علاج جديد يعيد الأمل إلى مرضى التليّف الرئوي
قد يكون التليّف الرئوي المجهول السبب مرضاً نادراً، من دون أن يقلل هذا من صعوبته وخطورته. إلا أن قلة الأبحاث والدراسات التي تتناوله تزيد من صعوبة تأمين العلاجات الفاعلة له.
وتكمن المشكلة الأساسية في أن تشخيص المرض يطول في معظم الأحيان حوالى 7 سنوات فيما يتنقل المريض من طبيب إلى آخر فيصل إلى مرحلة لا يمكن فيها العودة إلى الوراء لعدم توافر العلاج الفاعل طوال السنوات الماضية، مما يجعل هذا المرض الرئوي الصعب والمزمن أسوأ من السرطان، بحيث تتعقد الحالة تدريجاً وتسوء وتستحيل السيطرة عليها وصولاً إلى الوفاة.
مع توافر العلاج الجديد الفاعل، تحدث الاختصاصيون في أمراض الرئة د. جورج ضبر ود. صلاح زين الدين ود. ماري –لويز كوينسكي في إحاطة شاملة عن هذا المرض الذي ينافس السرطان خطورةً، وتطرقوا الى مضاعفاته وأعراضه والعلاج الذي أتى ليقلب المقاييس.
ما هو التليّف الرئوي المجهول السبب؟
التليّف الرئوي المجهول السبب هو مرض رئوي نادر ومميت يرتفع معدل الوفيات بين المصابين به باستمرار وقد بلغ 3 ملايين شخص حول العالم. هو مرض رئوي يؤثر في الخلايا ويُحدث ندوباً دائمة في الرئتين ويؤدي الى صعوبة في التنفس مع انخفاض مستوى الأوكسيجين الذي تزوّد به الرئتان الأعضاء الاساسية.
فعندما تتليّف الرئة تزداد سماكةً وتزيد صعوبة دخول الهواء. هو يتطور بشكل متقلب وغير متوقع ولا يعود الشفاء منه ممكناً.
فمع الوقت تزيد سماكة الانسجة وتمتلئ بالندوب فيعاني المريض ضيقاً في التنفس وسعالاً جافاً، وبالتالي يجد صعوبة في القيام بالانشطة اليومية.
إلى أي مدى يمكن أن تصل خطورته؟
تموت نسبة 70 إلى 80 في المئة من المرضى خلال 5 سنوات فقط من التشخيص، مما يظهر مدى خطورة هذا المرض فيبدو أكثر خطورة بعد من أمراض عدة يتم التركيز عليها ومنها السرطان. بمرور الوقت تنخفض وظائف الرئة تدريجاً، وتستحيل العودة إلى الوضع الطبيعي. ويمكن أن يؤدي تفاقم المرض في حال التدهور الحاد في الجهاز التنفسي إلى تغيّر مسار المرض، مما يسبب في معظم الاحيان الوفاة خلال أشهر قليلة.
هذا وقد تتعرض نسبة 5 أو 10 في المئة إلى تفاقم المرض في عام واحد. ويقلل التدهور المفاجئ في ضيق النفس إلى حد كبير من فرص المريض في البقاء على قيد الحياة. فعند التفاقم الحاد يصل احتمال الوفاة إلى 80 في المئة.
ما الأعراض التي تظهر وتشير إلى احتمال الإصابة به؟
من أبرز الاعراض التي يمكن ان يعانيها المريض، انقطاع النفس عند ممارسة اي نشاط وسعال جاف مستمر وضيق في الصدر، ولاحقاً نحول زائد غير مبرر.
يجد المريض صعوبة في ممارسة أي نشاط. وتجدر الإشارة إلى أن التعرض للروائح والانتقال من الجو البارد إلى الحار يسببان ظهور الأعراض لدى المريض. وتظهر حشرجة واضحة في الصوت ومميزة لدى نسبة 80 في المئة من المرضى، ويمكن سماع هذا الصوت بسمّاعة الطبيب.
أما التفاقم الحاد للمرض فيشكل خطراً على كل المرضى لاعتباره قد يحصل في أي مرحلة من مراحل المرض من دون سابق إنذار أو سبب واضح. لذا يبدو تطور مرض التليّف الرئوي المجهول السبب متبايناً ولا يمكن التنبؤ به.
هل من أسباب معروفة للإصابة به؟
لا يزال سبب التليّف الرئوي مجهولاً حتى الآن، لكن ثمة عوامل تلعب دوراً في زيادة خطر الإصابة كالتدخين والالتهابات الرئوية والتاريخ العائلي والارتجاع غير الطبيعي لحمض المعدة والعوامل البيئية والإصابات الفيروسية المزمنة.
هل صحيح أن التدخين يعتبر من أهم أسباب المرض؟
لا يعتبر التدخين السبب الوحيد للإصابة، لكن معظم المرضى المصابين به يدخنون. يُعدّ المسبب الثاني للإصابة بعد التاريخ العائلي. إضافةً إلى ذلك، يزيد خطر الإصابة مع العمر، فهو يظهر أكثر بعد سن الأربعين.
ما معدل انتشار التليّف الرئوي المجهول السبب؟
يصيب التليّف الرئوي المجهول السبب من 14 إلى 43 شخصاً من كل 100 ألف نسمة في العالم.
هل يظهر في سن معينة؟
يظهر أساساً بعد سن الخمسين. علماً أنه يصيب الرجال أكثر من النساء.
هل يمكن أن يساعد التشخيص المبكر في تحسين ظروف المريض؟
مما لا شك فيه أن الكشف المبكر يساعد على تطوير النتائج، ويساهم في تحسين نوعية حياة المريض لوقت أطول.
ماذا عن وسائل العلاج المتاحة؟
حتى وقت قريب كانت الوسائل العلاجية المتاحة محدودة، ولم يكن ممكناً معالجة ندوب الرئة بعد حدوثها، باستثناء زرع الرئة فيما لا يعتبر هذا ممكناً لكل المرضى. كانت حالة المريض تتدهور ولا يكون قادراً على الحركة إلى أن يموت. لم تكن تنفع العلاجات في تجنب المضاعفات ودخول المستشفى والحد من الوفيات.
لذلك كان ضرورياً إيجاد علاجات آمنة وفاعلة لتغيير مسار المرض. انطلاقاً من ذلك، اعتُمد علاجان في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وبعض الدول مع تركيبات أخرى تتم دراستها.
كما تم تطوير المبادئ التوجيهية الدولية للعام 2015 حول التليّف الرئوي المجهول السبب، وتوصي باعتماد الأدوية التي أظهرت فاعليتها في انخفاض معدل هبوط وظائف الرئة والوفيات كعلاج Nintedanib الذي أظهر فاعلية واضحة فسمح بإبطاء تطور المرض بشكل مستمر، وأدى إلى انخفاض كمية الهواء الكلية في الرئة بنسبة 50 في المئة لدى المرضى، مما ساهم في تبدّل المفاهيم في هذا المرض المعقد بعدما أتى العلاج ليعطي أملاً للمرضى.
وقد تبين أنه فاعل وآمن في المدى البعيد، خصوصاً أنه يقلل من خطر تفاقم المرض بشكل حاد بنسبة 68 في المئة بعدما كان الأمل بالشفاء أو التحسن أو السيطرة على المرض معدوماً بالنسبة إلى مرضى التليّف الرئوي المجهول السبب بحيث يعتبر أصعب من أيٍ من أنواع السرطان المميتة. هو يخفف من دخول المستشفى ومن المضاعفات ومن النوبات الصعبة التي يمكن أن تكون قاتلة.
كيف يشخّص المرض؟
قد يصعب تشخيصه لأنه يتطلب اختبارات معينة كتصوير الرئة بواسطة الأشعة المقطعية العالية الدقة. بشكل عام، تراوح المدة بين ظهور أولى الاعراض والتشخيص ما بين سنة وسنتين. وفي حوالى نصف الحالات يحدث خطأ في التشخيص المبدئي نظراً لتشابه الأعراض مع أعراض أمراض تنفسية أخرى كالانسداد الرئوي المزمن والربو والقصور في عضلة القلب.
هذا فيما يعتبر التشخيص المبكر والدقيق في غاية الاهمية لتأمين العلاجات المتاحة كالعقاقير والعلاج بالأوكسيجين ومعالجة السعال وإعادة التأهيل الرئوي، فهي تساعد المريض في الحفاظ على نوعية حياته وإدارة حالته.
ومن وسائل التشخيص السكانر، لكنه قد لا يكون دقيقاً بمعدل كافٍ. يمكن اللجوء إلى خزعة من الرئة لتشخيص دقيق. وفي مرحلة أولى، يمكن الطبيب أن يلاحظ حشرجة في صدر المريض تشير إلى احتمال الإصابة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024