حديث الرحيل
لا يغيب حديث الرحيل عن أيّ تجمّع بين أهل أوأصدقاء أو زملاء. لمواجهة الخيبات هنا تبقى فكرة الرحيل «فشّة خلق» أو سراباً وإن كانت الغربة كابوساً بالنسبة إلى البعض. لكننا ما عدنا نلتقي مَن يرى الغربة كابوساً. ومَن كان يهدّد نفسه بالرحيل ليتعلّم الصبر، حوّل التهديد من لعبة أو مزحة إلى واقع. ليس جديداً أن نقول إن زملاء الدراسة انتشروا في بلاد العالم. منذ أعوام طويلة ودّعناهم وما زلنا نتسلّى بأخبارهم وصورهم التي تنقلها إلينا وسائل التواصل. لكن ما يؤلم فعلاً أن يصبح المتوقّع والطبيعي و«المفروغ منه» هو أن يجهّز أولادنا أنفسهم للدراسة والعمل في الخارج، وهم ما زالوا تلاميذ في المدرسة. هي قصّة الأفق المسدود والفرص الغائبة أو الضائعة. أما الحكاية الأخرى، فتدور حول عدم احترام إنسانيتنا قبل أن نتحدّث عن عدم تقدير ذكائنا وتمسّكنا بحق العيش الكريم. الزمن يتراجع، يتدهور، يتقدم في الاتجاه المعاكس في بلدان عربية كثيرة. تسمع مَن يسعون إلى الهجرة يقولون بوضوح ومن دون تردّد: هي حياة واحدة نعيشها، فلنقدّرها بالرحيل والبكاء على أغاني الوطن والأرض خارج الوطن والأرض بعدما أصبح مستحيلاً تصديق هذه الأغاني فيهما. لقد تجاوزنا مرحلة تصديق الأغاني وتبجيل الكلمات. لا يمكن ألا نستغرب في كلام أولادنا ذلك السحر المحاط بفكرة الرحيل. كانت الهجرة كأساً مرّة أيام الحرب الأهلية في لبنان على سبيل المثال، أما الآن فقد أصبحت هدفاً يتحمّس له أولادنا ويسعون إلى تحقيقه، بل صارت الخطوة التي لا بد منها. وما زلنا نسأل أنفسنا السؤال المطروح في هذا العدد: لماذا يهاجر شبابنا؟
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024