ضغط الحياة
تحس بأن عظامها سُحقت تحت إطارات شاحنة، بأن كلّ جزء من جسمها يؤلمها وتؤكد لها طبيبتها أن صحتها جيدة وأن ليس لأوجاعها سبب واضح. «ضغط الحياة» تقول. كل حالة لا تجد لها تفسيراً تضعها في قائمة الضغط النفسي. في هذا العصر كلّنا مضغوطون. ويصفون الـ Stress بأنه مرض العصر، عصر السرعة وتكنولوجيا التواصل، عصر الرسائل الإلكترونية التي رحّبنا بمطاردتها لنا، والعمل الذي يلحق بنا إلى إجازة نهاية الأسبوع، والأخبار التي تتدفق كل لحظة من كل بلدان العالم، والصور القاتلة التي لا بد أن نراها لأنها الحقيقة القاتلة. من اقتناعها بإصابتها بالضغط النفسي أو العصبي، تحوّل اهتمامها إلى إملاءات دماغها وعلاقة هذه الإملاءات بعصيان الجسد حين يتعب أو حين تصبح الحاجة إلى النوم الطويل الملجأ الوحيد والطريق إلى الراحة النفسية. ثم تقرأ عن تجمّعات الخلايا العصبية. هذه التجمعات تحدث في الأدمغة البشرية وترتبط مباشرة بالوعي كما قرأتْ في كتاب جديد. «تعلّم لغة جديدة أو العزف على آلة موسيقية أو حلّ مسائل معقّدة في الرياضيات يؤدي إلى توسع خلايا الدماغ والاتصال بينها... رياضة التفكير للدماغ أهم من الرياضة الجسدية». تنقل لي صديقتي مراجعة مفصّلة لكتاب العالمة البريطانية سوزان غرينفيلد عن الدماغ (المراجعة لجون كاري في ملحق «ذي صنداي تايمز» الثقافي). ويحمل الكتاب عنوان: يوم في حياة الدماغ... علم أعصاب الوعي من الفجر إلى الغسق. قرأتُ المراجعة واستوقفتني خلاصات معروفة، منها أنّ المشي في الريف، والاستسلام للمناظر الطبيعية أفضل للدماغ من المشي في المدينة، كما أن الأنشطة المسلّية والتي تثير حماستنا لا تحرّك الإبداع مثل السماح للدماغ بأن يطوف ويتجوّل بحرية. أما الملاحظات المثيرة للاهتمام فهي أن «العمل في غرفة زرقاء أفضل للمخيّلة والإبداع، في حين أن الجلوس في غرفة حمراء يحفّز على الانتباه إلى التفاصيل». وهل تعرفون أن «استمتاعنا بالشوكولا الساخن في فنجان برتقالي يتجاوز استمتاعنا به إذا كان مسكوباً في فنجان أبيض أو أحمر»؟ أما «اللبن المحلّى الأبيض فطعمه أحلى من اللبن الزهري إذا قدّم الاثنان في ملعقة بيضاء»!
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024