جميلة وأنيقة ومثقّفة... ولكن
«أنا امرأة عربية، مقدّرة ومعزّزة. ناجحة وسعيدة، مثقّفة وأنيقة. كاتبة وناشطة مناضلة. إبنة محبوبة، وزوجة أمينة، وأمّ متفانية… ولكن بلا حقوق. نعم أنا مواطنة بلا حقوق».
هذا هو وضع النساء في مجتمعاتنا العربية. واقع جميل بظاهره، هشّ في مضمونه وجوهره. في كلّ مرّة تواجه المرأة العربية مشكلة عائلية أو مهنية أو اجتماعية، تدرك أكثر ذكورية قانون الأحوال الشخصية، وتسلّطه على تقدّمها، وانحيازه الكبير ضدها. المرأة في بلادنا، مواطن من الدرجة الثانية، أو ربما الثالثة، والرابعة. ممنوع عليها أن تمنح أطفالها من زوجها الأجنبي جنسيتها العربية، بغضّ النظر عن وطنيتها وتجذّرها في أرضها. ممنوع أن تفتح حساباً مصرفياً باسم أطفالها القاصرين، من دون مواففة الزوج وتوقيعه. ممنوع أن تشكو عنف زوجها الجسدي والمعنوي واللفظي، كي لا تُتّهم بالخيانة والتمرّد. وها هي تموت بصمت في العشّ الزوجي، ولا من يقول كفى! (الإحصاءات تؤكد ان امرأة تموت في لبنان شهرياً نتيجة العنف الأسري). ممنوع عليها أن ترفض الزواج المبكر وتبعاته النفسية والجسدية، ولا قانون يمنع والدها وأعمامها والعائلة والقبيلة من تقرير مصيرها وهي بعد فتاة تلهو بلعبها وكتبها المصوّرة. ممنوع عليها ملاحقة المغتصِب قانونياً، أكان قريباً أم غريباً، لأن القانون يقضي بزواج المغتصِب من ضحيته “للستر” عليها وتغطية الجريمة والتفلّت من كلّ عقاب. ممنوع عليها أن تشكو التحرّش الجنسي في أماكن العمل، لأن التحرّش في بلادنا العربية لا يعتبر جريمة يُحاسب عليها القانون.
لائحة الممنوعات تطول، ويطول معها الحديث عن ظلم متعمّد، وتواطؤ مقصود. مشروع قانون الحضانة المصري الجديد، والذي يسحب الحضانة من الأم المطلّقة في حال تزوّجت من جديد، ويمنحها لأيّ امرأة أخرى يحدّدها الطليق نفسه، فجّر ثورة نسائية في مصر، تمثّلت في حملة أطلقتها حقوقيات وأمهات على الإنترنت تحت عنوان #قانون الحضانة الجديد على جثتنا. فإذا كنا، نحن النساء، قد تعاملنا مع القوانين الظالمة والمتوارثة من أيام أجدادنا، بالصمت حيناً والمطالبة الخجولة بالتعديل أحياناً، فمن الجريمة بمكان، ونحن في القرن الحادي والعشرين، أن نقبل بأن نورّث بناتنا قوانين جديدة غير منصفة سُنّت في أيامنا، وتحت أنظارنا. كفى!
نسائم
المطرُ يغسِلُ كلّ شيء،
إلا الحزن.
كأنها تُمطر كي نحزن.
زخّات المطر ذكرياتك العميقة،
تتركُك منفيّاً في صقيعك.
قرب مدفأة تحتضر.
تُمطرُ، وتُمطرُ، وتُمطر.
فصلٌ واحد.
كأنّ الربيع وهمٌ، لن يأتي.
رغم إدراككَ العميق بأنه أتى.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024