تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

سيدة الاعمال هيا السنيدي: أتنفس الأمل وأعيشه

سيدة الاعمال  هيا السنيدي: أتنفس الأمل وأعيشه

يعتمر قلبها الصفاء، ويكلّل روحها الأمل، فتغدو امرأة لكل العصور، تتفنن في العطاء، وتغدق بالتفاؤل. إرادتها صلبة وعزيمتها قوية، لا تثنيها الصعوبات عن المضي قدماً لتحقيق ما تصبو اليه، وتحلم به.

سيدة الأعمال هيا السنيدي رئيس مجلس إدارة «ريد سنيدي للمعارض» تدرك جيداً ما تريد من الحياة فتسعى إليه وتنجزه بكل فرح، لتصبح سيدة الأمل لكل فتاة سعودية عرضت معها وتدربت في شركتها، كونها مزيجاً من ثقافتين جميلتين، فالأم لبنانية والأب سعودي... التقتها «لها» لتفتح أوراق نجاحها الذي عرفه القاصي والداني، وكان هذا الحوار.


- ما الحلم الذي راودك لكي تؤسسي شركة للمعارض العالمية منذ 1992؟
كنت مهووسة بالمعارض الدولية كنتيجة حتمية لتجارة الأزياء التي كنت أعمل بها، وكان يلحُّ عليّ سؤال في كل زيارة: ما الذي ينقصنا في المملكة العربية السعودية لنصل إلى ما وصلوا إليه؟ ولماذا لا نحثّ الخطى لنكون على دربهم وأفضل منهم، ما دمنا نملك العلم والفكر والتفكير والعزيمة التي تحفّز على الإصرار لتحقيق ما نصبو إليه؟ وكان لي ما أردت إذ تسلحت بالأمل والإرادة الصلبة وبذلت الجهد لتحقيق النجاح، رغم كل الصعوبات التي واجهتني.

- ما هي التحديات التي واجهتك؟
لأنني امرأة من حقبة التسعينيات وجدت الأمر صعباً للغاية، لأن هذا المجال كان حكراً على الرجال، مع أنظمة صعبة وغير واضحة، ولم أتظلل بمظلة أحد في تلك الفترة، فكان عملي عشوائياً في البداية، إلى أن شققت الطريق بمساعدة أهلي وزوجي وأصدقائي، ووسائل الإعلام قدمت لي الكثير، وجعلتني أشرق كالشمس، فوُلد البرنامج الوطني.

- من نظّم تلك المعارض في ما بعد؟
بعد أن أدركت المملكة العربية السعودية أهمية المعارض في دعم عملية التنوع الاقتصادي بعيداً عن عوائد إنتاج النفط وتصديره، أولت اهتماماً خاصاً بتطوير قطاع المعارض والمؤتمرات، حيث وجدت أن في إمكان هذا القطاع أن يدر عائدات ضخمة تساهم إلى حد كبير في الناتج الإجمالي المحلي، ليصبح محركاً أساسياً للاقتصاد الوطني. فأعدت البرنامج الوطني وجعلته تحت مظلة الهيئة العامة للسياحة برئاسة الأمير سلطان بن سلمان الذي أوضح كل الأمور واستحدث أنظمة فذلّل بعض العقبات، ومهّد الطريق، وبدوري أثبتت وجودي وحققت النجاح، مما دفع نساء أخريات للسير على طريق المعارض.

- هيا السنيدي فتحت المجال لإشراك فتيات سعوديات في معارضها، ودعمتهن، ألم تشعري بالخوف من وجودهن في المعرض كمصمّمات؟
دعمتُ الفتيات والشبان على حد سواء، لأنني مؤمنة بقدراتهم جميعاً، ودائماً أضع نصب عيني 50 في المئة نجاح و50 في المئة فشل، وأُقدّر مجهود كل منهم وعطاءه، وهناك من دعمته ونجح، ومن دعمته وأخفق، والإخفاق هو التجربة التي تسبق النجاح، فلمَ الخوف ما دام الأمل موجوداً؟ لقد جرّبت الفشل، لكنني تسلّحت بالأمل وعقدت العزم على تحقيق النجاح.

- ما الدافع لفتح المجال أمام الشابات والشبان السعوديين؟
نظراً لعدم توافر أماكن تظهر تلك المواهب الجميلة على اختلاف أنواعها، عمدت الى إفساح المجال أمامهم لكونهم أبناء الوطن والوطن يسعد بهم، فوضعتهم على أول الطريق لأنني مؤمنة بعطاءاتهم الجميلة.

- هل كنت تأملين بنجاحهم؟
منذ السنة الأولى كنت آمل بتفوقهم، وليس بنجاحهم فقط. بعضهم فتح مكاتب للديكور، والبعض الآخر أصبح لديه شركات لتصميم المجوهرات، وغيرها من المجالات، لذلك خصصت كل عام جناحاً خاصاً للمبتدئين المبدعين، وعدسة «لها» شاهدة على إبداعهم، ولا يُخفى على أحد مهرجان المأكولات المتنوعة من مختلف مناطق المملكة، بحيث أعدّت سيدات سعوديات الوجبات وبعنها للمطاعم الكبيرة، والتي أبرم عدد منها عقوداً مع هؤلاء السيدات.
- أقمتِ معارض في جدّة والرياض، لكن أين مدن المملكة من اهتماماتك؟
انطلقت من جدّة لكوني أُقيم فيها وتربطني علاقة قوية مع أهلها في البيت التجاري، ناهيك عن أن جدّة هي أهم ميناء تجاري في المملكة، وبعدها انتقلت إلى الرياض واكتشفت تعطشهم إلى المعارض وإقبالهم الشديد عليها، حتى وإن لم تكن لديهم مشاركة أو تجارة فيها، لكنهم يحبون الاطلاع عليها ويقدّرون وجودها مقارنة بالقوة الشرائية العالية فيها، وننوي دخول المنطقة الشرقية مستقبلاً.  

- بعد تلك المعارض، إلامَ تطمحين، سواء على الصعيد الشخصي أو العام؟
رغم انطلاقتنا العشوائية منذ 8 سنوات، عدنا وانتظمنا منذ 5 سنوات وأصبحت معارضنا جيدة لكوننا نسير بخطى مدروسة وسريعة، لأن المملكة حديثة العهد في تنظيم المعارض، إلا أن طموحي العام كبير جداً وأسعى لمنافسة المعارض العالمية في أوروبا وشرق آسيا، أما على المستوى الشخصي فأطمح الى أن تفتتح «هيا سنيدي للمعارض» فروعاً لها في دول الخليج. 

- بين الأمل والألم فرق شاسع، فمتى تحلمين ومتى تتألمين؟
أنا إنسانة حالمة في مختلف الظروف والأوقات، لكنني أتألم حين أرى الأطفال يموتون ويُشرَّدون ويجوعون في الحروب القذرة، فهل هناك ما هو أكثر ألماً! لا أعتقد.

- يقولون إن المرأة عدوة المرأة، وأنتِ تديرين «كادر» نسائياً كبيراً، فكيف تترجمين تلك المقولة؟
ليس في كل الحالات، ونادراً ما تحصل العداوة بين النساء، لأن المرأة بطبعها تحب الاستمرارية، ودائماً تهيئ لامتدادها في مكان عملها لتثبت نفسها أمام التحديات الهائلة، لذلك أمد يد المساعدة لكل فتاة لديها طموح وتحب أن تقدم أفضل ما عندها، وأفتح أمامها أبواب النجاح.

- هل تحقق المرأة النجاح بالأمل وأسرع من الرجل؟
في الوقت الراهن أجل، ذلك بسبب إصرار المرأة على النجاح، فهي مجتهدة وتكافح لتحقيق ما تريد بتفوق. أما الرجل فيعتريه اليأس بسرعة كنتيجة حتمية للمنافسة القوية، ومن طبعه التردد، لكن المرأة تتسلّح دائماً بالأمل، فكلما فشلت استعدت لجولة النجاح من أجل الاستمرار في الحياة.

- تستطيعين بناء جسر من الأمل على نهر من اليأس، لكون الأمل هندسة جميلة؟
طبعاً، بهدوئي وأسلوبي في التعامل أبثّ الأمل في نفس كل شخص يائس، وعلى سبيل المثال لا الحصر جاءتني حالة تعاني شبه انهيار فجعلتها هادئة ومتصالحة مع نفسها، بالأمل.

- الأمل ليس حلماً، بل طريقة لجعل الحلم حقيقة، متى جعلتِ الحلم حقيقة؟
أحلامي لا تنتهي، هناك أحلام تحققت، وأخرى لم تتحقق وضعتها جانباً وبحثت عن غيرها، لكنني لن أترك اليأس يغزو حياتي، لأنني حققت الكثير من الأحلام وسعيدة بها.

- هل تستمعين الى الواشين فيموت الأمل؟
للحظات فقط، وأنتفض حتى يبقى الأمل حياً في داخلي.

- يقول فولتير: «نأمل دائماً أن نعيش»، فماذا تقولين؟
الأمل هو الحياة، أتنفسه وأعيشه، ومن لا يملك أملاً يصبح شبه ميت.

- الآمال العظيمة تصنع العظماء؟
بالطبع، ودائماً أقول لفريق عملي: فكّروا كيف تصعدون بمصعد كهربائي، واغتنموا الفرص لأنها لا تأتي مرتين، على الرغم من أن الفرص مخاطرة.

- الأمل يمسح الدمعة التي يُسقطها الحزن؟
الدمعة حين تسقط تفرج الهم وتمسح الحزن وتمنحك الأمل من جديد.

- يقول جبران خليل جبران: «هناك من يتذمر لأن للورد شوكاً، وهناك من يتفاءل لأن فوق الشوك وردة»...
نتحمل الشوك لنقطف الوردة.

- ماذا أعطتك الأم؟
الحديث عن الأم يحتاج الى كتاب لأنني محظوظة باثنتين، جدتي لأمي، وأمي، حين أضعف أحلم بها فتقوّي لدي الدافع رغم رحيلها، والوالدة تعطيني جرعة كبيرة من النشاط حين أتعب أو أمر بظروف صعبة.

- وزوجك؟
مهّد لي الطريق وخطوت أول خطوة معه، وترافقنا لعدة سنوات في الفرح والحزن، فهو دافعي للنجاح.

- ماذا قدّمت لك بيروت؟
العلم الواسع، والذوق الرفيع، وعلمتني الجودة في العطاء.

- جدّة أم الرخاء والشدة؟
تتميز جدّة بطيبة أهلها وتعاطفهم مع بعضهم البعض، وهذه الطيبة لا أجدها في أي بلد عربي آخر. -

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078