تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

الكومبارس... وحلم الوصول إلى النجومية

دلال الساحلي

دلال الساحلي

عادل قاوقجي

عادل قاوقجي

مجد بقججي

مجد بقججي

ميرنا بيرق

ميرنا بيرق

هدى حمد

هدى حمد

هشام سويد

هشام سويد

بينما تدور عجلة الدراما السورية لتنجز أعمالها الفنية قبل انطلاق الموسم الجديد، نلحظ في أماكن التصوير جموعاً من الناس بمختلف فئاتهم العمرية، يقفون منذ بدء التصوير إلى نهايته في انتظار تصوير مشاهدهم... هم المحرك الأساسي لأهم الأعمال الدرامية والسينمائية، والنجوم المجهولون في العمل الفني.
هم الكومبارس الذين لا عمر محدداً لهم، إذ يبدأ عملهم من عمر اليوم إلى التسعين سنة.


«الكومبارس» مصطلح أُطلق على مجموعة من الممثلين الثانويين الذين يشاركون في معظم الأعمال الفنية، إما بشخصيات ناطقة بكلمات قليلة، أو بشخصيات صامتة، أو بمجموعات تغني المشهد وتجعله يبدو حقيقياً.
وغالباً ما يلعب الكومبارس دوراً مهماً في الأعمال التاريخية، وأعمال البيئة الشامية، التي تحتاج الى أشخاص كثر يمشون في الشوارع، أو يشاركون في المعارك، أو يجلسون في المقاهي، أو حتى الحمامات الشعبية.
والكومبارس جزء مهم من العمل الفني، يعملون بكد، لكن الأضواء لا تُسلط عليهم... مشكلاتهم كثيرة، لكن ما من حد يستمع لشكواهم، أو ينصت لمطالبهم.
في هذا التحقيق، نلقي الضوء على مهنة الكومبارس في سورية، والمسؤولين عنها، وكيفية تعامل فريق العمل مع هذه الفئة... كما نطّلع على يومياتهم، لحظاتهم الجميلة، وأسوأ ما مروا به خلال عملهم... ونعرف من هم النجوم الأكثر تواضعاً أو تفاخراً بالنسبة اليهم.

ريانا بيرق: فوجئت بتواضع باسم ياخور وشكران مرتجى
تقول ريانا بيرق: «كثيراً ما سمعنا عن استحداث مكتب خاص يُعنى بشؤون العاملين في الكومبارس، أسوة ببقية الدول المجاورة التي أنشأت مكاتب للكومبارس منذ سنوات، وصنفتهم إلى فئات مستندةً في ذلك الى موهبتهم وقدرتهم على العمل، وبالتالي يختلف الأجر بين شخص وآخر، ما من شأنه أن يوصل الكومبارس الموهوب إلى مصاف الممثلين في العمل، لكن حتى اليوم لم يحرك أحد ساكناً، وما زلنا نعمل كهواة في ظل غياب جهة تنظم شؤوننا، وهذا يؤثر في معاملة الوسط الفني لنا».
وتضيف: «دخلت مجال الكومبارس من طريق إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، فبعدما قرأت الإعلان تحدثت مع الشخص المسؤول عنه، واتفقنا على العمل، ومن هنا تعرفت الى بقية العاملين في الكومباس، وكوّنت علاقات صداقة مع بعضهم، حتى أصبحنا مجموعة نلتقي خارج العمل... يكون الكومبارس أول الواصلين وآخر المغادرين للعمل، ويمكنني أن أصف التعامل معنا بأنه من الدرجة الرابعة، والمتعة تختلف باختلاف العمل الذي نشارك فيه، مثلاً أجد أن الأعمال الشامية من أصعب الأعمال، كما أنني لا أنجذب إليها، لكونها شوهت طبيعة المعاصرين لتلك المرحلة، لذلك أشارك فيها بدون اقتناع.
أما أفضل المخرجين الذين عملت معهم، فهو المخرج جود سعيد، وأهم الممثلين الذين فاجأوني بتواضعهم وطيبتهم ومرحهم، الفنان باسم ياخور والفنانة شكران مرتجى، وهناك بالطبع بعض الفنانين الذين يسيئون معاملتنا عندما ينتابهم الغضب الشديد فيتفوهون بألفاظ جارحة... ولأنهم نجوم، لا يجرؤ أحد على القيام بأي رد فعل نحوهم».

عادل قاوقجي... عندما حاولت إصلاح خطأ في التصوير قوبلت بالتوبيخ
أما عادل قاوقجي فيقول: «عشقي للعمل في التمثيل كان وراء دخولي عالم الكومبارس، وخاصة في فترة انتشار الدراما السورية في الوطن العربي.
كنا نعمل جميعاً ونأخذ حقوقنا كاملة لتوافر أعداد هائلة من الأعمال المنتجة سنوياً. أما الآن وبسبب الأزمة التي تشهدها البلاد، وسفر العديد من المخرجين ونجوم الدراما السورية، تدنّى عدد الأعمال التي تُنتج في كل موسم رمضاني، فقلّت فرص العمل، وصار المخرجون يدققون في عمل كل واحد منا».
ويضيف: «أستطيع القول إن العاملين في الكومبارس في سورية، هم وحدهم الذين يتقاضون أجوراً قليلة، في وقت ينسى الجميع أن ما من عمل درامي يمكنه أن يحقق النجاح بدون وجود الكومبارس، فنحن أول من يحضر الى موقع التصوير وآخر من يغادره، من دون أن تتوافر لنا أي وسيلة من وسائل الراحة، وفي أغلب الأحيان نجلس في الصحراء، ونتحمل الطقس الحار، أو نقف تحت المطر الغزير ونرتعد من البرد... لكن هناك بعض الشركات القليلة التي تحترم الكومبارس، فيراعون وضعنا قليلاً. ناهيك عن الإهانات والتوبيخ من المخرج والمصورين، وقد يرتكب الفنان خطأ أثناء التصوير فيقع اللوم على الكومبارس».
ويلفت عادل الى «أن الكومبارس كباقي الوسط الفني، تتحكم بهم الشللية، إذ يعملون مع المخرجين أنفسهم، وهذا ما يضر بمصلحة البعض منا، لذا أطالب باسمي وباسم جميع الكومبارس بإنشاء نقابة خاصة بنا تحصّل حقوقنا بأقل الخسائر.
أما أفضل المخرجين الذين عملت معهم، فهو المخرج سمير حسين لأنه يحترم أصغر عنصر معه، وهناك أيضاً المخرج ناجي طعمة، فأسلوبه جميل جداً ولا يجرح أحداً... ومن الفنانين المتواضعين الذين عملت معهم، الفنان أحمد الأحمد، والقدير الراحل ناجي جبر، وهيثم جبر، والفنان سليم صبري».
أما إذا أردنا التحدث عن وصول الكومبارس إلى النجومية، فهذا يعود الى ضربة حظ قوية يسددها أحد من ذوي السلطة في الوسط الفني فيدفع بهذه الموهبة لتحقيق ما تطمح إليه... ويقول: «أعمل في الكومبارس منذ 12 عاماً، ومن أهم الأعمال التي شاركت فيها مسلسل «بانتظار الياسمين»، حيث شعر كل واحد من فريق العمل، من المخرج إلى أصغر عنصر في الكومبارس بأننا عائلة واحدة، إضافة إلى أن العمل جسد معاناة الشعب السوري في ظل الأزمة.

هدى طلال حمد: لا أطمح الى النجومية رغم وصول بعض الكومبارس اليها
تقول هدى طلال حمد: «بدأت عملي في الكومبارس منذ 13 عاماً، من طريق أحد الأصدقاء المقربين الذين كانوا يعملون في هذا المجال.
أولاً نتلقى اتصالاً هاتفياً من المشرف علينا ونجتمع كلنا في مكان معين، ونذهب من ثم الى موقع التصوير. في السابق، كان هناك امرأة معروفة في الوسط الفني هي المسؤولة عنا وعن عملنا، لكنها تركت العمل وحلّ محلها مشرفون جدد... بالنسبة إليّ لا مشاكل مع باقي الكومبارس، بل تتلخص مشكلاتنا في وقت التصوير الطويل، من الصباح الى المساء، فعمل الكومبارس متعب، خصوصاً إذا كان العمل من النوع التاريخي... هذا إضافة إلى تدنّي الأجور، فكل محاولاتنا للمطالبة بحقنا، باءت بالفشل».
وتضيف هدى: «من أهم الأعمال التي شاركت فيها مسلسلا «ياسمين الشام» و«باب الحارة»، خصوصاً أن جميع الفنانين المشاركين في العملين كانوا رائعين في التعامل معنا.
ومن أهم المخرجين الذين عملت معهم، المخرج الراحل محمد شيخ نجيب حيث كان يعطي قيمة للكومبارس... ومن المواقف الطريفة التي حصلت معي، عندما تأخرت قليلاً عن موعد التصوير، فأخذت سيارة أجرة، وقلت للسائق بأنني على عجلة من أمري ولدي تصوير مسلسل، فظن السائق أنني فنانة مشهورة ونجمة، وراح يعاملني على هذا الأساس. وبالنسبة إلي، لا أطمح الى النجومية رغم وصول بعض زملائي من الكومبارس إليها».

هشام سويد: عمل الكومبارس رهن بمزاج النجوم
يقول هشام سويد: «مشكلتنا تعدت الأجور الزهيدة التي طالبنا بها ولم تلق صدىً إيجابياً، إذ نأتي في كثير من الأحيان للتصوير منذ الصباح الباكر، ليُلغى التصوير بعد ساعات من الانتظار بسبب مزاج أحد النجوم الذي يُجبر الجميع على إيقاف التصوير... هل تصدقون ذلك؟ هذا عدا عن التوبيخ والألفاظ الجارحة التي كثيراً ما نسمعها من الصغير الى الكبير، وقد ينتهي العمل من دون أن يؤمّنوا لنا حتى شربة ماء».
ويضيف: «بالنسبة إليّ، الأعمال التاريخية هي الأصعب بسبب جو العمل والملابس الثقيلة والغريبة والتصوير تحت أشعة الشمس لساعات طويلة من دون أن نسمع كلمة شكر أو إطراءً على تحمّلنا الظروف الصعبة.
كما أنني لا أحترم الكثير من الفنانين ذوي النفوس المتكبرة، والذين لا يقدّرون عملنا وتعبنا، فنحن شاؤوا أم أبوا نبقى الأداة الرئيسة في نجاح العمل».

ابتسام يوسف: مضى العمر من دون أن أحقق حلمي بالنجومية
أما ابتسام يوسف فتقول: «أعمل في الكومبارس منذ خمسة أعوام، وقد دخلت هذا المجال من طريق جارنا الذي عرّفني الى من يعملون في الكومبارس، وحتى اليوم لا تزال أموري جيدة، ولم أعانِ كغيري من ظروف العمل ومشكلاته... فنحن أول من يحضر الى موقع التصوير وآخر من يغادره، لكن أجورنا متدنية مقارنةً بالأعمال التي نقوم بها، كما أننا لا نلقى تقديراً من أحد، وفي حال طالبنا بحقوقنا، لا أحد يستمع اليها. وأثناء العمل أحرص على تجنب الفنانين المغرورين ولا أوليهم أي أهمية، كما أحترم الفنانين المتواضعين وأبرزهم الفنان علي كريم. في السابق كنت أحلم بالوصول إلى النجومية، أما اليوم فلم أعد أفكر بها، لأن العمر مضى ولم تُتح لي أي فرصة لتحقيق ما أطمح إليه».

مجد بقججي: عصبية المخرج قد تصل حد الضرب
يقول مجد بقججي: «لم أعمل في الكومبارس بهدف جمع المال، فقد كنت أدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكنت متفوقاً في جميع الصفوف، بحيث أقلد الشخصيات بشكل متقن، وأملك صوتاً جيداً، وأعزف على آلة العود، لذا أرى أن من المعيب بحقي وبحق أغلب المخرجين أن أعمل كومبارس، مقارنة ببعض النجوم الذين لم يدرسوا التمثيل أصلاً ولا علاقة لهم بالعمل الفني. من شدة حبي للتمثيل، أرفض أن أتقاضى أجراً، وأتحمل كل الظروف السيئة، إذ أكون أول الواصلين إلى موقع التصوير، وفي الكثير من الأحيان أنتظر حتى المساء من دون أن أصور مشهداً واحداً، لذلك نحن نطالب بإحداث جهة تراعي حقوقنا وتحفظها. منذ سنوات وأنا أعمل في الكومبارس، ومن أهم الأعمال التي شاركت فيها، مسلسلات: «خاتون»، «أحمر»، و«دومينو»، ومن أروع المخرجين الذين تعاملت معهم، المخرج ميري الذي يتحلّى بروح جميلة، كما تعاملت مع بعض المخرجين الذين تدفعهم عصبيتهم الشديدة الى ضرب الكومبارس. ومن الفنانين المتواضعين الذين عملت معهم:وائل رمضان، فاضل وفائي وعباس النوري».

دلال ساحلي: أعمل في الكومبارس للحصول على لقمة العيش
تقول دلال ساحلي: «أعمل في الكومبارس منذ عشر سنوات، والسبب هو حاجتي الى المال لتأمين لقمة العيش... واستطعت من خلال هذا العمل تكوين صداقات مع بعض الزملاء.
ومن أهم الأعمال التي شاركت فيها، مسلسلا «زمن البرغوث»، و«بقعة ضوء»، ومن أفضل الممثلين تعاملاً، النجم محمد حداقي الذي يتمتع بروح جميلة، ومن المخرجين الذي ارتحت في التعامل معهم المخرج نجدت أنزور... عالم الكومبارس كعالم الفن، فهناك تمييز بين الكومبارس أنفسهم، وبعضهم يتعامل مع زملائه بتكبر، أما مشكلات العمل فهي كثيرة، وأهمها الانتظار لساعات وساعات من دون طعام أو شراب، إضافة الى التوبيخ والإهانات التي توجه الينا بدون خجل، ورغم تقديمنا العديد من الشكاوى الى نقابة الفنانين، لكنّ أحداً لم يستمع لمطالبنا، فنحن بحاجة الى جهة تتبنى مواهبنا».

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078