إيفون الهاشم: هذه الصورة لا تشبهني
انطلقت من الواقع لتغني ما يشبهها، غير آبهة لأولئك المثقفين الذين لا يغنون الحب، فخاطبتهم « معليش » سأغني لكم الحب . تعترف الفنانة اللبنانية إيفون الهاشم بأن أقرب شيء إلى الناس هو لغتهم، لذلك استطاعت أن تفرض نفسها على مسامعهم من دون تكرار لأغنياتها عبر الإذاعات. عن عشقها للمسرح والعلاقة الجميلة التي تجمعها بتلامذتها تتحدث إيفون في هذا الحوار ...
- تعرفنا إليك في التمثيل، لماذا أنت بعيدة اليوم؟
لست بعيدة كثيراً، لأنني أدرّس المسرح في جامعات عدة في لبنان، ولكن أغلب وقتي مصوب نحو الموسيقى، كتبت ولحّنت وأنتجت الألبوم، وأحيي حفلات، إذ إن تلك الفترة كانت موسيقية نوعاً ما، ولكن بالتأكيد لم أنتهِ من المسرح.
- ماذا عن الدراما؟
إن عملي المكثف كان في المسرح، ولكن في التلفزيون كانت محطة صغيرة وتجربة لذيذة وجميلة، أنا ممثلة وعندما أتلقى عرضاً أفكر حينذاك إن كان مناسباً أم لا.
- إلى أي مدى تشعرين بالحرية على المسرح؟
لا شك في أنه مكان الحرية والإبداع المطلق، المسرح لديه سحره الخاص.
- أغنياتك باللهجة العامية لكنها مختلفة عن أنواع الغناء السائد.
لم أنتمِ يوماً إلى الفن المخصص للمثقفين فقط، ولم أنتمِ إلى الفن التجاري الذي نستمع إليه في الإذاعات والذي فيه نوع من الابتذال. أغنياتي تشبه الناس وفي الوقت نفسه هناك مستوى معين في الموسيقى والكلمات.
- هل تعتبرين أن الأغنيات باللهجة العامية أقرب إلى الناس؟
بالتأكيد، مثلاً إذا مرّ شخص على الطريق وهو لم يتعلم فمن حقه أن يفهم كلام هذه الأغنيات، إذ إن أقرب شيء إلى الناس لغتهم.
- متى يتجه الفنان إلى الأغنيات التجارية؟
عندما يقتصر هدفه على الشهرة، وجني الأموال، ولا يهتم بأن يشبه نفسه أو يصدر أعمالاً تعبر عن الناس المحيطين به، أو يقدم فناً يريد أن يقول شيئاً من خلاله، عنئذد سيتجه إلى الفن المبتذل، بالتالي تنتفي فكرة أن يصدر فناً.
- هل تعتقدين أنه لو كنت في شركة إنتاج لما استطعت أن تصدري الألبوم نفسه؟
إذا كان هدف شركة الإنتاج تحقيق الأرباح فقط وإنتاج الأغنيات المبتذلة، بالتأكيد لما كنت قدمت ألبوماً يمثلني، ولكان كل شيء تغير.
- لكن ألبومك نجح من دون شركة إنتاج!
بالفعل، وهو دليل على أن الناس تريد أن تستمع إلى أغنيات تشبهها وحقيقية، وليس صحيحاً ما يتم تسويقه بأن الجمهور يريد فناً هابطاً.
- صورتِ فيديو كليب «رح فلّ» من خلال التلفون، لماذا اتخذت هذه الخطوة؟
لأنني أريد أن أتحدى نفسي وأقدم أعمالاً وأفكاراً جديدة، كما أنني لست من هواة تصوير الكليبات التي تصور الفنانة في سيارات آخر موديل أو أسلط المروحة على شعري ليتطاير مع ماكياج كامل... هذه الصورة لا تشبهني، أنا ممثلة في السينما والمسرح وفي كل مرة أتحدى نفسي وفي هذه الأغنية حاولت أن أبرهن أنه ليس بالضرورة أن يملك الفنان ثروة لينتج فيديو كليب، صورنا بالهاتف علماً أنه رافقني مخرج سينمائي لا تنقصه كاميرا أو أي أدوات أخرى لتصوير عمل جميل، التحدي كان مميزاً وكنت أرغب في أن أصدر عملاً مختلفاً وسهلاً.
- هل كانت فكرتك تصوير الكليب بالتلفون؟
اشتركت أنا والمخرج إيلي كمال بهذه الفكرة.
- ماذا عن «رح فلّ»، هل من الممكن أن تتخذي هذا القرار؟
هو إحساس نمر به أحياناً، ولكن لا أدري ما إذا كنت سأقدم على هذه الخطوة لاحقاً، ولكنني أعيش اليوم هنا.
- حدثيني عن حفلاتك في جنيف وفي بيروت.
كانت رائعة، في جنيف ورغم أن الجمهور أوروبي وقد غنيت أغنياتي بالعربية، فإنه وقف تصفيقاً لي لأكثر من خمس دقائق، حتى أنه جاء ليلقي التحية عليّ، ووضعت بين أيديه كتاباً ترجم أغنياتي، تفاعل معي كثيراً على المسرح وحتى الفرقة الموسيقية كانت مزيجاً من الجنسيات، سويسري وفرنسي ولبناني يقيم في فرنسا هو إيلي معلوف وزياد الأحمدية من لبنان. وفي بيروت، كان الجمهور يردد معي الأغنيات وكانت هذه اللحظة مؤثرة جداً بالنسبة إلي.
- حدثيني عن علاقتك بأغنية الفنان شارل أزنفور، وكيف حصلت على حقوق غنائها؟
أرسلت إلى شارل أزنفور رسالة منذ فترة طويلة مع أدائي الأغنية ولماذا اخترتها، وإذا كان يسمح لي بأن أغنيها ورد عليّ برسالة خطية بأنه يوافق على إعطائي حقوقها، والأهم من ذلك أنه استمع إلى الأغنية بعدما صدر الألبوم، وعبّر عن رأيه في إحدى المجلات وكان ذلك مفاجئاً، لا سيما ما قاله عني، هناك علاقة مميزة تجمعني بشارل أزنفور.
- أُطلق عليك لقب «وريثة شارل أزنفور» كيف ستحافظين على هذا اللقب؟
لا تعنيني الألقاب، ما يهمني أكثر أن أبقى حقيقية، ولا يعني إذا حصل شيء مميز معنا نسعى كل حياتنا لنعيده، الأهم هو أن أبقى حقيقية مع نفسي في هذه اللحظة، ولا أعرف ما هي الألقاب التي ربما أحصل عليها في المستقبل.
- يُطلق عليك أحياناً أنك فنانة مستقلة، ما معنى الفنان المستقل؟
أي لا شركة إنتاج تنتج لي أعمالي، أنتج أغنياتي، وأعتقد هذا معنى فنان مستقل.
- الألبوم توزيع الفنان مايك ماسي، كيف كان التعاون معه؟
باستثناء الأغنية القديمة «انتحر الحب» كانت توزيع يوري مرقدي. تجمعني بمايك صداقة قديمة منذ أيام الجامعة، وكنا نكتب ونلحن ونغني سوياً، عندما صدر ألبومه كنت كتبت فيه أكثر من أغنية وكان من الطبيعي أن يوزع أغنيات ألبومي الجديد.
- منذ فترة قصيرة، أصدر مايك أغنية «كرمالي» لمناهضة العنف ضد المرأة، ما هي القضية التي يمكن أن تتبنيها وتغني لها؟
لا قضية وحيدة يمكن أن أتبناها وأغني لها، كلما حدث شيئاً أثر في أغني له. مثل أغنية «لو تعرف» علماً أنني أصدرتها بعد صدور الألبوم، ولو كان فنان آخر ما كان ليفعل ذلك بل كان سوّق للألبوم، ولأنني لا أفكر في هذه الطريقة، ولأن شيئاً عالقاً في حلقي ووضعاً داخلياً لا يمكنني أن أسكت عنه، كانت «لو تعرف» كتبتها ولحنتها وأصدرتها. الأشياء التي تهزني أقولها، لا أفكر ما هو اللازم وغير اللازم.
- عاد ريع حفلك في بيروت إلى جمعية «حماية»، هل شعور الأمومة زاد شغفك لتساعدي الأطفال من خلال الحفل؟
لا أنكر أنه قبل أن أكون أماً، يهزني العنف ضد الأطفال، ولا أتحمل رؤية أحد يصرخ في وجه ولده، أتأثر كثيراً لأنه مخلوق رقيق جداً، وعندما أصبحت أماً تضاعف شعوري، لذلك قررت أنه من غير المفترض أن أحيي حفلات فقط من أجل الغناء، لا بد أن أساعد بأي طريقة على الأرض، وعندها وعدت نفسي أنه كلما أحييت حفلاً وَجَبَ أن يعود ريعه إلى جهة معينة.
- إلى أي مدى تشعرين بالرضى عندما تعلمين أن أغنياتك تعلق مباشرة في ذهن مستمعيها؟
أشعر بأنني دخلت في تحدٍّ واجتزته، ولم أؤدِّ أغنية مبتذلة لتعلق في أذهانهم ولم أدفع الكثير من المال لتكرار الأغنية في الإذاعات على مدار اليوم ليحفظوها، بالتالي الموسيقى ليست بعيدة منهم، إلا أنه ثمة خطر عند الفنان المستقل أن يقع بالموسيقى الصعبة، بالتالي لن يستمع إلى أغنياته الجميع. ولكن يسعدني كثيراً عندما أعرف أن الناس أحبوا الأغنيات وحفظوها.
- كيف هي علاقتك بتلامذتك؟
هي علاقة وطيدة ورائعة، لأنهم يذكرونني بنفسي، وبالمرحلة المهمة جداً في حياتنا، والتي باستطاعتنا أن نغيّر فيها كل شيء، علاقتي بهم خاصة وأحبهم كثيراً، من المهم أن تكوني في هذا المكان وتستطيعي أن تؤثري في الأشخاص.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024