تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

منزل خارج عن المألوف جمع الأنماط ووحّد الأذواق

المهندس حبيب وهبة

المهندس حبيب وهبة

للهندسة المعمارية اللبنانية نكهة خاصة، فكيف إذا كانت لأحد الأبنية المُنشأة في وسط بيروت بنمط هندسي عريق وعصري؟ لا شك في أنها تضفي سحرها الخارجي على الداخل الذي زادته ألقاً ابتكارات المهندس حبيب وهبة الفريدة والمبدعة . فقد نسج لهذه الشقة الفسيحة على امتداد 450 متراً جمالاً استثنائياً، مازجاً فيها أنماطاً وأشكالاً هندسية من توقيعه .


عندما أراد المالكان طارق ورزان زيدان هندسة شقتهما، استعانا بخبرة المهندس وهبة الذي قرّب الأذواق والأهواء في ما بينهما وأخرج هذا المنزل بحلّته الأنيقة، على تفردها الهندسي، والجميلة على بساطتها أناقتها.
ويقول وهبة: «في البداية أراد المالكان أن يكون منزلهما كلاسيكياً بنفحة فرنسية من وحي قصر فرساي، وأنا في أعمالي لا أميل عادة إلى هذه الأجواء، فجمعت بين أهوائي وميول المالكين، وجعلت الخطوط العريضة للمسكن كلاسيكية بتفاصيل عصرية في القماش والطراز الأميركي «رالف لورن»، لذا لا يمكن تصنيف المنزل عصرياً ولا كلاسيكياً».

وما خدم هذا الجوّ هو ألوان القماش المتجانسة والمتقاربة التي يستخدمها عادة المهندس وهبة في أعماله، وما يعرف بالفرنسية بالـ«ton sur ton»، من مشتقات الأبيض والبيج.
هذه الألوان للقماش قابلتها ألوان الخشب، من البني الداكن اللمّاع الذي يضفي فخامة على الأعمال ويعطيها قيمة خاصة.

قاعة الاستقبال فسيحة ومقسّمة إلى صالون فسيح وغرفة طعام وجلسة جانبية. وكلّها متجانسة لناحية الألوان الزاهية والخشب البني الداكن المعتمد في كلّ التفاصيل.
النظرة الأولى لهذا الركن تبعث على الانشراح والراحة النفسية وتوحي بالأناقة الخالصة. فطراز المقاعد «رالف لورين» بقماش أبيض مائل إلى البيج، جوانبها من الخشب البني الداكن كغرفة الطعام التي زيّنها وزادها ألقاً الخشب نفسه.
أما قمة الرقي فعكستها الستائر الحرير الفوال الأبيض على النوافذ والأبواب العديدة في هذه الجلسة.

«نظراً الى كثرة النوافذ والأبواب التي فرضتها الهندسة الخارجية للمبنى، لم أرد أن أثقل المشهد بقماش الستائر، فاخترت الأبيض الشفاف الذي زاد الجلسة رونقاً، خصوصاً بزخرفة الكورنيش الجفصين الذي أخفى السكك خلفه، فهي مهندسة بنعومة وفنّ لتجسّد الطراز الفرنسي المنشود في هذا المسكن». إنها نظرة المهندس الى تفاصيل العمل.

الجوّ الرومانسي الأنيق جسّدته الثريا في الصالون الذي يطالع الزائر مباشرة في وسط المنزل، من الكريستال الـ«باكارا»، غاية في الذوق الرفيع، وقد أكملت المشهد السوريالي.
ويقول المهندس: «في الهندسة العصرية قلة تستخدم الثريات للصالون، لكن هنا أردت أن أكسر الروتين، خصوصاً أن الجفصين لم يوضع لزخرفة السقف انسجاماً مع الأسلوب الأميركي المنشود للهندسة بنفحة فرنسية».

ولا بدّ من التوقف في هذا الصالون عند تحفة فنية هي طاولة الوسط من ابتكار المهندس الذي أراد أن تكون له بصمة خاصة في عالم الديكور، فبدأ من الطاولات التي تحمل توقيعه وتتسم بعمل فني وحرفي خاص.
الطاولة من الخشب المقطّع على طريقة الفسيفساء إلى مربّعات صغيرة بلوني الخشب الداكن والزاهي. وقد غطّى وجهها الزجاج للحفاظ على قيمة خشبها.

هذا الصالون في الوسط يفتح مباشرة على شرفة متعدّدة القيم، فنياً وجمالياً ونفسياً وعملياً في آن معاً. هي عبارة عن جلسة خارجية كاملة المواصفات، مقاعدها وثيرة من الخشب من ماركة إيطالية عالمية شهيرة في تصنيع الأثاث باللونين البيج والأخضر الزاهي.
وفي رحاب هذه الشرفة المربّعة، يمكن الزائر أن يستشرف معالم مدينة بيروت بهندسة أبنيتها الجميلة، فيشعر الجالس كأنّه في قلب المدينة وخارجها في آن واحد.
والأعمدة الحجر التي تتبع هندسة المبنى الخارجي، أضفت بدورها سحرها الخاص على هذه الجلسة الخارجية.

اللون الأبيض الذي تكرّر في الصالونات اكتملت معه اللوحة الناصعة في مقاعد غرفة الطعام الكبيرة الحجم والوثيرة، التي ارتفعت حول الطاولة ذات الخشب البني اللمّاع. وتجسّدت في هذا الركن الشفافية من خلال الأواني الكريستال والزهريات التي وضعت فيها الورود البيض.

في ردهة الاستقبال، «كونسول» من تصميم المهندس أيضاً، من نوع الخشب نفسه المستخدم في المنزل كله، لافتة التصميم، عبارة عن كونسولين متداخلين في قطعة واحدة، وتعلوها لوحة قيّمة من الخشب المذهّب والمزخرف، وفوقها إنارة مباشرة.

اللون الأبيض والخشب البني انسحبا على غرفة نوم المالكين، بسريرها الخشب الموشّى. هنا القماش والستائر من مشتقات الأبيض والبيج الزاهي. وقد أُلحقت بها غرفة خاصة بالملابس خشبها أبيض، شغلتها المرايا الكثيرة.

وبالوصول الى غرفة النوم المخصّصة للضيوف، فهي وثيرة، عملية وجميلة، طغى عليها الأبيض للخزائن والمخمل البني لظهر السرير، وخلفه ورق الجدران المنقوش برسوم ناعمة.

طراز «رالف لورين» بدا واضحاً في غرفة الجلوس، وتحديداً في المكتبة التي ضمّت جهاز التلفزيون، فهي باللون الأزرق الذي تخلّلته مستطيلات بيضاء. ويعتبر المهندس وهبة أنّه نجح في الخطوة الجرئية التي اعتمدها في استخدام اللون الازرق تجسيداً للطراز الأميركي، وقد لاقت استحساناً كبيراً.

المطبخ مزيج من الطرازين العصري والكلاسيكي في بعض التفاصيل، لكنه لم يشذ عن قاعدة البياض الناصع للخشب الذي أضفى أناقة وقيمة على كل الأجزاء.

منزل - طارق ورزان زيدان
للمهندس حبيب وهبة

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078