تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

ازمة في الدراما السورية بسبب "فوضى"

ازمة في الدراما السورية بسبب

لا يُعد تأجيل تصوير مسلسل تلفزيوني أو التراجع عنه، فعلاً غير مألوف في العمل الفني، لكنّ الإعلان عن عدم تصوير «فوضى» للكاتبين حسن سامي يوسف والمخرج الليث حجّو، أثار جدلاً واسعاً، بسبب الظروف التي صاحبته، إضافة إلى تعاطف كبير مع كاتب «الندم» ومخرجه، الذي حقّق في الموسم الماضي لهفة الجمهور لعمل سوري خالص وواقعي يلبي الطموحات، فتأمل بمثيله لموسم عام 2017. والأهم أن الخلاف الساخن يسلط الضوء على عدد من العقبات المستديمة في الدراما السورية، والتي يشكل بعضها قنابل موقوتة تستدعي الحل في شكل جذري، مثل ضعف التسويق والإجحاف بأجور الفنيين، والأخطر تنازل الكاتب عن كل حقوقه لشركة الإنتاج كخطوة أولى في أي عمل تلفزيوني، وربما هناك جانب إيجابي وحيد في هذه «المعمعة»، وهو تسليط الضوء أكثر على جاهزية الفنّان السوري دائماً للتضحية عندما يتعلق الأمر بدراما بلده.

 

حسم

وبانتظار أن يُحسم اليوم، وفق مصادر «الحياة»، التمسك بقرار التأجيل أو التراجع عنه، فتبلّغ شركة «سما الفن» الجواب النهائي لأصحاب العلاقة، بعد اتفاق بين الكاتب الأول ومالك الشركة الذي أكّد عدم معرفته بقرار «التأجيل لظروف إنتاجية»، يحسم الليث حجّو، أحد أبرز المخرجين العرب، أمره في كسر الجرة وقطع جسور العودة مع المدير العام لشركة «سما الفن» فراس دبّاس، قائلاً في اتصال مع «الحياة»: «خدعتنا الشركة، ماطلت وبقيت توهمنا أنها ستنتج النص، وعند نهاية الموسم قررت تأجيله. أنا قراري الأخير أنني لن أعمل معها أبداً، لا الآن ولا في المستقبل، انقطعت العلاقة معهم تماماً ولو تراجعوا عن قراراهم، وكل ما أريده هو النص. الرهان الآن على أخلاقهم فقط، وهو ما يثبت إذا فيهم ذرة أخلاق أم لا»، علماً أن حجّو بدأ سابقاً استطلاع مواقع التصوير والاتفاق مع فريقه الفني إضافة إلى اختيار الممثلين.

ويضيف حول نقطة الخلاف الجوهرية المتعلقة بحجز الشركة النص في أدراجها وعدم رده إلى أصحابه، موضحاً: «النص لديهم، نحن نحاول جهدنا أن نسحبه، فأنا لست في وارد أن أجبرهم على دفع أموال ربما يجدونها ليست في مكانها، علماً أن هناك اتفاقاً أخلاقياً، لكنهم احتكروا النص وأصروا عليه ولاحقوني ولاحقوا الكاتب لتنفيذه، ومن ثمّ تراجعوا. وقلنا لا مشكلة، لكن ليعطونا النص على الأقل، ولم يوافقوا!».

ورداً على سؤال حول الإجحاف بحق الكاتب الذي يسلم إبداعه جبراً بلا قيد أو شرط، يجيب حجّو: «الظلم واقع علينا كلنا، عقودنا كلها خاطئة، ونحن نتحمل المسؤولية، عندما نوقع عقداً مع الشركة تكون هي الطرف الوحيد الذي يحتفظ بنسخة منه، فيصبح الطرف الثاني هو دائماً الأضعف. الشركة من حقها المطالبة بحقوقها أما الفني أو الممثل أو المخرج أو الكاتب فلا يحق له ذلك، باستثناء الشركات الرسمية التي فيها ضمانات أكثر، ولكن الشركات الخاصة لا تضمن لنا شيئاً، كما نسير معها على مبدأ الثقة حتى وقعت الواقعة».

وكان الكاتب يوسف كشف عبر منشور على صفحته الشخصية في موقع «فايسبوك» ملابسات التأجيل والخلاف، لافتاً إلى أن الشركة تحجّجت بأجور التقنيين والممثلين بدايةً قبل أن تعلن التأجيل إلى الموسم المقبل.

يكشف حّجو أسماء بعض الفنّانين الذين تم التواصل معهم وسلوكهم في كواليس التحضير قائلاً: «أحمد الأحمد وسلافة معمار وكاريس بشار وأيمن رضا وسواهم، جميعهم كانوا مستعدين للمسايرة بالأجر من أجل المضمون الفني وبسبب النخوة والغيرة على الدراما السورية. وبالمقابل استخدمت الشركة موضوع الأجور وسيلة ضغط وتحججت بها، علماً أن أجور الشركة من أساسها متواضعة جداً، الأجور مجتمعة للجميع في العمل تساوي أجر نجمة لبنانية أو نجم عربي واحد! ما قمنا به كان محاولة رد اعتبار للنجم السوري والفن السوري، لكنهم مصرّون على إهانتهم، في الوقت الذي نجد احترامنا في الخارج أكثر بكثير». ويضيف حول مشكلة التسويق: «الشركات الأخرى تشتكي من عجز التوزيع فيما «سما الفن» تملك قناة فضائية وبإمكانها تأمين المشاهدة، هي تزايد بأنها تدعم العمل السوري، لكنها غير مضطرة إلى الصرف مقارنة بالشركات الأخرى».

ويثير كلام حجّو حول «أجر نجمة لبنانية أو نجم عربي واحد»، الإشارة التي تضمنها أيضاً منشور حسن سامي يوسف في وقت سابق، إقحاماً قهرياً من دون علمهما لاسم الفنّانة اللبنانية سيرين عبد النور التي من المفترض أن تشارك في بطولة عمل الشركة الآخر، مسلسل «قناديل العشاق» (خلدون قتلان وسيف الدين سبيعي)، علماً أن المخرج السوري أكّد عدم صحة ذلك، مبيناً أن كلامه جاء في مجال المقارنة العامة وليس الخاصة، مشدداً على أن نجاح «قناديل العشاق» يعتبر نجاحاً لكل أفراد الدراما السورية.

 

ظروف التسويق

ولا بد هنا من الإشارة إلى أن من الفطرة البشرية وطبيعة الحال، أن يشعر أي سوري بسخط لفرض ظروف التسويق شروطها على دراماه وأهلها إلى درجة تغيير هوية بعض الأعمال واستبدال أهل البلد بغيرهم، وأيضاً أن يحس أي مشاهد لامسه «الندم» وعبّر عنه، بغبن أو بسخط إذا ما حرم من عمل آخر بالمعادلة ذاتها بسبب تفضيل المنتِج عملاً غيره لأسباب إنتاجية من دون أن يسمح بالإفراج عن نصه حتى، بخاصة إذا دفع القرار مخرجاً يعد من الأعمدة الساندة للعمل السوري الخالص بسوية فنية عالية جداً، إلى «الدراما العربية المشتركة» رغماً عنه.

يقول حجّو: «لا تحفظ لديّ حول الدراما العربية، وقد يكون الحل بالتوجه لديها مجدداً، لكنني كنت أحب العمل هنا داخل سورية على رغم الظروف الصعبة، ولكن في مقابل أن أجد الدعم لا يمكنني وحدي القيام بشيء، وشركات الإنتاج إذا أرادت أن تبيعنا ماذا يمكننا أن نفعل. أنا أحترم الأعمال العربية وعملت فيها سابقاً، ولا أقول إنني سأنتقل للعمل بشيء أفضل أو أسوأ. هذان نوعان مختلفان، ولكن لديّ فرص في الخارج، ويمكنني أن أعمل بها».

ويضيف: «شروطي للدراما العربية دائماً النص أولاً، وشرط إنتاجي محترم. ربما هذا الظرف هو أفضل الممكن حالياً، ولا خيار آخر لنا، لا نملك محطاتنا الخاصة، ولا يمكننا أن نطالب بوجهة نظرنا من خلال محطات الآخرين، لا يوجد حل آخر لدينا إلا أن نتحمّل ضمن المتاح. لم تكن خياراتنا دائماً، بل أحياناً كثيرة كخيارات الآخرين، ولكن طبعاً نحترم عقلية الجمهور».

نقلاً عن الشقيقة "الحياة" - الكاتب أمين حمادة

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080