لكل أمر نهاية سعيدة التفاؤل... حظ جيّد ونجاح و3 خطوات ضرورية!
«ليل بين نهارين»، هكذا يصف الفنان والكاتب الفرنسي فرانسيس بيكابيا التفاؤل، فيما يرى في التشاؤم نهاراً محاطاً بليلين. بالفعل، المتفائل هو المستعدّ دائماً وأبداً للشعور بالإيجابية. فكلّ ما يحدث في محيطه هو، بالنسبة إليه، بداية لأمر إيجابي. وأنتِ، هل تفكّرين على هذا النحو؟ هل أنت متفائلة حقاً؟ حدّدي إجابتك. وإذا لم تكوني كذلك، لا تقلقي. فهذه الصفة قابلة للاكتساب!
المتفائل... مَن؟
قد تعتقدين أنّ التفاؤل الدائم ضرب من الخيال. لكن بالفعل ثمّة أشخاص ينظرون إلى العالم بعين مختلفة ويرونه جميلاً وسائراً نحو الأفضل. وهم لا يعيشون قصّة غير واقعية، بل إنّهم لا يتوقّفون عند التفاصيل السلبية. وإذ يعترفون بوجود الصعوبات، فإنّهم يُبدون ثقتهم بأنّ في نهاية كلّ نفق بقعة ضوء ومخرجاً غير بعيد. فبالنسبة إليهم، لا فائدة من التذمّر والبكاء والشكوى، فلكلّ أمر نهاية... سعيدة.
التفاؤل... لماذا؟
إذا كنت تحبّين أن تكوني متفائلة، لا بدّ لك من أن تعرفي الأسباب التي تدعوك بإلحاح إلى ذلك... وأوّلها علمي. فالنظرة الإيجابية الى الحياة مفيدة جداً لصحتك البدنية والنفسية. هذا ما تؤكّده دراسة أُجريت أخيراً في جامعة مينيسوتا الأميركية. فقد أشارت إلى أنّ الأشخاص المتفائلين يعيشون حياة أطول من حياة غير المتفائلين بنسبة 20%.
وإذا كنت تريدين أن تعيشي حياة اجتماعية حافلة بالعلاقات، فمن الضروري أن تكوني متفائلة، لأنّ التفاؤل يجعلك أكثر قدرة على جذب الصديقات. ففي هذه الحالة تنتقل عدوى إيجابيتك وطاقتك الجيّدة سريعاً إليهن. كما أنهنّ يثقن بقدرتك على حلّ كل المشكلات التي قد تواجهنها معاً. إذاً، من أفضل ما قد يقمن به بين الحين والآخر هو لقاؤك والتحدّث إليك.
ولا تنسي أنّ المتفائلين هم الأكثر قبولاً في أماكن العمل. فهم، في نظر المديرين، أكثر قدرة على أداء المهمات من الأشخاص غير المتفائلين. وقد أظهرت دراسة أميركية حديثة أن البائعين الذين لا يمتلكون الكفاءة اللازمة للقيام بعملهم ويُظهرون التفاؤل الدائم هم أكثر إنتاجاً من أولئك الذين يتمتعون بالخبرة ولا يُبدون أيّ شكل من أشكال التفاؤل.
أما الخبر السار فهو أنّ الشخص المتفائل يتمتع بالحظ الجيّد! فهو يتنبّه الى أبسط الفرص الجيدة التي تتوافر له ويستغلها ويسعى إلى تطوير كلّ المواقف نحو الأفضل.
والآن، ألا تريدين إذاً أن تكوني متفائلة؟ بالطبع، لكن في البدء عليك أن تعرفي أسباب التوتر لكي تتخطّي تأثيرها فيك. وهذا ما تحدثت عنه في حوار مع «لها» مدرّبة تطوير الشخصية ومستشارة العلاقات، تغريد صعب.
- ما هي برأيك أبرز أسباب التوتر في عصرنا وخصوصاً لدى المرأة؟
ينتج التوتر عموماً من عوامل داخلية تنبع من شخصيتنا ومشاعرنا الظاهرة أو الكامنة في اللاوعي. وهنالك عوامل خارجية ترتبط بالبيئة المحيطة مثل ظروف الحياة والأشخاص الذين نعيش إلى جانبهم.
ويرتبط تأثير العوامل الخارجية بقوة التأثيرات الداخلية. وهنا يكمن الفارق بين الرجل والمرأة. فالتركيبة الهورمونية للمرأة تجعلها أكثر تأثراً بالعوامل الخارجية، وأهمها طريقة التربية وظروف العيش المسبّبة للضغط النفسي. فهي نشأت على العطاء والتحمّل ومراعاة مشاعر الآخرين وإن تطلب ذلك إهمال حاجاتها الشخصية. وفي عصرنا الحالي، وسواء كانت زوجة أو ابنة، بات عليها أن تؤدي دور الحامي والمعيل المساعد. وهذا يسبب لها ارتباكاً داخلياً. فهي تعيش حالة انقسام بين دورها التقليدي كأنثى تعتمد على الرجل لتأمين الحماية ومورد العيش، ودورها الجديد كمساهمة في الدخل ومعيلة للأسرة. ولأنها تحاول المواءمة بين الدورين، فإنها تعاني من خلل في التوازن، ما يزيد من شعورها بالتوتر.
- ما تأثير وسائل التواصل الاجتماعي؟
يزداد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي حدّة كلما ازددنا ضعفاً وقابلية للاستجابة لها. ولا ننسى أنّ لجوءنا إلى المقارنة وسعينا إلى إظهار تفوقنا وتميزنا عبر شبكات التواصل الاجتماعي يعودان إلى تراجع ثقتنا بأنفسنا وسعينا إلى مجاراة الآخرين كي لا نشعر بتغلبهم علينا. وتكمن خطورة هذا الأمر في أنّنا أصبحنا نختلق حياة وهمية ونعيش في عالم مواز بعيداً عن الواقع وكأننا مزدوجو الشخصية. وهذا يضيف عبئاً جديداً إلى حياتنا. وقد يبلغ الأمر ببعض الأشخاص حدّ تخطيط حياته ونشاطاته وإجازاته تبعاً لعدد إعجابات المتابعين عبر الشبكة العنكبوتية، وليس وفقاً لميزانيته أو رغبته الشخصية أو مصلحة عائلته.
- هل يمكن القيام ببعض الخطوات لتطوير الشعور بالأمل والتفاؤل؟
نعم، وأولى الخطوات في هذا الاتجاه هي الاعتراف بأسباب الشعور بالتوتر. ففي هذه الحالة يمكنك إدراك ردود فعلك ومشاعرك والحدّ من تأثيرها فيك. فلوم الآخرين يزيد توترك ولا يحلّ المشكلة. وفي حال أردت تغيير محيطك، ابدئي بنفسك.
أما الخطوة الثانية فهي الابتعاد عن السلبيّة وعن الأشخاص السلبيين وتجنّبهم قدر الإمكان والعمل على جذب الطاقة الإيجابية. ويمكنك أن تقومي بهذه التجربة البسيطة: سجّلي نسبة توترك أو ما يراودك من مشاعر سلبية لمدة أسبوع، ثمّ قرري أن تتجنبي مسببات ذلك في الأسبوع التالي. ابتعدي مثلاً عن الأخبار والأحاديث السلبية وعن الأشخاص الدائمي التذمر والشكوى والحزن. كذلك لا تشاهدي أو تقرئي البرامج والأفلام والتعليقات التي تتضمن معلومات سلبية أو مزعجة. وإذا أردت نشر أي خبر أو تعليق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فاجعليها مفعمة بالإيجابية والفرح.
في الخطوة الثالثة، اعتمدي الشكر وسيلة للشعور بالتفاؤل. فللشكر الدائم والتركيز على النِعم اليومية البسيطة مفعول السحر على حالتك النفسية وعلى مسار حياتك عموماً. وكل المدارس الفكريّة والفلسفية تشدّد على التأثير الايجابي للتعبير عن الشكر والامتنان. وفي هذه الحالة قومي بهذا التمرين:
عبّري، عندما تستيقظين في الصباح، عن شكرك ورضاك وأملك بأن تعيشي يوماً جديداً جيداً، وذلك من خلال جمل بسيطة تقولينها لنفسك أو تكتبينها على ورقة. وقبل أن تخلدي إلى النوم، عدّدي النِعم وعبّري عن امتنانك تجاه أيّ حدث إيجابي شهده يومك وإن لم يكن مهماً. وفي حال لم يحدث أيّ أمر غير اعتيادي، كوني شاكرة لكونك تتمتّعين بصحة جيدة أو للقائك صديقة قديمة. قومي بذلك لمدة أسبوع وستلاحظين بعدها أنّك أصبحت أكثر إيجابية.
نصائح سريعة لحياة أكثر تفاؤلاً
تدارك ردود الفعل وضبطها وتغيير النظرة إلى الأحداث.
التركيز على اللحظة الراهنة وعدم الشعور بالتشاؤم تجاه المستقبل.
عدم اللجوء الى حلول سريعة موقتة كالحبوب المهدئة.
التنفس ببطء وعمق. وهناك تمارين للتنفس تساعد على التخلّص من القلق والتوتر ويمكن ممارستها بشكل يومي.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024