تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

ماري فارتانيان بكل تفاؤل: «هذه كل إيجابيات رحلتي مع المرض»

ماري فارتانيان

ماري فارتانيان

تبدو قصة ماري فارتانيان (48 عاماً) مثالاً يدعو من قد تمر بتجربة مماثلة إلى التفاؤل بدلاً من الغرق في بحر من الحزن والاكتئاب كما تفعل كثيرات. فالإصابة بالمرض ليست النهاية، بل هي بداية رحلة تتطلب من المريضة الكفاح والإرادة لتتغلب على مرضها وتهزمه فتمر هذه المرحلة من حياتها بإيجابية وتكون تجربة تغنيها بدلاً من أن تحطّمها.
قد تحسد كثيرات ماري على نظرتها الإيجابية هذه وعلى شجاعتها، لكن يبقى الأهم الاقتداء بها لأنها عرفت نقاط قوتها لتُضعف المرض وتتغلب عليه بدلاً من أن يحصل العكس.


تأخير في التشخيص ولكن ...
الألم الذي عانته ماري في البداية لم يسمح لها باكتشاف مرضها. ففي المرحلة الاولى كانت تشكو من ألم في الثدي الايسر وأجرت صورة شعاعية، لكن بالنسبة إلى الطبيب لم تكن تعاني أي مشكلة ولم يعر الأمر أهمية.
لكن بعد عام، بدت أعراض المرض أكثر وضوحاً بشكل لا يدعو إلى الشك «كان الألم الذي أعانيه يزيد أكثر فأكثر بشكل يصعب احتماله ولاحظت وجود دملة تحت الإبط. كنت أمسك بصدري لأتمكن من العمل لشدة الألم الذي كنت اعانيه من دون أعرف له سبباً. استشرت طبيباً آخر غير الذي كنت قد لجأت إليه في المرة الأولى.
أُخذت خزعة فيما تبين لاحقاً أنه ما كان يجب فعل ذلك. لجأت أيضاً إلى طبيب آخر أنقذ حياتي فأجرى لي جراحة تم فيها استئصال الدملة وما حولها من دون استئصال الثدي . كما تبين من خلال الخزعة في الغدد أن الورم لم يمتد إليها.
خفت كثيراً عندها. كنت أتصور أن الطبيب سيضطر لاستئصال الثدي على الرغم من تأكيده عكس ذلك. فتأكدت مباشرةً عندما استيقظت من التخدير أنه لم يفعل فيما لم أفكر أبداً بالألم.

هكذا حافظت ماري على شعرها رغم العلاج الكيميائي!
يبدو العلاج الكيميائي هاجساً أساسياً يقلق مريض السرطان عامةً لكنه ضروري لتجنب انتشار المرض. ولعل آثاره الجانبية تؤثر في المرأة بشكل خاص لاعتباره يؤثر في جمالها وأنوثتها. لكن حتى في هذه الناحية تمكنت ماري من تخطي الأزمة.
مما لا شك فيه أن عدم ظهور آثار العلاج الكيميائي على ماري كان له أثر إيجابي واضح على حالتها النفسية. فمن الطبيعي أن تخاف كأي امرأة أخرى مما قد يؤثر في شكلها الخارجي وجمالها، ولكن... «بعدما خضعت إلى 3 جلسات من العلاج الكيميائي أرادوا أن يضعوا لي Chambre لأن شريان ذراعي انفجر، لكن بعدما رفضت، تمت متابعة العلاج من دونها. أكثر ما كان يهمني عندها هو شكلي وشعري .
فقد استخدمت خوذة وزنها ثقيل جداً توضع على الرأس وتعطي إحساساً بالبرودة القصوى يدوم حتى الانتهاء من كل جلسة، فتحمي فروة الرأس والشعر من التساقط في حرارة دون الصفر.
لذلك بقي شعري جميلاً وطويلاً ولم يتأثر بالعلاج كما كنت أطمح. لم يتساقط شعري أبداً، وقد تفاجأ الطبيب نفسه من ذلك لأنه عامةً، حتى مع الخوذة من الطبيعي أن يتساقط بمعدل بسيط. علماً أن الخوذة تحمي فروة الرأس فقط، ولا تحمي أي موضع آخر في الجسم، فقد تساقط الوبر من كل جسمي وحتى رموشي خفّت إلى حد ما.
لكن شعري كان الأهم بالنسبة إليّ، وكنت أخاف عليه وأخشى نظرة الشفقة التي قد أراها في عيون الناس. لم أعر أي أهمية للمضاعفات التي تنتج من العلاج الكيميائي كالفطريات التي عانيت  منها مثلاً في المعدة. اليوم قمة سعادتي هي في أنه مع انتهاء العلاج أجريت الفحوص كافة وتبين أن صحّتي ممتازة ».

كيف تمكنت من التغلب على المرض؟
مهما بلغت صعوبة المرض، تعتبر ماري اليوم أنها تمكنت من التغلب عليه بنظرتها الإيجابية. تعترف بأنها تجربة صعبة مرت بها وقد تمر بها أي امراة أخرى في مرحلة ما من حياتها، لكنها في النهاية تغلبت على المرض ومرت هذه المرحلة على خير... « بعدما أُصبت بسرطان الثدي ومررت بهذه التجربة الصعبة، رأيت الحياة بعين مختلفة.
أنظر إليها اليوم بشكل مختلف. يكفي أنني بفضل مرضي عرفت الناس على حقيقتهم. بالنسبة إلي، يكفيني وقوف زوجي إلى جانبي طوال تلك المرحلة فهو لم يتركني ولو للحظة. كان يلازمني طوال فترة العلاج ويترك عمله من اجلي، فيما اعرف جيداً أن ثمة رجالاً يتخلّون عن زوجاتهم في محنة كهذه. وفعلياً كنت أحب وجوده معي.
هو إنسان رائع. لم اجد إلى جانبي إلا عائلتي القريبة وابنة عمتي فيما لم أجد احداً من أفراد العائلة الباقين. علماً أن لي 3 أولاد و4 أحفاد وأنا متزوجة من 30 عاماً. ولأنني مُنعت من الطهو حتى لا أتعرض للحرارة المرتفعة أثناء ذلك، كانت ابنتي تساعدني. وقفوا جميعاً إلى جانبي حتى أتخطى هذه المرحلة الصعبة بأفضل ما يكون على الرغم من أنهم لم يتقبلوا الوضع في البداية.
فابنتي كانت حاملاً في الفترة التي تم تشخيص المرض لدي، وشكّل ذلك صدمة لها وأُصيبت بالاكتئاب لأنها لم تتحمل الفكرة. لكن أحمدُ الله أننا تخطينا ذلك بعدما انقضت تلك الفترة.
الأهم أنني اكتشفت مرضي في مرحلة مبكرة. كان في مراحله الاولى على الرغم من أنني عانيت آلاماً خلال فترة امتدت لأكثر من عام. لكن بحسب الطبيب، كان هناك تكلّس في الثدي ساعد على عدم انتشار الورم خلال تلك الفترة».


نصيحة إلى كل امرأة
تنصح ماري اليوم كل امرأة ألا تهمل إجراء الصورة الشعاعية سنوياً. فهي تهاونت في ذلك وكان من الممكن أن يودي إهمالها هذا بحياتها.
من هنا دعوتها كل امراة إلى إجراء الصورة الشعاعية بانتظام لاكتشاف المرض من بدايته في حال وجوده، خصوصاً ان الطب تقدم وبات العلاج ممكناً في أصعب الحالات.
حتى أن بناتها خفن في البداية من فكرة إجراء الصورة الشعاعية واحتمال تشخيص المرض، لكنها شجعتهن فيما أكد الطبيب انهن في سن مبكرة ويمكن الانتظار إلى أن يبدأن بإجرائها بانتظام بعد سنوات نظراً لإصابة والدتهن بالمرض ووجود العامل الوراثي.
وعن المرحلة التي يمكن المرور بها في حال تشخيص المرض، تقول ماري بكل بساطة وإيجابية: «هي مرحلة يجب تقبّلها... تمر مع الوقت ولا يبقى منها إلا الذكرى».  

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079