ملحم زين: نحن نقطة في بحر ملحم بركات...
بتواضعه وأخلاقه الرفيعة وبجهدٍ بذله على مدى أكثر من 11 عاماً، استطاع «ريس» الأغنية اللبنانية ملحم الزين أن يحجز مكانه الخاص نجماً مضيئاً لا تشوبه شائبة في عصر بات فيه الابتذال سيد المسارح والشاشات.
يؤكد ملحم أنه أب صارم في تربية أولاده، ويرفض أن تدخل ابنته مجال الفن ويتحدث عن تعاونه مع القيصر والموسيقار الراحل ملحم بركات في هذا الحوار...
- شاركت للمرة الأولى على مسرح Arab Idol ، كيف وجدت المشتركين؟
أنا محظوظ لأن هناك مستوى عالياً من الأصوات، ومواهب عظيمة أتمنى لهم التوفيق، وسعيد بمشاركتي في البرنامج، وكان يجدر بي أن أشارك منذ موسمين، ولكنني لم أستطع بسبب سفري الدائم وعدم تلاؤم المواعيد، ولكن هذه المرة وفّقنا. Arab Idol من أهم برامج المواهب في العالم العربي، ونشعر بأن لمسرحه هيبته الخاصة.
- كانت لديك تجربة «سوبر ستار»، و«آراب أيدول» امتداد للبرنامج، هل نسبة الأصوات الجميلة حينها كانت أكثر من اليوم؟
اليوم أفضل، كما أن الناس تنبهوا لبرامج المواهب. عندما شاركت منذ 11 عاماً كانت الفكرة جديدة والناس لم يكونوا يعرفون بعد هذا النوع من البرامج، وبالتأكيد خرجت من هذه البرامج أصوات جميلة جداً، ولكن كمية الأصوات الآن أكبر، ولا سيما في فئة الاناث.
- لم تحز اللقب حينها، ولكنك نجحت واستمررت أكثر من حائزي الألقاب، ما هي نصيحتك للمشتركين كي يحافظوا على الاستمرار؟
أقول للمشتركين: أنتم في لعبة، ومرحلة خروجكم من البرنامج هي الأهم ويجب أن تركزوا عليها، لأن في النهاية سيكون هناك فائز واحد، وثمة من لم يحصلوا على ميداليات ذهبية أو ألقاب وتمكنوا من الانطلاق.
خروجهم من البرنامج يجب أن يكون حافزاً لهم، بعد أن تعرّف إليهم الجمهور، بالتالي عليهم أن يبذلوا جهداً ليستمروا. كما أن من المهم أن يحافظوا على سلوكهم وأخلاقهم.
أنادي دائماً بالتحلي بالأخلاق في مجال الفن، إذ إن الفنان ليس عبارة عن صوت فقط، هناك فنانون طباعهم سيئة، وهذا يؤثر في فنّهم، والناس يحبون أن يلقوا التحية على الفنان ويتحدثوا إليه عن أغنية أو حفلة أحياها.
ثمة فنانون عندما يصلون إلى الحفلة نشعر وكأنهم لاعبو ملاكمة، هناك عُقد كثيرة في الوسط الفني ولكنني لست مسؤولاً عنها.
ولذلك أطلب من المشتركين أن يحافظوا على سلوكهم، ويستمعوا بآذانهم إلى الكلمات، وأن يشعروا هم أنفسهم بكلمات أغنياتهم، هناك عوامل نجاح عديدة.
- في الحلقة الأولى من المرحلة النهائية، أدى المشترك الأردني مهند حسين أغنية «غيبي يا شمس»، أعضاء اللجنة اعتبروا أن الأغنية عراقية، فيما لفتت أحلام إلى أن الأغنية لبنانية، فماذا يقول صاحب الأغنية؟
دعيني أخبرك عن قصة هذه الأغنية، إذ كان جدّ والدي يرددها وبعده والدي، ولذلك لا أعرف أصولها ولا من هو صاحبها. ولكن أداء مهند كان رائعاً وغنّى بأسلوبه فجمع الأردني بالعراقي وقدم شخصيته في الأغنية.
- ذكرت أن القيصر كاظم الساهر من أكثر الفنانين العرب الذين تحبهم.
بالفعل أحبه كثيراً، فالقيصر يتميز برقيه وأخلاقه العالية واحترامه لفنه وللآخرين.
- ألا تعتقد أن أغنيات القيصر جريئة ولا يستطيع أحد سواه أن يغنيها؟
كلمات أغنيات القيصر جريئة لأنه يغني للشاعر نزار قباني، ومعروف عنه أنه شاعر المرأة، ولكن كاظم يعدّل أحياناً في كلمات القصائد التي يغنيها لأنها جريئة جداً.
- حدّثني عن أغنيتك مع القيصر.
«العدل يا حبيبتي» من كلمات أسعد الغريري وألحان كاظم الساهر وتوزيع ميشال فاضل.
- ماذا عن تعاونك مع الراحل ملحم بركات؟
«أحلى مرا» من كلمات سمير نخلة وتوزيع طوني عنقة وألحان الموسيقار ملحم بركات، و«قلبي الولهان» من كلمات عادل رفول وألحان الموسيقار أيضاً، وتوزيع عمر صبّاغ. منذ سنوات لم أتواصل مع الموسيقار الراحل «أبو مجد»، بسبب خلاف معين. وقبل نحو سبعة أو ثمانية أشهر من وفاته، تلقيت اتصالاً من جو باروجيان... يقول لي بأن «أبو مجد» إلى جانبه وطلب منه أن يكلمني وأن أزور الاستوديو لكي أستمع إلى لحن له، إذ ألّف لحناً بعلبكياً فرآني فيه، وقال له يجب أن يغنيه ملحم زين، فاتصل به لكي يأتي ويسمعه.
سألته هل كلامك جدي؟ فقال بالفعل هذا ما طلبه، ذهبت إلى الاستوديو مساءً واستمعت إلى الأغنية وأعجبتني كثيراً، فاشترطت عليه أنني لن أضع صوتي على الأغنية إلا إذا حضر «أبو مجد» إلى الاستوديو، إذ من غير المنطقي أن آخذ منه أغنية وأنا على خلاف معه.
ثم أخبرني جو أنه سيكون معي في الاستوديو. فهو كان المبادر وهذا يعكس أخلاقه العالية، نحن نقطة في بحر ملحم بركات.
ملحم بركات أثّر فيّ منذ ما قبل دخولي مجال الغناء، كنت أتعلم من «لما حبيبك غاب عنك» و«هالزينات» و«تعى ننسى» و«جيت بوقتك»، عندما كنت أستمع إلى أغنياته كنت أمسك المايكروفون وأردد معه لأتعلم «العُرب»، غيابه أثّر فينا كلبنانيين، وفي كل الوطن العربي، وللأسف في العالم العربي لا نعرف قيمة الفنان إلا بعد رحيله، عندها يبدأ الجميع في الاستماع إلى أغنياته... ولكن خلال حياته يواجه الإهمال، لا أعرف ما هذه الحالة الغريبة التي نعيشها في وطننا العربي!
- ما صحة تواصلك مع سعد لمجرد من داخل السجن؟
لا صحة لذلك، كان هدفي فقط أن أطمئن الناس اليه فقط.
- ماذا عن وضعه؟
وضعه جيد وقوي، وتصلني أخبار بأنه يصلّي على الدوام. وفي رأيي ما حصل مع سعد ليس صدفة، فأن يصوّره أحدهم الساعة الخامسة فجراً أمام الفندق، ثمة شيء غير مفهوم. كما علينا أن ندرك تعريف الاغتصاب في فرنسا، أهو اغتصاب بالمعنى الذي نعرفه... فالقوانين في أوروبا مغايرة لقوانيننا.
- رزقت أخيراً بمولودك الجديد، وبات عندك ثلاثة أولاد، ما هي الأسس التي تربيهم عليها؟
أربّي أولادي كما تربيت وتعودت وكما علمني والدي... ثمة احترام وخطوط لا يمكننا أن نتخطاها، وإن كان هذا الجيل هو جيل الانترنت أو ما شابه... لكن لا تزال هناك مفاهيم كالعيب والحرام والأخلاق واحترام الآخرين... أعلمهم كل هذه العادات. أنا صارم في تربية أولادي، فلا أدللهم ولا أدعهم يفعلون ما يشاؤون أو أشتري لهم كل ما يرغبون. لكل شيء ضوابط، وهناك المسموح وغير المسموح.
ابني علي له من العمر ثماني سنوات، أحياناً يطلب مني لعبة، أقول له لا أملك المال لأشتريها لك، وبالفعل لا أبتاعها له، لكي يشعر بقيمة الأشياء.
بعد سنة أو سنتين، وفي عطلة الصيف سينخرط ابني في العمل، إن كان حلاقاً أو كهربائياً أو أي شيء... يجب أن يعرف أن المال لا يأتي إلا بالجهد، بعض الناس يعتبرون أن الفنان يحصل على المال بسهولة، وهذا منافٍ للحقيقة، أنا لا أرى عائلتي كثيراً وأسافر وأواجه ضغوطاً على مدار السنة.
- هل ترفض أن تدخل ابنتك لاحقاً مجال الفن؟
بالتأكيد، ليس لأنه مجال سيئ ولكن لأن بيئتنا لا تسمح بذلك. مع احترامي للجميع، هناك الكثير من الفنانات المحترمات والفن مهنة عظيمة. البعض يعتبر أن السياسي أهم من الفنان في بلده، أبداً، تعاقبت حكومات كثيرة ولم يعد أحد يذكر هؤلاء الوزراء... ولكن هناك واحد فقط اسمه وديع الصافي وصباح واحدة وفيروز ونجوى كرم...
- هل ستعتزل الفن؟
هي مرحلة كنت منزعجاً فيها، ولا أدري لماذا تناولوها كثيراً، أو لماذا يريدونني أن أعتزل!
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024