الممثلة والأم والمصممة سارة جيسيكا باركر: يجب التحرر من قيود الأفكار المسبقة والقواعد الخاطئة
يصعب التفكير في سارة جيسيكا باركر، الممثلة المشهورة عالمياً (ومصممة الأحذية)، من دون التفكير في الأحذية، سواء كانت تتجول في شوارع نيويورك المزدحمة منتعلةً حذاء من مانولو ( Manolo ) في مسلسلها التلفزيوني الشهير، أو تختال على السجادة الحمراء في حذاء من تصميمها. نجحت هذه المرأة في ابتكار مجموعات أحذية تعدّ بين الأرقى عالمياً، تعرفوا أكثر إلى الممثلة البارعة وإلى مجوعتها الأخيرة التي تعاونت من خلالها مع Net-a-porter.
صحيح أن سارة جيسيكا أدّت أدواراً عدة راوحت من كاري برادشو إلى دورها الأخير في شخصية فرانسيس في المسلسل التلفزيوني الجديد Divorce، لكن فلسفتها في الأزياء لا تزال نفسها، وهي أن يبقى المرء متصالحاً مع نفسه. «أعتقد أنني أحب رؤية الأشخاص الذين يبدون على حقيقتهم. والطلّة المثالية تكون حين يبدو الشخص فعلاً على طبيعته».
تعشق سارة أيضاً الأزياء العملية والسهلة الارتداء، إضافة إلى التصاميم الفاتنة التي اشتهرت بها. «لا أنتعل دوماً الأحذية العالية الكعوب لأنني أعيش في نيويورك، ولديّ أولاد. وحتى لو لم أكن مع الأولاد، أكون في طريقي إلى محطة القطار، أو أركض من اجتماع إلى آخر وأحاول الوصول إلى الأماكن بسرعة وفاعلية». لكن هذا لا ينفي أبداً عشق السيدة باركر للأحذية العالية الكعوب. والواقع أن لديها بعض النصائح حول كيفية انتعال الكعب العالي في الحياة اليومية. «أنصح النساء بالتوجه إلى المطعم ومن ثم خلع الحذاء تحت الطاولة. أو الذهاب إلى المكتب ومن ثم خلع الحذاء. وأثناء انتظار الأولاد في السيارة ريثما يخرجون من المدرسة، يمكن خلع الحذاء العالي الكعب في السيارة. يمكن أيضاً القيام بذلك في سيارة الأجرة ولو لدقيقة واحدة. وفي حقبة الثمانينيات، لم يكن أحد يشعر بالخجل من المشي حافي القدمين في المدينة ووضع الحذاء داخل الحقيبة. أعتقد أنه يجدر بكل شخص أن يفعل ما هو مريح وصحي ومناسب، ويتيح له الوصول إلى مراده».
المجموعة الجديدة التي صمّمتها سارة جيسيكا لصالح Net-a-porter هي أحذية جميلة ومريحة في الوقت نفسه. ترتكز على فكرة الاستفادة من أحذية المناسبات الخاصة وجعلها في متناول الجميع، سواء بلغ ارتفاع الكعب العالي 70 مليمتراً، أو كان الحذاء مسطحاً، جميلاً وأنيقاً، على حد قول سارة جيسيكا باركر. ما هو السبب الذي دفعها إلى تصميم الأحذية المسطحة؟ «هناك العديد من نساء العالم العاجزات عن انتعال الكعب العالي في الوقت الحاضر، أو دوماً، أو لم يستطعن يوماً انتعاله، أو هنّ طويلات جداً ويعتقدن أنه لا يجدر بهن انتعال الكعب العالي... أعتقد أنه يجب التحرر من قيود الأفكار المسبقة والقواعد الخاطئة.
لا أعرف كيف تم نشر الفكرة القائلة إن الحذاء الأسود العالي الكعب مناسب للمكتب. من قال ذلك؟ لماذا قيل ذلك؟ كيف كانت بيئة العمل؟ من قال إنه إذا انتعلت المرأة حذاء من الساتين الأرجواني له كعب بعلو 70 ملم، يعني ذلك أن أداءها الفكري سيكون أقل، أو أنها ستحظى بدرجة أدنى من الاحترام بين زملائها، أو ستفتقر حتى إلى السلطة؟ هل تعلمون أن الرجال يضعون ربطات عنق أرجوانية؟»
واللافت أن دور سارة جيسيكا في هذه الابتكارات الرائعة لا يقتصر فقط على إضافة اسمها إلى المنتجات والإشراف على الحملة الإعلانية... فهي تحب ابتكار الأفكار، وتحدي المفاهيم المسبقة، لا بل إنها تستمتع أيضاً بالتحدث مع الزبائن في صالة البيع. «تدخل امرأة، وتختار حذاء من الساتين الوردي. قد يكون علو كعبه 70 مليمتراً. ثم تقول: «أوه يا إلهي. أحب هذا الحذاء، لكنني لا أستطيع انتعاله عند الذهاب إلى العمل». فأجيبها: «ولمَ لا؟». تقول لي: «لا أعرف، لكنني لا أستطيع انتعاله». لكن ما تريده تلك المرأة حقيقة هو انتعال ذلك الحذاء لأنه يقول شيئاً عنها». إلا أن علو الكعب ومفهوم انتعال الأحذية ذات الألوان الجريئة في المناسبات العادية ليسا السببين الوحيدين اللذين يجعلان هذه المجموعة فريدة جداً. فما من حذاء أسود في المجموعة. والألوان الحيادية التي اختارتها سارة جيسيكا هي في الواقع ألوان خافتة جميلة تتماشى مع كل شيء، لكنها بعيدة كل البعد عن تقاليد الأحذية التي نعهدها. فألوانها الحيادية هي الوردي، والرمادي، والذهبي، والكاراميل والبني. ومن الظلال الرمادية الدخانية إلى ألوان المجوهرات النابضة بأقمشة الساتين، لا شك في أن عنوان هذه المجموعة هو الأحذية المذهلة.
كما هي حال معظم الأحذية الفاخرة في العالم، تمت صناعة أحذية مجموعة سارة جيسيكا باركر، الخاصة بموقع Net-a-porter، في إيطاليا على أيدي أشهر صانعي الأحذية في العالم. ويتضح ذلك جلياً من خلال النوعية واللون والجودة في كل حذاء. تقول سارة جيسيكا إن امرأتين مختلفين تقفان وراء عشقها للأحذية بالألوان الجريئة. الأولى هي كاري برادشو، إذ «أديت لوقت طويل جداً شخصية امرأة لا تؤمن أبداً بالأفكار التقليدية حول ما هو ملائم وغير ملائم، أو ما يتماشى مع غيره، أو تنسيق الطلّة من أعلى الرأس حتى أخمص القدمين». والمرأة الأخرى هي أمها. «أحبت أمي الألوان كثيراً، وبما أنني حصلت على أحذية مستعملة في صغري، أردت ابتكار أحذية مريحة ومتينة». اضطرت والدة سارة جيسيكا إلى خياطة العديد من ملابسهم بنفسها، واعتمدوا كثيراً على الملابس والأحذية المستعملة. عاشت العائلة أسلوب عيش مختلفاً تماماً عن ذلك الذي يعيشه الآن أولاد سارة جيسيكا. تستمتع سارة بالأمومة منذ 14 عاماً، وحققت نجاحاً كبيراً في التمثيل، ووسعت نطاق أعمالها، وباتت منخرطة كثيراً في الأعمال الخيرية. وعند سؤالها عن التحديات التي تواجهها، لم تنس ماضيها المتواضع، وإنما تشعر بالامتنان أيضاً للحياة التي تستطيع توفيرها لأولادها. اللافت أن سارة لا تتسوق كثيراً، بل تستعير الكثير مما ترتديه وتتحدث عن عشقها لـ«بذلتها» المؤلفة من الجينز والكنزة الرمادية. تعتبر الحذاء بمثابة نقطة فصل، بحيث يجمع تصاميمها ويظهر ما تحاول التعبير عنه. قد تظنون أن امرأة مثلها تعشق الأحذية إلى هذا الحد تسعى إلى شراء كل تصميم جديد، لكن سارة تملك في الواقع أسلوباً مختلفاً. «الزبونة مصدر إلهامي. أفكر فيها أولاً. ما الذي يجعلها أكثر حماسة؟ ما الذي تستحقه؟ ما الذي تريده؟ ما الذي تحتاج إليه؟ ما الذي ينقصها؟».
بالإضافة إلى شغفها الكبير في تصاميم أحذيتها الجديدة، تتحدث سارة جيسيكا عن برنامجها التلفزيوني الجديد بحماسة مماثلة. «كانت رائعة فعلاً العودة إلى شبكة HBO التلفزيونية ورؤية امرأة خلف الكاميرا. امرأة أعتبر قصتها ممتعة ومعقدة وآسرة بقدر قصة كاري برادشو. الشخصية مختلفة تماماً، وإنما رائعة. بعد الاطلاع على مسيرتها التمثيلية، وتفانيها في الأمومة، وابتكارها المذهل لتصاميم الأحذية، يمكن القول إن سارة جيسيكا باركر مميزة، وآسرة، وجذابة تماماً مثل دورها التلفزيوني الجديد. وإذا أردت فهم حقيقة سارة جيسيكا باركر، ما عليك إلا إلقاء نظرة سريعة على تصاميمها الجميلة للأحذية.
المجموعة جذبت المرأة العربية
تعترف سارة جيسيكا باركر بأنها لا تحتاج إلى إقناع الزبونات الآتيات من الشرق الأوسط باستعمالها الجريء للألوان. «عندما أطلقنا الماركة في دبي، عشقت النساء ألوان الساتين العميقة والمشبعة. أحببن كل ألوان المجوهرات. وكلما كان الحذاء أكثر دينامية ونبضاً في اللون، كان مصدر جذب أكبر للنساء. وجدنا أن زبونة الشرق الأوسط لديها علاقة مع الأحذية مختلفة جداً عن تلك التي لدى المرأة الأميركية. وهذا ما دفع بشركائنا في البيع بالتجزئة، سواء في البوتيكات أو عبر شبكة الانترنت، إلى المجازفة».
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024