تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

هل يشهد عام 2017 نهاية السكري؟!

د. منذر صالح

د. منذر صالح

على رغم مساهمة التطورات الكثيرة التي حصلت في معالجة السكري لتسهيل حياة المريض، حتى بات يتأقلم مع مرضه ويتعايش معه، يبقى هذا المرض عبئاً عليه وعلى عائلته والمجتمع ككل، لاعتباره مزمناً لا بد من التعامل معه طوال الحياة ومراقبته والتقيّد بالتعليمات الطبية لحسن إدارته وتجنب مضاعفاته.
حتى الآن ما من علاج نهائي للسكري، فيما يمكن ضبطه والتعايش معه لحياة صحية مديدة. إلا أنّ باحثين اليوم، تحدّثوا عن علاجات قادرة على الشفاء التام من السكري بنوعيه، يبدو أشبه بثورة أتت لتقلب المقاييس في ما يتعلّق بهذا المرض.
فهل يمكن أن تصل فعلاً هذه التجارب والدراسات، كما يحكى، إلى نهاية سعيدة لمرضى السكري وللعالم ككل، فنشهد عام 2017 علاجاً تاماً ونهائياً يشفي من السكري ويقضي عليه؟

 الـ Probiotics لضبط معدلات السكر في الدم
تحدثت دراسة أتت لتعيد الأمل إلى الملايين من مرضى السكري بالشفاء التام، سواء في حال الإصابة بالسكري من النوع الأول أو الثاني، عن وجود عقاقير الـprobiotics، أي تلك التي تحتوي على الجرثومة الحيّة والقادرة على خفض معدلات السكر في الدم في شكل جذري من خلال ضبط مستويات الغلوكوز من البنكرياس إلى المعي الأعلى.
استناداً إلى هذه الدراسة التي تشير إلى علاج ثوري، بدأ الحديث عن احتمالات إمكان تقديم علاج تام وجذري لمرضى السكري من النوعين الأول والثاني.
ووفق الباحثين في الدراسة، يكفي أن يتناول المريض هذه العقاقير التي يتم التحدث عنها حتى لا يعود في حاجة إلى أي إجراء آخر لضبط معدلات السكر في الدم، فيما يشير أحد الباحثين إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى تناولها إلى جانب علاجات أخرى معينة.
علماً أن حالة السكري تظهر عندما ترتفع معدلات الغلوكوز في جسم المريض إلى درجة يصبح فيها عاجزاً عن التحكم بها وضبطها. وفي هذه الحالة، ولدى الإصابة بالسكري من النوع الأول، لا ينتج البنكرياس الأنسولين، أو أنه لا ينتج كميات كافية منه لمساعدة الغلوكوز على الدخول إلى الخلايا، أو أن الأنسولين لا يعمل بفاعلية كافية فتُعرف الحالة بـ «مقاومة الأنسولين».
وما من علاج شافٍ للسكري حتى الآن. ووفق الدراسة الحديثة الصادرة عن باحثين في جامعة كورنيل في نيويورك، والتي نُشرت في صحيفة السكري Diabetes Journal، تستطيع حبة الـProbiotic المصنّعة أن تتحكم بمستويات الغلوكوز في الدم بفضل الجرثومة «الصديقة» للأمعاء التي تعرف بالـLactobacillus، والتي تنتج هورمون الـPeptide الذي ينتج الأنسولين عند تناول الطعام.
مع الإشارة إلى أن جرثومة الـLactobacillus تستخدم في معالجة حالات الإسهال والوقاية منها، وفي حالات IBS في الأمعاء وبعض المشكلات الجلدية. ومن أهم ما في عقاقير الـProbiotics أنها تصنّف آمنة من جانب إدارة الأغذية والدواء FDA، إذ لم تظهر لها أي آثار جانبية.
وتبقى هذه الدراسة حتى الآن في إطار التجارب على الحيوان قبل انتقالها إلى مراحل أخرى تسبق اعتمادها لدى الإنسان في حال تبيّن نجاحها. عندئذ يأمل الباحثون بأن تعطي مرضى السكري الأملَ ليتمكنوا من تناول هذه الحبة صباحاً ليضبطوا حالتهم أو حتى يشفوا منها تماماً.

الرأي الطبي
رئيس الجمعية اللبنانية لأمراض الغدد الصماء والسكري والدهنيات د. منذر صالح علّق على هذه الدراسة بالقول: «تشكل الـProbiotics التي تعمل على الأمعاء وتؤثر فيها إيجاباً موضوع جدل في مجال السكري بالنسبة إلى الأطباء المختصين بالسكري والغدد.
لكن ما يمكن الجزم به هو أن هذا النوع من الدراسات يبقى في إطار الأبحاث والتجارب ولا يزال في مراحله الأولى ويحتاج إلى الكثير من الوقت قبل اعتماده. نقرأ الكثير من الدراسات في هذا الإطار، ويُنشر الكثير عن تجارب من هذا النوع، ومما لا شك فيه أنها تشكل ثورة... إلا أنها تبقى في بداياتها ولا يزال الوقت مبكراً لتأكيد فاعليتها في معالجة السكري والشفاء منه، كما يُحكى.
هو أمر مثير للجدل، ولا يمكن أن ننكر أنه في حال أثبتت فاعليتها، فستعيد الأمل إلى المرضى، لكنها تحتاج إلى وقت طويل لتحقيق ذلك وحتى تعتمد على الإنسان وتظهر فاعليتها في شكل مؤكد. لذلك، حتى الآن، وكأطباء لا نعتمد عليها إلى أن تثبت فاعليتها بعد مراحل طويلة من الأبحاث والتجارب المطلوبة».

لقاح للسكري
في أواخر عام 2016، ظهر لقاح جديد اعتبر أيضاً ثورياً في القضاء على مرض السكري لاعتباره قادراً على معالجة المرض في مختلف مراحله والقضاء على آثاره الجانبية. أما هذا اللقاح المكسيكي الأصل فهو من صنع خورخي غونزاليس وهو عبارة عن محلول طبي.
وفي التجارب تم سحب كمية معينة من دم المرضى ثم حقنها في المحلول الملحي الجديد وبعد ذلك يتم خفض درجة حرارة المزيج إلى 5 دراجات مئوية. لكن عند الحصول على اللقاح ترتفع درجته إلى مستوى حرارة الجسم، ما يؤدي إلى تغيير تركيبة المحلول وتحوّله إلى لقاح قادر على مكافحة المرض. علماً أن اللقاح يستخدم خلال فترة لا تقل عن العام.
ويبدو أن اللقاح قادر على وقف مضاعفات مرض السكري كانسداد الشرايين والفشل الكلوي وفقدان النظر. وأشارت رئيسة الاتحاد المكسيكي لعلاج أمراض المناعة لوسيا زياراتي إلى أهمية مراقبة المرضى الذي سيجربون اللقاح خوفاً من عواقب غير متوقعة، إلى جانب أهمية ممارسة تمارين رياضية معينة وتناول الأدوية اللازمة واتباع نظام غذائي خاص قبل اللجوء إلى اللقاح.
الرأي الطبي:
لا تزال التجارب المتعلقة باللقاح الخاص بالسكري في مراحلها الأولى، بالتالي لا يزال الوقت مبكراً، بحسب د. صالح، للحديث عن حل نهائي للسكري بفضل اللقاح. ويضيف «شخصياً، حتى الآن لم أقتنع بفاعلية اللقاح لمعالجة مريض السكري ولا يمكن أن أعتبره حلاً نهائياً للمرض».

الخلايا الجذعية حل نهائي للسكري
يظهر العلاج بالخلايا الجذعية كأنه الأبرز والأكثر فاعلية من بين كل تلك المتاحة اليوم، خصوصاً أن التجارب قد حققت نتائج جيدة تدعو إلى التفاؤل، ما يجعله بالفعل حلاً ثورياً للسكري. وبحسب هذه الطريقة، حوّل الباحثون في خطوات متعددة الخلايا الجذعية إلى خلايا بيتا Beta cells وهي الخلايا المحفزة التي تفرز الأنسولين في البنكرياس حيث تكون الأنسولين ناقصة، كما هي الحال في السكري من النوع الأول وهو التنوع الذي تبدو فيه هذه الطريقة العلاجية الأكثر فاعلية.
ووفق الباحثين، برزت هذه الطريقة لتحل محل حقن الأنسولين التي، على رغم أهميتها لمريض السكري، لا تفيد في شفائه التام. ويقول البروفيسور دوغلاس ميلتون من جامعة هارفرد في قسم الخلايا الجذعية، حيث تمت التجارب على هذا العلاج أنهم تمكنوا من تطوير التقنية التي تسمح بتكاثر مئات الملايين من خلايا بيتا للبنكرياس بتقنية الـIn vitro في المختبرات.
ويضيف أن هذه الخلايا تحدد معدل السكر في الدم، ثم تفرز معدل الأنسولين المناسب بفاعلية ودقة لا يمكن تأمينها أبداً بحقن الأنسولين، ما يسمح بالشفاء من السكري في غضون 10 أيام.
ويبدو أن حالات السكري من النوع الثاني تناسبها تماماً هذه التقنية بالخلايا الجذعية لاعتبار خلايا بيتا ناقصة أو غير موجودة في هذا النوع من الحالات.
إلا أن البروفيسور ميلتون يؤكد أن تنفيذ هذه التقنية واعتمادها في معالجة مرضى السكري، يتطلب المزيد من الوقت ليتم ذلك بالمعايير الآمنة المطلوبة وقد يحتاج ذلك إلى نحو عام ليتمكن الباحثون من زرع هذه الخلايا لدى المرضى مع الحرص على عدم حصول ردود فعل مناعية لديهم، علماً أن التجارب على الفئران أظهرت حتى الآن نجاحاً لافتاً بانتظار أن تحقق نجاحاً مماثلاً على الإنسان.
الرأي الطبي:
يعبر د. صالح عن اقتناعه بالعلاج بالخلايا الجذعية في شكل خاص لاعتباره حقق نتائج لافتة حتى الآن، فيقول: «مختبرات عدة في ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا تعمل على هذا العلاج وتجري المزيد من التجارب.
صحيح أنه يحتاج إلى المزيد من الوقت إلا أن التجارب حققت حتى الآن نتائج ملحوظة لا يمكن الاستهانة بها». ويوضح د. صالح أنه لا بد من انتظار المزيد من التجارب قبل التشديد على أن الحل النهائي للسكري قد وجد.


السكري في حقائق سريعة

 

  • السكري مرض مزمن يؤدي إلى ارتفاع معدلات السكر في الدم.
  • في السكري من النوع الأول لا ينتج الجسم الأنسولين، ونسبة 10 في المئة من المرضى مصابة بالسكري من النوع الأول وهي من الأطفال وتعتمد على الأنسولين.
  • في السكري من النوع الثاني لا يعتمد المريض على الأنسولين. ويظهر هذا النوع عموماً لدى الراشدين، لكنه بات يظهر أكثر فأكثر لدى الأطفال نتيجة انتشار ظاهرة السمنة بينهم. علماً أن الجسم ينتج الأنسولين في هذه الحالة، لكن بمعدلات غير كافية.
  • يصيب سكري الحامل وغالباً ما يزول تلقائياً بعد الولادة. لكن، في هذه الحالة تكون المرأة أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني في يوم من الأيام.
  • أبرز أعراض السكري، التبوّل المتكرر والعطش الزائد والجوع وزيادة الوزن، أو على العكس الانخفاض الزائد وغير المبرر للوزن والتعب وعدم التئام الجروح والضعف الجنسي والتنميل في اليدين والقدمين.
  • يمكن المريض المصاب بالسكري من النوع الأول اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة المناسبة والحصول على العلاج بالأنسولين فيعيش حياة طبيعية.
  • يحتاج مريض السكري من النوع الثاني إلى تناول الغذاء الصحي المناسب وممارسة الرياضة ومراقبة معدلات السكر في الدم وتناول الأدوية اللازمة التي يصفها الطبيب مع أو من دون العلاج بالأنسولين.
  • بما أن مريض السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، من الضروري الحرص على مراقبة معدلات الكوليسترول وضغط الدم.
  • يجب على مريض السكري الامتناع تماماً عن التدخين، لأنه يضر إلى حد كبير بالشرايين والقلب.
  • قد تكون لهبوط معدلات السكر في الدم آثار سلبية على المريض، وكذلك بالنسبة إلى ارتفاع معدلات السكر في الدم.
  • تعتبر السمنة والعامل الوراثي وازدياد معدلات الدهون وارتفاع ضغط الدم... من عوامل الخطر التي تزيد احتمال الإصابة بالسكري من النوع الثاني.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080