناس إلى عدم الانسياق وراء الإعلانات «الوهمية والكاذبة» في شأن المعالجين الشعبيين، لأنهم غير مرخصين، مؤكداً أخذ «العبرة والعظة».

وتحركت «الصحة» في أعقاب انتشار المقطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وقالت إنها ضبطت المعالج، وأجرت تحقيقاً أولياً معه، وأحيل إلى هيئة التحقيق والادعاء العام لاستكمال الإجراءات النظامية، مبينة أن محافظة الأسياح في منطقة القصيم سبق أن أخذت تعهداً من المُدعى عليه بعدم مزاولة الكي، لكنه استمر في العمل، ولاحقاً صدرت في حقه عقوبة السجن ستة أشهر وغرامة تصل إلى 100 ألف ريال.

نقلاً عن الشقيقة الحياة

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080