"التهاب الغدد العرقية القيحي" تعرّفي إلى هذا المرض الجلديّ المزعج والمحرج
رغم الأعباء الجسدية والنفسية والاجتماعية الصعبة التي تترتب عن الإصابة بالتهاب الغدد العرقية القيحي HS ، فهو يبقى من الأمراض التي يجهل كثر كل الحقائق المرتبطة به.
هذا المرض الذي يؤثر إلى حد كبير في نوعية حياة المريض نتيجة الالتهابات العميقة التي يسببها وتظهر في الجلد مع كل الألم والانزعاج الناتج من ذلك، لا يزال تشخيصه يتأخر لسنوات أحياناً لأسباب مختلفة، مما يزيد من صعوبة معالجته، إضافةً إلى تفاقم الحالة على أثر ذلك.
الطبيب اللبناني الاختصاصي بالامراض الجلدية فؤاد السيد تحدث تفصيلاً عن كل الحقائق المرتبطة بهذا المرض المزمن الذي ينتشر أكثر بين النساء.
ما هو مرض التهاب الغدد العرقية القيحي؟
التهاب الغدد العرقية القيحي هو مرض مزمن يرتبط بغدد التعرّق في الجسم، وهو ناتج من اضطراب في جهاز المناعة يسبب التهابات عميقة في مواضع معينة.
يكون الالتهاب عميقاً في الجلد ويتطور ويتحوّل إلى دمامل مزعجة كبيرة الحجم تُفقأ لاحقاً وتصدر عنها روائح مزعجة جداً ومحرجة.
كيف تحصل الحالة وتتطور؟
تبدأ الحالة بغدة تحت الجلد، إذ يحصل التهاب تظهر على أثره حبة صغيرة تحت الجلد، فتبدأ «معركة بيولوجية» وتنمو لتتحوّل إلى دملة كبيرة الحجم مؤلمة فتُفقأ وتصدر منها إفرازات مزعجة ولها رائحة كريهة فيما يمتد الالتهاب مع احمرار وطفح في الموضع المعني.
في المرحلة الأولى يكون الالتهاب من دون آثار ويقتصر على وجود الحبة تحت الجلد. في المرحلة الثانية تكون له آثار ويخلّف دمامل متعددة، وتصبح الحالة أكثر صعوبة في مرحلة ثالثة حيث يزيد الألم والآثار.
ما أكثر المواضع التي يمكن أن تصاب بالتهابات؟
تظهر الالتهابات بشكل خاص في القفص الصدري، تحت الإبطين وفي داخل الفخذين من الأمام إلى الخلف حيث يعجز المريض عن الجلوس، وعلى الأرداف وتحت الثديين. تظهر بشكل عام في الأماكن التي يحصل فيها احتكاك في الجلد.
هل تقتصر الالتهابات على طفح جلدي أم أنها تسبب ألماً؟
تكون هذه الالتهابات مؤلمة ومحرجة وتسبب انزعاجاً كبيراً للمصاب من النواحي كافة، النفسية والاجتماعية والجسدية... هي تؤثر في نوعية حياته.
هل من اسباب معروفة لهذا المرض؟
لا تزال أسباب الإصابة بالمرض غير واضحة. وتشير بعض البحوث إلى أنه يرتبط أساساً بعيوب معينة داخل بصيلات الشعر. ومما لا شك فيه أن ثمة عوامل ترتبط بزيادة خطر الإصابة. فإضافة إلى العامل الجيني لاعتباره يتيح المجال لظهور العوامل الأخرى، يزيد احتمال الإصابة مع وجود حالات في العائلة، وقد تحدثت نسبة 30 أو 40 في المئة من المريضات عن وجود تاريخ للمرض في العائلة.
ويعتبر التدخين والسن والسمنة أيضاً من العوامل المؤذية. فنسبة 70 في المئة من النساء المصابات يعانين السمنة. بشكل عام يعتبر التدخين والسمنة من أكثر العوامل أهمية.
لكن لا بد من التوضيح أن لا علاقة لهذا المرض بالنظافة كما يتصور كثر. ويلاحظ أيضاً أن نوبات من المرض تحصل اكثر بعد الإنجاب وقبل موعد الطمث فيما تتحسن الحالة خلال الحمل. إلا أن دور الهورمونات الفعلي لا يزال مجهولاً حتى اليوم.
هل ينتقل بالعدوى؟
التهاب الغدد العرقية القيحي ليس مرضاً معدياً، ويجب عدم التخوّف أبداً من العدوى.
هل يصيب الرجال والنساء على حد سواء؟
تصاب النساء به مرتين إلى 5 مرات أكثر من الرجال. وتعتبر الإصابة به في غاية الصعوبة، خصوصاً في ما يتعلق بالمواضع التي تصاب فيها المرأة والتي تؤثر إلى حد كبير في نوعية حياتها. ثلاثة أرباع المرضى الذين شُخّصت حالاتهم هم من النساء اللواتي بدأت معاناتهن مع المرض من اوائل العشرينات.
في أي سن يظهر بشكل خاص؟
في مرحلة العشرينات إلى الاربعينات تكون الذروة في هذا المرض ويصبح انتشاره ظاهراً. بعدها يهدأ مع التغييرات الهورمونية التي تحصل خصوصاً لدى المرأة.
هل من مضاعفات معينة تترافق مع المرض؟
قد يتعرض مريض التهاب الغدد العرقية القيحي إلى مضاعفات موضعية، كما يمكن أن يتعرض إلى فقر في الدم نتيجة النزف الدائم، أو إلى التهاب في المفاصل، خصوصاً التهاب العمود الفقري.
كيف يؤثر المرض في نوعية حياة المريض؟
تتأثر نوعية حياة المريض إلى حد كبير، خصوصاً مع تطور الحالة حيث يزيد الألم ويصبح مزمناً ويحصل الالتهاب في مواضع صعبة جداً.
تكون الالتهابات دائمة وتصدر عن الدمامل رائحة كريهة محرجة مع إفرازات. يصل البعض إلى حالة اكتئاب وقلق مرضي. وقد تتأثر العلاقة الزوجية بسبب مواضع الدمامل في مناطق حساسة.
هل من علاجات فاعلة؟
ثمة علاجات كثيرة تعطي نتيجة جيدة. وتتوافر اليوم علاجات اكثر فاعلية. لكن لا بد من التوضيح أنه ما من علاج واحد ينجح مع كل المرضى. فالعلاج يحدد لكل حالة.
وإضافة إلى المراهم للحد من الآثار والمضادات الحيوية لتخفيف الالتهاب ومكافحة البكتيريا التي تسببت بتفاقم الحالة وغيرها من الأدوية الخاصة بالحالة، يتم اللجوء أحياناً إلى الجراحة في العمق، لكن تكمن المشكلة في إمكان أن يعاود الالتهاب الظهور في موضع آخر إذا تُركت الغدد في العمق فتعود المشكلة نفسها.
هل يسهل تشخيص المرض؟
تكمن المشكلة في أنه غالباً ما تحصل أخطاء في التشخيص فيتم الخلط بينه وبين حالات أخرى كحب الشباب والرؤوس السوداء وغيرها وتتم المعالجة بشكل خاطئ ويتطور المرض من دون علاج صحيح، فيما يعتبر التشخيص المبكر للحالة وبدء العلاج المناسب في أقرب وقت ممكن في غاية الاهمية.
علماً ان كل الأدوية لا تفيد في هذه الحالة إذا كان التشخيص خاطئاً. ولا تنفع كل المضادات الحيوية والأدوية إلا في تهدئة الحالة دون معالجتها. ولا يتم التشخيص الصحيح في أحيان كثيرة قبل سنوات عدة تكون الحالة قد ازدادت سوءاً فيها.
لا بد من استشارة طبيب الأمراض الجلدية الذي يتوصل الى التشخيص الدقيق للبدء بالعلاج. وثمة معايير معينة يتم الاستناد اليها لتشخيص الحالة وهي:
- نوع الالتهاب وما إذا كان عميقاً وتظهر فيه آثار ويترافق مع الألم ودمامل متعددة.
- موقع الالتهاب حيث يكون موجوداً في الطيّات كتحت الإبطين وبين الفخذين وعند المؤخرة من الاسفل وتحت الثديين.
- هي مشكلة مزمنة تعود كل فترة خلال اشهر أو سنوات.
وبالتالي يتم الاستناد في التشخيص إلى معايير الشكل وموضع الأعراض وطبيعة الحالة المزمنة. إلا أن التشخيص يتم عيادياً ولا يستند إلى فحوص مخبرية. مع الإشارة إلى أن التهاب الغدد العرقية القيحي هو مرض مزمن يعود بشكل متكرر، والعلاج التام والنهائي صعب.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024