تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

الخياطة الراقية في مشاغل شانيل

لطالما كانت الخياطة الراقية لدى شانيل Chanel لغزاً إبداعياً خاصاً يجذبني، خصوصاً في جمعها بين الكلاسيكية البسيطة، والترف المطلق، كما في هذا الكمّ الهائل من ساعات العمل الحرفي الذي يتوّج تصاميم كارل لاغرفيلد المتجدّدة والمحافظة على روح كوكو شانيل، مؤسسة الدار.

في الفيلم السينمائي «كوكو قبل شانيل» Coco Avant Chanel، يمكنكَ أن تكتشف سرّ هذه المصمّمة الثورية التي استطاعت أن تتمرّد على الموضة النسائية الرائجة آنذاك، والمثقلة بالزخرفة المبالغة، والتي كانت  تعتمد على «الكورسيه» الضيّق والتنانير المنفوخة وغير العملية.«المبالغة والتطرّف في الأناقة يشكلان خطراً على شخصية المرأة نفسها»، وفق الآنسة شانيل التي جاءت المهنة مقدّمة موضة بسيطة وأنيقة وعصرية. «على المصمّم ألا يتبع الرائج بل يقدّم موضة إستشرافية تحاكي الغد. هنا تكمن عبقريته»... كوكو شانيل قدّمت في تصاميمها، ثورة بيضاء حرّرت النساء من ملابسهنّ المكبِّلة، ومنحتهنّ حرّية التحرّك من دون أن تغفل ترفهنّ وأناقتهنّ. 

مشاغل شانيل للخياطة الراقية المتمركزة في باريس، خلايا نحل تضجّ بالأيدي المبدعة ذات المهنية العالية. فريقان متخصّصان بالفساتين المتدفّقة المصنوعة من الحرير والتول والأورغنزا والموصلين والكريب، وثالث متخصّص بخياطة الجاكيتات والتايورات والمعاطف المصنوعة من الأقمشة الجامدة كالتويد والصوف والجلد. أما قائد هذه الأوركسترا، فهو المصمّم كارل لاغرفيلد الذي يزوّدها بالرسوم ويتابع العمل في كلّ مراحله كي يتأكد من جودة القطعة سواء من داخلها أو من خارجها.

إذ لطالما ردّدت الآنسة شانيل ان «ترف فستان راقٍ يكمن في الحرفية التي من الضروري أن تميّز داخل القطعة كما خارجها». ولا عجب عند هذه الحرفية العالية، أن يستغرق فستان قصير نحو ١٥٠ ساعة من العمل اليدوي الدؤوب، في حين يتطلّب إنجاز فستان سهرة طويل نحو ٢٥٠ ساعة، وإنجاز سترة نحو ٢٠٠ ساعة. أما الذروة فتكون في فستان العروس الذي يستغرق أكثر من ٨٠٠ ساعة من العمل اليدوي. والواقع ان هذا الوقت المبذول لإنجاح أدقّ التفاصيل، هو ما يميّز تصاميم شانيل الراقية ويحيطها بهالة من الرقيّ الأقرب الى الخيال.  تذكّرنا صور مراحل ولادة فستان راقٍ، خطوة خطوة، حتى خشبة العروض، وهو ما يعرض له هذا التحقيق، بقول الآنسة كوكو شانيل: «الخياطة الراقية هي حلم كلّ امرأة، والفنّ القائم في هذه المهنة يكمن في إبراز قيمتها الجمالية».

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080