تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

كلمات مؤثرة من عماد أديب لشقيقه عمرو في ازمة القلبية.. ماذا كشف من اسرار؟

كلمات مؤثرة من عماد أديب لشقيقه عمرو في ازمة القلبية.. ماذا كشف من اسرار؟

في مقالة مؤثرة للإعلامي الكبير عماد الدين أديب بصحيفة "الوطن"، كتب يكشف عن علاقته بشقيقه الأصغر الإعلامي عمرو أديب الذي يمر بأزمة صحية حالياً بعد اجراءه جراحة لتركيب دعامتين بالقلب.


كتب عماد:" خلع الدكتور عبد الحميد وفا، كبير أساتذة أمراض النساء والولادة، كمامته الطبية، وقال لوالدي ولى: "مبروك عليكم، جالكم ولد".

وبعد دقائق حملت على يدي أخي "عمرو"، ساعتها قال لي والدي، رحمة الله عليه: " ابسط يا سيدي، بقى عندك أخ".

كانت فرحتي غامرة بميلاد أخي، فلقد عشت عشر سنوات الطفل الوحيد والأوحد لأبى وأمي، لذلك كنت دائمًا أسأل أمي: «متى يكون لي أخ ألعب معه وأرعاه وأهتم به؟".


وجاء «عمرو»، وبعده بعامين «عادل».. وكانت فرحتي بهما لا توصف.

وبعد نكسة 1967، اضطر والدي إلى العمل في لبنان، يومها قال لي: «يا عماد، انت دلوقتي راجل البيت، وأمك وأخواتك مسئوليتك ».

عبارة تضع على كاهل صبي في الـ 13 عامًا مسؤولية استثنائية ضخمة.

والحمد لله كنت على مستوى المسؤولية.

كنت مسئولًا عن إخوتي في المدرسة، وكنت أوقع شهاداتهم الدراسية كل فصل دراسي .

ولا أنسى مشهد كل يوم جمعة، حينما كنت أصطحب «عمرو وعادل» إلى سينما مترو، لحضور حفل الكارتون، لمشاهدة توم وجيري.

أذكر أول عصفور كناري، وأول سمكة ملونة اشتريتها لـ«عمرو ».

وأذكر أول مرة اصطحبته إلى مسرح «الليسيه» لمشاهدة مسرحية «العيال كبرت»، ويومها أقنعته أنهم يوزعون سندوتشات «شاورمة» مجانية بين فصول المسرحية.

وشاهدت «عمرو» يكبر أمامي، يعشق القراءة والموسيقى والزمالك والكباب والكبدة. ورأيته يتطور وينضج ويدرس الإعلام كما أخذته من يده لمشاهدة «توم وجيرى»، أمسكت بيده لدخول الصحافة والعمل معي.

وأشهد أنه عمل بصبر واجتهاد منقطعة النظير، وكان يذهب إلى مطابع «الأهرام» في «قليوب» لمتابعة طباعة مجلة «كل الناس» خمسة أيام في الأسبوع بكفاءة نادرة.

كبر «عمرو» وأصبح صحفيًا بارعًا، ثم أصبح نجمًا تليفزيونيًا هو الأكثر شعبية على الإطلاق وسط أبناء جيله.

كلنا في مهنة الإعلام نُدمن التنافس، ونكره أن يتفوق علينا غيرنا، إلا في حالتي مع أخي «عمرو»، إنه الشخص الوحيد الذي أشعر بسعادة أنه أفضل مني.

هذا الشعور لا يأتيك إلا مع أولادك!

إخوتي ليسوا إخوتي، بل إنهم أولادي!

وحينما دخل «عمرو» غرفة الجراحة منذ ساعات بعد جهد انتحاري في عمله بقناة «أون تي في» توقفت الحياة أمامي.

قطعه من قلبي، وجزء من روحي، شريط من أهم ذكرياتي تحت مشرط الجراح!

لم يتحمل صدر وقلب «عمرو» هموم البسطاء والفقراء في السيول، أو في مستشفى أبو الريش لم يتحمل قلبه مشهد «منى السيد» وهي تجر كل صباح عربة وزنها أكثر من مائتي كيلو جرام، ولم يحتمل قلبه بكاء أطفال مستشفى أبو الريش لم يتحمل قلب «عمرو» جنون ارتفاع الأسعار على البسطاء بعد تحرير سعر الصرف!

7 أيام في الأسبوع لينتحر عمرو أديب ببطء، ليقدم لجمهوره أفضل مادة إعلامية خمسة أيام على الهواء وفى السادس يسافر إلى بيروت، وفي السابع يسجل حلقة فنية ثم يعود إلى القاهرة من المطار إلى الاستوديو!

إنه الانتحار البطيء في الزمن الصعب المجنون الذي لا يرحم، والذي يأخذ ولا يعطى.

عشت حياتي أعرف كم أحب أخي «عمرو»، لكنني لم أدرك مقدار هذه المشاعر، إلا حينما استشعرت خطر فقدانه فعلًا، صدق المثل القائل: حينما ينجرح إصبع الإنسان يهتف تلقائيًا: «أخ خ خ !».

 

 

                                                      

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080