روائيات عربيات على «فايسبوك»
مع الألفية الثالثة وثورة العصر كان لوسائل التواصل الاجتماعي فسحة خاصة وكبيرة للنشر الثقافي والأدبي والروائي والفني، فتسابق الجميع ليضع بصمة جميلة، ويحصد إعجاباً أجمل، وينتظر تعليقاً يُشعل حواراً ثقافياً أو اجتماعياً ساخناً يعود بالفائدة على الجميع، وربما يكون العكس فيؤدي إلى خلافات كثيرة نظراً لاختلاف طبيعة البشر.
لكن كان لنشر كتابات الروائيات على «فايسبوك» نكهة خاصة، بحيث فتح المجال للاطلاع على ثقافة الآخر وما تنطوي عليه الرواية من أحداث اجتماعية وسياسية وفكرية، والسؤال عن الدافع وراء النشر على «فايسبوك»... نتعرّف في هذا التحقيق، إلى بعض الروائيات العربيات اللواتي وضعن بصمة حقيقية على مواقع التواصل الاجتماعي.
دينا سليم حنحن: نصبتُ فخاً للقارئ
دينا حنحن هي روائية فلسطينية وتقيم في أستراليا، تقول إن الـ«فايسبوك» بالنسبة اليها يشكل حرباً مع الذات، وذلك بعدما اختبرتْ هذا الإحساس من خلال صفحات أنشأتها بعناوين بعض الروايات التي أصدرتها، كـ «قلوب لمدن قلقة»... ولا تزال تنشر مقاطع منها ترافقها لوحات تشكيلية لفنانة قرأت ذاتها قبل أن تختارها، فتفاجأت بالكم الهائل الذي يزور صفحتها يومياً، حيث وجدت نفسها معرّضة للنبش فعلاً، وكان أكثر ما يقلقها أن ينبش مجهول ما في داخلها، لكن التحدي لدى دينا يقوم على المواجهة وتقبّل رأي الآخرين بما يخطّه قلمها الذي يدوّن بلا اعتراض.
ولأن دينا تحب التغيير الجميل بغية أن تجذب قرّاءها فقد قسّمت رواية «تراتيل عزاء البحر» الى حلقات، على أن تنشر كل أسبوع حلقة جديدة منها، وبذلك تكون قد نصبت فخاً للقارئ الذي لم يعتد على القراءة، ومن سقط في الفخ، بعث لها برسائل شخصية يسألها عن تكملة الحلقات قبل نشرها. واعتمدت دينا الأسلوب ذاته في رواية «الحافيات» بحيث نشرتها تباعاً في صحيفة «التلغراف» الأسترالية. أما باقي الروايات التي أصدرتها فتركتها في أسواق بيع الكتب الكترونياً، (النيل والفرات، أمازون، وغيرها)، كما أنها لا تزال لدى دور النشر التي تشارك في المعارض الدولية.
تعشق دينا الحياة الاجتماعية والتفاعل مع القراء، وتشير الى أنه لا تصلها ردود الفعل إلا من القراء الجدييّن والنقاد وطلاب النقد في الجامعات العربية، والفلسطينية خاصة.
أما في ما يتعلق بصفحتها الرئيسة على «فايسبوك»، فقد اعتمدت دينا صفحة «قصائد عامية» للعامة التي تعشق هذا النوع من القراءة البسيطة ذات النكهة اللذيذة، بعد أن توّجتها بفيديو بصوتها مع صور التقطتها بنفسها.
وتقول حين يواجه المتلقون أفكارها منهم من ينتقد مهنياً، ومنهم من ينفعل مع النص ويكتب ردود فعل عفوية، وتلك العفوية تعجبها، فتلك الأسماء تبدأ في البحث عن رواياتها في المكتبات لكي تقتنيها، وتسألها وتبحث عن مكانها وأين تجدها، فترسلها عبر البريد الإلكتروني أحياناً، وأحياناً أخرى عبر البريد العادي من أستراليا، لتصل إلى كل قارئ معجب.
ورغم تأكيدها مدى الاهتمام بالروائيات وبما تكتبه المرأة، تخشى دينا من تكرار الحالات، ومع ذلك تعزّي نفسها بأن لكل روائية قلمها وأسلوبها الخاص في الكتابة، لكنها في الوقت نفسه تعتب على الرجل الكاتب الذي يبدي رأيه أحياناً باندفاع مطلق، وأهم ما في الأمر هو أن ردود الفعل تصل سريعاً وتتحول أكثريتها إلى نقاشات مجدية تعود بالنفع على الكاتب والقارئ على حد سواء.
وتستنتج دينا أن الكتاب الورقي، في عصر الانترنت، يبقى خالداً وشاملاً في فئة قراء العربية، لكن في فئات اللغات الأخرى فالقراءة السريعة من طريق «الآيباد» هي السائدة والأكثر رواجاً، بحيث يشتري القارئ النص الكترونياً مهما بلغت تكلفته، حتى أنه لا يفكر مرتين... وتقول: «تغبطني هذه الوسيلة جداً، وأتمنى على القارئ العربي أن يعتمدها، لأن الكتاب الورقي لا يصل إلى كل الأمكنة، بعد أن تحول إلى تجارة خاسرة».
وتختتم دينا حديثها موضحةً أنها تؤيد النشر الكترونياً، ورغم اعتقاد البعض أن قراءة النت حالها كحال من تضع وروداً في زهرية وتذبل الورود بعد أيام، تؤكد دينا أن لا فارق بين القراءة العادية والانترنت، لا بل يمكننا إعادة قراءة أي نص أحببناه بواسطة الانترنت، لأنها الطريقة الأسرع دائماً.
عبير سمكري: الكتابة أمانة ويسأل عنها الكاتب
أما الروائية السعودية عبير سمكري فترى أن «الفايسبوك» مرآة المجتمع، وفي إمكان أي شخص يجلس وراء شاشة الكومبيوتر أن يكون شخصية من شخصيات العالم الإلكتروني، ومع التغيرات السياسية والاقتصادية تتيح لها مواقع التواصل الاجتماعي الاطلاع على رأي المجتمع وموقفه من هذه التغيرات، وإن أحبت المشاركة في الرأي، تنتقل الى صفحتها وتقول رأيها الخاص وتحاور من منبرها لدحض ما يُنشر من شائعات لا أساس لها من الصحة، وتعمل على محاربتها، حتى لا تدع أحداً يتأثر بها، فالإنسان يتأثر بما حوله، ولذلك تسعى عبير الى تجديد الفكر بالأسلوب الصحيح.
ورغم أن روايات عبير اجتماعية جريئة، لكنها ترفض حصرها في قالب اجتماعي معين، حتى لا تخرج على المجتمع، ذلك أن شخصياتها تعكس الصورة الحقيقية للمرأة والرجل. وبما أن العامة لا تقرأ، أو لا تحب القراءة، ارتأت عبير ألا يتجاوز «البوست» أكثر من خمسة أسطر، لأن المقال الطويل ليس مستهدفاً بالنسبة الى البعض، مع العلم أن قراءها تتنوع اختصاصاتهم بين الشعر والأدب والإعلام...
لا تحب عبير تجميل الصورة، وتقول دائماً رأيها الصريح، ولذلك قدمت في رواياتها فكراً ناضجاً من خلال مناقشة كل قضية مجتمعية بجدية بحيث تغوص في أبعادها الإيجابية والسلبية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تناولت عبير في روايتها «نبتة خبيثة» ظاهرة الشذوذ الجنسي بكل أشكاله، ورغم الجدل الذي أُثير حول الرواية، فقد لاقت إقبالاً كبيراً من مختلف فئات المجتمع.
وفي أسبوع الكتاب، لامست عبير أحاسيس الشباب من خلال بحثهم عن الكتب النفسية والتي تتحدث عن لغة الجسد، ولذلك فهي تسعى في كتابتها إلى بناء المجتمع وتدعيم أركانه، أي الشباب، لأن الكتابة، على نحو ما تقول، أمانة يُسأل عنها الكاتب ويجب تأديتها بإخلاص.
رنا مداح: أهتم بالنقاشات المفيدة للمجتمع
تشير رنا مداح، وهي روائية سعودية وصاحبة دار نشر «الطاووس» الى أنها لا تحب أن تحرق روايتها على «الفايسبوك»، بل تلجأ إليه فقط لنشر إعلانات عن رواياتها، وربما تضع الغلاف المميز باسم مميز ومتفرد في عالم الروايات، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أسماء رواياتها: «بالشمع الأحمر»، «أنا مجرمة» و«إعدام زوجة» فتنهال عليها التساؤلات والتعليقات... امرأة واختياراتها لامرأة! وتتوالى الاستفسارات حول الاسم، والذي يتمحور حول مضمون الرواية.
ونظراً لأننا في عصر الثورة المعلوماتية واختزال الكلمات، فإن ما تنشره رنا هو عبارة عن خواطر صغيرة ومتنوعة بين الوجداني والعاطفي والاجتماعي، وبعض مقالاتها موثّق برابط حتى لا تتعرض للسرقات الأدبية، كما أن لها جمهوراً عريضاً من كل شرائح المجتمع السعودي والعربي، وهي تولي أهمية خاصة للنقاشات التي تفيد الجميع، وقد يثير انتباهها مُحاور قرأ بين السطور، فتُحاوره.
لكنّ لرنا رأياً مختلفاً في الكتاب، ذلك نظراً لقيمته الأدبية والثقافية والعلمية، فمهما تمدد الإنترنت يبقى «الكتاب خير جليس في الأنام»، والصديق الصدوق، فلرائحة الورق نكهة خاصة، وتقليب صفحاته يؤلف سمفونية معينة من الصعب نسيانها أو الاستغناء عنها، فالكتاب هو لغة الحياة الجميلة.
نور عبدالمجيد: الورق عشق وملمسه إدمان
رغم أهمية تلك النافذة التي يطل منها الكاتب على قرّائه، تؤكد الروائية المصرية نور عبدالمجيد أنها لا تنشر على «فايسبوك» شيئاً من مؤلفاتها، وإنما بعض الخواطر الصغيرة بغية التفاعل مع القارئ وتقريب كل طرف من الآخر، فالكاتب يسعد بكلمة تقدير، ويتمنى كلمة تقييم يعدّل بها مساره عند الضرورة. أما جمهورها فهو عريض ومن كل شرائح المجتمع المصري والعربي، والذي يروق له ما تكتبه.
ورغم ثورة الانترنت والتقدم التكنولوجي، تشدد نور على أهمية الورق ورائحته، فهو عشق وملمسه إدمان، والكتاب لم ولن يغيب أبداً عن الساحة الأدبية والفكرية والثقافية. ولأن إيقاع الحياة أصبح سريعاً، والوقت ضيقاً، قسّمت نور عشاق الكلمة والحرف بين قارئٍ بين السطور، ومتصفح من اللاب توب أو الهاتف الخليوي، فذلك يبقى أفضل من هجر القراءة، وإن بوسيلة أقل إمتاعاً.
وحين تتعرض نور للنقد فإنها تصغي له بكل جوارحها، فتتجرد من أنانيتها وتعلم تمام العلم أن الناقد على حق، فهي ربما تكون بحاجة إلى التغيير فترد بالشكر الجزيل، لأن هذا الناقد يهتم لأمرها ويتابع عملها، ويساهم في مسيرتها نحو الأفضل، فتعمد الى مناقشته، وتتمنى عليه محاورتها، لأن الحوار بداية النجاح. {
الأكثر قراءة
إطلالات النجوم
فُتحة فستان ليلى علوي تثير الجدل... والفساتين...
إطلالات النجوم
مَن الأجمل في معرض "مصمّم الأحلام" من Dior:...
أخبار النجوم
يسرا توضح حقيقة خلافاتها مع حسين فهمي
أكسسوارات
تألّقي بحقيبة الملكة رانيا من Chloé... هذا سعرها
إطلالات النجوم
الـ"أوف شولدر" يغلب على فساتين نجمات الـ"غولدن...
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024