جريئة في الحب والموسيقى هبة طوجي: السياسة خارج حساباتي
مشرقيّة الانتماء، عالميّة الهوى، استطاعت بلغتها العربية أن تدخل إلى بيوت الفرنسيّين في السنوات الماضية، وأن تثبّت صورتها في أذهانهم، في أحد أشهر الأدوار المسرحية «إزميرالدا» في مسرحية «أحدب نوتردام» التي قدّمت منها حوالى الخمسين عرضاً في فرنسا، وخمسة عشر عرضاً في تايوان... في أعمالها جرأةٌ تخالطُ الشغف فتولّدُ إبداعاً... هبة طوجي، تتحدّث بشغفٍ عن الموسيقى، عن الحب، الفنّ، المستقبل والعمل مع الرحابنة، والذي بات جزءاً من يوميّاتها في لقاءٍ من القلب مع «لها».
- هبة طوجي، أخبرينا كيف بدأ العام 2017 بالنسبةِ إليكِ؟
افتتحتُ العام بإطلاق أغنيتي «بغنيلك يا وطني» التي طرحتها في الساعات الأخيرة من عام 2016، فأردتُ أن يحمل العام الجديد مشروعاً جديداً للجمهور، هو عبارة عن هذه الأغنية التي ستكون ضمن ألبومي الجديد، فهي من ألحان وإنتاج أسامة الرحباني، وشعر غدي الرحباني. صوّرنا الكليب في لبنان على مدى يومين، الرؤية كانت مشتركة بيني وبين أسامة وإميل عضيمي، كما تولّيت مهمة التنفيذ والإخراج.
- هل يُمكننا وصف هبة بـ«السندبادة اللبنانية»؟
نعم... بين فرنسا وم_سرحية «أحدب نوتردام»، والمشاريع الأخرى، أصبحت أعيش في الطائرة!
- هل تهتمين بأن تكون الرؤية الإخراجية قريبة من رؤية الناس في الشارع أكثر من رؤيتك الشخصية للعمل؟
عندما يؤلّف أسامة العمل، يكون قد وضع تصميماً لفيلمٍ قصير في ذهنه، وهو يعرف تماماً الـ Outcome الذي سيخرج به العمل إلى الجمهور. هناك أفكار كثيرة نناقشها ونتحدّث عنها، أضيف إليها أفكاري، نعدّلها ونعمل عليها. وفي «بغنيلك يا وطني»، شاركنا إميل عضيمي الذي تولّى مهمة المؤثرات البصرية كلها. فأسامة وضع حجر الأساس، ونحن تابعنا بناء الفكرة على الطريق الصحيح، وفي كلّ المواضيع التي نطرحها تكون المعالجة إنسانية- اجتماعية بعيدة عن المواقف السياسية، ولا تكون أيضاً «كليشيه» أو تقليدية، ناهيك عن شعر غدي الرحباني الذي أتى ليترجم هذه الفكرة بالكلمات.
- انتشرت أخيراً أخبار عن إحيائك حفلة ضمن مهرجانات الأرز 2017، هل لكِ أن تخبرينا بالتفاصيل؟
اشتقتُ كثيراً إلى المسرح اللبناني، الذي غبتُ عنه بعد تقديمي في الصيف الفائت مسرحية «ملوك الطوائف»، فأشتاق الى الجمهور والعائلة والبلد نفسه، ولذلك سأكون ضمن فعاليات اختتام مهرجانات الأرز الدولية 2017 في الخامس من آب/أغسطس، وسأقدّم حفلاً ضخماً جدّاً، منوّع البرنامج، يُرافقني فيه كورس كبير، أوركسترا وراقصون محترفون، وسأقدّم أغنيات قديمة وأخرى من ألبومي الجديد.
- كنتِ في تايوان أخيراً وبعدها المغرب... نشيطة جدّاً في سوق الحفلات، ماذا على «أجندة» هبة طوجي في الفترة المقبلة؟
عقب الانتهاء من عروض «أحدب نوتردام» في باريس، انتقلنا إلى تايوان، حيث قدّمنا من الرابع والعشرين من شباط/فبراير إلى الخامس من آذار/مارس حوالى الخمسة عشر عرضاً من المسرحية التي تُعتبر إحدى أشهر وأنجح المسرحيّات هناك. قدّمنا العمل بالفرنسية، وكانت هناك ترجمة للحاضرين، واللافت أنّهم كانوا جميعاً تيوانيّين، وبدا التأثر والانسجام واضحين عليهم بعد انتهاء العرض. وبعد تايوان سافرتُ إلى المغرب في 17 و 18 آذار/مارس، حيث قدّمتُ حفلين غنائيين مع أسامة الرحباني بين الدار البيضاء والرباط، وهي المرّة الأولى التي نُغنّي فيها هناك. الحفلان كانا ناجحين جدّاً، الجمهور حفظ الأغنيات وكانت الأجواء مليئة بالحماسة والإيجابية.
- عدتِ أخيراً من فرنسا حيث وقفت بطلةً في مسرحية «أحدب نوتردام»، كيف تلخّصين التجربة؟
هذه بالتأكيد خطوة مهمّة جداً في مسيرتي الفنّية، وأعتبر ذلك بمثابة إنجاز لي، لأنّ المسرحية ليست غنائية فرنسية فقط، ولكنّها من أكثر المسرحيات التي حظيت بالانتشار والنجاح حول العالم، والأغنيات محفوظة من جانب الجمهور منذ أكثر من 20 عاماً. هذه البطولة النسائية خطوة مهمّة لي في أوروبا والعالم، وأضافت إليّ الكثير على الصعيدين الفنّي والإنساني، ناهيك عن دعم الصحافة الأجنبية والعربية، والأصداء الإيجابية التي حققتها.
- أخبرينا عن حكايتكِ مع مسرحية «أحدب نوتردام»، جميعنا لنا ذكريات مع القصة... ما ذكرياتكِ مع المسرحية؟
كنت أشاهد وصديقاتي الثلاث المسرحية في كلّ أسبوع عبر الـ DVD ونردد أغنياتها، وما زالت الأغنيات ترافقنا حتى اليوم.
- سبقتكِ إلى الدور في نسخة «أحدب نوتردام» الأولى إيلين سيغارا، ما هي المسؤولية الملقاة على عاتقكِ على هذا النحو؟
كلّ عمل انتشر ليس من الصعب أن تستعيد تقديمه، ولكن هناك مسؤولية أكبر، حتى لا تخذل الجمهور الذي يملك ذكريات كثيرة وجميلة مع العمل. ما تفكّر به في هذا الصدد هو تقديم شيء جديد ويضيف إلى العمل. ردود الفعل كانت إيجابية جدّاً، وفي كلّ عرض كنا نحظى بتصفيق حار من الجمهور ووقفة إجلال، وبعد العرض كان الكثير من الحضور ينتظر خروجنا للتعرّف إلينا والتقاط الصور معنا. أما على صعيد الدور، فقد تطوّر كثيراً بعد 18 عاماً، وأخذ منحى جديداً وتخللته تفاصيل إضافية ومختلفة... «إزميرالدا» باتت ترقص وتتحرّك أكثر من ذي قبل، ومن الطبيعي أن يعقد المشاهد مقارنة بين دوري ودور إيلين سيغارا في البداية، ولكن عندما يُشاهد العمل سيُحبّه كثيراً.
- ستكون المسرحية متوافرة على DVD’s بتقنية الأبعاد الثلاثة، وهي الـ Come Back الرسمي لـ«أحدب نوتردام»، هل كنتِ تتمنّين لو دخلتِ بيوت الناس وعقولهم بمسرحية مماثلة إنّما باللهجة العربية؟
قدّمت في مسيرتي حتى الآن أربع مسرحيات غنائية مع الرحابنة، وهذا ما أدخلني بيوت الناس وقلوبهم، وحقّق لي خلفية فنّية ومسرحية قوية، وقدّمني بأجمل صورة إلى الجمهور، ولولا هذه الأعمال لما وصلتُ إلى ما أنا عليه اليوم. منتجو المسرحية شاهدوا أعمالي، وهذا ما دفعهم للاتصال بي، ولا أنكر هنا أنّ «ذا فويس» سلَّط المزيد من الضوء عليّ، ولكنّ أعمالي السابقة والمسرحيات كانت كفيلة بتشكيل كياني الفنّي، وقد نجحتُ في دخول بيوت العديد من الناس، واليوم من خلال «أحدب نوتردام» سأدخل بيوت من لا يعرفونني، وسيدفعهم فضولهم للتعرّف إليّ أكثر، بغض النظر عن حاجز اللغة، الذي أظنّ أنّه اختفى مع العولمة وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، التي سهّلت على الجمهور اكتشاف أعمالي.
- عينكِ على أي دور أو مسرحية عالمية في هذه الفترة؟ أم عينكِ على تشييد مكان خاص ليلتقي فيه محبّو هبة بها لسماع أغنياتها ومشاهدة استعراضاتها؟
لم أفكّر يوماً بهذه الطريقة، ولم أضع نصب عينيّ التخطيط لأي مسرحية، فأنا أنتظر الفرص، وإن صحّ التعبير أعمل بكدٍّ وجهد حتى تصلني. لم نرتح يوماً بعد عودتنا من فرنسا، فقد قدّمنا حفلاً في إمارة الشارقة، وها نحنُ اليوم نُنجِزُ أغنيات الألبوم الجديد. أُحب وأسامة الرحباني هذا المكان، ولدينا شغف كبير بما نقدّمه، الفرص أمامنا، وهناك أحلام كثيرة نعمل على تحقيقها.
- هل تطمحين الى دخول السينما أم الى عالم الدراما التلفزيونية؟
أحلم بالسينما طبعاً، وبحكم دراستي للتمثيل والإخراج السينمائي فهذا طموحي الذي أسعى الى تحقيقه، ولكنّني أنتظر الفرصة المناسبة. تلقّيتُ عروضاً كثيرة، ولكنّني لم أجد عرضاً بمستوى ما قدّمته في المسرح والأغنيات، لكن إذا لاحت لي فرصة جميلة فلن أتردّد في اقتناصها. أمّا في التلفزيون، فالمعادلة مختلفة، هناك أعمال جميلة وتستحقّ المتابعة لكنها قليلة، ناهيك عن أنّ هناك عائقاً في التصوير بحيث يتطلّب وقتاً طويلاً ويحتاج الى ملاحقة ومتابعة، وأنا اليوم متفرّغة للغناء.
- هل من الصعب على فنانة بدأت على مسرح الرحابنة أن تدخل عالم التلفزيون بإنتاج أقل ضخامة؟
عندما يعمل أي شخصٍ مع الرحابنة، يُصبح من الصعب عليه الاختيار، لأنّه ارتقى الى أعلى درجات الفن وعمل مع أشخاص عباقرة وفنانين مبدعين، وأنا كذلك، صعدتُ السلّم بسرعة وبدأتُ من فوق. لذا، من الصعب الاختيار بعد ذلك، ولا أخفي عليكَ أنّني مع كلّ اختيار أستشير أسامة، فهو يُساعدني كثيراً ويرشدني الى الطريق الصحيح، وأكرر لك، من الصعب أن تختار عملاً يكون أقلّ جودة وإبداعاً من الرحابنة.
- يُقال إنّكِ انتقائية في أعمالكِ، هل هذا ما أكسبكِ إياه المسرح الرحباني، وتحديداً التعامل مع أسامة الرحباني؟
اكتسبتُ خبرات كثيرة على الصعيدين الفني والإنساني وحتى الثقافي، نتحدّث عن أمور كثيرة، وأنا اليوم، في كلّ مسرحية لستُ ممثلة ومؤدية لدوري فقط، بل أحبّ المشاركة في التطوير، أحب أن أرى كيف تُنفّذ الأزياء وكيف تُبنى الديكورات، أحب أن أكون موجودةً. التعايش مع أسامة، غدي ومروان الرحباني وحتى الكبير منصور الرحباني الذي عملتُ معه في «عودة الفينيق»، يجعلك تكتسب طريقة مميّزة في العمل، التعلّم والتحليل... فهم مدرسة قائمة بحد ذاتها.
- هل تفكّرين في كتابة أي عمل أو سيناريو يكون بصمتكِ في عالم التمثيل؟
في الحقيقة، هناك أفكار كثيرة تجول في خاطري، ولكن بين السفر والمشاريع الغنائية، لا يُمكنني إيجاد وقتٍ للكتابة، فمن الطبيعي أنّك عندما لا تكون مرتاحاً لا تستطيع القراءة ولا الكتابة، في جعبتي أعمال عدة كتبتُ ملخصاً عنها وتنتظر التطوير وأن ترى النور.
- شاركتِ في مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، ما هي الأعمال التي قدّمتِها؟
كان هذا أوّل حفل بعد عودتي من باريس، اشتقتُ كثيراً إلى الجمهور والمسرح الغنائي. والمميّز في الحفل، كان شكل المسرح القريب الى الجمهور. الجو كان مريحاً، وهناك علاقة مميّزة مع الحاضرين الذين حفظوا الأغنيات والقصائد، فرغم البرد والحرارة المتدنّية، كان الجمهور متفاعلاً الى أقصى الدرجات، وفي ختام الحفل شاركوني غناء «بلد التناقض» على المسرح، بعدما أعدنا تقديمها مرّتين.
- في الحديث عن «بلد التناقض»، هل نجحت هبة طوجي في جمع أطياف اللبنانيين حولها بأغنياتها وأعمالها وتعتبر أنّ المهمّة قد أُنجزَت؟!
لا يُمكن أن أعتبر أنّني أتممتُ مهمّتي، فلا حدود للعمل الذي أقدّمه، ولا أرى أنّ هناك إجماعاً على عملي، حالي حال العديد من الفنانين...
- (أقاطعها)، ولكنْ هناك إجماع للغالبيّة...
قد يكون ذلك لأنّنا نقدّم في أعمالنا معالجة إنسانية للمواضيع، ولا نتطرّق في الحديث إلى السياسة. التوجّه إنساني، وبالتالي لا فرق بين شخص وآخر، وبين فئة وأخرى.
- في العودة الى الحديث عن حفل الشارقة والإمارات، التي كانت محظوظة بأعمال الرحابنة، ألا تفكّرين في أداء الشعر النبطي؟
الأيام المقبلة تحمل أفكاراً وأعمالاً جديدة، والشعر الجميل في أيّ لهجةٍ أو لغةٍ كان يحمل معاني مميّزة، يُمكننا في المستقبل أن نختبر أي نمط شعري جديد، ولكن تركيزي اليوم وتوجّهي في الغناء هو نحو اللبناني والفصحى المفهومة من جميع العرب.
- يُقال إنّك «الفنانة التي سحرت فرنسا»، «نجمة المسرح الرحباني»، و«فنانة النخبة»، أي لقب يُشبهكِ أكثر؟
اسمي فقط... كلّ الألقاب تؤثر فيّ كثيراً، أحترمها وهي تعبّر عن محبّة الناس والجمهور وتقديرهم، ولكنّني أفضّل اسمي وألّا يسبقه أي لقب.
- هل يصح القول إنّ هبة قبل «ذا فويس» مختلفة عن هبة بعده؟
هي ليست مختلفة، ولكن «ذا فويس» اختصر مراحل عدة وسنوات من التعب لتحقيق هذا الظهور المكثّف على الشاشة، ما يؤمّن انتشاراً أكبر وأشمل.
- وعدتِ بألبوم فيه Cross Over ثقافات وموسيقى... أين أصبح؟
نعمل عليه حالياً، ولكن العمل مرهق جدّاً في التنسيق بين المسرح والاستوديو، فبعد الانتهاء من «ذا فويس»، وقّعتُ عقداً إنتاجيّاً مع شركة Universal Music فرنسا، وهي ستتولّى إنتاج هذا الألبوم، وسيكون أوّل ألبوم كامل لي باللغة الفرنسيّة.
- في الحديث عن الألبومات، مبروك الألبوم الجديد «هبة طوجي 30»... أخبرينا عنه...
هو «دوبل ألبوم»، يتضمّن قرصين مدمجين، الأوّل فيه 15 أغنية جديدة، والثاني يضم 15 أغنية قدّمتها في مسرحيّات لي في السابق، كما أعدنا توزيع أغنيتي «إنت عمري» للسيدة أم كلثوم و«أهو ده اللي صار» لسيّد درويش، وتقديمهما ضمن إطار أوركسترالي تحت إشراف أسامة الرحباني.
- ولماذا اخترتِ «أنغامي» لإطلاق الأغنيات... واللافت كان طريقة إطلاقها على دفعات؟
أؤمن كثيراً بأهمية «الديجيتال» كما أؤمن بأهمية الألبوم بحد ذاته، ومعروفٌ أنّ تطبيق «أنغامي» بات ذائع الصيت ويحقق انتشاراً كبيراً جدّاً. اخترنا إطلاق أوّل عشر أغنيات في يوم المرأة العالمي (8 آذار/مارس)، الدفعة الثانية في 15 منه، والثالثة في الثاني والعشرين من الشهر نفسه. هذه الأغنيات منوّعة من حيث المواضيع والأنماط الموسيقية، وقد تمّ إنتاجها وتسجيلها تحت إشراف أسامه الرحباني بين كييف، باريس ولبنان.
- ماذا عن اختيار عنوان الألبوم «هبة طوجي 30»؟
اختيار الرقم «30» عنواناً للألبوم، يرمز إلى ما يحمله هذا الرقم من معانٍ مرتبطة بمفاهيم عميقة كالإبداع والوحي والتسامح والتواصل والتفاؤل، وهذه مواضيع تضمّنتها أغنيات الألبوم، ناهيك عن أنّه في نهاية هذا العام، في شهر كانون الاول/ديسمبر 2017، سأبلغ الثلاثين من عمري.
- بالتزامن مع إطلاق الألبوم، هناك فيديو كليب لأغنية «وحدي لحالي»، لماذا اخترتِ أن يكون إطلاقها في «حديث البلد»؟
أردنا أن تحمل إطلالتي في «حديث البلد» مع الإعلامية منى أبو حمزة على شاشة MTV مفاجأةً للجمهور، فكان العرض الأوّل لفيديو كليب «وحدي لحالي» الذي صوّرناه في فرنسا، وهو من كلمات غدي الرحباني، موسيقى وتوزيع أسامة الرحباني، أما الإخراج فلمختار بيروت، وهو صديقي منذ أيّام الدراسة الجامعية، وتخرّجنا في الدفعة نفسها، وأردتُ أن ألتقي به من جديد في هذا العمل، ويحمل الكليب روح جلسة التصوير التي خضعت لها لغلاف الألبوم، وأيضاً تعاونتُ فيها مع مختار، والعمل بات متوافراً بعد ذلك عبر قناتي على «يوتيوب»، حاله حال أغنيات ألبومي.
- أدخلتِ أغنية «لا بداية ولا نهاية» باللغة العربية إلى فرنسا، أين ترين موضع الأغنية العربية في الغرب؟
الأغنية العربية في العالم مرتبطة بالنسبة إلى الغربيين بالموسيقى المغاربية والراي، وهناك كثرٌ يُفكّرون بأنّ الراي هو الأغنية العربية، ولكلّ بلد ثقافته المختلفة وأغنياته، ولكن مع اختلاط المجتمعات بدأ الانفتاح الموسيقي، أمّا الأغنية اللبنانية فهي مختلفة عن باقي الأغنيات العربية، ولها خصوصيّتها ولا تشبه أي موسيقى أخرى.
- كلام الأغنية كان عربيّاً واللحن فرنسياً... هل كان هذا هو السرّ في انتشارها؟
اللحن للمؤلف الموسيقي ميشال لوغران، فهو موسيقي معروف جدّاً وذو شهرة واسعة في العالم، وأنا وأسامة معجبان بفنّه وموسيقاه، وعندما اختار الكبير منصور الرحباني كتابة كلمات «لا بداية ولا نهاية» وتمّ وضع اللحن عليها، بدت وكأنّها أغنية عربية في الأساس، وهذا كان سبباً في انتشار الأغنية. هناك أغنيات أجنبية لا تصلح لأن تُعَرَّب، ولكن «لا بداية ولا نهاية» حملت الطابع الأجنبي، كما أنّ من يعرف الأغنية في الأساس، يكتشف النظرة والرؤية الجديدة التي وضعناها لها.
- هل بات في إمكاننا اليوم القول إنّ هناك أسلوباً غنائياً خاصاً بهبة طوجي؟
أسلوب أسامة الرحباني وهبة طوجي... فنحن كيانٌ فنّي لا يتجزّأ، ولا يُمكن إقصائي عن البيئة الفنّية الحاضنة لي. فالموهبة ربّانية، إنّما التطوير أتى بعد عمل دام حوالى 10 سنوات مع أسامة الرحباني، فهو شخص ذو هوية ونمط موسيقي مميّز جدّاً، وعندما بدأت العمل معه كنت في الثامنة عشرة من عمري، فعملنا يومياً وأخذت من شخصيته وسِماته. أسامة عندما يضع عملاً يُشركني في وضعه، ونرى الخصوصية ويُطوّرها، وأنا أنفّذ أفكاره الموسيقية التي تمزج بين أنماط متعدّدة من الموسيقى على أكمل وجه، وفي العموم، أي شخص يُريد أن يُطوّر صوته وقدراته الفنّية، يجب عليه أن يُخضعه إلى ما يُقدّمه له الشخص الآخر، الشريك الفنّي.
- ألا تعتبرين أنّ التماهي مع شخصية أسامة الرحباني قد يظلم هبة طوجي، التي باتت تقلّدها الكثيرات في طريقة المغنى؟
ليس هناك ظلم أبداً... بل على العكس، ففي الحياة استمرارية وهناك أشخاصٌ كثر نستمع إليهم ونتمثّل بنجاحهم، والتفاعل بين الأشخاص أو «العدوى الإيجابية» سرّ ومفتاح لهذه الاستمرارية. أمّا عن التقليد الذي تحدّثت عنه، فهناك فنانون كُثُر يُغنّون بالأجنبية، سواء إنكليزية أو فرنسية، وهذا أمر جميل، ولكنّني أختلف عنهم تماماً، فأنا في نهاية المطاف أتقن مفهوم اللغة والنصوص من نواحٍ عدّة، وهذا أبرز ما تكتسبه وتتعلّمه في العمل مع الغربيين، فإن لم تفهم هذا الجوهر، لن تستطيع العمل معهم.
- حوالى العشر سنوات مضت على عمر هبة طوجي الفنّي، لو أضفنا إليها عشر سنوات أخرى... أين تجدين نفسكِ؟
أتمنّى الاستمرارية لنفسي ولمسيرتي الفنّية على مستوى أرفع ونطاق أوسع.
- لو لم تكن هناك محطة «ذا فويس» في مسيرتكِ، هل كانت مكانتكِ عند الناس هي نفسها؟
«ذا فويس» سلّط الضوء على موهبتي وعلى أعمالي، ولكن أعمالي هي التي كوّنت قيمتي الفنّية.
- إذا أردنا وضع إطار لفنّ هبة طوجي، كيف ترينه؟
لا أحب الإطارات، لأنّ ذلك يوقف الإبداع، الخيال، الطموح والتفكير... أفضّل أن يبقى فنّي حرّاً.
- تؤمنين بمفهوم العالمية للفنانين... أم لديكِ تعريف مختلف لها؟
ثمة الكثير من الناس الذين فهموا «العالمية» بشكلٍ خاطئ، فهناك بعض الفنانين من ذوي القيمة العالمية ولكنهم لم يسجلوا انتشاراً عالمياً. فاستخدام العبارة يكون عادةً في غير موضعه، لأنّ الانتشار العالمي هو أن تكون حاضراً على المسارح العالمية، موسيقاكَ معزوفة في الخارج، تُشارك في أعمال عدة، سواء مسرحية أو غيرها. وقد يقول البعض إنّ العالمية تتحقق بعد فوز أحدهم بجائزة في بلدٍ أجنبي، ولكنّ ذلك يختلف باختلاف الجائزة ومصدرها، فالموسيقي اللبناني غابريال يارد مثلاً فاز بجائزة أوسكار عن موسيقاه في فيلم English Patient... هذه خطوة عالمية، ولكن عندما يُغنّي أحدهم في حفلة لجاليات بلاده في الخارج، يُقال عنه إنه عالمي، فهذا ليس عالمياً... الأمر مختلف تماماً، فحين تتعرّف إليك الصحافة والإعلام في الخارج وتدخل في «منظومة» أو الروتين الفنّي في الخارج، فأنتَ عالمي.
- هل لديكِ مشكلة مع هذا الوصف؟
لكلّ شخصٍ قناعته في هذا الصدد، ويُمكن أن يُسمّي نفسه عالمياً، ولا مشكلة لدي في ذلك، ولكنْ هناك ألقاب توزَّع بطريقة مجانية وتكون «فضفاضة» على الأشخاص.
- أنتِ مثال الثورة ولسان حال الشعب، بعدما غنّيتِ للثورة و«الربيع العربي»، كيف أصبح الوضع في العالم العربي اليوم؟
الوضع صعب جداً، خاصّةً مع الأحداث الدامية التي افتُتح بها العام في تركيا، أشعر بأنّ الإحساس مع الآخر لم يعد موجوداً كالسابق، نحن بحاجةٍ إلى التكاتف مع بعضنا البعض، وعلى وسائل الإعلام أيضاً أن تكون أكثر سلميّةً.
- متى تتوقّف هبة عن تقديم الأعمال الإنسانية والوطنية؟
عندما تتوقّف المشاكل في العالم والمجتمعات المحيطة بنا.
- هل من عوائق موجودة ومُعتّم عليها تمنعكِ في بعض الأحيان من تقديم موضوعات حساسة؟
هناك تابوات عدة في العالم العربي، وفي الأساس هناك أمور لا ينبغي التحدّث عنها في العلن. أنا مع حرّية التعبير، كما أنّه لا يجوز الكشف عن كلّ الأسرار، «ومش كل ما شفنا شي منصوّره ومنحطه على السوشيال ميديا... وين الضمير والانتباه؟»، وأظنّ أنّ «الربيع العربي» كان من أهم المواضيع الحساسة عندما تناولناه.
- حتى أنّكِ غنّيت الحب بطريقة ثورية ومختلفة، لا سيّما في «خلص»... أين الحب في حياتكِ اليوم؟
تسأل عن الحب مع كلّ هذا العمل؟! أشعر بأنّ الأغنيات التي أقدّمها «بتفشّ الخلق»، وتمنحني الاكتفاء العاطفي. إن أردتَ أن تقع في الحب، عليكَ أن تتفرّغ لذلكَ، وعلى العموم أنا شخص لا يُحبّ كشف كل تفاصيل حياته على السوشيال ميديا.
- ختاماً... أجندة مواعيدكِ حافلة هذا الصيف، وعلمنا أنّ «أحدب نوتردام» ستزور بيروت... ماذا لكِ أن تخبرينا عن الموضوع؟
أحيي سلسلة حفلات غنائية هذا الصيف، في الخامس من آب/أغسطس في مهرجانات الأرز، كما أحيي حفلاً في 12 منه ضمن مهرجانات زحلة، وهناك حفلات في عدد من الدول العربية نُعلن عنها لاحقاً، ناهيك عن أنّ مسرحية «أحدب نوتردام» ستزور لبنان ضمن فعاليات مهرجانات جونية الدولية في الثامن والتاسع والعاشر من تموز/ يوليو 2017.-
العالمية
- كنتِ بطلة المسرح الغنائي في لبنان مع الرحابنة، هل هناك اختلاف بين المسرح اللبناني، العربي والغربي؟
الثقافة هي مرآة المجتمع، واختلاف الثقافات ينتج من اختلاف الناس، ومن الطبيعي أن تتأثر الثقافة بالبيئة الحاضنة والشعوب. كلٌ من المسرحين اللبناني والغربي على مستوى عالمي من الاحترافية والدقّة والإتقان، عملتُ في المسرح اللبناني مع الرحابنة، فلديهم المقوّمات العالمية من الثقافة، طريقة التفكير، الإمكانيات وغيرها من مكوّنات الأعمال، ما يختلف طبعاً هو على صعيد المتلقّي والجمهور.
- ماذا يعني أن تقف فنانة لبنانية- عربية على مسرح أجنبي وتؤدّي دوراً بهذه الضخامة؟
(تضحك)... لا أعلم... قد يكون ذلك تحقيقاً لحلم فتاة صغيرة، كانت تتابع العمل حالها حال أبناء جيلها عندما كانت في العاشرة من عمرها. الناس هم الأَولى في التقييم، ولستُ مخوّلة للقيام بذلك على الصعيد الشخصي.
- اختلاطكِ بالوسط الفنّي الأجنبي والفرنسي، ماذا أكسبكِ؟
عليكَ أن تفهم المجتمع الذي تتوجّه اليه وأنتَ تُحافظ على هويتك وتحرص على عدم تغييرها. هناك توازن بين الهوية وفهم المتلقي، وما اكتسبته من هذا الاختلاط هو «محاولة استيعاب من هم حولك على اختلاف ثقافاتهم وتوجّههم، وتُصبح بالتالي قادراً على أن تثق بذوقكَ وتُعبّر عن نفسكَ».
رومانسية وجريئة
- وهل تملكين الجرأة في الحب كالجرأة التي تُغنّين بها؟ أم أنكِ رومانسية؟!
أملك الاثنتين معاً... أنا رومانسية وجريئة، ففي بعض الأحيان أحبّ أن أنصت وأستمع ولا أتكلّم، وفي أحيان أخرى، أكون شخصاً يُعطي رأيه ويُشارك.
- جريئة في الحب؟
(ممازحة)... «مش كتير» بالمطلق. ولا تنسَ أنّ الحب بحد ذاته جرأة.
- ما هو الموضوع الذي لم تغنّيه بعد و»عينك عليه»؟
كل المواضيع تمّ غناؤها في العالم، والجديد يكون من خلال المعالجة الجديدة والفكرة المختلفة.
- بعد هذا الكم من الأعمال الوطنية والثورة على الفساد، هل تطمح هبة الى منصب سياسي أو اجتماعي؟
لا أطمح الى منصب سياسي بحت أبداً، أحبّ أن أكون ضمن العاملين في مجالات البيئة والرياضة والتربية والأعمال الخيرية والثقافة طبعاً، أما نظام السياسة فلا أحبّه ولا أعلم أسراره وطريقة عمله.
أسراري
- ما هو روتينك الصباحي؟
أحتسي القهوة الصباحية، وأقوم بجولة على السوشيال ميديا.
- ما هي أدوات العناية التي تستخدمينها كلّ يوم؟
أهتمّ كثيراً بتنظيف البشرة، وأستخدم غسول الوجه (Micellar Water) وأضع بعد ذلك الماكياج اليومي، البلاشر، الماسكارا، خافي العيوب وملمّع الشفاه.
- كيف تدلّلين نفسك؟
مضى وقتٌ طويل على ذلك... أدلّل نفسي كلّ فترة من خلال الجلوس مع أصدقائي والترفيه عن نفسي.
- ما آخر مشترياتك؟
معطف باللون «البيج».
- هل تحبّين الماركات؟
أحبّ الموضة بشكلٍ عام، وأحب الماركات أيضاً، لكن ليس بالضرورة أن تكون كلّ ملابسي Brands.
- ما هو الاسم الذي ينادونك به في المنزل؟
هبة... ووالدي يُناديني «بيبا».
- ما هو الشيء الذي لا تتركين المنزل بدونه؟
موبايلي.
- من هو أقرب صديق اليك؟
أسامة الرحباني.
- ما هو الشيء الذي تتفاءلين به؟
الشمس.
- ما أكثر ما يضحكك؟
أي موقف مضحك.
- لون يشبهك...
الأزرق.
- عطر تعشقينه...
Narciso Rodriguez for Her
- ما أوّل شيء اشتريته كانت له قيمة كبيرة وما زلت تحتفظين به؟
ساعة.
- هل يمكن أن تحلقي شعرك لخدمة دور أو قضية؟
بالتأكيد.
- حلم الطفولة بالنسبة الى هبة طوجي؟
كنتُ أحلم بأن أكون مدرّسة ومغنّية.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024