حادث اعتداء زوج على زوجته بالجنوب... ونساء هربن من بيوتهن!
تصدر وسم (هاشتاغ) #اعتداء_زوج_علي_ِزوجته_بالجنوب في العديد من الدول العربية، إثر قيام زوج بضرب زوجته في الشارع العام. والضحايا لهذا النوع أو ذاك من العنف كثيرات، والقصص المأسوية كثيرة، نورد بعضها في هذا التحقيق:
قصص من دار إيواء المعنّفات في مصر
زينب محرم، قررت مد يد العون للمعنفات، فأنشأت دار إيواء المعنفات في مركز رعاية المرأة والطفل في الإسكندرية، بعدما شاهدت التجربة في الدانمارك، وقررت نقلها إلى مصر لتكون ملاذ المعنّفات. «لها» دخلت دار إيواء المعنّفات لتنقل قصص نساء مقيمات فيها.
جميلة : زوجي يضربني لتعويض نقصه
بدأت جميلة (39 عامًا، ربة منزل) حكايتها بالسبب الذي دفعها للجوء إلى دار إيواء المعنفات، قائلةً: «ضاقت بي السبل وأهلي يرفضون طلاقي حالياً، ولم أعد قادرة على تحمّل الضرب والإهانة المستمرين منذ بداية زواجي، أي منذ 12 عاماً، فزوجي لا يجد غضاضة في سبي دائماً وضربي وشد شعري أمام أولادنا الثلاثة، فقط لأنه يشعر بأنني أفضل منه اجتماعيًا وثقافيًا».
وتتابع: «مستوى أهلي الاجتماعي جيد، فأبي رحمة الله عليه كان بحاراً وجميع إخوتي خريجو جامعات وفي مناصب مرموقة، أنا الوحيدة سيئة الحظ في التعليم، فقد اكتفيت بالمؤهل المتوسط وسيئة الحظ في الزواج أيضًا، فبعدما أصبحت في السابعة والعشرين عامًا من دون زواج أصبح أهل قريتنا يصمونني بالعنوسة، وبالتالي قبلت عندما تقدم لخطبتي سائق لا يحمل أي شهادات دراسية.
كان همي وأهلي أن أتزوج حتى يكف أهل القرية عن وصمي بالعنوسة». الفجوة الثقافية والاجتماعية بين جميلة وزوجها اتسعت بعد الزواج، فكانت الصدمة حسبما تقول: «اكتشفت شعور زوجي بالنقص منذ يومنا الأول في بيت الزوجية، لكني لم أتخيل أنه سيكون سبب شقائي وإهانتي، فذلك الشعور كان منغصاً لزوجي كل يوم، ويحاول دائماً أن يثبت لي أنه الأقوى وأنه الأفضل مني ومن أهلي... كان دائم الضرب لي ضرباً مبرحاً.
بعد إنجابي لطفلي الأول عرض عليَّ أبي رحمه الله، الانفصال عن زوجي، لكني تخوفت من وصمة الطلاق، فطالما هربت من بيت أهلي بوصمة العنوسة، كيف أعود بوصمة الطلاق؟ فرفضت واستمر زواجي مع الضرب والإهانة، وحملت وأنجبت توأمين ولم يتوقف زوجي مطلقاً عن سبي وإهانتي أمام أطفالي، حتى بعدما كبروا وأصبحوا يفهمون كيف تهان أمهم، لدرجة أن ابني الأكبر ما زال يتذكر حوادث ضربي منذ كان طفلاً».
وتتابع: «الآن أصبح الانفصال أمراً مستحيلاً، والحياة معه في سلام مستحيلة أيضاً، فهو دائم التعنيف والإهانة، ويطالبني بأن أحضر النقود من بيت أهلي رغم علمه بتعفف نفسي، وفي الوقت نفسه يمنعني من زيارة أهلي ويلقي عليَّ يمين الطلاق». وتضيف جميلة: «كل أملي في الحياة أن يكف زوجي عن ضربي وتعنيفي أمام أبنائي، حتى لا تشوّه نفسياتهم أكثر، فأنا لا أريد أكثر من تربية أبنائي في هدوء وسلام».
صابرة : طفح الكيل من تعنيف زوجي لي
صابرة (48 عاماً) لها حكاية أخرى مع العنف الأسري ترويها قائلةً: «لا تحزني يا جميلة، فجميعنا أبطال لقصة واحدة وإن اختلفت بعض التفاصيل».
وتستطرد: «مشكلتي أنني الأم والأب في المنزل، العقل المدبر والقلب الحنون، أعمل في فرن، يوميتي ضعيفة لكنها دخل مهم لأسرتي، فأولادي عددهم خمسة، منهم أربع بنات وجميعهم في مراحل التعليم المختلفة. أما زوجي فحاله لا يختلف عن حال زوج جميلة كثيراً، يعاني من الغيرة من شخصي لأنني متكلّمة أكثر منه، فيحاول دائماً أن ينال مني، لا يقدِّر تحملي ولا عملي ولا تربيتي للأبناء، وإن لم يتطاول بالعنف الجسدي فيكفيني منه العنف النفسي.
فاض بي الكيل وطفح ولم أجد لي مأوى، فأرشدتني إحدى جاراتي إلى بيت إيواء المعنفات، فلجأت إليه لعلِّي أنال هنا استراحة تجعلني أقوى على مواجهة الحياة مرة أخرى، خاصةً أن في الدار إختصاصيات اجتماعيات ونفسيات يتابعن حالتي، وأفكر معهن في حلول حتى أخرج من هنا وأستطيع استكمال رسالتي كأم مع أبنائي».
أحلام : زوجي كان مدمناً اعتاد تعنيفي وأولادي ورثوا سلوكه
لم تعش أحلام (46 عاماً، ربة منزل) يوماً سعيداً مع زوجها، وبعد وفاته ورث أبناؤه عنفه وأصبحوا يمارسونه ضدها. تحكي قصتها قائلةً: «كبداية كل الحكايات لم أكن أعلم أن زوجي مدمن مخدرات، وعندما اكتشفت ذلك آثرت العيش معه فلم أكن متضررة منه، ومع مرور الزمن ومع إنجابنا للمزيد من الأطفال حتى وصل عددهم إلى سبعة أبناء، أربعة أولاد وثلاث بنات، دخلت الحياة بيننا في طريق مسدود، فإدمانه زاد، وندر نزوله إلى العمل، فهو كان عاملاً أرزقياً يتقاضى أجره باليومية، فاضطررت إلى العمل بائعة خضار في السوق حتى أنفق على المنزل وعلى تعليم أولادي».
وتتابع: «انتهى بي الحال إلى إعالة زوجي هو الآخر، كنت دائمة الشجار معه حتى يعمل، كنت أتمنى أن أراه طبيعياً لا يتعاطى المخدرات طوال اليوم، فهي كانت تؤثر على عقله وتجعله يضربني ويسبني طوال الوقت، لا أستطيع نسيان أنه ذات مرة ضربني وجرى ورائي في الشقة بالسكين حتى يقتلني، فهربت منه إلى الشارع واستمر في مطاردتي حتى تدخل الجيران وأنقذوني من يديه».
تصمت برهة وتمد يدها لمسح دموعها، ثم تكمل: «مات زوجي بعد 17 عاماً من التعنيف والقهر، لكن أبنائي الرجال ورثوا عنفه وجبروته، رغم أنني عاندت الظروف والفقر حتى حصلوا على مؤهلات متوسطة وفوق متوسطة، إلا أن الأربعة عاطلون، يجبرونني على العمل وتوفير مصاريفهم وكافة متطلباتهم، وإلا يوقعونني تحت طائلة العنف النفسي واللفظي،. وحالياً الأمر ازداد قسوة بعدما أصبت بطلقة رصاص في ساقي أثناء مرور إحدى التظاهرات في السوق ولم أعد أقوى على العمل، فتركت المنزل ولجأت إلى بيت إيواء المعنفات هرباً من أولادي». تختتم حديثها قائلةً: «كأن زواجي لعنة، لم أرتح يوماً في حياة زوجي ولا حتى بعد مماته، فما زالت لعنته تطاردني».
أماني : لجأت إلى بيت المعنّفات
على الرغم من أن أماني لم تتخط الـ35 عامًا، فهي تبدو وكأنها أوشكت دخول الـ50 من عمرها، دموعها تسبق كلماتها وصوتها يعبّر عن حزن عميق.
تبدأ حكايتها قائلة: «تزوجت قبل 16 عامًا ورزقني الله بولدين وبنتين، لكنَّ الولدين أحدهما يعاني من كهرباء زائدة في المخ والآخر مصاب بضمور في المخ، أما زوجي فهو مصاب بفيروس سي وبتضخم في الكبد».
تضيف: «مصدر الخلاف بيني وبين زوجي هو العلاقة الحميمة، فأنا أخشى العدوى بفيروس سي، وهو لا يقدر أنني في خدمة أربعة أبناء، فضلاً عن خروجي إلى العمل في خدمة البيوت حتى أوفر متطلبات تعليم أولادي».
وتضيف: «لجأت إلى بيت المعنفات بعدما احتجز ابني المصاب بضمور في المخ لمدة ثمانية أشهر، لأعود إلى المنزل أفاجأ بزوجي يخبرني بأنه سيتزوج عليَّ بامرأة أخرى تلبي احتياجاته، ضارباً عرض الحائط بكل تضحياتي معه ومع أولاده، والأدهى من ذلك أنه جعلها تكلمني هاتفياً فتركت له المنزل».
عنف مُتوارث
نزيلات بيت إيواء المعنفات فضلنّ التحدث إلى «لها» في الحديقة، ما عدا امرأة مسنة لم تغادر غرفتها، فتوجهنا إليها، في بادئ الأمر رفضت سيدة (71 عاماً) الحديث ثم وافقت مع التحفظ عن التصوير وأخذت تحكي قصتها، قائلة: «لم يرزقني الله إلا ولداً وبنتاً. توفي زوجي مبكراً، ساعدني ابني في مصاريف زواج أخته ثم انتقل إلى العمل في الخليج، وبعد عودته فكر في الزواج واختار عروسه بالفعل، وبعد أشهر قليلة تبدل حال ابني وأصبح شخصاً مادياً، وأقنعني ببيع منزلي والانتقال للعيش معه في شقته الصغيرة، لأنه في حاجة إلى ثمن منزلي الذي أمتلكه، وأقنعني بأنني سأعيش معه ملكة متوجة.
لكن سرعان ما تغير حاله، فأهملني ولم يعد يطمئن إلى أخباري إلا من زوجته، ولو صدف وسألني أشيد بحسن معاملتها حتى لا أضايقه، لكن الواقع غير ذلك، فمنذ وصولي إلى بيته وأنا تحت ضغط وعنف نفسي وإهانات من زوجته، حتى أن أحفادي ورثوا تلك القسوة. وقد اعتادت أن تمنع عني الطعام، وكانت النيران تشتعل بيننا عندما كنت ألتقط الفتات من المطبخ أو الثلاجة لأسدّ به جوعي».
تتابع: «ما يعتصر قلبي حزناً أن أحفادي كانوا جواسيس ضدي، وحين يراني أحدهم ألتقط أي فتات يخبرها فتهينني وتضربني، ثم تعود وتدعي العكس وتشكو لابني مر الشكوى حتى بدأ هو الآخر ضربي. حاولت اللجوء إلى أهلي، لكنهم جميعاً أغلقوا أبوابهم في وجهي وقالوا إنني سبب ما آل إليه حالي، لأنني دللت ابني كثيراً. حاولت الإقامة مع ابنتي لكن زوجها لم يرحب، ضاقت بي الأرض ولم أجد مكاناً أذهب إليه، حتى علمت بوجود دار إيواء المعنفات».
زينب محرَّم : هدفنا استضافة المعنّفات وعدم تركهنّ فريسة لأخطار الشارع
«يهدف مركز «رعاية المرأة والطفل» إلى استضافة النساء المعنفات اللواتي بلا مأوى وعدم تركهنّ فريسة لأخطار الشارع، كما يساعد المركز النساء المعنفات في اجتياز المحن النفسية، ويعيد دمجهنّ في المجتمع من جديد بعد تلقي المساندة النفسية». هذا ما تؤكده زينب محرم رئيسة المركز.
وتوضح أن المركز الذي أنشئ عام 2006 يهتم برعاية المرأة والطفل على السواء، ويحتوي على دار حضانة لرعاية الأيتام ودمجهم مع الأطفال الأسوياء، فضلا عن مشروع حماية الأطفال من الشارع الذي يهدف عن طريق تمكين الأسر اقتصادياً إلى إعادة الأطفال المتسربين من التعليم إلى المدارس مرة أخرى، كما يحتوي المركز على مركز حرفي لتأهيل المعنفات لسوق العمل وتعليمهنّ الخياطة والتريكو حتى يستطعن مواجهة الحياة وكسب قوتهنّ بعد التأهيل النفسي، ومن تفشل في تعلم حرفة تعمل في الحضانة.
تحدد زينب محرم بروتوكول استقبال المعنفات، قائلةً: «يكون في استقبال المرأة المعنفة طبيب ومحامٍ واختصاصية نفسية واختصاصية اجتماعية، وهم على استعداد للتعامل مع أي ضحية للعنف، شرط ألا تكون في الأساس مريضة نفسياً وألا يكون لديها مكان إيواء آخر، وإذا كانت مريضة جسمانياً أو نفسياً بسبب العنف الذي تعرضت له يتولى المركز علاجها».
على مدار ثمانية أعوام من افتتاح بيت المعنفات تم استقبال حوالي 700 حالة، وتم تأهليهنَّ نفسياً وإعادة من رغبن في الصلح إلى ذويهنَّ أو تحقيق الاستقلالية عنهم، وتقول زينب محرم: «تقضي المعنفة ثلاثة أشهر من العلاج النفسي وإعادة التأهيل، بعدها يبدأ المركز في بحث رغبتها إذا كانت تريد العودة إلى زوجها أو الانفصال عنه، وفي حالة رغبتها في العودة نستقبله في المقر الإداري البعيد تماماً عن دار الإيواء حفاظاً على سلامة الضحية، ونبدأ مناقشة المشاكل معه ولماذا يعنّفها».
وتتابع: «هناك أنماط من الأزواج لا يكفون عن تعنيف زوجاتهنّ إلا بتعهدات مالية كبيرة، فقد جاءتنا ضحية عنف طوال 28 عاماً، وطلبت منا بدء إجراءات الطلاق، فزوجها على مدار 28 عاماً لم يكف عن ضربها وتعنيفها حتى بعدما وصلت إلى الخمسين من عمرها، فبمجرد أن زوجت بناتها قررت الانفصال عنه، وعللت صبرها على العنف حفاظاً على شكل البنات الاجتماعي، وبعدما أتمت فترة التأهيل النفسي أقنعها الاختصاصيون الاجتماعيون والنفسيون بالاستمرار في الحياة الزوجية حتى تتم رسالتها كأم مع ابنها الصغير، مع التعهد لها بكف الزوج عن ضربها.
وبالفعل استدعينا الزوج وهددناه برفع دعوى قضائية بالطلاق أو الخلع، وقال إنه يريد الاستمرار في زواجه لكن على زوجته أن تتحمله، ومع المفاوضات استطعنا أن نأخذ عليه شيكات بدون رصيد باسم زوجته نقيم بها دعوى عليه إذا عنفها مرة أخرى، فقبل ولم يعنفها مرة أخرى حتى الآن منذ ثلاث سنوات».
وتضيف زينب محرم: «المكان يستوعب نحو 100 حالة، ليس هدف المركز إيواء المعنفات طيلة العمر، وإنما تقديم الدعم النفسي والعلاجي لهنّ وتأهيلهنّ لتخطي الصعاب مع أزواجهنّ، وتعليمهنّ استراتيجيات إدارة الخلاف الزوجي، كما أن هدفنا الأول هو استمرار الحياة دون عنف، لذا نجري محاولات للصلح مع الزوج ونأخذ عليه تعهداً بحسن المعاملة، وإذا رفضت المعنفة الاستمرار مع زوجها نساندها حتى تجد مكان إيواء آخر».
الدكتور أحمد البحيري : ضحية العنف عرضة للاكتئاب والانتحار
يؤكد الدكتور أحمد البحيري، استشاري الطب النفسي، أن تزايد العنف بكل أشكاله أصبح إحدى سمات العصر، وبات العنف ثقافة يصدرها المجتمع والأعمال الدرامية.
ويتابع: «العنف الأسري موجود منذ الأزل، لكن أشكاله وأساليب ممارسته هي التي اختلفت، ففي بداية ووسط القرن الماضي كان العنف الأسري ضد المرأة يتجسد في قمعها داخل المنزل، وإجبارها على أن تكون تابعة للزوج، لا رأي لها في ما يخص شؤون أسرتها، وإجبار الفتيات على التسرب من التعليم أو عدم التعليم من الأساس، لكن مع اختلاف العصر والانفصال عن منزل العائلة بحيث أصبحت كل أسرة تقيم بمفردها في منزل صغير، أخذ العنف أشكالاً مختلفة مثل الضرب والإهانة والسب».
ويكمل: «العنف الجسدي ليس أكثر أنواع العنف الممارس ضد المرأة، بل إن هناك أنواعاً أكثر قسوة عليها مثل العنف النفسي المتمثل في الإهمال».
ويفسر استشاري الطب النفسي وقوع النساء ضحايا للعنف الأسري لأنهن الطرف الأضعف، وكلما ازداد ضعفها بعدم تمكينها الاقتصادي أو التعليمي ازداد العنف الممارس ضدها من الأب أو الزوج أو الابن أو حتى الأخ، لافتاً إلى أن ممارس العنف بغض النظر عن ثقافته يعاني من اضطرابات في الشخصيات، مثل الشخصية السيكوباتية المضادة لقيم المجتمع.
ويلفت البحيري إلى أن الضحية تعاني بعد العنف من مشاكل نفسية، مثل الإحباط، الاكتئاب، القلق، كما أنها تكون عرضة لاضطراب ما بعد الأزمة، وهو أن تصدم في الشخص المعنف، وبالتالي تفكر جدياً في ترك المكان، وأحياناً تفكر في الانتحار.
وبناءً عليه يرى استشاري الطب النفسي أن وجود دور لإيواء المعنفات أمر هام لإعادة تأهيلهنّ النفسي، وإعادة دمجهن في المجتمع، وتوفير الدعم اللازم إليهن، سواء كان نفسياً أو اقتصادياً عن طريق تعليمهن حرفة.
ويضيف: «لذا يجب أن تتضافر جهود المجتمع المدني في إقامة دور الإيواء مع جهود الحكومة في الإشراف عليها، حتى نحقق أعلى فائدة للنساء المعنفات».
الدكتورة زينب شاهين : دور إيواء المعنّفات ليست الحل ويجب تشريع قوانين تجرم العنف الأسري
أما الدكتورة زينب شاهين، أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأميركية، فترجع العنف الأسري ضد النساء إلى عوامل كثيرة، منها الهيمنة الذكورية الموجودة بسبب الموروثات الاجتماعية، إذ إن الفكر السائد هو أن الرجل «سي السيد»، الآمر الناهي صاحب القرار الأول والأخير في الأسرة، ولا يحق للمرأة النقاش أو الاعتراض.
وتضيف: «الرجل بسبب الهيمنة الذكورية يكمل تعليمه ويسافر خارج البلاد، أما المرأة فالمجتمع يحبسها في دورها الإنجابي، فتسجن في المنزل ولا يتم تمكينها اقتصادياً ولا ثقافياً ولا اجتماعياً».
وتلفت أستاذة علم الاجتماع إلى أن السبب الثالث في زيادة العنف ضد المرأة هو أن الرجل أقوى بدنياً، فينتصر عليها بالضرب والقهر، ولعلمها بأنها مستهدفة تخضع للعنف وتخشى أن تفصح عنه، لأن قوتها وحياتها بيد الرجل».
تؤكد الدكتورة زينب شاهين أن مراكز إيواء المعنفات ستساعد في تخفيف حدة ظاهرة العنف الأسري ضد المرأة، لأن الدعم المؤسسي يساعد المرأة على مقاومة العنف، كما ستجد أخريات في ظروف مماثلة، وذلك سيحقق لها التضامن الأنثوي، الذي من شأنه تخفيف وطأة العنف الذي وقعت تحت طائلته.
وتضيف: «لكن مراكز إيواء المعنفات ليست الحل الأمثل، بل يجب أن تتضافر جهود الدولة أيضاً في تشريع قوانين تجرم العنف الأسري وتفعيلها بأقصى سرعة في محاكم الأسرة».
البحث عن قانون
خمس سنوات من العمل المستمر، أمضاها مركز النديم لعلاج وتأهيل ضحايا العنف، على صياغة قانون تجريم العنف الأسري، وخرج مشروع القانون إلى النور في عام 2010، لكن ظروف الدولة غير المستقرة لم تسمح بعرضه على البرلمان الذي يخضع للحل كل فترة.
تقول الدكتورة ماجدة عدلي، رئيسة مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف، إن مشروع قانون تجريم العنف الأسري ضد النساء عكف المركز على العمل فيه منذ عام 2005، وخرج إلى النور عام 2010، بعد أن جاب فريق العمل معظم محافظات مصر، وعقد العديد من المؤتمرات والندوات العامة والأخذ بالتوصيات التي قيلت فيها للتعديل على القانون.
وتضيف: «تقدمنا بمشروع القانون إلى مجلس الشعب 2010، لكن بسقوطه سقط من لجنة المقترحات بالمجلس، فعزمنا على تقديمه للمجلس الجديد ونجمع تواقيع لتقديمه من جديد، آملين أن يصل عددها إلى آلالاف، خاصةً أن تلك التي جمعناها في أول أسبوع لا بأس بها، حيث بلغ الإجمالي 775 صوتاً، زاد فيها أصوات الرجال على النساء بـ15 صوتاً، وهذا مؤشر جيد لمدى تقبل المجتمع لفكرة القانون، ودليل على تغيّر الثقافة تجاه العنف الأسري». يأمل مركز النديم بجمع ألاف التواقيع الفردية علي مشروع القانون الذي ينصّ.
على أن جرائم العنف الأسري ضد النساء تشمل أي فعل عنيف، ينجم عنه أذى معنوي أو معاناة بدنية أو مادية أو نفسية أو جنسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل، أو الإكراه أو الحرمان القسري من الحرية من قبل أحد أفراد الأسرة، بما له من سلطة أو ولاية أو علاقة بالمعتدى عليها».
أرقام
أثبتت الأرقام ارتفاع معدلات العنف في المجتمع المصري بصفة عامة وضد النساء بصفة خاصة،وأشار تقرير جديد صادر عن مركز الأرض لحقوق الإنسان إلى مقتل 301 امرأة مصرية خلال عام2009، موضحاً أن 129 منهن قتلن نتيجة العنف الزوجي، وهو ما يثبت مدى خطورة القضية التييجب على المجتمع كله مواجهتها.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الأول 2024