جيهان اللمكي: والدتي علمتني التفاني والعطاء في مجال الإعلام
على الرغم من انخراط والديها في مجال الإعلام، إلا أنهما رفضا في البداية التحاقها بهذا المجال، ولكن شغفها لم يثنها عن خوض غمار التحدي فالتحقت بتلفزيون الكويت. تؤكد الإعلامية العُمانية جيهان اللمكي أن المرأة العمانية مساوية للرجل، إلا أن تواجد الرجل في مجال الإعلام عالمياً أكبر، بسبب النظرة النمطية بأن الرجل يستطيع والمرأة لا تستطيع... تتحدث الإعلامية العُمانية جيهان اللمكي في هذا الحوار...
- حدثينا عن تواجد المرأة في الصحافة العمانية.
في العام 2008 أنشأنا لجنة شؤون الصحافيات من خلال جمعية الصحافيين، كانت اللجنة انطلاقة لظهور وجوه نسائية موجودة في الصحافة، لأن المرأة أصلاً موجودة في الصحافة منذ ما قبل نحو 47 عاماً في عُمان.
اكتشفت انه كان هناك صحافية تكتب في جريدة «الاتحاد الاماراتية» في ذلك الوقت، المرأة العمانية كانت حاضرة في التلفزيون قبل أن تكتب في الصحف، والمجتمع كان متحفظاً على ظهور المرأة، ولكن في السنوات الأخيرة ظهرت وجوه نسائية كثيرة في المجال الصحافي وهذه ظاهرة ايجابية وفيها تقدير للمرأة.
قمنا بنشاطات متنوعة في اللجنة، وتوسعنا وتوجهنا نحو المناطق البعيدة لنتعرف على تطلعاتهم ونخبرهم عن تجارب المرأة في المجال الصحافي، المرأة في عمان مساوية للرجل، حتى أنني أكرر باستمرار بأن الأشياء وصلتنا على طبق من ذهب، لأنه قبل وصول السلطان قابوس بن سعيد إلى الحكم لم يكن هناك اهتمام بترسيخ عمل المرأة في المجال الصحافي، حتى أنه لم يكن هناك صحافة وتعليم فأهالينا كانوا يدرسون في الخارج، ونعتبر أن عصر السلطان قابوس هو عصر النهضة.
- أي أنكم تلقيتم دعماً من السلطان؟
تلقت المرأة في عُمان دعماً كبيراً من السلطان قابوس بن سعيد، وهناك اهتمام مجمتعي بها.
- هل وجود لجنة شؤون الصحافيات كان فعالاً ولا سيما خلال ترؤسك للجنة؟
ترأست اللجنة لنحو 10 سنوات، نظمنا «حوار صحافة المرأة العمانية» لدورتين، وشاركت شخصيات من خارج عُمان، كالإعلامية اللبنانية أوكتافيا نصر وتحدثت خلال الحوار عن تحديات مهنة الصحافة، الدكتور فؤاد عبدالرازق مدير التعاون الإخباري مع إذاعة الدول العربية في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية، حتى أننا خرجنا بتوصيات استفادت منها الصحافيات اللواتي حضرن الحوار.
- والدتك كانت أول مذيعة في التلفزيون العماني، ما هي أخلاقيات المهنة التي تعلمتها منها؟
والداي كانا يرفضان دخولي مجال الإعلام، لأننا بحاجة لأن نضحي بوقتنا وبصحتنا لإرضاء الجمهور.
تعلمت من والدتي التفاني في العمل، حب العمل وكيف نقدم لعملنا من دون أن ننتظر مقابلاً. والدتي زرعت فيّ روح الزمن الجميل، لم أكن أرى والدتي إلا مرة أو مرتين في الأسبوع، مثلاً أعود من المدرسة فتذهب هي إلى العمل، وعندما تعود من العمل أكون قد خلدت للنوم، كنت أرى والدي أكثر مما أرى أمي.
- هذه التضحيات التي بذلتها والدتك من أجل المهنة، هل تواجهينها أيضاً مع عائلتك اليوم؟
في بعض الأحيان، أنجبت ابني وأحاول أن أعوضه عن غيابي قدر الإمكان. واستطعت أن أربيه من دون الاعتماد على أحد، فهو قريب مني جداً.
- ذكرت أن مدير قناة الأخبار في التلفزيون الكويتي ماجد الشطي أُعجب بموهبتك، هل تقديم الأخبار والعمل الصحافي موهبة؟
بالتأكيد، قبل أن تكون دراسة هي موهبة في التعامل مع الكاميرا والجمهور، وهي بمثابة هدية من رب العالمين، لا أعتقد أنه يمكننا أن نكون إعلاميين فقط لأننا درسنا الإعلام، هذه ملكة مرتبطة بالموهبة.
- هل عمل والدتك في مجال الإعلام قد أتاح لك فرصة أكبر لخوض غمار هذا المجال؟
أبداً، والدليل أنني عملت في تلفزيون الكويت من دون أي تدخل. أذكر حين اتصلت بمدير القناة ماجد الشطي وعرّفته بنفسي، فسألني أنت ابنة عبدالله اللمكي؟ فقلت نعم وأخبرته أن أمامي فترة أسبوع فقط لاتخاذ قرار نهائي لأدخل مجال الاعلام وهي المهلة التي أمهلتني بها عائلتي.
وأنا كنت قد حددت هدفي، وذهبت إلى الكويت وأطلعتهم أنني أود أن أكون مذيعة لديهم وان لم يعطوني الفرصة سأعود إلى بلدي، وبالفعل وجد مدير القناة أنني أملك الموهبة، كما أن الأمر لم يكن سهلاً لا سيما أنني أعيش في الخليج ولم يكن من السهل دخول البنت إلى مجال الإعلام في العام 1998، وكنت قد تخرجت لتوي من الجامعة، فكان التحدي إما ان أنجح وأعمل أو أعود وألغي هذا المشروع.
- هل واجهت صعوبات أو انتقادات في بداياتك؟
على العكس، منذ أن بدأت كانوا ينادونني بـ«مذيعتنا»، وكان هناك ترحيب واسع إذ لم يكن هناك مذيعات في التلفزيونات الخليجية.
- بعد 15 عاماً من العمل في الإعلام، هل مللت؟ أم يتحول العمل في هذا المجال إلى إدمان؟
بالتأكيد إدمان، ولكن أحياناً عندما تكثر عطاءاتنا نحتاج إلى قسط من الراحة، مثلاً خلال سنة أو سنتين سأحتاج لأن أعطي نفسي فاصلاً وألقي نظرة على ما أنجزته.
- هل تنتقدين نفسك؟
أنا ناقدة لاذعة لنفسي.
- لُقبت بـ«سوسنة التلفزيون العماني»، ماذا تعني لك الألقاب؟
اللقب جميل ولكنني لم أطمح يوماً لحيازة أي لقب، ولكن يسعدني أن أسمع كلاماً جميلاً عني.
- هل تحول الشهرة الإعلامي إلى نجم؟
تحوله إلى نجم إذا استطاع أن يكون مؤثراً.
- متى يفقد الإعلامي سلطته على المشاهد؟
عندما يتصنع.
- لهذا السبب قلت «لا أرتدي أقنعة زائفة ولم تغيرني الشهرة»؟
لأنني طبيعية جداً، حتى أن من يتعرف إليّ يُفاجأ، أعتقد أنني متصالحة مع نفسي ومع الناس وظني حسن بالناس دائماً.
- عملت في مجال الإعلام السياسي والبرامج الاجتماعية، أيهما أقرب اليك؟
السياسة أقرب إليّ بالطبع.
- حدثيني عن تجربتك في برنامجي «مع المرأة» و«شقائق».
«مع المرأة» هو نتاج جهود وزارة التنمية في عمان، أحبوا أن يطلقوا برنامجاً يهم المرأة مثل الجندر والحضانة، أي تطرقنا إلى مواضيع تُعنى بشؤون المرأة، وهذا البرنامج كان مرافقاً لندوة، خصصت للمرأة فقط وخرجت بتوصيات كثيرة، كما خصص السلطان يوماً للمرأة العمانية.
هذا البرنامج كان امتداداً للندوة. بينما «شقائق»، فكرتي وجاء بث البرنامج بالتزامن مع عرض قناة «الجزيرة» برنامج «رائدات»، حتى أنني كنت قد أطلقت على برنامجي «رائدات» لكن الإدارة رفضت. وكنا نستضيف في البرنامج نماذج نسائية أولى، أول معلمة، أول مهندسة.... واكتشفت أن أول مهندسة اتصالات على مستوى الخليج هي عمانية.
وكان لدي سؤال موحد لكل الضيفات، أسألهن هل تبذلن جهداً أكبر من الرجل لإثبات أنفسكن، وكنّ يؤكدن على ذلك، فالمرأة تبذل جهداً مضاعفاً لتكون موجودة وحاضرة، هؤلاء النساء حققن نجاحاً باهراً.
- ذكرتِ أنه تم تخصيص يوم للمرأة العمانية، هل هو نفسه يوم المرأة العالمي أم منفصل؟
السلطان أمر بتخصيص يوم للمرأة العمانية، في 17 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو يوم مختلف عن يوم المرأة العالمي.
- من الأنجح في مجال الإعلام في عُمان، المرأة أم الرجل؟
وجود الرجل أكبر وفرصه أكبر، وذلك ليس فقط في عُمان بل في كل دول العالم.
- لماذا؟
هي نظرة نمطية، بأن الرجل يستطيع والمرأة لا تستطيع.
- هناك نساء نجحن أكثر من الرجال!
بالفعل، ولكنهن قليلات. لسن بعدد الرجال من ناحية الأرقام، هناك نماذج نسائية قوية وحتى أقوى من الرجل، ولكن عددهن قليل مقارنةً بالرجال.
- اللافت أن المرأة في عُمان تتلقى دعماً من السلطان، وهو ما نشهده بندرة في العالم العربي.
استطاع السلطان أن يزيد ثقتنا بأنفسنا، وقدّر وجود المرأة، حتى أن الرجال باتوا يقولون ان فرصنا كنساء باتت أكبر.
- ما هي نوعية البرامج التي تشاهدينها؟
في أوقات الفراغ أتابع البرامج الترفيهية، لأننا نعمل يومياً ولذلك في وقت الراحة لن أشاهد برامج سياسية أو اجتماعية، لأنني بت أتابعها من خلال «تويتر».
- هل حلّت مواقع التواصل الاجتماعي مكان وسائل الإعلام؟
هي وسيلة اطلاع، ولكن الاعلامي يأخذ الخبر من قلب الحدث.
- ما الذي تتطلبه الاستمرارية في مجال الإعلام؟
الاحتراف والقدرة على التميز.
- نشرت صورة عبر حسابك على «تويتر» لأم تحتضن أطفالها وكنت قد شاركت تغريدة أحلام مستغانمي عن أن هناك 500 مليون طفل ضحية الفقر والظلم والنزاعات المسلحة، ما هو الواقع الذي يعيشه الطفل والمرأة العربية اليوم؟
واقع مؤلم جداً، فالطفل يُحرم من أبسط حقوقه، لم يعد باستطاعتي أن أرى هذه الصور والمشاهد، وحتى خلال نشرات الأخبار أحاول أن أشيح بنظري عنها، ومن حق هؤلاء الأطفال أن يتوافر لهم الأمان وهو مفقود، عندما أنظر إلى واقعنا، أحمد ربي لأننا في بلد يتمتع بالأمان. عملت مع حقوق الانسان، وهناك اتفاقية حول حقوق الطفل، ولكن هؤلاء الأطفال حرموا من كل شيء، من التعليم من الطعام ومن الدفء.
- هل تفكرين بتقديم برنامج عن الأطفال؟
أتمنى، وحاولت من خلال إعادة نشر تعليق أحلام مستغانمي، أن تصل رسالتها، وأن ينتهي كل الذي نعيشه، وأعلم أنه لن ينتهي. أتألم كثيراً عندما أتذكر أنني أم وأرى هؤلاء الأطفال، وحتى أن صديقتي عراقية توفي ابنها برصاصة طائشة في بغداد.
- هل هذا الشعور لأنك أم؟
لأنني أم وإنسانة، والانسانية أسمى ما في الوجود.
- ألا تعتقدين أن الإعلام اليوم يستغل هذه الحالات الانسانية؟
في بعض الأحيان، نعم.
- هل فقدنا أخلاقيات المهنة في العالم العربي؟
أتحفظ عن الاجابة.
- ماذا تقدمين حالياً؟
أقدم نشرات الأخبار.
- ما هي أمنياتك للعام الجديد؟
أتمنى أن يكون عاماً سعيداً على الجميع، وأن يعم السلام المنطقة العربية. وعلى الصعيد الشخصي، أتمنى أن ألتقي الشخص المناسب وأرتبط به.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024
مقابلات
بسنت شوقي تتحدّث عن الفن وعلاقتها بزوجها محمد فراج وأسرار رشاقتها
مقابلات
بسنت أبو باشا: أنا محظوظة وأقتدي بالكثير من النجوم
مقابلات