تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لينا خالد آل معينا: الرياضة بدلاً من أدوية الاكتئاب

روح معطاءة، ونفس مثقلة بثمارها، عملت جاهدة من أجل نساء مجتمعها ووطنها فور تخرّجها في الجامعة الأميركية في لندن، وحققت نقلة نوعية بدءاً من مفردات علم النفس وصولاً إلى أبجدية الرياضة نظراً لعشقها الكبير لها، مما دفعها لتأسيس أول أكاديمية بعنوان «جدة يونايتد» تهدف إلى تعزيز ثقافة الرياضة لدى المرأة السعودية.

إنها عضو مجلس الشورى بقرار ملكي الأستاذة لينا خالد آل معينا، التقتها «لها» لتكشف ما حققته وما ستحققه في عالم الرياضة النسائية... وكان هذا الحوار. 

 

- كيف تلقيت خبر تعيينك عضواً في مجلس الشورى؟
التعيين ما هو إلا تتويج لمسيرة خمسة عشر عاماً، وكان خبراً مفاجئاً تلقفته بسعادة غامرة، حمّلني مسؤولية كبيرة تجاه وطني ومجتمعي، وأمانة عظيمة، حين قسمت اليمين، وأتمنى أن أكون على قدر المسؤولية.

- ماذا تحضّرين للمرأة السعودية من خلال عضوية مجلس الشورى؟
ما زلت أرتب بعض التقارير حول العام الماضي 2016 كوني تلقيت الخبر في 2 كانون الأول/ ديسمبر، ونحن في صدد مناقشة الكثير من القضايا الصحية والاجتماعية. ولأن عضوية الشورى تتألف من لجان عدة، لكل منها اختصاصها، كانت اللجنة الصحية تنتظرني، لأن الرياضة خير وقاية لكثير من الأمراض المنتشرة في الدول العربية عامة والسعودية خاصة، والتي أصبح فيها شخص من بين 4 أشخاص مصاب بالسكري، ناهيك عن ارتفاع معدلات السُمنة بين النساء، وهشاشة العظام، وكذلك أمراض السرطان، وخاصة سرطان الثدي، فإن كانت المرأة تمارس الرياضة فشفاؤها يكون أسرع وأسهل بحيث تكون أقوى تحملاً للعلاج. 

- على ضوء تلك المناقشة، هل هناك مجال للتوسع في النوادي الرياضية؟
بعد صدور قرار مجلس الوزراء بتعيين الأميرة ريمه بنت بندر بن سلطان آل سعود رئيسةً للإدارة النسائية في الهيئة العامة للرياضة في أوائل آب/أغسطس من العام الماضي، صرّحت بأنه سيتم افتتاح 250 نادياً رياضياً للنساء لتأمين 2500 وظيفة نسائية في السنتين الأوليين، وما هي إلا عجلة تنموية اقتصادية مستدامة.

- حققت نقلة نوعية من ماجستير في علم النفس إلى الرياضة، من حمّسك لذلك؟
بعد تخرجي في الجامعة (قسم الاتصالات) تزوجت وأنجبت، وعشت مرحلة نفسية صعبة، وأُصبت باكتئاب حاد بعد وضعي المولود الأول، فكان علاجي الوحيد الرياضة، وبالتحديد «كرة السلة» بدلاً من أدوية الاكتئاب، وكانت النقلة النوعية الأولى، كنت أخرج مُحبطة وأعود بحالة جيدة وأكثر تفاؤلاً، قررت حينها أن أتابع دراسة الماجستير في علم النفس، ولن أنسى فضل العائلة، وخصوصاً زوجي في تحقيقي النجاح.

- يعني أن شعوراً رائعاً دفعك لتأسيس الفريق الرياضي...
بما أن الرياضة تحفز الدماغ على إفراز هورمونات: الأندروفين والسيراتونن والدوبامين، تولّد لدي شعور بالسعادة أولاً، وبالتوازن العاطفي ثانياً، وصرت أكثر استيعاباً للحياة، فكانت رسالة واضحة أيقظت حواسي لتعيدني إلى طفولتي وعشقي للرياضة التي كنت أمارسها في المدارس الخاصة التي تعلّمت فيها.

- كيف تشكّل الفريق الرياضي؟
استدعيتُ زميلاتي من خريجات مدارس عالم الصغار الخاصة، وأسستُ فريقاً رياضياً عام 2003، فأخذت الملاعب كل وقتي ما بين عامي 2003 و 2006، حتى سألتني والدتي: متى ستعملين؟ لم أكن أرغب  في العمل، لأن ابنتي كانت يومها صغيرة وأنتظر زوجي ليعود من العمل كي أذهب لممارسة الرياضة... حينها شعرت بأن لديّ رسالة ثقافية صحية للنساء والأطفال ويجب تحقيقها.

- ما العوامل التي مهّدت لك الطريق الرياضي؟
نشأت في مدارس سعودية خاصة تؤمن بثقافة الرياضة، وتحدّرت من عائلة رياضية يمضي معظم أوقات فراغها في الملعب العائلي لاعتباره الجانب الترفيهي في العطلة الاسبوعية.

- وتحقق الحلم ليكون للرياضة السعودية مكان في المجتمع العربي والعالمي؟
الحلم تحقق بالرؤية، حيث كانت رؤية 2030 واضحة للوطن، فأعطت ضوءاً أخضر لتشجيع الكثير من الكوادر والمدرّبات السعوديات للانطلاق في مشاريع رياضية، وتأسيس نوادٍ رياضية، حيث تطورت ممارسة الرياضة من 13% إلى 40%.

- متى تم افتتاح «جدة يونايتد»؟
بدأت أكاديمية «جدة يونايتد» عام 2006 بفرع صغير للناشئين وكبرت معنا، بعدما حصلنا على تصريح من وزارة التجارة والغرفة التجارية كعمل مؤسسي، وافتتحنا فرع الخبر عام 2010 «الخبر يونايتد»، لكنه لم يستمر لظروف مختلفة، ومن ثم فرع الرياض عام  2012 «الرياض يونايتد». 

- ما هي التدريبات المتاحة في الأكاديمية؟
هي تدريبات فنية، كرة السلّة للفتيات والفتيان، وكرة القدم للأولاد، ونستقبل المتدرِّبين بدءاً من عمر 4 سنوات ومن الجنسين، وقد حققنا بطولات على المستويين، المحلي والعالمي.

- علامَ تركّزين في الأكاديمية؟
نركز على الروح الرياضية، لأننا نعتمد رياضة تنافسية، فالمباراة تُقام مع فريق خصم، ويجب النظر إليها بأنها تكاملية أكثر من كونها تنافسية، أي بالتركيز على احترام الخصم، حتى قمنا ببطولة «لا للتعصب الرياضي»، فالمباريات فيها احتكاك ومشاعر، ومن واجبنا التعليم والتشديد على المحبة والتسامح والتعاون و»الفوز بشرف» و»الخسارة بشرف»، أي (تعلّم).

- ما هي الرياضات الضرورية كي تحافظ المرأة على رشاقتها؟
بما أننا نعيش في عصر التكنولوجيا، علينا أن نمارس رياضة المشي، وهي صالحة لكل الأعمار، والأهم التركيز على الحركة والمشي السريع، وممارسة هذا النشاط ثلاث مرات في الأسبوع.

- هل استطعت العمل على توعية المجتمع بخطورة الأمراض؟
عمدتُ الى توعية المجتمع بمشاركة مختلف وسائل الإعلام، لم نلقَ دعماً عام 2003، إلا أننا تلقينا الدعم عام 2008 حين تم اختيار الفارسة أروى مطبقاني عضواً في الاتحاد الدولي في مجال فروسية الأطفال من جانب الملك عبدالله (طيّب الله ثراه)، حينها افتُتِح الملف الرياضي وأحدث نقلة نوعية، وناقشته فئات كثيرة من المجتمع السعودي، إلى أن أبصر النور عام 2017 برؤية واضحة.

- طالبتِ باعتماد شواطئ نسائية للسيدات، ماذا عنها؟
لا تزال قيد الدراسة، ليس من خلال عضوية مجلس الشورى، بل على مستوى خاص وعبر جهات مختلفة خارج الشورى أسوة ببعض الدول العربية والخليجية، فتلك الشواطئ النسائية تعطي المرأة السعودية الفرصة لممارسة رياضة السباحة البحرية، شرط تعيين منقذات ومشرفات من ذوات الخبرة العالية والالتزام بـ «لباس البحر الإسلامي».

- كيف تقيّمين واقع المرأة الرياضي السعودي؟
نتميز لأننا في مرحلة بناء الهيكل الرياضي للمرأة السعودية، كون القطاع الرياضي الخاص سبق القطاع الحكومي بعقود كثيرة، وأول صالة رياضية كانت قد افتُتحت في مدارس دار الحنان عام 1966 من القرن الماضي بغياب القطاع الحكومي، واليوم أصبح الواقع الرياضي مشرقاً بتعيين الأميرة ريمة بنت بندر بن سلطان رئيسةً للإدارة النسائية في الهيئة العامة للرياضة، فكانت الشخص المناسب في المكان المناسب، وقد تشرّفت بمعرفتها حين كانت قائدتي في تسلّق قمة إفرست، وشاركتها في حملات توعوية كثيرة، أهمها حملة سرطان الثدي والمنتشر في العالم العربي عامة والسعودية خاصة، وعملتْ أكبر شريط وردي بشري عام 2010 فجاءت الهند وحطّمت الرقم القياسي، وعدنا عام 2015 وحطّمنا الرقم القياسي العالمي في جامعة الأميرة نورة، فهي امرأة قيادية ولها رؤية بعيدة وفكر عالمي.

- كيف تسلّقت قمة إفرست؟
بمبادرة من «جمعية زهرة» لسرطان الثدي ورعاية من وزارتي الصحة، والتربية والتعليم. ففي كانون الثاني/ يناير من عام 2012 تلقيت اتصالاً من الجمعية للمشاركة في التسلق لتوجيه رسالة الى المجتمع السعودي فحواها أن المرأة السعودية التي تمارس الرياضة تطل عليكم من أعلى قمة في العالم، مع العلم أنني كنت أعاني آلاماً شديدة في ركبتي، والرحلة كانت مقررة في أيار/مايو 2012 فذهبت الى أكثر من طبيب، وكلهم أجمعوا على القول: تسلّقي القمة، فصُدمت، لكن سرعان ما استوعبت الفكر الطبي بأن العامل الذهني يلعب دوراً كبيراً في تلك العملية، ولمّا تسلّقت القمة كان الاعتماد بنسبة 60 % على القوة الذهنية والطاقة النفسية، و40% على القوة الجسدية، مما جعلني أصل القمة على ارتفاع 4500 متر، ورفعت عليها راية «لا إله إلا الله محمد رسول الله».

- شاركتم في الأولمبياد عام 2012 فماذا حققتم؟
لم نفز بالميداليات، لكننا تخطينا المعوقات.

-  فزت بجائزة «بياجيه» للريادة، ماذا عنها؟
كان فريق «بياجيه» الفرنسي قادماً لدعم المشاريع في قطاع ريادة الأعمال المختلفة، ولكوني عضواً في لجنة شابات الأعمال، وفي لجنة الاستثمار الرياضي، فقد فزت بالجائزة.

- استثمرت في مجال الرياضة، لكن هل وصل فريقك الى العالمية؟
وصل فريقي الى العالمية بسفره الى عدد من القارات، وبمشاركته في مباريات ودية مدّت جسور التواصل والديبلوماسية الرياضية. وأهم مباراة على مستوى رسمي دولي كانت مع منتخب المالديف حين حقق فريق «جدة يوناتيد»  الفوز أمامه في نيسان/ أبريل 2016.

- كيف كانت ردود الفعل الجماهيرية؟
عشتُ شعوراً لا يوصف، فقد غصّت وسائل التواصل الاجتماعي بالتهاني، وانتشرت صورنا في كل مكان.

- ما التحديات التي واجهتك؟
في الماضي كانت بعض الفئات في المجتمع مشككة أو رافضة لفكرة رياضة البنات ولم تكن مستوعبة أهميتها، لكن التحديات اليوم أكبر من حيث النقص في الكوادر الرياضية، وندرة التخصصات والقيادات الرياضية وقلة الملاعب، مع العلم أن مدارس دار الحنان فتحت ملاعبها لنا، ونحن على وشك افتتاح ملاعبنا الخاصة.

- ما قصة عطر «يونايتد جدة» كعطر يمثل رياضة مجتمعية؟
أطلقنا عطراً يمثّل منظومتنا الرياضية، ويحكي قصة مدينة  جدة وتاريخها العظيم.

-  حصدتِ لقب «الشخصية الرقم 71» في تصنيف مجلة «فوربس» لأقوى السيدات في الوطن العربي لعام 2014 في فئة الشركات العائلية؟
71 على مستوى العالم و21 على مستوى السعودية، انتابني شعور عظيم وأنا أحضر حفلة لابنتي حين جُسِّدَ في جائزة عالمية وكأن أحداً قال لي: «التعب له ثمرة واستمرارية رائعة».

- شاركت كمتحدثة أمام مجلس الشيوخ الفرنسي خلال يوم المرأة العالمي الذي ترأسته الأميرة ريم الفيصل عام 2004، كيف كان وقعه؟
تغير الكثير بالنسبة الى الصورة النمطية للمرأة السعودية، وكانت فرصة جميلة لتكون هناك لغة مشتركة بين النساء السعوديات والنساء الفرنسيات، ولدينا نقاط مشتركة تؤكد مستوى التشابه وليس أوجه الاختلاف، وكانت مبادرة جميلة ومشاركة أجمل في اليوم العالمي للمرأة لنساء العالم.

- هناك دور لوالدك في عشق الرياضة...
بحكم مركز والدي آنذاك كرئيس تحرير لصحيفة «عرب نيوز»، كبرت ونشأت على لقاء شخصيات عالمية كبيرة، فالتقيت باللاعب محمد علي كلاي عندما زار المملكة العربية السعودية حين استضافه الوالد في الجريدة، كما التقيت باللاعب عمران خان بطل العالم بـ»الكروكت»، وجانكير خان بطل العالم بـ«السكواش».-

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079