تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

رنا شميس: أهدي جائزتي لكل امرأة سورية صامدة في مواجهة الأزمة

عن أول فيلم سينمائي لها حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الاسكندرية السينمائي... هو فيلم «فانية وتتبدد» الذي جسدت فيه نموذجاً للمرأة السورية في زمن الحرب، والتي لا تزال صامدة في وجه العوائق والصعوبات.
هي نجمة الدراما السورية، وفنانة غالباً ما يفكر المخرجون في إسناد أدوار اليها قلّما تستطيع أي فنانة أخرى تقديمها، فبرعت في الشخصيات المعقدة، وأدت أكثر الأدوار جرأة... رنا شميس في هذا الحوار.


- حصلت أخيراً على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الاسكندرية السينمائي عن دورك في فيلم «فانية وتتبدد»... هي جائزتك الأولى وفيلمك الأول، هل كنت تتوقعين الجائزة؟
هي المرة الأولى التي أشارك فيها في فيلم سينمائي طويل، وهي جائزتي الأولى أيضاً، ولم أكن أتوقعها، لكنني كنت متفائلة بما قدمته في الفيلم، فشخصية «ثريا» تمثل المرأة السورية في زمن الحرب، هي المرأة الناضجة التي تحمل فكراً معتدلاً وتتعرض لضغوط كثيرة، لكنها تواجه التحديات بقوة، وقد كنت حريصة على توصيل الأمانة من خلال الدور، وكان هذا همي الأكبر، كما أنني محظوظة لكونه فيلمي الأول الذي يشارك في مهرجان الاسكندرية السينمائي.

- لمن تهدين جائزتك، ولمن توجّهين الشكر؟
أنا سعيدة بالجائزة كونها باسم سورية، وعن عمل سوري يتناول الأزمة التي يمر بها بلدي، وهي مقدَّمة من بلد الفن العريق، لذلك أعتبرها وساماً أعتز به، وأهدي جائزتي لكل امرأة سورية، وللجمهور الذي وثق فيّ وبعملي، كذلك أوجّه الشكر الى المخرج نجدت أنزور على اختياره لي، وأشكر القائمين على المهرجان، وأعدهم بأن أكون على قدر المسؤولية التي حمّلوني إياها.

- تشاركين في مسلسل « الرابوص» أول عمل درامي سوري تم تصنيفه قبل العرض «عمل رعب»، مع أن البعض انتقد تقديم عمل من هذا النوع في ظل ما تشهده سورية اليوم؟
عنصر التشويق هو الأساس في متابعة أهم الأعمال، ومسلسل «الرابوص» يحتوي على عنصر التشويق، وسبق أن قدمنا في الدراما السورية أعمالاً ترصد الجرائم، أما بالنسبة الى الرعب فهي المرة الأولى التي يُقدم فيها مسلسل من هذا النوع.
ومن ينتقد هذا العمل ويقول إنه ليس في أوانه، أقول له لو كان كلامك صحيحا، لما عمل أحد منا في الدراما منذ بداية الحرب وحتى اليوم، ولما كنا قدمنا أعمالا عن الأزمة الحالية، ومن لا يعجبه العمل، يمكنه ببساطة أن يشاهد قناة أخرى.

- تشاركين الفنان رشيد عساف دور البطولة في مسلسل «أزمة عائلية» ، ألم يزعجك أن تقدمي دور الزوجة بفارق سن كبير بين الشخصية وبينك؟
لي الشرف بالوقوف أمام قامة فنية كبيرة، كالأستاذ رشيد عساف، وشخصياً أحبه كثيراً، وأتابع كل أعماله، أما عن فارق العمر بين الزوجين في العمل، فهذه الحالة موجودة في مجتمعنا وليست غريبة عنه، كما أننا لم نلجأ الى الماكياج، فالعمل ببساطة يتحدث عن رجل كهل متزوج بصبية .

- صورت منذ فترة مشاهدك في الفيلم الإيراني «زيتونة سعد» بدور البطولة، ماذا عن شخصيتك في الفيلم؟
أقدم في الفيلم شخصية أم تلد طفلاً يعاني تشوهاً خلقياً بسبب الحرب، وقد أحببت الشخصية لأنني كنت أتحدث دائما عن أطفال الحرب وضرورة الاهتمام بهم.

- يشاركك في بطولة الفيلم عبدالرحيم الحلبي، أحد نجوم برنامج «ذا فويس كيدز»، هل أعجبتك المواهب الغنائية السورية التي شاركت في البرنامج؟ ومن منهم نال إعجابك أكثر ؟
شاركني الطفل عبدالرحيم في الفيلم. وبالنسبة الى البرنامج، فهو يقدم شيئاً ايجابياً للطفل، من شهرة ونجاح وتحد واكتساب للطاقة، وشخصياً كنت أشعر بالقهر عند خروج أي طفل من البرنامج، ومن الطبيعي أن أعطف على المشاركين السوريين، وكنت سعيدة بهم... لقد أحببت عبدالرحيم أمام الكاميرا وخلفها، وكان يتعب ولا يشكو أو يتذمر، وعندما التقيته قلت له: «لقد دخلت عالم التمثيل وأنت طفل صغير، ولكنك ستعرف قيمة هذه المهنة في المستقبل»، وبعدما اجتمعت بوالده أدركت أن الطفل تربى في عائلة مثالية وأنا احترمهم جميعاً.

- هل تؤيدين فكرة أن تكوني في لجنة تحكيم برنامج لهواة التمثيل مثلاً، وما رأيك في تجارب زملائك الممثلين في هذا المجال؟
لا أرغب في أن أكون طرفاً في التحكيم ضمن برنامج هواة، فهذا ليس مكاني، ولا أفكر أبداً في خوض هذا المجال، وإن كان ابني يرغب المشاركة في تلك البرامج، فلن أمانع.

- تضاف شخصيتك في مسلسل «لست جارية» إلى العديد من الشخصيات التي سبق وقدمتها باحترافية كبيرة، الشخصيات المعقدة والمركبة، ما هي التوليفة التي تعتمدينها لتجسيدك هذه الشخصيات ؟
لا أعتمد إلا على الشخصية المعروضة علي، لكنني من الفنانات اللواتي يلفت انتباههن الدور الصعب، ويمكن أن أُشعر المشاهد بتطوري، وحتى في الأدوار العادية، البساطة لست سهلة، وغالبا ما تتمحور حول العفوية.

- قدمت في «علاقات خاصة» مشهداً من أجرأ المشاهد والطروحات في الدراما حتى اليوم، الفتاة التي تقرر أن تفض بكارتها بنفسها، ألم تخافي من تبعات هذا المشهد الجريء، وكيف كان قبول المشاهدين لهذا المشهد بالذات؟
عندما قرأت النص خفت كثيرا من المشهد الجريء في العمل، خصوصاً أنني انسانة محافظة في حياتي الخاصة، ولكن الضغط الذي تعرضت له «سوسن» كان أمراً طبيعياً، كما أنني لا أسوّق للفكرة، فهي كانت موجودة على الورق، ولكن ما جعلني مرتاحة، أن مهمة الاخراج أُسندت الى أنثى، ما يعني أن تكون أكثر تعاطفاً معي، وعندما سألتها كيف سأقدم المشهد، شجعتني ونجحتُ في تأدية الدور. وأرى أن خيارات رشا شربتجي ناجحة بالنسبة إلي.

- ما هو الدور الأكثر جرأة في رأيك: مشهدك في «علاقات خاصة»، أم مشاركتك في «صرخة روح»؟
مشاركتي في صرخة روح لا تتضمن أي جرأة، ولكن العمل أثار ضجة كبيرة من هذه الناحية، فالخيانة موجودة في الواقع، وعندما يتطرق العمل الى موضوع إشكالي فمن الطبيعي أن تحدث هذه الضجة.
وإذا قارنت بين شخصية «سوسن» وهي حالة إنسانية، ودوري في مسلسل «صرخة روح» لن أجد أوجه شبه، «سوسن» ظلمت وما تعرضت له كان صعباً، خصوصاً بعد وقوف والدها ضدها وهو الذي كان يمثل ملجأ لها تحتمي به.

- تجسيدك للأدوار الصعبة والمركبة ألا يضعك تحت تأثير ضغط الشخصية؟
لا أؤمن بفكرة تقمص الشخصية بالأداء، وأؤيد فكرة المعايشة ، فبلحظة أو لحظات أعيش حالات الشخصية ولكنني لا أحملها معي خارج نطاق العمل.

- في رأيك من هن الفنانات السوريات اللواتي برعن في تقديم الشخصيات المركبة والمعقدة ؟
من أبرز هؤلاء الفنانات : أمل عرفة، وكاريس بشار، سلافة معمار، وشكران مرتجى، وهناك فنانون برعوا في ذلك أيضا، وخاصة من شاركوا في مسلسل «الندم» ولن أظلم باقي الفنانين لأنني لم استطع متابعة كل الأعمال.

- تعددت مشاركاتك في أعمال المخرجة رشا شربتجي، وكانت كلها أعمال ناجحة وشخصياتك فيها متميزة، هل ستنضمين الى عملها الجديد؟
لا، فرشا شربتجي انسانة ناجحة وأعمالها مميزة ومتابعة من المشاهدين، وأي فنان يتمنى العمل معها، وأدعو لها بالتوفيق.

- تعملين اليوم أمام عدسة والدها المخرج هشام شربتجي، هل وجدت شيئا متقارباً بينهما خلف الكاميرا من الناحية الفنية؟
هناك أشياء مشتركة بينهما، ولكن هذا لا يلغي خصوصية كل منهما، وأنا سعيدة جدا بالعمل مع قامة كبيرة في عالم الإخراج، ألا وهو المخرج هشام شربتجي. وعموماً، ما يميز عملهما الاهتمام بأدق التفاصيل وتوجيه الممثلين لتقديم أفضل ما لديهم.

- شاركت في «بقعة ضوء»- 12 الذي وعدنا صنّاعه بأنه سيظهر بشكل مختلف ومتميز، لتنهال الانتقادات بعد عرضه، هل أصبح العمل يتحكم فيه بعض الممثلين الذين يعتبرونه عملهم الخاص، فانتفت صفة البطولة الجماعية عنه، أم ماذا... برأيك؟
أثار «بقعة ضوء» الجدل في موسمه الماضي، وهي اللوحة التي قدمها الفنان أحمد الأحمد وأحدثت ضجة، فالأذواق تختلف بين لوحة وأخرى، وفكرة العمل في الأساس هي للفنانين أيمن رضا وباسم ياخور، وأنا عملت مع الاثنين، وكلاهما يتميز بالمرونة في العمل، والدليل أنهما يحضّران حالياً للوحات جديدة.

- في كل سنة من سنوات الأزمة السورية ، ينتظر الجمهور جزءاً جديداً من «بقعة ضوء» ، ليشاهد ما «يفش خلقه»، رغم أن بعض اللوحات ليست على قدر المتوقع، فنحن شعب يعيش ظروفا صعبة ويرغب في مشاهدة عمل يتناول نقد الواقع نقداً بنّاء.
المشكلة الأساسية في «بقعة ضوء» تكمن في الكتّاب، فإن توافرت لوحة أو فكرة تكون معالجتها غير مكتملة، وفي المقابل هناك لوحات لا تحتمل تغيير كلمة واحدة فيها، وهذه حالات نادرة، فالمشكلة الأساسية هي في الكتابة، أما بالنسبة الى نجاح أجزائه الأولى، فيعود الى أن الأفكار كانت جديدة.

- رغم تقديمك الكثير من الأدوار الكوميدية، لكن ما من أحد يقول عن رنا شميس إنها ممثلة كوميدية، هل يزعجك أنك لم تلعبي بطولة عمل كوميدي كامل، أم أنك لا تحبين تأطيرك في نوع فني معين؟
لا يعنيني ما يقولون عني، ومن المفترض أن يكون الفنان شاملاً ويبرع في مختلف الأعمال الفنية، وأن يكون قريباً من الشارع.

- سبق وتطرقت إلى مشكلة الأجور الزهيدة للفنانين السوريين مقارنة بالربح الإنتاجي، هل يمكن أن تحل المشكلة بإضراب عام من الفنانين؟
إذا كان هناك إضراب عام لجميع الممثلين فسيكون ناجحاً، ولكننا كشعب لم نتفق يوماً على شيء وبالتأكيد لن ننجح، وأعتقد أن مشكلة الأجور لن تُحل إلا إذا أصدرت الحكومة قانوناً جديداً، وبما أن الشركات الخاصة ليست تابعة لأحد فلن ينجح الإضراب.

- «أم وديع»، ماذا غيّر وجود ابنك وديع في حياتك، وهل أصبحت أكثر حذرا، أم أكثر عاطفة، أم أكثر طموحاً، أم ماذا؟
وجود ابني وديع جعل كل شيء جميلاً في حياتي.

- هل تستشيرين زوجك فادي حمدان في أدوارك، وهل يمكن أن تلعبي دوراً قد لا يعجبه؟
زوجي ليس من الوسط الفني ، هو مهندس مدني، وأي عمل يُعرض عليّ أناقشه به ،وإن لم يوافق أرفض العمل فوراً.


انتقاد وإطراء

- ما اصعب انتقاد طاول رنا شميس ، وما أجمل إطراء سمعته؟
هناك أناس يحبونني وآخرون يكرهونني، ولكنني أعتقد أن بعض الجمهور لم يحب دور «سوسن» في «علاقات خاصة»، لأنها شخصية «نكدية» ومتقلبة المزاج... أما الإيجابي فهو الألقاب الكثيرة التي أحظى بها، وهذا أمر جيد ودليل على متابعة الجمهور لأعمالي...


حدود الجرأة

- هل تضعين حدودا معينة لجرأة الدور والشخصية، وهل الجرأة في الطرح بعيداً عن الشكل يمكن أن تبعدك عن دور مهم؟
لا يمكنني أن أقدم شيئا يخدش الحياء، فسبق وأن قدمت شخصيات سيئة وعديمة الأخلاق، لكنني لم أقدم دوراً يعتمد على الإغراء الجسدي، رغم أن هناك فنانات كثيرات قدمن هذا النوع من الشخصيات، سعياً الى الشهرة من خلال التعري... وفن التمثيل أرقى من ذلك بكثير.

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080