رغم المتاعب والصعاب: إعلاميون يتحدثون عن شغفهم بـ«السلطة الرابعة»
تعتبر مهنة الصحافة شغفاً أكثر منها وظيفة، فهي تغوص في أعماق المجتمعات وتطرق أبواب السياسيين المقفلة، تلتمس معاناة الشعوب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لتتحول معها إلى سلطة رابعة تفرض بحزم كلمة الحق، هذا التصور المفترض أن تكون عليه مهنة الصحافة في العالم وخصوصاً في العالم العربي الذي يعاني اضطرابات أمنية واجتماعية وسياسية... إلا أنه ليس الواقع، ففي العالم العربي. يعاني الإعلام اليوم صعوبات جمة، بدايةً من الالتحاق بالمهنة وصولاً إلى صعوبة الحصول على المعلومات في ظل تراجع ملموس في الاحترافية والمهنية والموضوعية... في هذا التحقيق نقابل صحافيين من مختلف الدول العربية يتحدثون عن الصعوبات التي يواجهونها في مهنتهم.
ميسم البرغوثي (فلسطين):
الحدث السياسي في فلسطين يتفوق على الأحداث الاجتماعية والاقتصادية
ميسم البرغوثي صحافية فلسطينية تعمل في «شبكة أجيال الاذاعية» في رام الله، وتقول: «وجدت صعوبة في ايجاد عمل فتطوعت ما يقارب السنتين في مؤسسات إعلامية على أمل أن أجد فرصتي، لكنني اكتسبت خبرة واسعة والتحقت بإحدى المؤسسات تحت اسم متدربة فبت أكتب وتُنشر لي مواد ولكن بدون أي مقابل». وتضيف: «عملت على نظام المشاريع ضمن عقد محدود لمدة ثلاثة شهور، كمراسلة قضائية في المحكمة للتعرّف على القضايا التي تخص المرأة وذلك في إذاعة نسائية «نساء أف أم»، ثم عملت لشهرين مع جمعية أصدقاء مرضى التلاسيميا كمنسقة إعلامية وعلاقات عامة وذلك بعد خمسة شهور من التطوع في الجمعية نفسها».
وتتابع: «أعمل منذ العام2013 مع «شبكة أجيال الإذاعية» كمسؤولة المونتاج والتسجيل بشكل عام ومذيعة أخبار ومقدمة برامج. حصلت على الوظيفة من خلال أستاذي في الجامعة، إذ هو نفسه مديري في العمل، وعندما علم بتطوعي في مجالات عدة، عرض عليّ الوظيفة».
وعن هامش الحرية، تلفت ميسم إلى أن هناك هامشاً كبيراً من الحرية في الإذاعة، وتقول: «لدينا حرية كاملة في اختيار المواضيع والضيوف وطرح الأسئلة التي تخطر في بالنا، ولكن بالتأكيد ضمن معايير المهنة». وتشير إلى أن الحدث السياسي في فلسطين يتفوق على الأحداث الاقتصادية والاجتماعية. وتضيف: «لكننا نتعرض للتضييق من جانب الاحتلال في التغطيات، وفي العديد من الحالات تم حجز بعض الصحافيين بتهمة التحريض على مواقع التواصل الاجتماعي». وبالنسبة الى مستوى الإعلام في فلسطين، تقول ميسم إن مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما صحافة المواطن باتت تنافس الإعلام التقليدي، تلك الوسائل تنقل المعلومة في بعض الأحيان بطريقة مشوشة، وبالتالي هي ليست مصدراً للخبر، لكنها تلفت إلى أن هناك وسائل إعلامية لا تزال تعمل في إطار المهنية الصحافية.
أوسمان بن ساسي (ليبيا): حرية الرأي في ليبيا شبه معدومة
أوسمان بن ساسي محرر صحافي في موقع «بوابة الوسط» الليبي ومقره القاهرة. التحق أوسمان بالعمل في مجال الإعلام في كانون الثاني/يناير من العام 2011، أي قبل ثورة شباط/ فبراير بشهر، ويقول: «لم أواجه صعوبات آنذاك، بعد الثورة كان هناك مناخ من الحرية عملت فيه بدون صعوبات، حتى بدأت العمليات العسكرية تتسع رقعتها وأخذت آلة الحرب منعطفاً مغايراً جراء الاستقطاب السياسي واستخدام الأطراف، التخوين والتحريض ضد كل من يتحدث برأي مخالف عن رأيها. هنا أصبحت حياة المدنيين والصحافيين في خطر وما زالت حتى الآن، خصوصاً الصحافيين المستقلين غير المحسوبين على أي من الأطراف السياسية والعسكرية، فحياتهم معرضة للخطر من كل الأطراف».
ويضيف: «هامش الحرية في ليبيا في ظاهره كبير ولكنه في الحقيقة شبه معدوم، مثلاً: جريدة «الوسط» ممنوعة من النشر في شرق البلاد، خصوصاً بنغازي لاتهامها بأنها ضد الجيش، ورغم ذلك ما زلنا نعمل في الجريدة لكنها لا تُنشر في ليبيا إلا عبر الموقع الإلكتروني». ويتابع: «هامش الحرية كبير إذا نُشر ما يتوافق مع الأطراف المسيطرين في منطقة ما! نعم حرية الرأي في ليبيا الآن شبه معدومة. هناك نشطاء مجتمع مدني اعتقلوا فعلاً، وتعرضوا لانتهاكات على يد أجهزة عسكرية وأمنية، بسبب تعليقات على «تويتر» و«فيسبوك». نحن نعمل على تغطية كل الأحداث بشكل موضوعي، لذلك نُصنف ونحسب على كل الأطراف السياسيين، ربما هذا لعدم اعتياد عموم القرّاء والمتابعين على إعلام موضوعي في ليبيا.
أما عن الإعلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فيقول: «أقسمه قسمين: الإعلام العام وهو ناطق رسمي باسم الأنظمة ولا ينحاز الى الناس ولا يمثل قضاياهم، والإعلام الخاص الذي يعمل على دعم مصالح جهات التمويل وهو أيضاً لا ينحاز الى الناس».
محسن ابراهيم (سوريا): منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد أسوأ انحدار في مستوى الحريات الإعلامية
محسن ابراهيم صحافي سوري يقيم في مصر ويعمل في موقع الكتروني تابع لإذاعة سورية ومقرها باريس. يلفت محسن إلى أن عمله Online، أي أنه ليس مرتبطاً بمكتب، ويقول: «في بداية عملي الصحافي، واجهت صعوبات في إيجاد عمل، وحاولت في الفترة الأولى أن أتدرب في مختلف المجالات لأكتسب الخبرة وأعمل لوحدي، أي أتمكن بمفردي من تنفيذ أي مادة صحافية، سواء كانت مصورة أو مكتوبة أو مسموعة، وهذه الخبرة أتاحت لي فرص عمل كثيرة، واستمررت بالعمل في سوريا إلى ما قبل الثورة حيث لم يكن هناك عمل صحافي بمعناه الحقيقي. بعد عام 2011 اختلف الوضع وعلت أصوات أخرى. ويتابع محسن: «مستوى حرية الإعلام في سوريا متدنٍ جداً، وسوريا تعتبر من أخطر البلدان في العالم بالنسبة الى الصحافيين. إلا أنه وخلال السنوات الخمس الماضية، استطاعت بعض المشاريع الإعلامية أن تقدم مستوى جيداً نوعاً ما، وكان للصحافيين دور كبير، والبعض منهم استطاع أن يعمل بشكل جيد فقدموا مادةً بمستوى أفضل، لكن الانتهاكات ما زالت مستمرة، والصحافيون دائماً بخطر، وطبعاً وضع الاعلام في العالم العربي مشابه للوضع في سوريا بنسبة كبيرة من حيث القمع والتقييد وملاحقة الصحافيين، إذ إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد حالياً أسوأ انحدار في مستوى الحريات الإعلامية».
حاتم القناوي (مصر): نعيش حالة من الحرية والفوضى الإعلامية
يعمل حاتم القناوي في مجال الإعلام التلفزيوني، وتحديداً في قناة DMC News في مصر، ويشير إلى أنه واجه صعوبات كثيرة في الالتحاق بمجال الإعلام، ذلك أنه كان يعيش في محافظة الاسكندرية في حين أن الإعلام يتركز في محافظة القاهرة، لذا استغرق منه الأمر أكثر من 5 سنوات ليتمكن من شق طريقه للعمل في المجال الذى يحبه، ألا وهو الإعلام.
يقول حاتم: «منذ ثورة 25 كانون الثاني/ يناير، تشهد مصر حالة من حرية التعبير وهو ما يظهر من خلال الموضوعات التي تتم مناقشتها في برامج التوك شو، أو من خلال وسائل الإعلام المصرية المختلفة، لذا أستطيع القول إن مصر تعيش حالة من الحرية الإعلامية الكبيرة»... ويضيف: «أعتقد أن المواضيع التي يمكن أن تصنّف كأمور محظورة تقع في إطار الخطر الثقافي الاجتماعي أكثر منه الحظر السياسي، ففي العالم العربي تبقى «التابوهات» أو الأمور غير المعتادة تحمل نظرة مجتمعية غاضبة وغير مرحب بها، كما أن الحديث عن المشكلات التي تخص المرأة ومشاكلها، سواء التحرش أو الاضطهاد أو التمييز... هو أيضاً من القضايا غير المرحب بها في المجتمع العربي. أما في ما يتعلق بالقضايا السياسية فأرى أن بعد ثورة 25 يناير أصبحت السياسة من أكثر الموضوعات التي يتم الخوض فيها، عكس ما كانت الأمور عليه قبل ذلك التاريخ».
وعن مستوى الإعلام في مصر، يقول القناوي: «أرى أن هناك حالة من التخبط الإعلامي في العالم العربي بشكل عام، وفي مصر بشكل خاص نتيجة الأوضاع السياسية غير المستقرة التي تمر بها المنطقة، إذ أصبح هناك الكثير من القنوات والعديد من المنصّات الإعلامية، وبات من السهل على رجال الأعمال أن يقوموا برعاية القنوات، لذا لم يعد الأمر كما كان في الماضي مقتصراً على عدد محدد من المذيعين والقنوات، بل أصبح هناك عدد كبير من الاعلاميين يظهرون من خلال الشاشات، مما أدى الى ظهور حالة من الفوضى الإعلامية».
إيمان الحسين (السودان): قضايا التحرش والاغتصاب ممنوعة من النشر في السودان
تعمل إيمان الحسين في صحيفة «الأيام» في السودان، وتشير إلى أنها لم تجد صعوبة في الالتحاق بهذا المجال، وتلفت إلى أن الصحافة السودانية تعاني غياب حرية التعبير، إذ هي شبه معدومة في ظل القيود والرقابة القبلية على الصحف قبل طباعتها ونشرها، وبالتالي تحولت هذه الرقابة إلى ذاتية من جانب الصحافيين أنفسهم. وتؤكد إيمان غياب قوانين المحاسبة، وبالتالي يُحاكم الصحافي تبعاً للقانون الجنائي، وقانون الأمن الوطني، أضف إلى ذلك العديد من القضايا التي تحظّر الحكومة التطرق إليها، مثلاً: قضايا التحرش الجنسي والاغتصاب، إذ من الممكن أن تعرّض هذه المواضيع الصحافي للمساءلة، مما يُظهر هامش الحرية ضيقاً جداً. وتضيف إيمان «أن الأجور في الصحف متدنية وأوضاع الصحافيين الاقتصادية سيئة. كما نعاني من هجرة الكوادر الإعلامية إلى الخارج بسبب الضغوط والملاحقات الأمنية. وأود أن ألفت إلى أن نسبة حصول الصحافيات على فرص للتدريب قليلة جداً، رغم أن عددهن في ارتفاع ويقع عليهن العبء الأكبر.»
آمنة الميزوني (تونس): الإعلام التونسي في تطور مستمر لكن الطريق طويل
تشير الصحافية التونسية إيمنة ميزيوني إلى أنها كانت شغوفة جداً بمجال الإعلام ولكنها لم تدرسه في كلية الصحافة بل درست التسويق والاتصالات مما أتاح لها الخوض في هذا المجال. وتقول: «مساهماتي لم تكن مقبولة في كثير من المنابر لأنني كما يعتقد البعض «دخيلة على المهنة» لكنني وجدت قبولاً لدى المبادرات الإعلامية الشبابية مثل موقع «أخبار تونس» الناطق بالفرنسية Tunisie-news.com وإذاعة المرأة - إذاعة مجتمعية».
وتتابع: «الكل يجزم بأن الدخلاء أمثالي يجب أن يكونوا مطلعين على كل المعايير، وأن يجيدوا كل شيء ليقللوا من عمل رئاسة التحرير. فزخم الأحداث يجعل الجميع يسارعون إلى التعامل مع خريجي الصحافة والابتعاد عن الموهوبين. لكننا مقتنعون بنبل هذه المهنة، ونحاول دوماً بذل الجهد لتطوير أنفسنا والتعرف على تجارب الزملاء الصحافيين في تونس وخارجها».
وتضيف: «الإعلام التونسي في تطور مستمر، لكن الطريق طويل. المبادرات الإعلامية في معظم الأحيان ناجحة وتصوب أكثر على فئات معينة، الأمر الذي لم يكن من أولويات الإعلام التونسي سابقاً. نشهد اليوم وفرةً في الساحة الإعلامية، وانتشاراً للعديد من المواقع الإلكترونية المخصصة. الإعلام المرئي في تطور مستمر أيضاً فصانعوه يتعقبون الإعلام العربي والعالمي فنجد النسخ التونسية المقتبسة من برامج اجتماعية عدة و«بلاتوات» تضم السياسيين، صنّاع القرار، الحقوقيين والفنانين... الشيء الذي كان غائباً تماماً عن الإعلام المرئي والمسموع في تونس... نجد أيضاً اهتماماً من الإعلام العالمي، إذ احتضنت تونس أولاً موقع «هافنغتون بوست المغاربي»، ثم خصصت مواقع تُعنى بالشأن المغربي، الجزائري والتونسي، إضافة إلى الموقع الأول».
تقول إيمنة: «إن أكثر البرامج استقطاباً للمشاهدين وفق «سيغما كونساي» هي البرامج التي تتناول القضايا الاجتماعية التي تحاول الإصلاح بين المتخاصمين واسترجاع الحقوق المسلوبة. يتابع المشاهدون بشغف برنامج «عندي ما نقلك» للإعلامي التونسي علاء الشابي (النسخة التونسية من «المسامح كريم» للإعلامي اللبناني جورج قرداحي). ثم تأتي البرامج الحوارية مثل برنامج «لاباس» لنوفل الورتاني (المشابه لبرنامج «هيدا حكي» لعادل كرم)... البرنامج الذي يتابعه العديد من السياسيين ويخرج عن نطاق المعهود «برنامج كلام الناس». برنامج «لمن يجرؤ فقط» مثله مثل «لاباس» من البرامج الأكثر مشاهدة، وكانا عرضة للتوقيف من جانب «الهايكا» الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري.
رائد حراسيس (الأردن): لا نزال غير قادرين على فرض مدونة سلوك حقيقية على الإعلاميين
يعمل رائد حراسيس مذيعاً للأخبار ومقدم برامج في مؤسسة الاذاعة والتلفزيون الأردنية... (التلفزيون الأردني الرسمي وواحدة من المحطات الإذاعية الخاصة). ويلفت رائد إلى أن هامش الحرية في الإعلام الأردني من حيث التعاطي مع عدد من القضايا المحلية قد يكون الآن في أضيق حدوده، ويمتد ذلك إلى الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب، ورقياً والكترونياً، بدرجات متنوعة ومتفاوتة، حتى وصل الأمر في بعض الحالات الى منع العديد من القضايا من النشر، والتحذير أحياناً من تناول بعضها عبر شبكات التواصل الاجتماعي. مثلاً، من الصعب التطرق الى القضايا المرتبطة بالعائلة الحاكمة، أو الإرهاب وداعش والأديان. ويتابع: «ما زال الاعلام الأردني في حالة مخاض مستمر نتيجة تطفل العديد من القنوات الفضائية والإذاعات والمواقع الالكترونية، مما فرض إعلاميين دون المستوى، وأتاح للبعض تعبئة شواغر تحتاج الى ذوي الكفاءة والخبرة. مثلاً تتنافس على السوق الاردني في الإعلام المرئي محطتان هما «التلفزيون الاردني» (رسمية) و«رؤيا» (خاصة) تتبعهما «الحقيقة الدولية» بفارق كبير. أما الإعلام المسموع فقد ازداد انتشاراً خلال السنوات العشر الماضية، وتتربع على عرشه ثلاث إذاعات متنوعة المرجعيات، بالإضافة الى محطات إذاعية مجتمعية، لا تخلو برامجها من مقدمين يملأون أثيرها فراغاً. ويختم رائد: «لا نزال غير قادرين على فرض مدونة سلوك حقيقية على الإعلاميين، ولذلك نجد انحرافاً واضحاً في أخلاقيات المهنة، وانجرافاً خطراً نحو المصالح الضيقة».
مريم التومي (المغرب): الكفاءة المهنية ليست العامل الوحيد للالتحاق بمجال الإعلام
مريم التومي صحافية مغربية تبلغ من العمر 24 عاماً، تعمل مراسلة لـبرنامج «بي بي سي إكسترا» BBC Arabic... وتقول: «قبل سنتين، أي بعد نيلي دبلوم المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، واجهت كباقي زملائي صعوبة كبيرة في الحصول على فرصة عمل تلبي طموحاتي المهنية، خاصة في المجال المرئي والمسموع، إذ نادراً ما تتاح الفرصة للخريجين الجدد للعمل على الرغم من التكوين الأكاديمي الذي تلقيناه والتدريبات التي اجتزناها طوال سنوات الدراسة الأربع، لأكتشف آنذاك أن الدبلومات وحتى الكفاءة المهنية أحياناً ليست العامل الوحيد للالتحاق بمجال لا يخلو من متطفلين ودخلاء على المهنة، تمكنوا من فرض أنفسهم من خلال المحسوبيات والوساطات. لكن رغم ذلك، حرصت على تطوير تجربتي من خلال العمل في مجال صحافة المواطنة، وتحديداً الإذاعات الجمعوية، والعمل لاحقاً كمتعاونة حرة في إطار مشاريع مع منظمات دولية غير حكومية، كاليونسكو ومعاهد أجنبية أخرى... حيث تحرص الأخيرة على تحديد معايير موضوعية تعتمد على الكفاءة في اختيار المستفيدين من التدريبات وفرص العمل، عكس منابرنا الوطنية والعربية عامة. وتتابع مريم بالقول: «بالنسبة الى المغرب، وبما أن المشهد السمعي-البصري غير محرر، فإن كل القنوات التلفزيونية قنوات عامة (أبرزها: القناة الأولى، القناة الثانية، ميدي ان تي في)، وبالنسبة الى المجال الإذاعي هناك تحرر نسبي، حيث تم الترخيص لبعض القنوات الإذاعية الخاصة قبل سنوات، لكن هذه القنوات تعتبر بمثابة مقاولات إعلامية فقط، تعيش على العائدات الإشهارية، أي الإعلانات، لذلك فهي تركز في الغالب على البرامج الترفيهية، من دون تقديم وظائف أخرى كالإخبار والتثقيف. ويعتبر القانون المغربي السبب الأول وراء هذه الحالة، لاشتراطه في القانون 78-03 المتعلق بالمشهد السمعي- البصري، الحصول على أسهم لشركة معلومة من أجل نيل تراخيص الحصول على الذبذبات الراديوفونية، ليمنع بذلك المجال أمام كل الجهات الأخرى من أجل إقامة إذاعات جمعوية وجماعاتية أو إذاعات موضوعاتية، تغني المشهد الإعلامي المغربي. أما في ما يتعلق بالصحافة المكتوبة فقد شهدت تراجعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، بفضل منافسة المواقع الإلكترونية التي عرفت إقبالاً هاماً، الأمر الذي اضطر معظم المنابر الصحافية لخلق مواقع إلكترونية موازية لنسخها الورقية خاصة مع تراجع نسبة القراءة. وتضيف مريم: «لكن هذا لا يحول دون تحكم بعض اللوبيات الاقتصادية في الخط التحريري لبعض الصحف، وإلا ستتم محاصرتها وخنقها مادياً، فمثلاً أقفل موقع le desk مع نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بسبب قلة الموارد المالية، مما أدى الى إفلاسه بعد توقف الإعلانات، نظراً للخط التحريري الموضوعي الذي ينتهجه... أي أن الصحافي يجد نفسه ملزماً بعدم الخوض في القضايا التي تمس مصالح المعلنين ليحافظ على عمله. ورغم التقدم الذي عرفه مجال تشريعات حرية الرأي والتعبير في المغرب، خلال السنوات الأخيرة، يبقى واقع العمل الصحافي مغايراً تماماً، حيث احتل في حرية الصحافة المرتبة 131 من أصل 180 دولة وفق آخر تقرير لمنظمة «مراسلون بلا حدود».
رنيم بو خزام (لبنان): لم ولن ألجأ إلى الوساطة للحصول على فرصة عمل
تشير الصحافية اللبنانية رنيم بو خزام إلى أن الصحافي اللبناني يواجه صعوبة في الحصول على المعلومات مقارنةً بالصحافيين في دول العالم، الذين يحصلون بسهولة على المعلومات ويطلعون على الملفات التي يريدونها لإكمال تحقيقاتهم بالشكل الصحيح. وتضيف: «أحياناً نجد أشخاصاً متورطين في الفساد، يحاولون تغطية المتورط، وبهذه التغطية نستطيع الحصول على جزء من الملفات، ولكن ليس في مقدورنا متابعة الملف الذي نعمل عليه». أما بالنسبة إلى الصعوبات التي تعترض الدخول إلى مهنة الإعلام، فتلفت رنيم إلى أنها لم تواجه أي صعوبات لأنها تخصصت بالعلوم السياسية، ما يتيح لها فرص عمل أكثر من خريج الإعلام، وتتابع: «يساعدنا هذا الاختصاص في التحليل، إن كان في السياسة أو من خلال القضايا الاجتماعية والاقتصادية، لأننا نتدرب في فترة الدراسة ونتابع في أكثر من مجال ولا تقتصر دراستنا على مجال واحد. وبالتأكيد أشكر ربي لأنني حصلت على وظيفة من دون وساطة من أحد، لأنني تقدمت للعمل في قناة الـLBCI، وبعد فترة من التدريبات والاختبارات عُرضت عليّ الوظيفة، لذلك لم أحتج الى الوساطة، كما لم أفكر يوماً باللجوء اليها. وأعتقد أن الطالب اللبناني الذي يدرس ويبذل جهداً، من غير المفترض أن يلجأ إلى الوساطة».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | تشرين الثاني 2024