يوسف شعبان: لا أحد يتذكرني في الوسط الفني!
رغم مشاركته في أكثر من مئة فيلم، بعضها يعدّ علامات في السينما المصرية، ورغم أنه أحد أبرز نجوم جيله، لكنه يعاني الآن من الجحود، ويعترف بأن لا أحد في الوسط الفني يتذكره أو يسأل عنه.
الفنان الكبير يوسف شعبان يفتح النار على النجوم الشباب، ويؤكد أن علاقة نجوم جيله ببعضهم بعضاً أصبحت سطحية، ويتكلم عن أزمة مرضه، وعلاقته بشادية وذكرياته مع عمر الشريف وعبدالحليم حافظ، وفي اعتراف صريح قال إنه لو عاد به الزمن الى وراء لما اختار التمثيل طريقاً له!
- في البداية، نريد أن نطمئن على حالتك الصحية!
الحمد لله صحتي تحسنت كثيراً اليوم، فقد كنت أعاني من بعض المشاكل في الكلى والقلب، وخضعت لأكثر من جراحة، لكنني بخير الآن.
- هل هذا هو السبب وراء ابتعادك عن الساحة الفنية؟
هو ليس السبب الرئيس، فرغم شفائي لم يتذكرني أحد على الإطلاق، ولم يعرض عليَّ أي مخرج سيناريو لكي أشارك في بطولته، فآخر عمل شاركت فيه كان فيلم «الهرم الرابع»، وقد رشحني له مخرج شاب هو بيتر ميمي، لكن بعدها لم أتلقّ أي عرض، ونسي الجميع أنني نجم وتجاهلوني وقدّموا فنهم الهابط.
- لكن لماذا لم تساعدك نقابة الممثلين في العثور على أدوار تناسبك؟
هذا ليس دور النقابة، ورغم ذلك أذكر جيداً أنني عندما توليت منصب النقيب لسنوات طويلة، كنت حريصاً على مساعدة الجيل الذي سبقني لكي يثبت وجوده على الساحة الفنية، وكنت أطلب من المخرجين ترشيحهم لأدوار مهمة، وأقوم بذلك فقط لأنه مجرد عمل إنساني.
- وهل تحملت النقابة تكاليف علاجك في أزمتك الصحية الأخيرة؟
من الممكن أن تشتري لي النقابة دواء لا يتعدى سعره العشرين جنيهاً، لكنها لا تدفع لي مبالغ ضخمة كما يعتقد البعض. فقد خضعت لجراحة في القلب وتحمّلت التكلفة كاملة، والتي تجاوزت الـ 90 ألف جنيه، وهذا رقم خيالي بالنسبة إليّ في الوقت الراهن.
- وهل هذا بسبب ضعف ميزانية النقابة؟
لا أعرف، وكل ما أعلمه أنني عندما توليت منصب النقيب نجحت في تسديد كل ديون النقابة، وتركت الخزانة وفيها 6 ملايين جنيه مصري، وعندما كنت أعلم أن هناك فناناً يعاني ضائقة مالية أو مشكلة صحية، أُسارع في توفير مبلغ مالي محترم يساعده في تجاوز محنته، ورغم ذلك لا أنكر أن النقابة ساعدتني في تخطي أكثر من أزمة تعرضت لها.
- هل تقصد بكلامك أزمتك مع الشعب المغربي؟
بالتأكيد، فالنقابة ساعدتني في شرح مضمون تصريحاتي والدفاع عني في تهمة الإساءة الى الشعب المغربي، من خلال إصدار أكثر من بيان. لقد أسيء فهم تصريحاتي، إذ لا يمكنني التطاول بالكلام على الشعب المغربي، الذي أكنّ له كل الاحترام والتقدير، لكنني لا أنكر أن هجومي كان على الجماعات الإرهابية وكل من ينتمي إليها.
- ما رأيك في ما يقدم من أعمال فنية في الفترة الأخيرة؟
قبل أن أصبح نجماً، تسلّمت الراية من النجوم الذين سبقوني، وتعلمت منهم الكثير، واكتسبت من خبراتهم الطويلة، لكن للأسف الجيل الجديد لم يتسلّم الراية مني أو من أبناء جيلي، فهو جيل مصاب بالغرور والتعالي، ولا يعترف بوجودي أو وجود عزت العلايلي أو محمود ياسين وباقي أبناء جيلي بشكل عام. أبناء هذا الجيل أنانيون ولا يرون إلا أنفسهم، رغم أنهم جميعاً فاشلون ولا يمتلكون مواهب حقيقية.
- هل هذا يعني أنك غير راضٍ عن مستوى الأفلام والمسلسلات التي تُقدم؟
بالطبع، النجوم الحاليون أساؤوا لمصر وللفن المصري، وساهموا في تشويه كل شيء، وأنا من أشد المؤيدين للآراء التي تؤكد أن الجيل الحالي من الفنانين ساهم في انتشار ظاهرة البلطجة والعنف، وزاد من الكراهية والتعصب، فالفن المصري أصبح لا يرتقي بعقول الشعوب، بل يهدم ويُرجعنا خطوات إلى الوراء.
- لكنك شاركت بعض نجوم الجيل الجديد في عدد من الأفلام والمسلسلات، فمن منهم يحرص على التواصل معك والاطمئنان عليك باستمرار؟
لا أحد، فكما أكدت، الجيل الجديد لا يرى إلا نفسه، ولا يهتم بالآخرين، وأكثر ما يميزه هو الغرور والتعالي وانعدام الموهبة، وأنا لست حزيناً من موقفهم، لأن كل شخص حر في تصرفاته.
- البعض يرى أن محمد رمضان من أنجح نجوم الجيل الجديد، ما رأيك؟
كلما استمعت الى هذا الكلام أُصاب بحالة من الضحك، فكيف يكون بطلاً وهو لا يمتلك أي كاريزما ولا يصلح أن يكون نجماً... أعماله سيئة للغاية ولا أحب مشاهدتها، كما أنه ممثل ضعيف، وأكثر ما يستفزني فيه هو غروره، وعندما علمت بموضوع نشر صور سياراته الجديدة تعجبت من تصرفاته الغريبة والتي لا يمكن أن تصدر من فنان عاقل وناجح.
- كان يُطلق عليك لقب «جون برومييه السينما المصرية»، فمن هو الفنان الذي يستحق هذا اللقب؟
لا يصلح أي فنان لهذا اللقب، فإذا كان محمد رمضان كما يقولون هو نجم مصر الأول حالياً، كيف تسألون من هو «جون السينما المصرية» أو الفنان الوسيم!
- ما رأيك في ما يُقدم حالياً على المسرح؟
مضمون فارغ وحقير لا أريد التحدث عنه، فما يقدم من خلال «مسرح مصر» يسيء الى المسرح المصري والى الفن بعامة، كما لا أصدق ما أراه من خلال هذه العروض... شباب بلا موهبة يلقون النكات السخيفة على خشبة مسرح. وللمناسبة، أنصح أشرف عبدالباقي وفرقته بالجلوس في المقهى، والتوقف عن تقديم عروضهم السخيفة.
- وهل ما زلت تتواصل مع فناني جيلك؟
كنا أسرة واحدة، نسافر ونمضي ساعات طويلة معاً، لكن مع مرور السنين اختفى كل شيء، وعلاقتنا أصبحت سطحية بسبب مشاغل الحياة، فكل واحد أصبح مشغولاً بأسرته وحياته الخاصة.
- يلجأ النجوم الشباب الى استثمار أموالهم وعمل مشاريع بعيداً من الفن، فما رأيك بذلك؟
يحاولون بذلك ضمان حياة أفضل، لكن جيلنا لم يهتم بالاستثمارات، والأجور لم تكن تشغلنا كثيراً في بداية حياتنا.
- لكن الجميع يعلم أن صداقة قوية جمعتك بالفنانة شادية لسنوات طويلة؟
للأسف، لا أقابلها إلا بالصدفة.
- ما النصيحة التي يمكن أن تقدمها لكل فنان ما زال في بداية مشواره الفني؟
لا يمكنني أن أنصح أحداً وأنا متقاعد في منزلي منذ سنوات بلا عمل، ولا يدخل جيبي جنيه واحد. أقول لكل فنان في بداية مشواره الفني: «اترك الفن فوراً واعمل في أي مجال آخر، تضمن من خلاله مستقبلك، وتوفر حياة مستقرة وآمنة لأبنائك».
- هل هذا يعني أنك نادم على دخولك مجال الفن؟
شعور الندم ينتابني من وقت لآخر، لكن كل ما يمكنني قوله إنه لو عاد بي الزمن الى الوراء، لن أطمح أن أكون ممثلاً، وسأعمل في أي مجال آخر.
- وفي أي مجال كان من الممكن أن تعمل إن لم تكن ممثلاً؟
التحقت بكلية الحقوق، لكنني لم أستمر فيها بسبب عشقي للتمثيل، ولو عاد بي الزمن لقررت ممارسة مهنة المحاماة.
- ما قصة خلافك مع النجم الراحل عبدالحليم حافظ؟
لم يكن خلافاً، وكل ما في الأمر أن عبدالحليم حافظ كان يخشى أن أتفوق عليه من خلال مشاركتي في فيلمه «معبودة الجماهير»، وحاول أن يبعدني عن هذا العمل، لكنه فشل، إلا أن موقفه لم يشغلني، لكن أؤكد أن عبدالحليم حافظ تحدث معي قبل وفاته وطلب مني أن أسامحه، فهو كان يخشى أن أكون حزيناً ومتضايقاً من هذا الموقف.
- كيف استقبلت تكريمك في الدورة الأخيرة من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط؟
جاء في وقته، فلا يمكنني أن أصف مدى إحباطي بسبب ابتعادي عن الساحة الفنية في الفترة الأخيرة... كنت أشعر بالضيق وأن الحياة بلا طعم، ولكن عندما نلت هذا التكريم شعرت بأن الحياة لها طعم آخر، وتذكرت أنني كنت نجماً في يوم من الأيام. أشكر إدارة المهرجان على هذا التكريم، لأنه رفع من روحي المعنوية وذكّرني بأهم المحطات في حياتي الفنية.
- ما هي أبرز محطاتك الفنية؟
كل فيلم شاركت في بطولته أعتبره واحداً من أبنائي، ولا يمكن أن أنساه أو أنسى كواليسه أو ما أكسبني من خبرات، لكنني أشعر دائماً بأن فيلم «في بيتنا رجل» من أهم أعمالي، لأنه كان أول خطوة أتاحت لي فرصاً هامة بعد ذلك. وبمناسبة الحديث عن هذا الفيلم، فرغم مرور أكثر من خمسين عاماً، لم أنس مساندة النجم الراحل عمر الشريف لي، من خلال إقناع المخرج هنري بركات بموهبتي، فقرر زيادة مساحة دوري في الفيلم.
- وهل كانت مساحة الدور تشغلك؟
أبداً، والدليل على ذلك أنني قدمت أكثر من مئة فيلم، لعبت في معظمها أدواراً ثانوية، أو تنتمي إلى أعمال البطولة الجماعية، وقد أتيحت لي الفرصة مراراً لخوض البطولة المطلقة، لكنني أميل بطبعي إلى الأدوار المؤثرة بغض النظر عن مساحتها، لكن الأمر مختلف بالنسبة الى فيلمي الأول «في بيتنا رجل»، إذ كنت أريد أن يتعرف المخرجون على وجهي كي يسندوا إليّ أدواراً جديدة في أعمالهم، لذا كنت في هذا الفيلم مجرد وجه جديد.
- هل من عمل ندمت عليه؟
لا، لسبب واحد وهو أنني لم أشارك في عمل بغية البحث عن الشهرة وجمع المال مثل معظم فناني الجيل الحالي، الذين لا يشغلهم سوى الأجر والنجومية.
- من هم أبرز النجوم الذين ساندوك في بداية مشوارك الفني؟
النجم عمر الشريف والنجمة شادية.
- ما هي أبرز الصعوبات التي واجهتك في بداية مشوارك الفني؟
واجهت صعوبات وتحديات كثيرة، فهناك أكثر من فنان حاول محاربتي وإبعادي عن الساحة الفنية خوفاً من نجاحي وسرقة الأضواء منه... لا أريد ذكر أسمائهم، لكنني سأكشف عن أسباب تخوفهم مني، فأنا لم أكن مجرد فنان وسيم، مثل العديد من الفنانين الذين اعتمدوا على وسامتهم في بداياتهم، بل كنت فناناً وسيماً درس التمثيل، وهذا كان يشكل خطورة عليهم.
- بعد هذا المشوار الطويل، هل هناك دور كنت تتمنى تقديمه؟
إجابتي عن هذا السؤال سيراها البعض غير منطقية، فرغم أنني شاركت في بطولة أكثر من مئة فيلم، لكنني ما زلت أشعر بأن المستقبل أمامي، وأن هناك أحلاماً لم تتحقق بعد، لكن هذا صعب المنال في ظل ما تشهده الساحة الفنية من كوارث وفضائح.
- ما أسخف شائعة طاردتك؟
تدهور حالتي الصحية، فبعض الصحف كتبت أنني على شفا الموت، وهذا عنوان مستفز ولا يمت الى الإنسانية بصلة.
- لم تكشف لنا عن رأيك في البطولات النسائية!
للأسف، المرأة المصرية في السينما أو الدراما تأثرت سلباً نتيجة تدهور الفن المصري، فقد تراوحت أدوارها ما بين المرأة الخائنة أو الفاشلة أو العاهرة، وليس هناك إلا عدد قليل من الفنانات نستطيع أن نقول عنهن إنهن يمتلكن موهبة، ولا أتذكر سوى نيللي كريم، أما الغالبية فيستغللن جمالهن ولا يضفن شيئاً الى الفن، كما لا يدعمن حقوق المرأة المصرية أو العربية.
- هل من مشاريع فنية تستعد لها في الفترة المقبلة؟
كان من المفترض أن أشارك في بطولة فيلم منذ فترة طويلة، لكنه توقف من دون أن أعلم الأسباب، كما أرفض التحدث عنه لأنني أشعر بأنه مشروع لن يرى النور.
أدوار الشر
هل شعرت بالضيق لحصرك بأدوار الشر لسنوات طويلة؟
بالعكس، أنا فخور بهذه الأدوار، لأنها كانت تُعرض على عدد قليل من النجوم، ومنهم أنا وفريد شوقي ومحمود المليجي، فهذه الأدوار كانت تميزني عن باقي نجوم جيلي.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024