تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

جرجس جبارة رحلة من «الكومبارس» الى «البطولة»

هو أحد ظرفاء الدراما السورية، أتقن الكوميديا واحترفها، وأحبه الناس صغيرهم وكبيرهم. معروف بابتسامته ووجهه البشوش. أجاد الكوميديا، وعندما قدم التراجيديا ظهر كأحد أبطالها، مما أخرجه من الإطار الذي وضعه فيه المخرجون.
استطاع من خلال «أبو نادر» في «ضيعة ضايعة» أن يغيّر نظرة الناس الى الشرطي وكل من يعمل في الجهاز الأمني ليجعلها شخصية محببة وقريبة من الناس.
بدأ من الكومبارس، ثم انهالت العروض الفنية عليه، لا يحب متابعة الأعمال التاريخية والبدوية، لكنه أحد أهم أبطال الأعمال الدرامية السورية. جرجس جبارة فنان البحر، يحدّثنا عن حياته وأعماله وتأثير لهجته في عمله في هذا الحوار.


- تتشارك مع المخرج مهند قطيش في «هواجس عابرة»، ماذا عن شخصيتك في العمل؟
هي مشاركتي الثالثة مع المخرج مهند قطيش من خلال مسلسل «هواجس عابرة»، وهو عمل يحمل ابتسامة راقية تحترم المشاهد، وشخصيتي في العمل من ضمن الشخصيات الرئيسة إذ تحكي عن مصور فوتوغرافي، وتشاركني في العمل أسماء مهمة.

- بعد «ضيعة ضايعة» و«الخربة»، عدت للعمل مع المخرج الليث حجو، لكن هذه المرة في مسلسل تراجيدي هو «الندم»، هل استطاع الليث حجو إخراج ما في داخلك من قدرة على تقديم كل الأدوار الفنية؟
المخرج الليث حجو هو أحد المبدعين القلائل في سوريا، ومن أهم أسباب نجاحه كيفية انتقائه للممثلين، فهو بعيد عن اعتبارات الصداقة والقرابة، بل يتنوع اختياره للممثلين بما يخدم عمله، وفي مسلسل «الندم» عملت في 15 مشهداً فقط، وقد شعرت بأنني بطل من أبطال العمل، لأن المخرج جعل من الشخصيات حالة تكاملية، فنقص أي شخصية منها يؤدي إلى خلل في العمل، وقد رأى الليث حجو في جرجس جبارة جانباً يعرفه، لكنني لم أظهر به في أعمال أخرى، مما حمّلني مسؤولية مضاعفة لأكون على قدر مسؤولية الدور والشخصية، ومن يعمل مع الليث فهو في بر الأمان، لأن خياراته دائماً صحيحة، وذلك بسبب اجتهاده والتزامه الأدبي والفكري، وأتمنى أن نرى المزيد من هؤلاء المخرجين والكتّاب المبدعين في الدراما السورية.

- في «نبتدي منين الحكاية»، هل ابتعد العمل عن النمط الاجتماعي ليتحول إلى رواية أو سيرة ذاتية، وهل هذا ما جعله يفتقد عنصر التشويق في بعض الأماكن؟
يعتمد مسلسل «نبتدي منين الحكاية» على السرد، وعملياً نشعر به كسيرة ذاتيه أكثر من أن يُترجم الى عمل تلفزيوني، والعمل كان مُتابعاً، لكن نمطه الدرامي جديد نوعاً ما على الدراما السورية، فقد ابتعد عن القاعدة الشعبية، وهنا تكمن خصوصيته، وأعتقد أن ما نعيشه من أزمة اليوم جعل الناس يبتعدون عن متابعة العمل، لكن أتمنى أن تكون علاقات مجتمعنا بتلك الشفافية التي ظهرت في العمل.
وفي النهاية، في الموسم الدرامي يتابع كلٌ منا جزءاً مما يُعرض من أعمال تستهويه، فأنا مثلاً لا أحب متابعة الأعمال التاريخية، مع أنها أعمال احترافية ويشارك فيها فنانون محترفون... لي موقف من التاريخ ولا أشعر بالقناعة تجاهه، فلماذا نعود الى الوراء بدلاً من أن نتقدم خطوات الى الأمام في أعمالنا المعاصرة، فالأهم من التاريخ اليوم هو العقل البشري وكيفية العمل على تطويره، من خلال عرض قصص درامية تهم المجتمع وتساهم في بناء الانسان.

- كذلك شاركت في مسلسل «دومينو» وهو من النوع التشويقي والبوليسي... هل هي برأيك موضة جديدة في الدراما السورية؟
العمل بوليسي لكنه يحمل هماً إنسانياً، وهو نمط درامي يتضمن الكثير من الجرأة من جانب شركة الإنتاج والمخرج، وهذا نمط جديد لم نعتد عليه من قبل، لكنها تجربة مهمة أتمنى أن نُغنيها، وكما فكروا سابقاً بالعمل الشامي والتاريخي، أتمنى أن يفكروا اليوم بأعمال كهذه.
ففي النهاية، أي عمل يخضع للعبة الإنتاج، وللمحطات الفضائية التي ستسوّقه، فالإنتاج حالة ربحية، ومن لا يحقق الربح لا يستطيع الاستمرار في الإنتاج.
وأتمنى أن تتكرر هذه التجربة في الأعمال البوليسية، شرط أن تُقدم في شكل محترم ووفقاً لخلفية فكرية بوليسية، فهناك أعمال بوليسية درامية لكنها لا ترتقي الى مسلسل «دومينو»، الذي أجده عملاً مميزاً.

- «ضيعة ضايعة»، رئيس المخفر «أبو نادر»، هل هو نقطة التحول الفعلية في حياتك الفنية؟ يُعدّ دور رئيس المخفر مخيفاً، كيف جعلت من هذه الشخصية محببة وقريبة إلى القلوب بعدما كنا نراها «فزاعة» على الشاشة؟
«ضيعة ضايعة» عمل يحمل الغذاء الروحي ومتعة المشاهدة معاً، وشاهدته كل شرائح المجتمع، وبالنسبة الى شخصية «أبو نادر» فلا أعتبرها نقطة تحول فنية، بل نقطة انعطاف، فسبق لي أن قدمت هذه الشخصية لكنها لم تكن بهذا الغنى. شخصية «أبو نادر» استطاعت أن تصحح فكرة كانت سائدة في ما يتعلق بالسلك الأمني ومن يعمل فيه، مثلاً الأهل دائماً يزرعون الرعب في نفوس أولادهم من الشرطي، لكن في هذا العمل انقلبت المعادلة، وظهرت شخصية الشرطي بشكل محبّب، ولم يكن ذلك بالأمر السهل.
لم يفهم الناس اللهجة في البداية وقلائل من يتحدثون بها، ويجوز أن كانت اللهجة سبباً لإضحاك الناس في عرضه الأول، لكن في ما بعد تعمق الناس في مضمون العمل وما يحمله من أفكار وإسقاطات، وكفنانين عملنا بكل حب وتعاون وصدق بعيداً عن الأنانية والتزييف لنظهر بشكل طبيعي.

- هل بات لقب الشرطي يزعجك من كثرة أدائك لهذه الشخصية في أعمالك، وهل بتّ ترفض هذا الدور في أعمالك المقبلة؟
تكررت أدوار الشرطي في حياتي الفنية، والبداية كانت في سلسلة «عيلة النجوم»، وأتمنى ألا أكرر هذه الشخصية في أعمال أخرى، وحتى في مسلسل «ضيعة ضايعة» تعبت كثيراً لأُخرج الشخصية بشكل مختلف عما قدمته.

- شاركت في الكثير من الأعمال الكوميدية التي قدمت في السنوات الماضية، لكن البعض منها خرج دون المستوى حتى باعتراف أصحابه، هل تندم على مشاركات كهذه؟
لا أندم على أي عمل شاركت فيه، لأنني لا أقبل بعمل وأنا مغمض العينين، وإن لم ينجح العمل فلا أرمي بالمسؤولية على المخرج أو أحد سواه، فنجاح العمل أو فشله يقع على عاتق أفراد العمل ككل، ومن المعيب رمي أخطائنا على الآخرين، وكل عمل هو تجربة تتيح لنا الاستفادة من أخطائنا لنتجنب الوقوع بها في أعمال أخرى.

- مثّلت في «باب الحارة»، هل تقديمك دور الحارس كنوع من المشاركة في عمل ضخم يعتبر بوابة للشهرة عربياً، ولماذا لم تغير لهجتك في عمل بيئة شامية؟
دوري في «باب الحارة» ليس بوابة للشهرة عربياً، فهناك ممثلون عملوا في السلسلة لكن شهرتهم لم تتخطّ «باب الحارة»، ومنهم من كانوا سبباً في شهرة ذلك العمل، الذي أراه سورياً بكل معنى الكلمة وحقق جماهيرية عربية وضم مجموعة مهمة من نجوم سوريا، وأتمنى أن يرتقي الى الكلمة التي نسعى اليها كسوريين، ويكون أنضج فكرياً مما تم طرحه.
وكنت قد اتفقت مع بسام الملا على أن أؤدي دوري في «باب الحارة» بلهجتي، لهجة أهل اللاذقية، فالحارة في النهاية تقدم كل فئات المجتمع السوري ولا تنحصر في منطقة معينة.

- ألا تعتبر أن لُكنتك تقف حجر عثرة أمام طموحك كفنان، خاصة إذا طلب منك المشاركة في عمل بدوي مثلاً أو مصري أو أي عمل آخر، أم أنك لا تُطلب لأعمال كهذه؟
اشتركت في تجربة عمل بدوي لمرة واحدة، فأنا لا أحب العمل البدوي، وكذلك المصري، ومتعصب جداً لهذا الأمر، فهناك مصريون يتحدثون باللهجة أفضل مني.

- صرحت سابقاً أنك بدأت من الكومبارس، كيف كانت تلك النقلة النوعية في حياتك الفنية، ومن أول من اكتشف موهبة جرجس جبارة الفنية؟
أنا خريج كلية الهندسة الزراعية، وحبي للفن دفعني للعمل في المسرح أكثر من 15 عاماً، لكن عندما دخلت مجال الدراما دخلت بتوصيف مهني «كومبارس»، أظهر بجملة أو جملتين، وكان عملي في الكومبارس محطة لبدايتي المهنية، أما الفرصة الحقيقية فكانت في سهرة اسمها «ديب»، وقد رشحني لها الفنان أيمن زيدان، وبعدها انهالت عليّ الأدوار.

- هل تشجع ولديك على العمل في الفن؟
لم أتدخل في حياتهما المهنية، فابني الأول درس التجارة والاقتصاد، والثاني درس النقل البحري، ولم يسبق لهما أن فكرا في الفن أو طلبا التوجه الى هذا المجال.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078