تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

زوايا «فيللا كلارا» تعكس عراقة يندر وجودها!

ثمة أماكن مطبوعة زواياها ببصمات التاريخ . « فيللا كلارا » هي من تلك الأماكن البيروتية التي في خباياها أسرار عراقة أصبحت نادرة . استطاعت د . ماري - هيلين معوّض وزوجها الفرنسي الأصل اللذان عشقا الفيللا من اللحظة الاولى، الحفاظ على طابعها التقليدي الأصلي، واكتفيا بإضافات عصرية بسيطة فيما يفخران بحفاظهما على هذا البناء العريق بكل تفاصيله بعدما كان مهدداً بالهدم .
عن زوايا « فيللا كلارا » وأسرارها تتحدث د . ماري - هيلين معوض بشغف يُبرز روعة هذا المكان الذي اختارته بعناية ليكون مصدر سعادتها هي وزوجها مدى الحياة .

- لكل مكان شبيه بفيللا كلارا قصّة مميزة، ما الذي يمكن أن تخبريه عن هذا المكان العريق؟
أردت وزوجي أن نجد لأنفسنا عالماً خاصاً بنا. بحثنا مطوّلاً خلال عام ونصف العام عما يمكن أن يناسبنا. زوجي هو شيف فرنسي حائز 3 نجوم ميشلان وقد عمل في دور فرنسية عدة حائزة بدورها نجوماً في هذا المجال قبل أن يصل إلى لبنان ويتولى إدارة مطابخ السفارة الفرنسية وقصر الصنوبر. عشق لبنان من اللحظة الأولى، وأراد أن يجمع ما بين عشقه للمطبخ الفرنسي التقليدي وفن العيش على الطريقة الفرنسية في لبنان.
أما أنا فقد أتيت من مكان مختلف تماماً، فأنا حاصلة على دكتوراه في إدارة الأعمال والتسويق من جامعة ESCP Europe في باريس، وقد ألّفت كتاباً عن الترف في لبنان.
لكن لطالما عشقت عالم الفنون، إلى جانب تعلّقي الشديد بالسفر واكتشاف تلك المنازل التقليدية التي تمتاز بجاذبيتها التي تنقل صورة البلد بفخر. جمعت بين هذين الجانبين في فندق خاص مميز مع مجموعة من التحف الفنية في فيللا كلارا.
أما أول أجر تلقيته كأستاذة محاضرة في كلية التعليم العالي للأعمال ESA في بيروت فقد أنفقته على تحفة فنية للبناني أسامة بعلبكي. تلك هي قصّة فيللا كلارا التي تحمل اسم ابنتنا «كلارا» البالغة من العمر 7 سنوات.

- من الواضح أنه تم الحفاظ على الأسلوب الاصلي الكلاسيكي والبسيط للفيللا عند ترميمها، سواء من حيث الديكور أو الأثاث، ما سبب التمسك بهذا الطراز؟
عندما وجدنا الفيللا، كانت في حالة مزرية، والحرب تركت آثارها فيها. لكنني عشقتها من اللحظة الأولى. وكأن نور النهار كان يغمرها من كل جانب. اتصلت مباشرةً بزوجي وأخبرته أنني وجدت «سعادتنا». من حينها حصلنا على الفيللا وأعدنا ترميمها فيما حافظنا على تركيبتها الأساسية.
العمل الذي قمنا به كان ضخماً، فقد تمكنا من الحفاظ على بناء يتميز بهندسته اللبنانية التقليدية الرائعة التي تعود إلى عشرينات القرن الماضي، وكان هذا مشروع حلم حياتنا الأساسي.
علماً أننا اليوم لسنا مالكي الفيللا، بل استأجرناها ونرغب في الحافظ على هذا البناء التاريخي الذي كان مهدداً بالسقوط. ساعدنا في الاعمال مهندس ممتاز يُدعى رامي بطرس، وهو يتميز بذوقه الرفيع وطاقته اللافتة ونصائحه التي تصب في مكانها، ولولا تضامننا نحن الثلاثة لما ولدت فيللا كلارا.
وأود أن أشير هنا إلى أنه قبل 10 سنوات كان هناك أكثر من 1500 منزل لبناني تقليدي في بيروت، لكن مع التوجه السريع إلى البناء العصري في السنوات الاخيرة لم يبق منها إلا حوالى المئة.

- هل أُدخل العنصر العصري بأي شكل من الأشكال؟
مما لا شك فيه أن الغرف كلّها مريحة ومكيّفة مع إنارة عصرية. وقد حرص المهندس رامي بطرس على اعتماد الألوان المريحة، مما جعل المكان دافئاً وشاعرياً في الوقت نفسه.

- هل تمت تغطية الجدران بورق الجدران أم بالطلاء فقط؟
لقد عمدنا إلى الدمج بين ورق الجدران والطلاء. تمت تغطية جدران الفيللا بأوراق حريرية ملوّنة يدوياً في الزاوية التي تحضن المدفأة وفي زاوية أخرى.
أما جدران الصالة الرئيسة فقد غُطيت بقماش سميك أُعدّ خصيصاً للحد من الأصوات التي يمكن أن تعلو في المطاعم لدينا. فبالنسبة إليّ، من المهم جداً أن نتمكن من تناول الطعام في مكان هادئ ومريح.

- هل استحدثتم إضافات في المكان؟
بفضل إرشادات المهندس، جمعنا بين الطراز الكلاسيكي والأسلوب العصري.

- أين تكمن قيمة الفيللا الحقيقية في رأيك؟
قيمتها في جاذبيتها الحقيقية الاصيلة.

- ما الألوان التي طغت على المكان... ولأي سبب؟
أزرق المتوسط طغى على المكان، إضافة إلى المرجاني. فألوان المتوسط زاهية ومرحّبة.

- ماذا عن الأكسسوارات، كيف تم اختيارها لتتناسب مع الطابع العام للديكور؟
حصلنا على الكثير من الأكسسوارات في مزادات ومعارض خاصة للديكور والتحف الفنية، وفي دور فنانين ومصممين. أما مقاعد الصالون فهي من طراز نابوليون من الجلد البني وخشب السنديان الخالص، وطاولات غرفة الطعام أحضرناها كلّها من فندق Saint James في باريس. إناء الأزهار هو من مجموعة محدودة للإيطالي Gaetano Pesce. ونبدّل مرتين في الأسبوع باقات الازهار لدينا.
وفي مدخل الفيللا تحفة لرامي بطرس تمثّل خادماً صامتاً تستقبل زائرينا وبفضلها نشعر وكأن رامي معنا يومياً. حتى أن وسائل الإنارة في الفيللا أعدّها المهندس خصيصاً لفيللا كلارا، فساد جوٌ يذكّر بحدائق الشتاء مع أغصان الاشجار التي تقصدها الطيور، ترافقها إضاءة رائعة تتبدّل بحسب ساعات النهار. الأطباق والأواني اخترناها أيضاً بعناية فجاءت كلّها ملوّنة يدوياً، وأعدّتها فنانتان لبنانيتان خصيصاً لنا.
الكراسي في المطعم الرئيسي كانت في مجلس الشيوخ الفرنسي. زاوية المدفأة تتميز بتلك المدفأة الملكية من الخشب القديم، وقد اشتريناها من معرض التحف القديمة في باريس، وكانت موجودة في أحد الفنادق الباريسية. وعلى المدفأة أيضاً وضعنا تحفة قديمة تعود إلى الثلاثينات للنحات الفرنسي مولان Molins.
كما غُطيت الجدران بأوراق حريرية ملوّنة يدوياً من ماركة De Gournay. أما أرضية الفيللا فقررنا الإبقاء عليها مع حرصنا على شراء قسم منها من فلل لبنانية تقليدية قديمة كانت تهدّم. وإحدى زوايا الصالون المخصصة للشراب هي أساسية ،فأنا وزوجي نعشقها وقد اشتريناها من أحد المزادات الباريسية... تعود إلى العشرينات وهي أصلية مصنوعة من الزنك. حتى آلة صنع القهوة هي إيطالية، ونقوم بطحن البن يومياً يدوياً فيما نستعمل أجود أنواع البن الفرنسي.
أيضاً الشاي هو فرنسي من Kusmi الذين كانوا الممولين الأوائل لقياصرة روسيا. لدينا لوحات من Jean-Marc Dellanegra وزاد ملتقى وSabhan Adam  وجو كسرواني ومروان سحمراني وتحف فنية من ندى دبس وKaren Chekerdjian.

- ماذا عن محيط الفيللا وحدائقها؟
لم يكن اهتمامنا بحدائق الفيللا أقل من الداخل، ففي الحديقة الخلفية للفيللا تحفة فنية رائعة وفريدة للشيف Olivier Gougeon الذي لا يكتفي بتقديم أشهى الأطباق لدينا، بل يفاجئنا باستمرار بتميّزه في الفن.
هو يعشق الطبيعة، وهذا واضح في تلك التحفة الرائعة التي أنجزها بعد عامين من التفكير والتي جسّد فيها الزمن الذي يمر تاركاً أثره الرائع على الطبيعة «الأزلية». هي من الخشب الخاص، لكنه أرادها في غاية الخفة على الرغم من ذلك. هي تحفة أنيقة وراقية غنية بالأحاسيس تمنحنا شعوراً يجعلنا نعيش مع الطبيعة التي هي جزء لا يتجزأ منها. نرى العصافير تغط عليها فيما تنيرها أشعة الشمس الذهبية ويحيط بها الهواء.
أوليفييه في حاجة دائمة إلى الإبداع. وحتى في الأطباق التي يقدّمها يحرص يومياً على إحداث تغييرات. والطبق بالنسبة إليه هو شكل ومضمون. مما لا شك فيه أنه من الأشخاص الذين يبحثون عن الكمال. هو فنان بامتياز

- أي مكان أو غرفة في الفيللا تفضلين... ولماذا؟
لكل غرفة في الفيللا هوية خاصة وروح وألوان تمتاز بها. لكل منها مكانة خاصة لدي. حتى أن التحف الموجودة في كل غرفة تختلف عن الأخريات.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079