إبن الأثرياء فقد حياته بسبب 40 دولاراً
بلا ذنب وجد نفسه وحيداً في الحياة، بعد طلاق والديه وتركه يصارع الحياة بمفرده، إلا من مجموعة أصدقاء كان الابتعاد عنهم أفضل من رفقتهم، لتُكتب نهايته بسبب 40 دولاراً، وكادت جثته تتحلل لولا ظهور من أراد أن يطمئن عليه فيكتشف مقتله.
نعود إلى بداية القصة... خلافات أسرية عاصفة كانت كفيلة بأن تكتب كلمة النهاية في حياة زوجية استمرت أربع سنوات بين الطبيبة وزوجها، ليقع الانفصال الذي مزق صغيراً أكمل عامه الثالث منذ بضعة أيام.
كلا الطرفين بحث عن علاقة جديدة يكمل بها حياته بالشكل الذي يرتضيه، في حين ظل الطفل يعاني ضغوطاً تُفرض عليه من دون أن يملك حق الاعتراض... على عدد من المنازل ظل الطفل أحمد يتردد، بعدما اختارت الأم رجلاً آخر يشاركها الحياة وكوّنت معه أسرة جديدة وأنجبت منه أطفالاً، أنسوها أول من منحها لقب الأم، والحال نفسه بالنسبة الى الأب، الذي انشغل عنه تماماً، وأصبحت علاقته به تقتصر على مبلغ من المال يرسله إليه شهرياً.
سافرت الأم للعمل في إحدى الدول العربية، ونجحت من خلال عملها كطبيبة في تكوين ثروة طائلة بمساعدة زوجها الجديد، الذي شاركها رحلة العمل، في حين ظل أحمد يعاني وحيداً مع أقارب فُرض عليه العيش معهم.
بداية الفشل
مرت الأيام سريعاً وصار الطفل شاباً، بعدما حصل على شهادة الثانوية العامة والتحق بإحدى الجامعات الحكومية في كلية نظرية كان الفشل حليفه فيها.
كان أحمد مثل العصفور الذي حصل على حريته بعد ما يقرب من 20 عاماً عاشها حبيساً داخل أحد الأقفاص، وفجأة تنشق هواء الحرية فأخذ يتخبط وهو يطير ويحلّق بلا هدف، ليجد نفسه وقد سقط في الهاوية والألم يعتصر قلبه.
الحي الراقي
سنوات قليلة مرت على التحاقه بالجامعة، ليلحق به أخوه من والدته، الذي جاء للإقامة في مصر في فيلا في أحد الأحياء الراقية في منطقة القاهرة الجديدة، اشترتها الأم خصيصاً لتكون على مقربة من الجامعة الكندية التي يدرس فيها.
طار أحمد من الفرح بعدما علم بهذا الخبر، وعرض على الأم الانتقال للعيش مع إخوته في هذه الفيلا، وهو ما حدث بالفعل، لكن الظروف التي عاشها كل من الأبناء جعلت الخلاف لا يتوقف بينهم، مما اضطر زوج الأم أن يعلن رفضه لفكرة بقاء أحمد مع أولاده.
لم يكن مقبولاً أن يعود أحمد للإقامة مع أحد أقاربه مرة أخرى، فقررت الأم أن تستأجر له شقة في أحد الأحياء المجاورة ليسكن فيها، وبالفعل وقع اختيارها على حي في مدينة نصر شرقي القاهرة، ورغم أن الحي يتسم بالرقي، لكن لا مجال لمقارنته بالمنطقة التي تقع فيها الفيلا التي يقيم فيها باقي أبنائها.
ثورة داخلية
حالة من الثوران الداخلي سيطرت على أحمد، الذي قرر الانتقام من الحياة في شخصه، ففتح الباب على مصراعيه لأصدقاء السوء، الذين وجدوا فيه فرصة ذهبية لينهلوا من خيرات أمه، تلك المرأة الثرية.
ورغم الاختلاف والتناقض، كان عمر شقيق أحمد من والدته يشعر بالعطف نحوه، فرغم الأيام المعدودة التي قضاها معه، إلا أنه ارتبط به لدرجة جعلته دائم التفكير فيه والسؤال عنه.
أخذ عمر يتصل بشقيقه للاطمئنان عليه، لكن هاتف الأخير كان دائماً مغلقاً، فظن أنه ربما باعه كعادته عندما تنفد أمواله ويحتاج لشراء بعض الحاجات، فقرر أن يتوجه إليه يوم إجازته للسؤال عنه.
حالة من القلق
فور وصول عمر استقبله حارس المبنى بحفاوة، لعلمه بما سيحصل عليه في نهاية الزيارة، فأخذ منه الأكياس وصعدا معاً إلى حيث يسكن أحمد في الطابق الرابع.
ظل الاثنان يطرقان الباب أكثر من نصف ساعة، خاصة بعد تأكيد حارس المبنى عدم خروج أحمد منذ فترة، وبعدما سيطر عليهما الشك والقلق كسرا الباب.
في الداخل كانت تنتظرهما مفاجأة من النوع الصادم، بدأت برائحة كريهة تنبعث من ناحية المطبخ، ظن معها حارس المبنى أنها أكياس القمامة وعندما توجه لجمعها انطلقت صرخاته إذ وجد أحمد جثة متعفنة ومن حولها آثار دماء... فسارع الحارس الى إبلاغ الشرطة، وبعدما فقد عمر القدرة على التصرف، ظل يصرخ عبر الهاتف مستنجداً بوالدته.
تقرير الطب الشرعي
تحريات رجال المباحث نجحت في تحديد أصدقاء القتيل، وجميعهم ممن يُطلق عليهم أصدقاء السوء، إلا أن شخصاً واحداً بينهم دارت حوله الشبهات، بحيث كان يتردد يومياً على منزل الضحية واختفى منذ أيام عدة، أي بالتزامن مع ارتكاب الجريمة، وفقاً لما حدده الطب الشرعي.
القاتل
علي محمد علي، 23 سنة، طالب، يقيم في المنطقة ذاتها وسبق اتهامه في قضية سرقة بالإكراه، ومعروف عنه تعاطي المواد المخدرة... معلومات أكدت شكوك رجال المباحث، فتم استصدار إذن من النيابة وإلقاء القبض عليه.
بلا مراوغة خرجت اعترافات المتهم لتؤكد قيامه بقتل صديقه عندما كان يزوره في الشقة. إعادة مبلغ 500 جنيه كان قد اقترضها منه منذ فترة.
حيث لا ينفع الندم
قال المتهم إن المجني عليه استدان منه المبلغ، وفي يوم حدوث الجريمة ذهب إليه لمطالبته به، لكنه رفض، فتهجّم عليه وسبّه، مما أثار حفيظة أحمد، فتوجه إلى المطبخ لإحضار سكين والدفاع عن نفسه، لكن المتهم تمكن منه، ووجّه اليه طعنة نافذة سقط على أثرها جثة هامدة.
شعور بالندم انتاب المتهم، خاصة أنه كان يعلم أن صديقه يعاني ظروفاً سيئة بسبب العيش بمفرده، وفي الوقت الذي تملّكه الخوف من انكشاف أمره، بعثر المحتويات لتبدو الجريمة بدافع السرقة، وأوصد الباب من الخارج وألقى المفتاح في سلة القمامة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024