تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المهندسات السعوديات بين الواقع والمأمول

العنود آل جبران

العنود آل جبران

حنان مهدي

حنان مهدي

سارة العطار

سارة العطار

مع دخول الألفية الثالثة، بدأت المهندسات السعوديات بمختلف مجالاتهن الانخراط في سوق العمل رغم كل التحديات التي تواجههن... ورغم الصعوبات التي تعترض طريقهن في العمل الميداني، سِرنَ بخطى متزنة وموزونة في هذا المجال بعد النجاح الذي حققنه بعد تخرجهن في جامعات المملكة العربية السعودية، وأُنجزت الدراسة الفعلية لزيادة عددهن في المستقبل بعد التدريب ليقمن بمهامهن على أكمل وجه في الميدان الهندسي، لكون المهنة تتطلب جهداً فكرياً وجسدياً للاستمرار فيها.

«لها» التقت بعض المهندسات السعوديات لتلقي الضوء على مسيرتهن الميدانية، وتكشف الصعوبات والتحديات التي تواجههن في المجتمع.


العنود آل جبران: أنا في واد والميدان في واد آخر
نظراً الى الدراسة النظرية البحتة التي كانت تُطبّق في الجامعة (قسم التصميم الداخلي) فقد صرحت العنود بأنها «كانت في وادٍ والميدان في وادٍ آخر، إذ واجهت عقبات عدة بعد التخرج واصطدمت بالواقع العملي الذي كان الغائب الوحيد في دراستها النظرية... فما هو السبيل للاحتكاك بهذا العالم المجهول بالنسبة اليها، وكيف تقنع العميل بما صممته، وما هي الأبجدية التي تعتمدها في التعامل بمهارة لإقناع هذا العميل أو ذاك في مجتمع ذكوري حديث العهد بوجود المهندسة في سوق العمل... فكل ما كانت تصممه في الجامعة هو أشبه بالخيال ومن الصعب تنفيذه على أرض الواقع لعدم جدواه الاقتصادية، وتكلفته الباهظة، بغياب دعم حكومي للمهندسة الحديثة التخرج لتُقدم على فتح مكتبها الخاص».
ورغم الصعوبات الموجودة في السوق السعودي، استطاعت  المهندسة العنود إثبات قدراتها العلمية في الميدان، وحققت نقلة نوعية في الشركة حين أضافت اليها قسم التصميم بتقنية عالية في وقت كانت الشركة مقتصرة فقط على التنفيذ، فقررت أن تصمم وتقف في الميدان ليتم التنفيذ بتقنية عالية بعدما كان الأمر مقتصراً على المقاولين والعمال، مما جعلها تبذل قصارى جهدها لتكون الرقم الصعب في الشركة.
ونظراً لكون 2030 تسير بتطلعات كبيرة، أشارت العنود إلى أن «نظرتها البعيدة للمرأة السعودية ستتحقق في 2030 بأن تكون مفروشات بيتها توائم ملابسها، وطرحت فكرتها في مهرجان جدة فوجدت استحساناً كبيراً».
وفي ختام حديثها، أكدت العنود أن «للمجتمع نظرة خاصة، لذلك واجهت معارضة من الأهل في البداية، مما دفعها الى مرافقة والدتها في الحِل والترحال كي تحقق أهدافها إلى أن كبرت الثقة وتعززت، وهي تحلم مستقبلاً بشركة صناعية بمستوى عالمي».

حنان مهدي: أكون أو لا أكون
بما أن التخصص الهندسي للإناث في مجتمع ذكوري يُفرض عليه الكثير من التابوات، كان التحدي الأكبر عند حنان بعد تفكير طويل أن «تدخل ذاك الفرع وتصنع لنفسها بصمة ـ أكون أو لا أكون ـ أمام تحديات كبيرة وظروف صعبة تعرقل دخول الفتيات إلى عالم التصميم الداخلي، لكونها من الدفعة الأولى في ذاك الفرع، وتدور حول الفتيات تساؤلات كثيرة... ففي أي مجال سيعملن بعد التخرج والقطاع الحكومي الذكوري غير مهيأ لاستقبال المهندسات ولا يقبل حتى بوجود المرأة في مكاتبه؟ فما كان من حنان إلا أن اتجهت الى القطاع الخاص وتنقلت بين شركاته لتحصل على الخبرة المناسبة التي تؤهلها لفتح مكتبها الخاص، إلى أن استقر بها الحال في «الشركة السعودية- الألمانية لمنتجات الألمنيوم والزجاج ضد الرصاص»، فكان ذلك بمثابة التحدي الذي نقلها الى عالم جديد في تخصص جديد سيؤهلها لإدارة شركتها الخاصة».
ولأن إثبات الوجود يحفز على التقدم خطوات الى الأمام، استطاعت المهندسة حنان أن «تتخطى الصعوبات بعد ست سنوات من الدراسة لتقدم تفاصيل غاية في الدقة، خاصة حين تسلمت تصميم شقة لذوي الاحتياجات الخاصة، فجلست معهم وتفهمت طلباتهم وشعرت بمعاناتهم، فقامت بعملها على أكمل وجه، فراعت مسارات الحركة بالكرسي المتحرك، وحلّت مشكلة التأثيث بأثاث هيدروليك متحرك يرتفع وينخفض بما يناسب مستواهم بدون مساعدة أحد، وتعاملت مع النجار لتنفيذه، لكن حين انتقلت الى الشركة السعودية للمنتجات الألمانية رأت أن ما كانت تبحث عنه من قطع أثاث هيدروليك وجدته في الشركة، وهو متوافر لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن التسويق يساوي صفراً، لذلك أخذت على عاتقها أن يستفيد كل الناس مما تقوم به».

سارة العطار: عالم نظري في الجامعة بعيد عن الواقع
لأن الرغبة كانت جامحة لدخول قسم التصميم الداخلي كنتيجة حتمية لتطوير الموهبة ودعم المجال، سارعت سارة في الانتساب الى قسم التصميم الداخلي، لكن بعد التخرج اصطدمت بواقع مغاير للمأمول، فحين خرجت إلى سوق العمل شعرت بأنها كانت تدرس وتعيش في قوقعة أكاديمية تعجُّ بالتصاميم الجميلة والكبيرة والتي تصل إلى 2000 متر مربع، وانتقلت فجأة إلى وسط عملي يموج بالعديد من الأشياء التي لم تتدرب عليها... فكيف تختلط بالعملاء وتدرك مفاهيمهم وتقلباتهم وتطلعاتهم في الميدان، وما هي المواد المتاحة في السوق ليتم العمل عليها، ومن هم موردو الخامات للتفاوض معهم، وكيف تتم دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع... أسئلة كثيرة جعلتها تدرك أن العالم النظري الذي كانت فيه بعيد عن الواقع إن لم يكن متوافقاً مع البيئة المجتمعية المطلوبة، فشتّان ما بين الواقع والمأمول، باستثناء إيجابية واحدة وهي أن تلك المشاريع التي صممتها في الجامعة أعطتها دفعاً الى الأمام وأوصلتها الى القطاع الخاص، الذي فتح أمامها المجال للتواصل مع العملاء وفهم طلباتهم.

وبما أن المهندسة سارة حاصلة على رتبة الشرف من جامعة الملك عبدالعزيز، فقد استطاعت أن «تثبت بجدارة قدراتها العلمية والتقنية وتضع بصمة قوية في عالم التصميم الداخلي والمعماري، لأن دراستها لم تقتصر على الإضاءة والألوان وتوزيع الأثاث، بل شملت كل ما يتعلق بالمعمار».
أما في خصوص رؤية 2030 فتمنت سارة أن «يكون هناك دعم لفئة الشباب وخاصة على الصعيد الهندسي بعمل دورات تثقيفية توعوية تحقق لهم المزيد من النجاحات والاطلاع على إنجازات الآخر».
وفي الختام، أكدت سارة أن «أهلها هم الداعم الأول والأخير لها وحلمها يكمن في شركة خاصة تضم كل التخصصات الهندسية».

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079