تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الحبوب المنشّطة والمهدئة بين الإيجابيات والسلبيات

من المكمّلات الغذائية العادية، المتوافرة في الصيدليات من دون وصفة طبيب، إلى مضادات القلق، إليك لمحة عن كل الحبوب التي قد تحفّز الدماغ والذكاء، وكل الاخطار المرافقة لذلك .

يلجأ العديد منا إلى تناول المكمّلات الغذائية المتوافرة في الصيدليات لتحسين الأداء في العمل، أو تحسين نوعية النوم في فترة الامتحانات، أو تحسين الذاكرة، أو تعزيز الطاقة، أو القضاء على التعب، أو مواجهة التوتر. والواقع أن الأطباء يوصون غالباً بتناول المكمّلات الغذائية، والفيتامينات والمغنزيوم وخلاصات النباتات نظراً لفائدتها الكبيرة وخلوّها عموماً من التأثيرات الجانبية، شرط احترام الجرعات الموصى بها.
إلا أن العديد من الأشخاص يخرقون هذه القاعدة لسوء الحظ، ولاسيما مع مضادات للقلق إذ يتم تناولها لمواجهة التوتر، وكذلك الأدوية المخصّصة لمعالجة داء ألزهايمر، مروراً باستهلاك «العقاقير الذكية»، فقد بات ممكناً الآن الحصول على هذه الأدوية عبر شبكة الانترنت من دون أية وصفة طبية، ويتم استعمالها لأغراض مختلفة تماماً عن غرضها الأساسي.
وباتت تستعمل الآن بكثرة في الجامعات وبعض المهن، مما يطرح علامة استفهام كبيرة.
ولا بد من الإشارة إلى أن تناول العقاقير لغير غرضها الأساسي، ومن دون أية وصفة أو استشارة طبية، محفوف بالكثير من الاخطار.

مضادات التعب لدماغ لا يتعب
مضادات التعب هي أساساً مكملات غذائية مرتكزة على الفيتامينات B وC وD، والمعادن (المغنزيوم والسيلنيوم والحديد واليود...)، والنباتات (الجنسة والغوارنة...)، والهلام الملكي. وهي متوافرة عادة على شكل كبسولات أو حبوب وتباع بكثرة في الصيدليات.
ونجد ضمن هذه الفئة أيضاً «المشروبات الذكية» أو المشروبات المنشطة المشتملة على جرعات كبيرة جداً من الفيتامين C والكافين ومواد أخرى كفيلة بجعلنا نشعر بأننا «نطير» في الهواء، لكن بعض الأشخاص يشربونها لسوء الحظ مثل الماء.

ما هي تأثيرات هذه المكمّلات؟
ليست هذه المكمّلات سحرية، لكنها تستطيع من دون أي شك تعويض النقص الناجم عن سوء التغذية. إلا أنها لا تستطيع أبداً جعل الدماغ البطيء والكسول دماغاً ذكياً. وإذا كانت مادة الكافين تحفّز الجهاز العصبي المركزي وتزيد اليقظة، فإن تناولها بجرعات كبيرة لن يسمح لنا بإنجاز الواجبات بسرعة ودقة.
فالفوائد الناجمة عن زيادة جرعة الكافين تبقى موقتة وخفيفة، وتزول عند بطلان تحسس المستقبلات العصبية.
يقول الأطباء إنه لا توجد أية أخطار مبدئياً نتيجة تناول هذه المكملات، إلا في حال استهلاكها بجرعات كبيرة جداً، أو شراء ماركات غير موثوقة، لاسيما تلك التي تباع عبر شبكة الانترنت. بالفعل، قد نعثر عبر شبكة الانترنت على كل أنواع المكملات، وأحياناً بتركيبات خطرة جداً.
يجب توخي الحذر أيضاً مع معدلات الكافين الموجودة في مشروبات الطاقة أو «المشروبات الذكية». فعند الإفراط في استهلاك تلك المشروبات، تدخل إلى الجسم كميات كبيرة من الكافين مما يسبب الأرق وخفقان القلب.
ويكمن الفخ في الإحساس بالاعتماد على تلك المكملات، أي الإحساس بالفشل وعدم القدرة على إنجاز أي شيء في حال عدم تناولها. فلا بد من دقّ ناقوس الخطر حين يشعر الشخص أن تناول مضادات التعب ضروري لإنجاز المهام اليومية!!

مضادات التوتر للقضاء على الخوف
تراوح مضادات التوتر من الأنواع المرتكزة على النباتات، إلى المسكنات، مروراً بالعناصر الغذائية الأساسية (مثل الزنك والمنغنيز والمغنزيوم...)، وكبسولات أوميغا 3، وصولاً إلى مضادات القلق التي يتم وصفها أحياناً لتخفيف القلق مع اقتراب موعد الامتحانات أو موعد مهني حاسم.
وكما هي الحال مع مضادات التعب، نتوقع إحساساً بالنشاط والحيوية عند تناول مضادات التوتر. ونحن نعلم أن المغنزيوم يؤدي دوراً في التوازن العصبي والعاطفي والنفسي، لكن 20 في المئة تقريباً من النساء يعانين من نقص في المغنزيوم. وينطبق الشيء نفسه على أحماض أوميغا 3 التي يعاني العديد منا من نقص فيها.
وبالنسبة إلى المهدئات، التي يجب تناولها تحت إشراف طبي دقيق، فإنها تساعد على تجاوز نوبات الخوف الوخيمة.

ماذا عن الاخطار المحتملة؟
يقول الأطباء إنه لا داعي للخوف أو القلق في حال تناول المكمّلات الغذائية أو الحبوب النباتية وفق الجرعات الموصى بها وبناء على توصيات الطبيب أو الصيدلي.
وإذا لم يكن التوتر جزءاً من الحياة اليومية للشخص، فإنه يظهر حتماً في أوقات محددة، كما عند اقتراب موعد الامتحان أو قبل مقابلة مهنية حاسمة... ولن يختفي هذا القلق بالضرورة عند تناول مضادات التوتر.
لذا، يجدر بنا توخي الحذر وعدم الانتقال من المكمّلات الطبيعية إلى العقاقير غير المشروعة بهدف التخلص من التوتر. ولا بد من الانتباه أيضاً للحؤول دون حصول انهيار عصبي حقيقي نتيجة تناول الأدوية من دون أية وصفة طبية أو مراقبة طبية. ولا حاجة أبداً لاستهلاك مهدئات الأعصاب لمجرد الإحساس بالتوتر. فمهدئات الأعصاب تستلزم مراقبة طبية لأنها قد تسبب تأثيرات جانبية خطيرة، مثل النعاس، ومشاكل في ذاكرة، ومشكلات عصبية.
إحذري أيضاً الوقوع في فخ الإدمان، أي الاعتماد بشكل دائم على مهدئات الأعصاب، حتى لو لم تكن هناك حاجة حقيقية إليها.

المنبهات النفسية لنشاط فائق
يطلق عليها اسم «العقاقير الذكية»، أو الأدوية المحفزة للذكاء، وهي في الواقع مواد مشتقة من الأمفيتامين.  المادة التي يتم وصفها لتنظيم نقص الانتباه وفرط النشاط عند الطفل.
كما أن المودافينيل، الجزيئة التي تدخل في تركيبة «الأقراص المحاربة للقلق» أو الأقراص المنومة، باتت تستخدم من قبل شريحة كبيرة من الطلاب بهدف تحسين الذكاء والقدرات الفكرية.
والمنبهات النفسية هي في الواقع جزيئات تؤثر في الناقلات العصبية- أي هرمونات مثل الدوبامين والسيروتونين والنورادرينالين- التي تضمن انتقال وتنظيم الدفق العصبي في الدماغ. إنها تنشط الجسم والدماغ، وتوقظ الاهتمام، وتزيد الإحساس بالتفاؤل، وتوفر غبطة موقتة، وتتيح الحفاظ على النشاط واليقظة لفترات طويلة، لاسيما في الأوقات الصعبة.
إلا أن هذه الأدوية غير شرعية البتة. فالجزيئات المكوّنة لها هي في الواقع جزء من مواد مخدّرة. ولا بد من التذكير بأن الأمفيتامينات، التي جرى تسويقها لفترة على أنها قاطعات للشهية، تم سحبها من الأسواق بسبب تأثيراتها الجانبية القاتلة في القلب والرئتين. بالإضافة إلى ذلك، يعجز الأطباء عن تكهّن ما يمكن أن يحصل في الجسم عند تناول تلك المنبهات النفسية.
فهي قد تحدث أضراراً خطيرة نوعاً ما، فورية أو على المدى الطويل: أوجاع في الرأس، عصبية، أرق، فقدان للشهية، غثيان وتقيؤ، خفقان سريع للقلب، طفح جلدي، تشنجات، مشاكل نفسية، قصور قلبي... وإذا كانت المنبهات النفسية تخفي الإحساس بالتعب، فإنها لا تبطل الحاجة إلى النوم.
لذا، فإن استعمالها المفرط قد يفضي بسرعة إلى خلل في توازن المستقبلات العصبية، ويسبب على المدى الطويل المشكلة التي حاولنا أساساً تفاديها: فقدان الذاكرة، عدم القدرة على التركيز... باختصار، يمكن القول إنه يتم تعريض الجسم لأخطار عدة عند تناول المنبهات النفسية، من دون أن ننسى طبعاً خطر إدمانها.

حاصرات بيتا Bèta-bloquers) لجرأة ملحوظة
هذه الأدوية، المستخدمة أساساً لتنظيم مشكلات معينة في إيقاع القلب وارتفاع ضغط الدم، مشهورة أيضاً بتأثيرها المحارب للخوف. فهي تواجه تحديداً تأثيرات الأدرينالين، الذي يسرّع خفقان القلب، عبر صدّ مستقبلات تلك الجزيئة.
تستطيع حاصرات بيتا تخفيف الارتجاف، والحدّ من رطوبة اليدين والاحمرار والعرق البارد، أي أنها تسيطر على الخوف وتجعلنا أكثر قدرة على المواجهة والتحلي بالجرأة عند إلقاء كلمة أمام حشد من الناس أو خلال استجواب شفوي.
إلا أن حاصرات بيتا لا تخلو من الأخطار. فهي قد تكون خطيرة فعلاً إذا لم يتم احترام الجرعات الموصى بها، خصوصاً إذا كان الشخص مصاباً بداء الربو. وفي حال استهلاكها بجرعات كبيرة، قد تزيد من الحوادث القلبية. لذا، يجب تناول حاصرات بيتا بحذر شديد، بعد استشارة الطبيب.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080