في يوم المرأة العالمي الملكة رانيا العبدالله: التعليم لتمكين المرأة وتغيير واقعنا العربي!
في مثل هذا اليوم، وتحديداً قبل عشرة أعوام، نشرت مجلة «لها» مقابلة مع الملكة رانيا العبدالله عن المرأة وأوضاعها في العالم العربي. ومنذ ذلك الحين،لا يمرّ يوم المرأة العالمي من دون الحديث عن جلالة الملكة رانيا العبدالله، كنموذج للمرأة العربية العصرية بوجوهها المتعدّدة: الملكة والزوجة والأم والعاملة والسيدة المنفتحة على الثقافات المختلفة والمتمسّكة في الوقت نفسه بالتقاليد والموروثات العربية، الحاملة لهموم المرأة العربية وطموحاتها وتطلّعاتها الى المحافل الدولية، المؤكّدة على أهميّة التغيير الإيجابي للوصول الى تمكين المرأة وتفعيل مشاركتها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المختلفة.
أذكر من المقابلة الأولى مع الملكة رانيا العبدالله، حديثها عن مستقبل المرأة العربية في ظل ما نعيشه من غياب للأمن في عدد من الدول العربية. يومها أجابت الملكة بأن «النساء على مرّ التاريخ أثبتن قدراتهن على لعب دور في بناء السلام. لذا لا خوف على مستقبل المرأة العربية، كلّ ما علينا فعله هو أن نجد في كل تحدٍ فرصة جديدة».
اليوم، وبعد عشر سنوات، تبدو الملكة رانيا أكثر إصراراً على إيجاد الفرص من قلب التحديات الكثيرة التي تواجهها مجتمعاتنا العربية، مع حرصها على تغيير الصورة التي يرسمها الغرب عن المرأة العربية المسلمة، وتأكيدها المستمرّ على أن «الإسلام هو دين الرحمة والتفاهم والمحبة والسلام، وأن التطرف لا دين له، يملأ العالم بالشر ولا يضع أي اعتبار لحرمة الحياة البشرية».
وعن التمييز الذي يسود مجتمعاتنا ويحدّ من دور النساء فيها، تقول الملكة رانيا: «علينا أن نكسر القوالب التي تُشكَّل عليها حياة النساء والفتيات منذ ولادتهن. القوالب التي نتوارثها من جيل الى آخر، لأنها تلغي دور القدرة والموهبة والطموح. علينا أن نختار من الموروث ما يعطي كل فتاة مساحة كي تفرد جناحيها وترينا تميز ألوانها. وأؤكد هنا أن القوالب هي موروث فكري وليس دينياً... فالإسلام حين أنار العالم، أعطى المرأة حقوقاً ومنزلةً وخيارات فقفزت بمكانتها من ظلم الجاهلية؛ كانت المرأة تاجرة ومزارعة ورائدة أعمال، ومحاربة وممرضة في الغزوات. ومع مرور الوقت بدأنا بتحجيم المرأة في عقولنا؛ فتحجّم دورها في المجتمع».
التعليم ثم التعليم
تصبّ الملكة رانيا جهداً مضاعفاً على التعليم، لإيمانها بأنه الطريق الى مجتمعات معاصرة، متمكّنة، ومنافسة اقتصادياً، تستفيد من قدرات المرأة والرجل على حدّ سواء من دون تمييز أو تهميش. تعليم الفتيات أساسي، وهو الطريق الى تمكين المرأة. وتطوير المناهج التعليمية ضرورة لا بدّ منها، والتعلّم عن بعد لأولئك الذين تفصلهم المسافات عن مصادر المعلومة حلّ فاعل، ومواكبة الثورة المعلوماتية تفتح نوافذ على اقتصادات أخرى تسود عالم اليوم.
تقول الملكة رانيا: «على المعلم أن يكون شجاعاً وطموحاً، فيطمح الى تخريج طلاب متميزين، ويكون لهم القدوة التي ترشدهم وتنمّي قدراتهم... وما أحوج وطننا العربيّ اليوم إلى الطموح والإيمان بقدرات أجيالنا. ما أحوجنا إلى الخروج من دوامة لوم التعليم، فنحن نلومه دائماً على ما يعصف بنا من جهل وبطالة وطائفية وتمييز وتطرف وغيرها. ما أحوجنا إلى النظر للتعليم على أنه فرصتنا... قد لا يكون التعليم الحلّ الأوحد لكل مشاكلنا، لكنني أؤمن بأنّه إذا كانت هناك فرصة لإصلاح معظم مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والتنموية... فهي بالتعليم. وإن كان هناك وقت نحن في أمسّ الحاجة الى نهضة تعليميّة نحصّن بها أجيالنا، فهو الآن... يجب أن نعلّم أولادنا أنهم جزء من مجتمع دولي، بيننا وبينه قواسم مشتركة تفوق اختلافنا عنه بكثير. لنعلّم أولادنا قيماً تساعدهم على العيش، لا قيماً تعزلهم فيعيشون في خوف من الآخر».
في الأردن، تعمل الملكة رانيا على ملفّات تعليمية كثيرة أهمّها توفير تعليم نوعيّ يكرّس المساواة بين الفتاة والصبي منذ الصغر، ويمنح كلاً منهما الفرص المتساوية للوصول الى المعرفة والثقافة. وتقدّم «أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين»، والتي أطلقتها جلالتها رسمياً في حزيران/يونيو 2009، برامج التدريب والتنمية المهنية، كذلك تدرّب المعلمين قبل الخدمة كي يقوموا بهماتهم التنويرية على أكمل وجه. «تطوير التعليم يعني أن نحافظ على المبادئ والهوية؛ ونطور العلوم والمعارف. أن يكون الكتاب المدرسي شريك المعلم ومرجعيته، ولا يشكل عائقاً بأسلوبه وصياغته».
كذلك بادرت الملكة الى إطلاق أول ملتقى عربي سنوي للمعلم الذي تعتبره «محور العملية التعليمية». وقد استقطب الملتقى في دورته الأولى، مجموعة كبيرة من التربويين من الدول العربية والعالم. ومن المتوقع أن يُقام هذا العام في عمان في الرابع والعشرين من شهر آذار/ مارس الحالي.
الشباب مفتاح المستقبل
وتركز الملكة رانيا على قطاع الشباب وتعزيز ريادتهم. وأطلقت مبادرات عدّة ومشاريع تحاكي طموحاتهم، بينها «إدراك» و«أسبوع عمّان للتصميم». وتقول جلالتها: «بينما يحاول «داعش» جرّنا إلى الوراء، يدفعنا شبابنا إلى الأمام، ويحتضنون مستقبل القرن الـ 21. متعطشون للنجاح وحريصون على الاستفادة من المشهد الرقمي الجديد، وكثير من الشباب العرب بدأوا في تأسيس شركاتهم الناشئة. شبابنا متعطشون للمعرفة والمهارات. امنحوهم فرصة... وسيستفيدون منها بكل تأكيد. لذا نحن بحاجة إلى الاستثمار في المزيد من الفرص التي من شأنها مساعدتهم في القيام بالخطوة الأولى».
وتبدو الملكة في مقدّمة مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والمشّجعين على الاستفادة منها بأسلوب راقٍ، وهي تُعدّ مثالاً في جدية التعامل مع هذه المنصات واستثمارها بشكل صحيح يقرّبها من الآخرين وينقل دورها كزوجة وأمّ بصور من حياتها الشخصية. ومن يتابع قنوات الملكة على وسائل التواصل وخاصة الإنستغرام، يجد أنها تشارك متابعيها صوراً من حياتها اليومية مع أسرتها الصغيرة، ومن زياراتها الى مناطق عدّة في الأردن.
ولم توفّر الملكة رانيا جهداً تبذله للمساعدة في أزمة اللجوء التي عصفت بالعالم العربي. فبادرت للاطلاع على الظروف التي يعيشها اللاجئون، وكانت قد زارت مخيم «كارا تيبي» للاجئين في جزيرة ليسبوس اليونانية. بالإضافة الى زيارة اللاجئين في مجتمعات محلية أردنية والاطلاع عن كثب على ظروفهم. وكانت لجنة الإنقاذ الدولية قد أعلنت عن اختيار الملكة رانيا العبدالله في مجلس إدارتها. وحملت في خطاباتها التي ألقتها في المحافل الدولية هموم اللاجئين والمستضيفين الأردنيين على حدّ سواء.
وتطرح الملكة مجموعة أسئلة تعبّر عن واقعنا العربي الراهن: «كيف وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم؟ كيف تحولت بلداننا العربية إلى حلبات اقتتال؟ كيف شُرِّد ملايين العرب من بيوتهم وأوطانهم؟ كيف وصلنا إلى المرحلة الأكثر ضياعاً للقيم الإنسانية؟ المرحلة الأكثر سواداً في تاريخنا العربي؟ وربما السؤال الأكبر والأهم... ما العوامل التي ولّدت الفكر الظلامي المنتشر اليوم؟ كيف دخلت علينا تلك الآفة؟ تلك الأفكار الهدّامة التي تجد طريقها إلى العقول ثم تتفشى في المجتمع... وتأكله كالصدأ؛ كيف نتصدى لأسلحة أشد فتكاً من السيوف... إن الحل لما نعانيه موجود بيننا. إنه في مقدّمة الفصل الدراسي كل صباح، في يد المعلّمين أنفسهم الذين يشكلون خط الدفاع الأول في حربنا لدحر أعداء الإنسانية».
جوائز عالمية مُنحت للملكة رانيا العبدالله تقديراً لجهودها الإنسانية:
الجوائز العالمية التي نالتها الملكة رانيا شاهداً على التقدير العالمي لفكرها وصدق مسعاها في قضايا تمكين المرأة والتعليم ومدّ جسور التفاهم بين الشرق والغرب، ومساعدة الأكثر حاجة.
■ جائزة آندريا بوتشيللي الإنسانية - ايطاليا 11أيلول/سبتمبر 2016
■ جائزة «القلب الذهبي» - برلين 4 كانون الأول/ديسمبر 2016
■ جائزة الانسانية من جمعية الصحافة الأجنبية- لندن 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2016
■ جائزة من ملكة السويد تقديراً لدعمها حقوق الاطفال – نيويورك 24 أيلول/سبتمبر 2015
■ جائزة من المستشارة الألمانية لدورها في القضايا الانسانية وحوار الثقافات - 17 أيلول/سبتمبر 2015
■ جائزة «المواطنة العالمية» - نيويورك 27 أيلول/سبتمبر 2013
■ جائزة فارس العطاء العربي - أبو ظبي 9 أيار/مايو 2010
■ جائزة القيادة المتميزة - نيويورك 20 أيلول/سبتمبر 2010
■ جائزة مناصرة الإنسانية العالمية - كاليفورنيا 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2010
■ بحضور الملك عبدالله الثاني، تسلّمت جائزة «الشمال/ الجنوب» - لشبونة 17 آذار/مارس 2009
■ جائزة «التفاحة الذهبية» من منظمة «ماريسا بليساريو» الايطالية - 21 تشرين الأول/اكتوبر 2009
■ جائزة ديفيد روكفيلر للقيادة – نيويورك 24 أيلول/سبتمبر 2008
■ أول من تسلّم جائزة اليوتيوب للإبداع - 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2008
■ جائزة مؤسسة البحر المتوسط - ايطاليا 09 شباط/فبراير 2007
■ جائزة «بامبي الانسانية» – ألمانيا 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2007
■ جائزة صانع السلام للملك عبدالله والملكة رانيا من منظمة بذور السلام - 9 أيار/مايو 2007
■ الجائزة السنوية للعمل الانساني من الرابطة الأميركية للأمم المتحدة - 27 تشرين الأول/اكتوبر 2007
■ جائزة الإمارات الصحية - 20 أيار/مايو 2005
■ جائزة الطبق الذهبي للانجاز، وجائزة حكايات سمسم - اميركا 5 حزيران/يونيو 2005
■ جائزة الإعلام الألماني - 9 شباط/فبراير 2003.
حسابات الملكة رانيا على مواقع التواصل الإجتماعي:
https://www.instagram.com/queenrania
https://twitter.com/QueenRania
https://www.facebook.com/QueenRania
http://www.queenrania.jo/ar
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
ناس وناس
هاني مهنا يتحدث لـ"لها" عن أنباء انفصال ابنته هنادي عن أحمد خالد صالح
ناس وناس
ناقد فني يهاجم تواجد الفنانات المصريات في "كان": "يلتقطن الصور على السلّم ثم يعدن"
ناس وناس